شبكة ذي قار
عـاجـل










القمم العربية ... قرارات ورق فقط

علي العتيبي

 

ينادي حزب البعث العربي الاشتراكي منذ بدايات تأسيسه بالوحدة العربية وجعلها الهدف الأسمى ضمن أهدافه، وقد ربطه بأهدافٍ أخرى (الحرية والاشتراكية) فعمل المستعمر البريطاني والفرنسي ومعه الرجعية العربية ومعهم بعض ما يطلق عليهم (رجال دين) من الذين تتضارب مصالحهم مع مصلحة الشعب العربي، فعمدوا إلى تشويه صورة البعث فنعتوه بأبشع النعوت، وكذلك معهم أعداء البعث، وكل ذلك من أجل أن يغسلوا أدمغة البسطاء من الشعب العربي، وبقيت هذه الأسطوانة المشروخة تتردد في مجالسهم الخبيثة، ونظراً لتصاعد المد القومي لدى الشعب العربي وقيام الثورات ضد الأنظمة التي نصبها المحتل ومن أجل امتصاص هذا الغضب الشعبي عمدوا إلى استحداث جامعة الدول العربية التي تسابق الحكام العرب للانضمام إليها، ومنهم من أراد ان يقف ضد هذا المشروع خشية من سيطرة الأنظمة الثورية على مسار هذه الجامعة .

ودأبت هذه الجامعة بعقد اجتماعات قمة لأعضائها، وقد لعبت بعض الدول العربية دوراً إيجابياً للنهوض بالعمل القومي من خلال موقعها بالجامعة العربية،  وحينما نستقرئ تاريخ القمم فإننا سنجد أن جميع القمم لم تكن تلبي طموحات الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، ولكن هناك بعض القمم زرعت في الذاكرة كون بعضها اكتسبت مقبولية لدى الشارع العربي، والبعض الآخر جر الأمة العربية إلى انكسار واندحار وتآمر الجامعة العربية على الأمة العربية، ولهذا يستذكر المواطن العربي قمة اللاءات الثلاث أو قمة الخرطوم، هي مؤتمر القمة الرابع الخاص بجامعة الدولة العربية، عقدت القمة في العاصمة السودانية الخرطوم في 29 أغسطس 1967 على خلفية هزيمة عام 1967 أو ما عرف بالنكسة. وقد عرفت القمة باسم قمة اللاءات الثلاث، حيث خرجت القمة بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال: لا صلح، لا اعتراف، ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه. حضرت كل الدول العربية المؤتمر باستثناء سوريا.

أما القمة الأخرى هي قمة بغداد 1978، حيث عقد بين القادة العرب في 2 نوفمبر في بغداد باعتبارها القمة التاسعة لجامعة الدول العربية، وجاءت القمة في أعقاب توقيع مصر على (معاهدة كامب ديفيد) للسلام من جانب واحد مع الكيان الصهيوني، وقرر المؤتمر أن الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة المصرية في كامب ديفيد أضرت بحقوق الشعب الفلسطيني. وتم حث الحكومة المصرية على عدم التصديق على الاتفاقيات، وقرروا تعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية. ونتيجة لذلك، نقلت أمانة الجامعة من مقرها في القاهرة إلى تونس.

ولحقتها القمة العربية 1990 في مدينة بغداد حيث عقد في 28 مايو/أيار 1990 بدعوة من الرئيس العراقي صدام حسين في بغداد، وغابت عنه لبنان وسوريا، وكان عنوان القمة "التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي"، وبحث المؤتمر كموضوع رئيس التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي العربي واتخاذ التدابير اللازمة حيالها. ولقد صدر عن المؤتمر بيان ختامي تضمن مجموعة من القرارات أهمها:

- الترحيب بوحدة اليمنين الشمالي والجنوبي بعدما كانا دولتين مستقلتين.

- تأييد استمرار الانتفاضة الفلسطينية، والتأكيد على دعمها مادياً ومعنوياً.

- إدانة تهجير اليهود وعدم شرعية المستوطنات.

- إدانة قرار الكونغرس الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.

- توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

- معارضة المحاولات الأميركية لإلغاء قرار اعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية.

- دعم العراق في حقه امتلاك جميع أنواع التكنولوجيات الحديثة.

- إدانة التهديدات الأميركية لليبيا، والتضامن مع ليبيا ضد الحصار الاقتصادي.

وكان شعار القمة هو امتلاك ناصية العلم من أجل امتلاك القوة.

فكانت لهذه القمم وقراراتها صدى شعبياً واسعاً، ولكن، ونقولها ومع الأسف  وللدور الكبير الذي لعبه العراق في هذه القمم من أجل إنجاحها لإن قراراتها تمثل إرادة الشعب العربي، عملت الامبريالية والصهيونية والرجعية وعملاؤهم لإنهاء دور العراق، فجاء مؤتمر قمة القاهرة عام 1990 أيضاً والذي نطلق عليه مؤتمر ذبح العراق، ومن بعد هذا لم تكن لمؤتمرات القمة العربية أي لون أو طعم أو رائحة سوى مؤتمرات لتضحك على الشعب، وقراراتها لم تغادر الورق الذي كتبت عليه،  فتراجعت الأمة، وانكسرت بفعل هذه الجامعة التي لا تعمل إلا وفق معيار من يدفع أكثر تخدمه أكثر، وضاعت مبادئ الجامعة العربية المعلنة، لأن أساس تأسيسها هو من أجل احباط محاولات الوحدة العربية وإفشالها، وجعلت التفكير القطري الأناني هو السائد، لهذا نجد العلاقات العربية العربية تسير من سيء إلى أسوأ لأنهم لم يضعوا مطالب الشعب وأهدافه نصب أعينهم، وضاعت قرارات قمم الخرطوم وبغداد بل وجدنا أن أعضاء الجامعة ينفذون ما يملى عليهم من الغرب بقرارات سيئة  من أجل تخريب المجتمع والثقافة العربية، فصار من يطالب بالحقوق ويناضل من أجل التحرير إرهابياً، ومن يتمسك بالمبادئ والأخلاق متشدداً، وهكذا كما ذكر ذلك الشهيد القائد صدام حسين بأن أمريكا ستتدخل في الإنتاج وتتدخل في المناهج الدراسية والدينية، وهكذا تحقق ما تنبأ به طيب الله ثراه.




الثلاثاء ١٠ ذو القعــدة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / أيــار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي العتيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة