شبكة ذي قار
عـاجـل










ما قل ودل

"هذا الكاس يلمع"!!

د. عبد الكريم الوزان

 

بادئ ذي بدء نبارك لأسود العراق الفوز الكاسح الذي حققه في نهائي الخليج العربي 25، ضد المنتخب العماني الشقيق.

في هذا اليوم قدم أبناء جلدتي ما عجز عنه السياسيون والحكام طيلة عقود خلت، فلقد انصهر جميع العراقيين ليظهروا بهيئة عراقي واحد. وصدحت الحناجر بصوت شجي واحد، وتشابكت نياط قلوبهم بقلب واحد. لقد قدم قومي لوحة جميلة صاحبها نداء جهوري من الأعماق: نحن شعب العراق، مهما ثخنت جراحنا، ونزفت دماؤنا لن نضعف أو نهن، واليوم قد اندملت. نريد الحياة الحرة الكريمة، ونبغي السلام. لا للحروب، لا للبغضاء والتفرقة والكراهية، نعم لأهلنا من المحيط إلى الخليج. نريد أن نبني وطننا.

أما عبارة هذا الكاس يلمع وعيونهم تدمع فقد ألفنا سماعها منذ صبانا فما هي حكايتها، ننقلها لكم كما هي، في مقال طريف طويل نوعا ما، للزميل علي لطيف الدراجي نشره بتاريخ ١١/٧/٢٠١٣ جاء فيه:

كان ملعب الكشافة الشامخ في منطقة الكسرة ولعقود طويلة شاهداً على إنجازات الكرة العراقية، ولعل بطولة كأس العرب التي استضافتها بغداد عام 1966 واحدة من تلك الإنجازات، فقد زحفت الجماهير من مناطق مدينة بغداد إلى ملعب الكشافة لحضور نهائي البطولة مع المنتخب السوري.

وكان رئيس الجمهورية العراقية آنذاك عبد السلام محمد عارف على رأس الحاضرين في المباراة التي أُقيمت ليلاً وتحت الأنوار الكاشفة.

وبعد وصول الرئيس عارف إلى الملعب عزف السلام الجمهوري العراقي والسوري ثم جلس في المقصورة بصحبة شقيقه الفريق عبد الرحمن محمد عارف رئيس أركان الجيش وقتذاك، بمعيته بعض الوزراء والمسؤولين في الحكومة العراقية، وبدأ الفريق الشقيق بالتسجيل وانتهى الشوط الأول من المباراة لصالحه بنتيجة (1ـ صفر).

وفي شوط المباراة الثاني استطاع الفريق العراقي أن يحكم سيطرته ويتحكم بمجريات اللعب حتى استطاع اللاعب (كوركيس اسماعيل) أن يسجل هدفين متتاليين، ودوت أصوات الجماهير في أرجاء ملعب الكشافة، وانتهت المباراة بفوز الفريق العراقي واحرازه بطولة كأس العرب عام 1966 بعد تغلبه على الفريق الضيف بنتيجة (2ـ1).

وفي اليوم التالي أطلقت الصحافة الرياضية، وكذلك الجمهور الرياضي على اللاعب كوركيس اسماعيل لقب (أبو الشدايد) وقد أهدى له الرئيس عارف ساعة يدوية ثمينة مع بقية اللاعبين، ثم وعدهم بتوزيع قطع أراض سكنية بعد عودته من جولة تفقدية لمدينة البصرة، لكن الوعد الذي قطعه الرئيس على نفسه لم يتحقق وذلك لمقتله في حادث الطائرة المروحية المعروف بمنطقة النشوة ناحية الدير في محافظة البصرة إذ احترقت الطائرة بعد أن ارتطمت أجنحتها بالأرض نتيجة هبوب عواصف ترابية واحترق من في داخلها وبضمنهم رئيس الجمهورية.

وظلت الجماهير الرياضية في مناطق العراق كافة تتحدث عن المفارقة التي حصلت بفوز الفريق ومقتل الرئيس الذي تزامن بعد الحصول على البطولة بأيام.

وقاد الفريق العراقي لهذا الإنجاز الكبير المدرب القدير المرحوم العقيد عادل بشير وعلق على المباريات شيخ المعلقين الأستاذ مؤيد البدري.

ولم يكن يوم 10 نيسان من عام 1966 يوماً عادياً في تاريخ الكرة العراقية، ففي ذلك اليوم جرت المباراة النهائية لكأس العرب بدورته الثالثة وفي الساعة السادسة مساءً على ملعب الكشافة إذ التقى منتخبنا مع المنتخب السوري وقد وصل فريقنا للنهائي.

وكان الفريق السوري أفضل منتخب في تاريخ سوريا الكروي، إذ كان متخماً بالنجوم أمثال الحارس (فارس السلطجي) والمدافع طارق علوش والكابتن أواديس.

وكان صوت الأستاذ مؤيد البدري مميزاً كلما لمس (ثعلب الكرة العراقية) كوركيس اسماعيل الكرة فيصيح البدري " ممتازة أبو الثعالب.. كول.. كول ".

وبعد هدف كوركيس اسماعيل الثاني الذي أنهى الحلم السوري علت أصوات الجماهير الحاضرة وهم يرددون " ككي ذبها بالكول .. يجمهور صفكوله"..

وبعد نهاية المباراة اعتلى الكابتن هشام عطا عجاج المنصة ليتسلم كأس البطولة والعراقيون يهتفون:

هذا الكاس يلمع ... وعينوهم تدمع

هذا الكأس يحجي .. والسلطجي يبجي

هذا الكاس ما ننطيه.. حسن بله تعب بيه

ومن الطرائف التي خلدت حول تلك المباراة أن الذي كان يرعى تلك المباراة هو عبد السلام عارف الذي كان رئيساً للجمهورية آنذاك.

فحين سجل كوركيس الهدف القاتل ليسجل انتصار العراق نهض عبد السلام من مكانه مصفقاً ومنفعلاً والتفت إلى فهد الميرة رئيس اتحاد الكرة العراقي آنذاك وسأله: متكلي هذا منو اللي سوه الكولين؟

أجاب الميرة: سيدي هذا كوركيس اسماعيل

فأجاب عبد السلام عارف متجهماً: خوش لاعوب.. بس اسمه ميعجبني.




الخميس ٤ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عبد الكريم الوزان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة