شبكة ذي قار
عـاجـل










مسرحية الدولار إلى أين؟

الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد الدليمي

 

يستمر العراق بسلسلة الأزمات المفتعلة التي بدأت مع احتلاله وتتزايد بطريقة ممنهجة من قبل امريكا وبريطانيا بالتوافق والتخادم والتنسيق مع نظام الملالي.. ومن أكثر الازمات تقربا اعلاميا لحياة المواطن العراقي هي المسرحية المستمرة لانخفاض الدينار أمام الدولار، والذي بلغ في الأسواق المحلية 1470 ديناراً مقابل الدولار الواحد، علماً بأنَّ السعر الرسمي للدولار في الموازنة العامة للبلاد عام 2022 كان 1450 ديناراً، وهو أيضاً السعر الذي يعتمده البنك المركزي العراقي حالياً للبيع.

في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، اقترحت الحكومة تغيير سعر الصرف من 1200 دينار للدولار الواحد، إلى 1445 ديناراً.

وبرَّرت الحكومة آنذاك قرارها بالرغبة في إيقاف تهريب العملة إلى الخارج، على أن يكون رفع سعر الصرف مؤقتاً لحين السيطرة على الأمر، لكن تم اعتماد الرفع أيضاً في موازنة 2021، وكذلك 2022، ويجري الحديث عن اعتماده في موازنة العام الحالي، وهو ما أثار استياء المواطن العراقي.

يقوم البنك المركزي العراقي ببيع الدولار من خلال نافذة بيع العملة، ويسمح للجهات المُجازة من قبله بالدخول إلى هذه النافذة والشراء منها.

خلال الأشهر القريبة الماضية، حذر البنك الفيدرالي الأميركي ذيله البنك المركزي العراقي من قيام مصارف أهلية بشراء الدولار من سوق العملة، وتهريبه إلى إيران التي تخضع لعقوبات أميركية، وهنا نتساءل لماذا تجاهلت ادارة البنك المركزي، رسائل مسؤولهم الامريكي واستمرَّت في بيع الدولار لتلك المصارف.

وفي نهاية العام الماضي، أبلغ الفيدرالي الأميركي، المركزي العراقي بضرورة منع 4 مصارف أهلية من دخول مزاد العملة بتهمة تورطها في تهريب العملة إلى إيران، وهي مصارف (الشرق الأوسط، والأنصاري، والقابض، وآسيا) التي يمتلك أغلب رؤوس أموالها رجل الأعمال العراقي علي غلام.

ورغم تنفيذ البنك المركزي لهذا الأمر، إلا أنَّ المصارف الأربعة لا تزال تمارس عملها المصرفي بعلم الامريكان، غير أنها ممنوعة من الدخول في مزاد العملة. وعقب هذا الإجراء، فرض الفيدرالي الأميركي على البنك المركزي ضوابط جديدة لبيع العملة للتجار والمصارف.

وشملت الإجراءات تقديم كشوفات عن الجهة المستفيدة من الدولار سواءً كانت في الداخل أو الخارج خلال مدة أقصاها 24 ساعة، بدلاً من 20 يوماً كما كانت المهلة في السابق، ما أسهم بشكل مباشر في عزوف المصارف الأهلية والتجار وأصحاب الصيرفات عن الدخول إلى مزاد العملة خوفاً من شمولهم بإجراءات عقابية تمنعهم من مزاولة عملهم، بحسب ما ورد من بيان الفيدرالي الأميركي.

ما النتائج المترتبة؟

بعد تطبيق هذا القرار، انخفض حجم شراء الدولار من البنك المركزي العراقي من 320 مليون دولار يومياً إلى 85 مليون دولار فقط.

ولأنَّ هذا الرقم لا يغطي بالتأكيد الحاجة الفعلية للتداول في السوق العراقية، ما أدى إلى إيجاد طلب أعلى على الدولار في المصارف الأهلية ومكاتب الصرّافة ليرتفع سعر الصرف تلقائياً في الأسواق، إضافة إلى ارتفاع أسعار البضائع المستوردة، مع إضافة التجار فرق الشراء من السوق السوداء على البضائع التي يقومون باستيرادها، وبذلك تحمَّل المواطن العراقي أعباء هذا الفرق، وبدأ يشعر بارتفاع الأسعار.

كان العراق قبل احتلاله محاصر وخاضع لمزاجات من يتحكموا بمذكرة التفاهم حينها وهو تحت كل البنود الجائرة لأسوأ ما انتجته هيئة الامم غير المتحدة ومجلس اللا أمن سيئا الصيت.. وكانت كل الأبواب مؤصدة بوجه دخول العملات الصعبة ومنها (الدولار وهو عملة بلا غطاء ذهبي أي إنه مجرد ورق مطبوع بشكل أنيق) وهذا ما حرم المواطن العراقي من الحصول على أبسط مقوماته الإنسانية بسبب العقوبات المجحفة بحقه. وكان طبيعي ان يرتفع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي والسؤال هنا؟!!لماذا يرتفع سعر الدولار والعراق منذ احتلاله خاضع للهيمنة المطلقة الامريكية والبريطانية؟ لماذا يرتفع الدولار وقد دخل العراق منذ احتلاله أكثر من 2000 مليار دولار؟ لماذا يرتفع الدولار والنظام الذي جاء به الاحتلال لا يهش ولا يكش ولا علاقة له بالتنمية والمشاريع والرفاهية للمواطن العراقي؟ لماذا سمحت امريكا وبريطانيا لان يستغل ملالي طهران الوضع المتهرئ بالعراق المحتل ويسرقوا حصتهم من الغنيمة التي اتفقوا عليها قبل واثناء الاحتلال؟

لماذا تصر امريكا وبريطانيا على استمرار الثلل الفاسدة العميلة التي جاؤوا بها وسلطوها منذ 2003 على رقاب العراقيين وهم يعلمون علم اليقين ان جميع هؤلاء هم عملاء مزدوجي الولاء لولي الفقيه ولأمريكا وبريطانيا ولجيوبهم اي ان الأمريكيين والبريطانيين يقبلون بما يقوم به هؤلاء الفاسدين؟

لماذا لا تحاسب امريكا وبريطانيا ان كانتا نواياهما سليمة وهي ليست كذلك من تلطخت اياديهم بسرقة حصتهم من ثروات العراق وهم يعلمون جيدا اين توجد الاموال المسروقة؟

 

وسؤال آخر إذا كانت كل اموال العراق تحجز بالبنك الفدرالي الامريكي، والبنك الامريكي يعرف اين تذهب هذه الاموال ويصمت صمت القبور فلماذا نسمع فجأة ارتفاع الاصوات للحديث عن مشاكل تهريب الدولار الى طهران وهي امور

اصبحت روتينية وبديهية يعرفها المواطن العراقي البسيط سيما في طريقة تعامل الامريكان مع العراق ماليا؟

 

باختصار اقول ان العراق دخل في صلب اللعبة الدولية للهيمنة الامريكية على العالم والمنطقة وكل ما حدث وسيحدث مرسوم بدقة فالهدف الاساسي من المسرحيات التي تخطط في الاروقة في واشنطن ولندن  وتنفذ بغباء من قبل عملائهم في النظام  الفاسد العميل الذي فرضوه على العراق وشعبه الهدف هو محو دولة العراق واعادته الى عصر ما قبل الحضارة الحديثة ويجعلوا المواطن عبارة عن جسد بلا عقل ولا روح تحركه الاشاعات والازمات ولا يفكر الا بقوت يومه وامنه وامن عائلته وعدا ذلك متروك للاحتلال وعملائه يسرحون ويمرحون والمواطن يتلظى من قسوة معاناته اليومية. المهم استمرار الاحتلال وديمومة بقاء العملاء واعطاء حقن المقويات الدولارية لنظام الملالي لان الغرب الصهيوني ما زال يستفيد بشكل فريد من نوعه من وجود الملالي.. ولولاهم لما تفرد الكيان الصهيوني بالمنطقة ولما انهالت الانظمة الى التطبيع. ولما استطاعوا ان يحتلوا العراق بعد المقاومة الشرسة للعراقيين في الجنوب عندما اتفق توني بلير مع حكومة طهران على دخولهم من اراضي الاحواز التي تحتلها طهران لتكون قوات الغزو خلف قواتنا البطلة...ولولا الملالي وعملائهم في العراق لما استطاعت القوات الغازية من الصمود بوجه ضربات المقاومة العراقية البطلة.

المهم هنا ان الامريكيين تحديدا لا يهمهم اي شيء في العراق حاليا لا ارتفاع الدولار ولا تهريبه الى طهران ولا سرقات المليارات المنظمة بعلمهم من قبل الفاسدين واحزابهم العميلة ...المهم عدم التعرض لوجودهم من قبل المليشيات التي هي الاخرى لم تتأسس او تعمل او ان تستمر بكل جرائمها اليومية بما فيها الحشد الشعبي لولا مباركة موافقة امريكا وبريطانيا ومن يقول غير ذلك فهو؟!!! اكرر كل ما يحدث في العراق مسؤولة عنه بالكامل امريكا وبريطانيا والبقية بما فيهم ملالي طهران ادوات لتنفيذ ما تريده دولتا الاحتلال.

ما الحلول المقترحة؟

هناك مجموعة من الحلول المقترحة للأزمة غير أنها موضوع خلاف بين الجهات الرسمية، والخبراء بشأن نجاعة تطبيقها.

من هذه الحلول، على سبيل المثال، أن يقوم البنك المركزي بتسليم الرواتب للموظفين بالدولار بدلاً من الدينار العراقي، لتعويض نقص الدولار الحاصل في الأسواق، غير أنَّ هناك رأياً يعارض هذا التوجه، مستنداً إلى أنَّ العملة الرسمية للدولة هي الدينار كما هو منصوص عليه في القوانين العراقية، ولا يجوز للحكومة تسليم الرواتب بغير عملة الدينار.

ويقترح خبراء، قيام البنك المركزي بسحب السيولة النقدية المكتنزة لدى المواطنين، والتي تقدر بـ 44 تريليون دينار عراقي (ما يقارب 30 مليار دولار)، وذلك من خلال سندات مالية مع منح فوائد عالية لإغراء المواطن بإيداع أمواله في المصارف الحكومية والأهلية، وبذلك يقل الطلب على الدولار في التداول اليومي.

لكن هذا الحل أيضاً يحتاج إلى وقت طويل للتنفيذ، إضافة إلى أنَّ المواطن العراقي يجد صعوبة في الثقة بالمصارف، خصوصاً بعد حالات كثيرة لمصارف أشهرت إفلاسها، وأخرى تعذرت عن التسديد.

بحسب المختصين في الاقتصاد والمال، لا توجد حلول ذهبية جاهزة لا الان ولا في المرحلة القريبة. وقد يكون هناك حل مؤقت هو الطلب من الفيدرالي الأميركي إلغاء شرط تقديم الكشوفات خلال 24 ساعة، لحين إجراء تسوية وتعديلات على نافذة بيع العملة، ورغم أن هذا الحل سريع، لكنه مؤقت. والكرة كانت وستبقى بيد دولة الاحتلال امريكا.

 

 

 

 






الاحد ١٤ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد الدليمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة