شبكة ذي قار
عـاجـل










ما وراء مباريات كأس الخليج العربي ٢٥

علي العتيبي

 

كلنا تابعنا وبفرح ما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي عن الدورة 25 لكأس الخليج العربي لكرة القدم، وكلنا تفاعلنا مع ما يحصل من كرم الضيافة من قبل أهالي مدينة البصرة والانبهار الذي عبر عنه الأشقاء الخليجيون.

وكلنا فرحنا بالوعي الوطني العروبي لدى أبناء شعبنا، حيث أن عشرين سنة من غسيل الأدمغة بالعاطفة المذهبية والتهديد والترغيب لم تؤثر في النفس البشرية العراقية الأصيلة التي بقيت متمسكة بعروبتها رغم الجراح التي عانتها.

لقد كان ما شهدناه خلال بطولة (الخليج العربي 25) صدمة لإيران وعملائها من الذيول وأصحاب الأجندة، وهذا كله يعطي دافعاً للثورة والأمل بالمستقبل الذي يرسمه شباب تشرين، لأن تشرين أصبحت رمزاً ووسماً لما بذله العراقيون منذ انبثاق المقاومة الوطنية العراقية التي أبكت الأمريكان، مروراً باعتصامات المحافظات العراقية والتي قامت أمريكا وإيران وعملاؤهم بدعشنتها، ولكن أكملت ثورة تشرين الصورة العراقية الوطنية العروبية الناصعة، ومع ذلك فإنه يتوجب علينا أن نقرأ ما بين السطور  وما يخطط له ضد العراق وشعبه، فنحن لسنا مع إقامة البطولة والعراق تحتله ميليشيات وأحزاب إيران الإجرامية، وبحكومة يديرها السفير الإيراني، وعتبنا على الدول المشاركة فيها لأنها أعطت دعماً وزخماً كبيراً ودعاية مجانية لحكومة إيرانية قلباً وقالباً، ودعكم مما يقال من مهاترات حول تسمية الخليج العربي لأن وضع المواطن العراقي يسير من سيء إلى أسوأ، وهو قابل للانفجار كالبركان في أي لحظة بسبب سوء الخدمات والتهميش والغلاء والممارسات الإجرامية التي تمارس ضده، والتعسف بأنواعه، فجاءتهم الفرصة مواتية لامتصاص غضب الجماهير وتلميع صورة المجرمين والفاسدين، ولو تمعنا جيداً بمن يدعي الضيافة والكرم ممن يطلق عليهم لقب شيوخ فنرى الأغلبية منهم من الطائفيين، وممن له اليد الطولى بالسرقة والفساد والسيطرة على موارد الدولة من خلال عصاباتهم، سواء منهم من يقوم بتهريب النفط، ومنهم من يتاجر بالمخدرات، ومنهم من يسيطر على المنافذ، كأرصفة ميناء أم قصر أو سفوان أو الشلامجة أو المنافذ غير النظامية التي تم استحداثها وميليشياوياً وبالتعاون مع هؤلاء المتشيخين، ولو كانوا أهل كرم فعلاً لأكرموا أبناء البصرة الفقراء الذين يتسكعون في الشوارع بحثاً عن لقمة عيش كريمة ولم يحصلوا عليها، بينما الكرم الحقيقي هو ما قدمه أهل البصرة الطيبين البسطاء الذين جادوا بما لديهم من امكانات بسيطة لتكريم ضيوف العراق والبصرة الفيحاء، فرحاً بالحضن العربي ومقتاً للنفوذ الفارسي، وهذا هو الوعي الوطني العروبي الذي نتحدث عنه .

وسائل الاعلام كانت غير صادقة من خلال ادعاء شيوع الأمن، وكأن البصرة تعيش الأمن الذي تعيشه عواصم الخليج، وإلا لماذا اختفت عمليات القتل والاختطاف والابتزاز، ولماذا تراجعت الحكومة وأحزابها عن كل ما يثير نقمة الشارع العراقي من خلال عدم رفع صور المجرمين قادة الميليشيات وإعلامهم، ولماذا تراجعوا عن نشيد سلام فرمنده الذي عمموه على المدارس بعد أن جهزوا له فرقة من خمسين عازفاً .

 ولم يذكر شيء عن أساس الفساد والإجرام، والدليل أمامهم وهو بناء جدار عازل حول الملعب بلغت قيمته 480 مليار دينار عراقي لو أنفقوها لبناء دور لأصحاب العشوائيات التي شوهت منظر المدينة الرياضية ( والتي لا فضل لهم بها، لأن الأرض والمخططات كانت مهيأة منذ عام 2000 بجهود مدير شباب البصرة  ومتابعة وزير الشباب  ) لاستوعبتهم واستوعبت المئات من العوائل الآخرين أمثالهم، لأن كلفة الجدار تعادل كلفة بناء 6000 آلاف وحدة سكنية واطئة الكلفة وبشكل منظم وجميل، ولكن الفاسد لا يعيش إلا بالفساد.

إننا نفرح لفرح العراقيين، لأن العراقي يستحق الفرح، لكننا لا نريده فرحاً لأيام معدودة ثم يعود إلى الحزن والاستسلام لحكومة ميليشياوية تتلاعب بها إيران، بل نريد الفرح الدائم للعراقي، وهو يعيش بعز وكرامة وحرية ومرفوع الرأس.

سينتقدنا من يقول إنكم تنغصون على العراقي فرحته بهذه البطولة، وما أفرزت، ونحن لسنا ضد ذلك، ولكن نقرأ عن ماذا وراء ذلك، أليس الدعم الحاصل وخاصة إعلامياً هو دعم لحكومة الميليشيات!

انتظروا إجرامهم بحق العراق والعراقيين، وانتظروا انتقامهم بحق من هتف للعراق وأنه لا مكان لإيران في العراق.

كنا نتمنى أن تستغل البطولة وتكون ساحة تحرير ثانية حرة تعبر عن مطالب الوطن وليس هتاف لفوز بكرة قدم محسوم مقدماً للعراق…

إن البطولة تأجلت عدة مرات بحجة عدم توفير الأمن، فما الذي تغير الآن، أليس الحكم والميليشيات هي نفسها، بل أصبحت أشد إجراماً والفساد توسع أكثر فأكثر، فلماذا في هذا الوقت الذي تصاعدت فيه أصوات الشعب للخلاص من حكومات الميليشيات والنفوذ الإيراني وفسادهما وإجرامهما.

هذه هي الحقيقة، فلنفكر بأساليب تصعيد الثورة ضد حكومات لا تخدم العراق، بل كل يخدم أجندة الدولة التي يدين بالولاء لها… ولكن بعد كل الذي جرى فإنه يحمل رسالة للعالم أن الشعب العراقي رافض للعملية السياسية ويقف بالضد من أي مشروع طائفي، وضد مشروع إيران التوسعي الذي من خلاله تريد للعراق أن يكون أحوازاً ثانية، لأن إيران بدون العراق تكون بحكم المنتهية، وبإذن الله تتضافر جهود الأبطال للوقوف بوجه هذه المخططات ودعم انتفاضة نساء إيران التي أرعبت ملالي طهران، وستتحرر الأحواز وبلوشستان وغيرها من المدن التي احتلت من الفرس بتواطؤ إنكليزي، وشكلت منها إيران دولتها، والتي بإذن الله بحكم المنتهية ومصداقاً لقول نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم( لا كسرى بعد كسرى).




الخميس ٤ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي العتيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة