شبكة ذي قار
عـاجـل










شاهد عيان يروي تفاصيل ما جرى في التاسع من نيسان 2003

أسرع مقاومة في التاريخ سجلته المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي 2003

بقلم/ أحمد صبري (كاتب وصحفي عراقي)

 

يبقى التاسع من نيسان سنة 2003 حدا فاصلا بين عهدين بفعل التحولات والمتغيرات التي أحدثها في بنية العراق ومستقبله الذي وصف ذلك اليوم باليوم الأسود، وعندما نتوقف عند ما جرى في الذكرى العشرين لغزو واحتلال العراق؛ فإننا نكشف تفاصيل ذلك اليوم الطويل في تاريخ العراق.

فكان صباح التاسع من نيسان حزينا وكئيبا بفعل تداعيات الحرب والأخبار المتناقضة حول مسارها حتى نهر دجلة كان كئيبا وليس ذلك النهر الذي كنا نعرفه حيويا ومتدفقا، وتحولت بغداد إلى مدينة أشباح يصول ويجول فيها اللصوص الذين دهموا المصارف الحكومية والأهلية، فيما استباح آخرون مؤسسات الدولة لإفراغها من محتوياتها، فيما لزم السكان بيوتهم بانتظار انجلاء الموقف.

واضطر الصحفيون الذين كانوا يقيمون في فندقي الشيراتون والمريديان إلى رفع الرايات البيضاء من على شرفات غرفهم تحسبا لتعرضهم للقصف الأميركي بعد أن أطلقت هذه القوات قذيفة أصابت الطابق السابع بفندق المريديان أدت إلى مقتل صحفية أجنبية وقبل ذلك استشهاد صحفيين يعملان في قناة عربية.

ولم يدر بخلد القائمين على المركز الصحفي العراقي أن إصرار وسائل الإعلام الأميركية والغربية وبعض وسائل الإعلام العربية على نقل أماكن عملهم من المركز الصحفي الكائن في منطقة الصالحية إلى فندقي عشتار شيراتون وفلسطين ميرديان الواقعين قبالة ساحة الفردوس لم يكن بدافع الخوف من تعرض هذا المكان إلى القصف، وإنما كانت أهداف هذا الإصرار الذي تكشف فيما بعد ـ إن قامت وسائل الإعلام بنصب الكاميرات فوق أسطح الفندقين وباتجاه ساحة الفردوس وكأن حدثا تاريخيا سيقع عند هذه الساحة.

وشهدت ساحة الفردوس منذ صباح التاسع من نيسان/أبريل تجمع بعض السكان حتى صاروا بالعشرات مع اختفاء أي أثر لمظاهر السلطات العراقية في الشارع أو حوالي الفندقين.

في هذه الأثناء كنت أنا/مراسل راديو (مونتي كارلو) وزميلين صحفيين نقيم في شقة خلف فندق المريديان نتابع ما يجري، وإذ بالهاتف الدولي الذي كان بحوزة أحد الزملاء يرن ويبلغ أن الدبابات الأميركية وصلت ساحة الفردوس.

وحتى نصل إلى قلب الحدث (ساحة الفردوس) وهي لا تبعد قليلا عن مكاننا تطلب منا رفع الرايات البيضاء بأمر من القوات الأميركية، وعند وصولنا لاحظت أن العديد من مراسلي الوكالات الأجنبية يستخدمون هاتف الثريا الذي منعت السلطات العراقية استخدامه.

وحاول العشرات إسقاط تمثال صدام إلا أنهم فشلوا في ذلك، ما دفع رافعة أميركية إلى اختراق الساحة باتجاه التمثال الضخم، وعند وصول الرافعة إلى رأس صدام قام أحد الجنود الأمريكان بتغطية رأس صدام بالعلم الأميركي ومن ثم استبداله بالعلم العراقي.

وكان إسقاط تمثال صدام في ساحة الفردوس بداية النهاية لاحتلال العراق، غير أن الحقائق في تلك اللحظات كانت تشير إلى أن القوات الأميركية في ذلك اليوم لم تصل إلى نصف أحياء بغداد، وأن محافظات نينوى وديالى والأنبار وصلاح الدين وكركوك لم تدخلها القوات الأميركية وكانت في قبضة القوات العراقية.

من هنا كانت الرمزية في إسقاط تمثال صدام في وسط ساحة في قلب بغداد كرسالة للجميع مفادها أن بغداد والعراق كله أصبح تحت السيطرة، في حين توجه صدام ظهر التاسع من نيسان إلى منطقة الأعظمية وكان معه عدد من أفراد حمايته، وعندما انتهى من ذلك توجه إلى جهة مجهولة.

وأمام هذا المشهد والفوضى التي عمت ساحة الفردوس استعرت هاتف الثريا من زميل يعمل في إحدى الوكالات ونقلت ما جرى لمونتي كارلو مؤكدا أن العراق بفعل احتلاله دخل مرحلة لا أحد يتوقع ماذا سيحدث خلالها. وكان آخر مؤتمر صحفي لوزير الإعلام محمد سعيد الصحاف كان على سطح فندق الشيراتون بعدها توجه إلى المقر البديل لوزارة الإعلام في الأعظمية

والمفاجأة في تداعيات احتلال العراق سرعة ظهور وبدء المقاومة العراقية ضد المحتل حيث قتل أول جندي أمريكي في العاشر من نيسان جنوب بغداد أي بعد يوم من الاحتلال حيث وصفت بأنها أسرع مقاومة بالتاريخ تزامن مع بيان مكتوب تلقيت نسخة منه من شخص لا أعرفه وأنا جالس في ساحة الفردوس مع مجموعة من الصحفيين يشير إلى انطلاق المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي

ومن تداعيات ذلك اليوم الأسود تحول العراق بعد احتلاله إلى حديقة خلفية لإيران وساحة لأذرعها المسلحة وتحولت بغداد إلى أسوأ مدينة بالعالم، بعدما كانت حاضرة العالم مع هدر وضياع ثروة العراق ذهبت معظمها إلى جيوب اللصوص والفاسدين التي كانت تهيمن على مقدرات العراق منذ احتلاله حتى الآن.

وتداعيات الذكرى العشرين لغزو واحتلال العراق تظهر المأساة التي حلت بالعراقيين بعد ذلك وتحوله إلى بلد فاشل لا يقوى على النهوض من فرط الأحمال التي تراكمت وأبقت العراق في المربع الذي يتخبط به منذ احتلاله وحتى الآن.






السبت ٢٤ رمضــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / نيســان / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحمد صبري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة