شبكة ذي قار
عـاجـل










الشعوبية هدفها تفتيت المجتمع العربي وقتل الإسلام المحمدي  -  الحلقة الثالثة

 

زامل عبد

 

أضاف الأمويون إلى تعريب العملة والدواوين اقتصارهم في الولايات والمناصب الكبرى على العرب خاصة مما زاد حقد الأقوام الأخرى على العنصر العربي وعلى دينه الإسلام ، ولم يعد هناك فرق بين كلمة عربي ومسلم حتى غدت كلمة - عربي - مرادفة لكلمة - مسلم -  فقد اعتذر دهاقين بخاري من قلة الضرائب فكتبوا إلى الوالي أشرس يقولون له  ((  ممن تأخذ الخراج وقد صار الناس كلهم عربًا  )) أي أصبحوا مسلمين  ولقد كانت الشعوبية في هذه الفترة تتقد تحت الرماد ،  وقد وجد الفرس الحاقدين على بني أمية متنفسهم في الدعوة العباسية فأيدها قسم منهم نكاية بالدولة الأموية التي صبغت الحياة كلها بالصبغة العربية ومنعتهم من الإمارات والولايات ،  تناول ذلك  أيضا" القائد الشهيد الحي صدام حسين رحمه الله في موضوع كتبه تحت عنوان  -  الحركات السياسية الدينية والحركات المغطاة بغطاء الدين -   نشر بـ  مجلة الف باء –العدد 972 - السنة التاسعة عشرة 13 أيار 1987 ((  ان دور الشعوبية من خلال الدين في استهداف العرب  يظهر عندما يتخلى العرب عن دورهم الريادي المشع  ،  وعندما يمارس العرب دورهم الريادي القومي المشع أيضا ، ففي الحالة الأولى يظهر الشعبيون لملء الفراغ ، وفي الحالة الأخرى يظهرون لمقاومة المد  والدور القيادي للعرب ، وان تاريخ العرب الحديث والقديم مليء بالشواهد التي تدعم ما نقول وعند ذلك على العرب ان يحسبوا ذلك من جملة ما يحسبون من سلبيات في حالة تخليهم عن دورهم القيادي ، وان يتحسبوا جيدا منه عندما ينهضون لممارسة دورهم القيادي ، وبذلك نستطيع ان نرى بدقة وبمنظار صحيح جانبا من التيارات الدينية او ذات الغطاء الديني في الوطن العربي ونحسن التعامل معها  ))  ،  وقد حاول هؤلاء فيما بعد وعلى رأسهم أبو مسلم الخراساني أن يعلنوا بمطامعهم ويحولوها إلى دولة ولكن العباسيين كانوا لهم بالمرصاد إن إطلاق اسم الشعوبية على الحركات التي تحض على كراهة العرب كان في العصر العباسي حيث ظهر العداء للعرب في أجلى صوره بعد منع بني العباس مؤيديهم الفرس من السيطرة على قيادة الدولة الإسلامية  وقد ظهرت لها بعد تلك الفترة تعريفات عدة إذ غدت لفظة شعوبي عرفا على من يكره العرب سواء كان الشعوبي مسلما أو غير مسلم ، يقول البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق  ((  الشعوبية الذين يرون تفضيل العجم على العرب ويتمنون عودة الملك إلى العجم )) ويقول القرطبي (( الشعوبية تبغض العرب وتفضل العجم )) والتعريف ألواضح  للشعوبية يمكن حصره ((  الشعوبي هو الذي يصغر شأن العرب ولا يرى لهم فضلًا على غيرهم )) وقد اطلق الشعبيون على حركتهم في بدايتها  ( بحركة  التسوية ) أي بين حقوقهم وحقوق العرب والتي تبدلت تدريجيا إلى حركة تفضيل العجم على العرب ، يقول المفكر الإيراني علي شريعتي رحمه الله ((  تحولت الشعوبية تدريجيًّا من حركة تسوية إلى حركة تفضل العجم على العرب ، وعملت عبر ترويج المشاعر القومية وإشاعة اليأس من الإسلام إلى ضرب سلطة الخلافة  ))  ،  ومن أشهر من تكلم عن الشعوبية وأظهر ملامحها الجاحظ المتوفى سنة  ( 255 هـ )  حيث تعرض لها في كثير من مؤلفاته مما يدل على أنها أصبحت أحد أسوأ الأمراض الاجتماعية في القرن الثاني والثالث الهجري وقد انتشرت الشعوبية بين المسلمين الفرس لأنهم أول من دخل في الإسلام من غير العرب وفيهم طائفة لم تقبل ما صار عليه حال قومهم من الدخول في الإسلام فعزموا على إشاعة الكراهية والفتنة بينهم  ثم ظهر شعوبيون هنود وأتراك ومن مولدي الأندلس ، يقول الجاحظ في رسالته فخر السودان على البيضان  (( إن الشعوبية لم تكن تشيع بين الفرس فحسب وإنما طالت بقية الأمم كالأندلسيين والزنج من أهل أفريقيا واجتمعوا وهؤلاء على العداء للعرب والاستطالة عليهم والحط من شأنهم  )) لقد امتدت ساحة المواجهة بين المسلمين العرب من جهة والشعوبية من جهة أخرى على رقعة واسعة من الحجاز الى خراسان كما تمثلت في بلاد الشام واليمن والعراق معرجة الى شمال إفريقيا والأندلس وفي مناطق أخرى حيث يقيم الموالي  ، وعند تتبع أعمال الشعوبيين بين القديم والحديث نجدها وان تعددت  تلتقي في نقطة واحدة الحقد والكراهية للامة العربية  والإسلام المحمدي النقي من كل أنواع البدع والضلال والخرافات  ، ويؤكد المؤرخين أن حادثة اغتيال أبي لؤلؤة المجوسي للخليفة عمر بن الخطاب كانت أولى الأعمال العدائية للحركة الشعوبية انتقاما للدولة الفارسية التي قُهرت في عهده ، وقد تزاوجت شعوبية اليهود مع شعوبية الفرس في صدر الإسلام وكان من روادها اليهودي اليمني عبد الله بن سبأ  ، وانتقاما من العرب تحالفوا مع القوى الأجنبية المعادية للإسلام والمسلمين كتحالف الطوسي وابن العلقمي مع هولاكو والمغول وكان لهذا التحالف امتداد في العصر الحديث حين تحالف الإيرانيون مع بوش لغزو العراق واحتلاله  وإقامة حكومة طائفية فكرا وسلوكا لتتمكن ايران بصفويتها الجديدة من النظام الوطني الذي ناصبته العداء منذ اللحظة الأولى للتغيير المعد تحت عنوان تصدير الثورة الإسلامية ، واستهدفت الإسلام ومحاربته وتشويه مبادئه بكل الأساليب وقد تمثلت هذه المقاومة بحركتين كبيرتين هما حركة ( الغلو ) وحركة ( الزندقة ) ويطلق عليها المقاومة الشعوبية الدينية وكانت منظمة لها أساليبها الخاصة في العمل وتنظيماتها المحكمة في إعداد الدعاة والاتصال بالناس ،  وثمة مقاومة أخرى استهدفت الطعن على العرب وتشويه حضارتهم وهدم سلطانهم وتفضيل الشعوب الأخرى عليهم ويطلق على هذه المقاومة الشعوبية العنصرية ،  وعلى الرغم من أن الشعوبية العنصرية لم تكن منظمة تنظيما يحدد معالمها وأساليبها ويوحدها في حركة واحدة فإن الشعوبية العنصرية كانت تتستر بالإسلام وتعمل على تحقيق أغراضها من خلال التظاهر بالولاء القبلي والولاء السياسي   ، وتحاول الشعوبية طمس الذات العربية وقطع الجذور تاريخيا وثقافيا وتفتيت الوحدة فتبدأ بمهاجمة الأنساب العربية القديمة ، وتهاجم العرب القدامى وتظهرهم بمظهر التأخر والهمجية وتسخر من ثقافتهم ، وتشكك في شعرهم بما تدخله فيه من انتحال وتهاجم العربية ، وهي بعد ذلك تهاجم المروءة العربية بما فيها من فروسية وكرم ووفاء وفصاحة ، وهي تندد بالمثل الخُلقية وبالقيم العربية الإسلامية وتذهب إلى التحلل وتنزع إلى المجون وتدعو إلى نظرات اجتماعية وخلقية تتعارض كليا مع القيم العربية الإسلامية ، والشعوبية تفعل ذلك باسم الظرف والحضارة وتتبجح بدعوى الحرية الاجتماعية وهي تدرك أنها سبيلٌ فعال لتفكيك الروابط وإضعاف الكيان الاجتماعي ، ثم تأتي الشعوبية الى العرب والإسلام فتنكر دورهم في حمل الرسالة الإنسانية وتحاول طمس دورهم الحضاري فتدعي أن الحضارة العربية الإسلامية ما هي إلا اقتباسات من الأعاجم تريد بذلك زعزعة الثقة بالذات وصرف الانتباه إلى الثقافات الأعجمية ، وهي تفعل ذلك في وقت تحاول فيه إحياء التراث الأعجمي وتمجيد الآثار الأعجمية ، وتعمل على بثها في المجتمع العربي الإسلامي وعلى تحويله عن ذاته ، وتريد بعد هذا أن تطبع الإدارة والحياة العامة بطابع أعجمي فتترجم الكتب عن الفارسية في المراسيم والعادات وشكل الحكم والأخلاق وتضع كتبًا ورسائل تنسبها للقدماء وتعمل على بثها وترويجها  ، واتخذ هؤلاء سبلا مختلفة منها إكثارهم من الترجمة عن الفارسية في موضوعات تتصل بصميم الذات الفارسية كالأدب والتاريخ والتقاليد والمثل  ،  وقد شهد العصر العباسي ترجمة واسعة عن الفارسية وهي مستقلة عن حركة الترجمة التي تبناها الخلفاء ومن أمثلة هذه الترجمات ( خدا ينامه  أو  سير ملوك الفرس ) وهو كتاب ينطوي على كثير من الأساطير والمواعظ والتمجيد ويغلب عليه عنصر القصة والأسطورة...

 

يتبع في الحلقة الأخيرة

 






الخميس ٤ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة