شبكة ذي قار
عـاجـل










الشعوبية هدفها تفتيت المجتمع العربي وقتل الإسلام المحمدي - الحلقة الأخيرة

 

زامل عبد

 

مارست الشعوبية سبلًا متعددة بين ظاهر ومستور، ولكل منها أثرها وخطرها الخاص ، فهي تريد أن تربك العقائد وتشوه المفاهيم الإسلامية لتزعزع قاعدة المجتمع وأساسه ، وهي تنفذ باسم العقل والمنطق إلى تحوير معنى النصوص والمفاهيم الإسلامية إذ تنتقل إلى التأويل الذي يخرج النصوص من معانيها الإسلامية إلى مفاهيم غريبة بعيدة عن الإسلام ، وهم يفعلون ذلك باسم الحرية الثقافية وتحت ستار الفكر المتحرر   ومن ذلك ما عبر عنه أحد دهاقنة الفرس المجوس بقوله على اثر سقوط الإمبراطورية الفارسية على يد المسلمين العرب بمعركة فتح الفتوح – نهاوند -  ((   نرفض في الظاهر ما بيننا من العداوة ونظهر موافقتهم ومساعدتهم وندخل في دين محمد ونؤمن به ، ثم نفسد عليهم دينهم بلطيف الحيل وندرك منهم ما لم يمكن إدراكه بالقهر والغلبة ))  وقد وثق ذلك ابن قتيبة  بقوله (( وأعاذنا الله من فتنة العصبية وحمية الجاهلية  وتحامل الشعوبية فإنها لفرط الحسد ونغل الصدر، تدفع العرب عن كل فضيلة ، وتلحق بها كل رذيلة ، وتغلو في القول وتسرف في الذم وتبهت في الكذب وتكابر بالعصيان ))  ،  تناول ذلك  أيضا" القائد الشهيد الحي صدام حسين رحمه الله في موضوع كتبه تحت عنوان  -  الحركات السياسية الدينية والحركات المغطاة بغطاء الدين -   نشر بـ  مجلة الف باء –العدد 972 - السنة التاسعة عشرة 13 أيار 1987 ((  لا بد من توضيح الطريق الى ما هو مطلوب ، ومرغوب كذلك ضمن الحياة  ، وفي نفس الوقت لا بد من الانتقال من العام في المفاهيم الى التخصيص في كل ما يتصل بتفسير صلة الدين بالإنسان ، بموجب احكام الدين وتفسير القائمين عليه وصلة الانسان بالإنسان وصلته بالحاكم والحكم وطريقة الحكم والنظرة الى الاقتصاد والموارد المالية والى العلم والتقنية والى الإرث والمرأة ودورها وطريقة التعامل معها وكل ما يتصل بالعلاقة بين الانسان وربه وطريقة التعبير عن هذه الصلة " العبادة " وعند ذلك ستحل الاجتهادات الخاصة محل العام المعوم وسيكون التحديد مجرد اجتهاد لهذا او ذلك داخل المذهب الواحد والدين الواحد مما يقود الى الحق في اطلاق وقول اجتهادات متباينة ستؤدي الى الاختلاف حد الاحتراب طالما اندمجت السياسة بالدين ، ووصلت الى " منبريهما " العلوي  ، وبذلك يتحول المذهب الى مذاهب او فرق ، ويتحول الدين الى ما يحشر العام في الخاص ، والخاص في العام , حتى تغدو الممارسة والسلوك كأنهما اقرب الى مجرد دين جديد غير سماوي منه الى الدين السماوي ، ان الشعارات الدينية اذن والسياسة المغطاة بغطاء ديني يمكن ان تفضي الى سقوط هذا النظام او ذاك في الوطن العربي او في الدول الإسلامية بعامة ورغم اننا لا يجوز ان نقول ان ليس كل الذين يعملون في اطار هذا التوجه بعيدين عن الدين والنية الصادقة ابتداء من صلتهم بالدين ومعانيه السامية  علينا ان نقول بوضوح قائم على يقين عميق لا يسمح بالتردد ، بأن هذا التوجه يعج من جهة أخرى بمرتكبي الكبائر والمعاصي وخاصة في الحركات ذات الأغراض الغاطسة والمغطاة بغطاء الدين من الحركات الشعوبية ممن لا تتعدى صلتهم بالدين الصلة الشكلية الانية المؤقتة فحسب ، للعبور الى هدف سياسي هو قلب بنظام او أنظمة حكم معينة ليس الا ، فاذا كان التحليل ينطوي على القول القاطع بأن مثل هذا التوجه قد يفضي الى ما يسقط هذا النظام او ذاك ، دون ان يهتدي الى إعطاء البديل الناجح ، والقادر على الاستمرارية بعد سقوط الأنظمة المستهدفة فان الشعب سوف يقاوم ذلك ابتداء ، ولا يتفاعل مع حاملي شعاراته  ، ان مثل هذا الاستنتاج ليس صحيحاً دائما الا عندما تحضر شروطه ، وفي مقدمة ذلك شعب واع متوازن نظرة وسلوكاً وأنظمة حكم غير منحرفة او فاسدة ، لأن ليس كل الشعب ، وفي كل الظروف والاحوال ، يبحث عن رؤية واضحة للبديل عندما تتجه قناعته الى التخلص من نظام عن طريق الثورة ، او الانقلاب ويكفي بعض الشعوب  في ظروف خاصة ان تحكم على نظام الحكم بأنه غير صالح ، وان لا طريق غير طريق الثورة والانقلاب للتخلص منه وفي هذا وعلى وجه التحديد يكمن جانب من الخطورة مما يمكن ان تتعرض له المجتمعات الإسلامية والعربية من اهتزاز ، وعدم استقرار وتسلل الحركات ذات النزعة والمنهج الشعوبي  وهنا يمكن ان يلتبس على أوساط معينة من الشعب ، وفي ظروف خاصة كذلك ، التعرف على التيارات ذات النزعة الشعوبية  من التيارات التي تستهدف الكيان العربي ، ومبادئه ، وقيمه أساسا ، وبغض النظر عن هذا الحاكم او ذاك ، او هذا النظام او ذاك  ، ويبقى الطريق الذي ليس بمقدورنا رؤية غيره هو الطريق الواحد الذي يتوحد فيه الشعب والنظام والقيادة ، ليس على أساس المواجهة الظرفية ، واخطارها المحدقة ، وانما على أساس الايمان واليقين المستقر بهذا الطريق الذي يضع الحاكم في موقع الخادم حتى وهو في موقع القائد  ))  ،  ولذا نجد الشعوبية تنتهي في كثير من الحالات بالخروج على الإسلام وسلوك طريق الزندقة ، فهي تبدأ من التهجم على العرب إلى مهاجمة العربية وتنتهي بالهجوم على الإسلام ، وقد أدرك الجاحظ الصلة الوثيقة بين الشعوبية    والزندقة حين قال (( فإنَّ عامَّةَ مَن ارتاب بالإسلام إنما كان أوَّل ذلك رأي الشُّعوبية والتمادي فيه وطول الجدال المؤدِّي إلى القتال فإذا أبغض شيئاً أبغضَ أهلَه وإنْ أبغَضَ تلك اللغةَ أبغض تلكَ الجزيرةَ وإذا أبغض تلك الجزيرةَ أحبَّ مَن أبغض تلك الجزيرة فلا تزال الحالاتُ تنتقل به حتى ينسلخ من الإسلام إذ كانت العرب هي التي جاءت به وكانوا السَّلف والقدوة )) ويقول الدكتور عبد الله السامرائي ((  ومن متابعة نشاط الحركة الشعوبية وقفت على أن أهدافها تتركز في ثلاثة أمور أساسية متداخلة  تشويه مبادئ الإسلام وهدمها من الداخل بكل الأساليب ، ومحاربة الأمة العربية والعمل على إزالة سلطانها وتشويه حضارتها ، من أجل إعادة السلطة وإحياء الحضارة الإيرانية  )) وقد عادت الشعوبية بقوة في العصر الحديث بعد تولي الخميني مقاليد الحكم ودعوة إلى تصدير الثورة الإيرانية إلى الدول المجاورة ، وما رافق ذلك من خطاب طائفي وإذكاء للنعرات الطائفية والمذهبية بين شعوب المنطقة ويقول الدكتور صبري محمد خليل ((  ورغم أن هذه الشعوبية التاريخية قد خفتت في مراحل تالية إلا إنها استمرت في الظهور عبر تاريخ إيران رغم تغير الأنظمة السياسية الإيرانية )) ثم يقول مبينا غاية الشعوبية المعاصرة  ((  كما تقوم الشعوبية في الأمة العربية المسلمة على الدعوة إلى إلغاء أربعة عشر قرنا من التاريخ أوجد فيه الإسلام للعرب أمة ليعودوا إلى الشعوب السابقة على الفتح الإسلامي  )) ويضيف لا يخفى ما للكيان الصهيوني من دور في بعث الشعوبية من جديد وإذكاء نارها فيقول الدكتور صبري محمد خليل مبينا دور الكيان الصهيوني في إظهار الشعوبية المعاصرة الاتي (( وفي هذا السياق فقد أثبت اكتشاف شبكات التجسس الإسرائيلية في العديد من الدول العربية استهداف اسرائيل للأمن القومي العربي بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية .. ويضاف إلى هذا كله مجموعة ضخمة من مراكز الدراسات والأبحاث التي تساهم أيضا في أعمال التجسس والتخريب والتشجيع على الانقسامات والفتن داخل العالمين العربي والإسلامي وتعتمد الموساد ومراكز الأبحاث المشار إليها على مجموعة من النظريات والمخططات التي ترمي في آخر المطاف إلى تفتيت المجتمعات العربية عبر إثارة الفتن وتأجيج حالة التمرد والعصيان والتنازع وذلك من خلال الاستعانة بالجماعات الإثنية والطائفية والمذهبية التي تعيش حالات من التذمر والغضب والنزوع نحو الانفصال والتقسيم  )) ولا بد من الانتباه إلى أن الشعوبية الحديثة تتخذ اليوم مظاهر مختلفة وتتلبس ملابس شتى منها الدعوة الحارة إلى إحياء اللهجات العامية المحلية وهجر اللغة العربية الفصيحة وقد تنادي بإحلال اللاتينية محل الحروف العربية والانصراف عن قواعد النحو و الإعراب وترك الشعر التقليدي ذي الوزن الخليلي والدعوة إلى التفريق بين العقليات وتعميق الفروق بينها في الدراسات والبحوث وربط المبدعين العرب بشتى ألوان العلوم و الفنون بغير الأصل العربي ورده إلى أصول آرية أو إلى أصول غير عربية  وإشاعة فكرة الرفض التي تتبنى رفض الماضي ورفض الكتب الصفراء ورفض التراث ورفض كل اعتزاز بمجد تليد بحجة التطلع إلى الأمام احتذاء بأمم أخرى تختلف ظروف حياتها عن ظروف الحياة العربية حاضرا وماضيا ومستقبلا

المجد كل المجد لأمة العرب التي شرفها الله بالإسلام والمبعوث رحمة للعالمين.

وليخسئ الخاسئون






الاحد ٧ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة