هشام عودة

شبكة المنصور

 

 


اعتلى منصة المجد مثل نخلة عراقية, وظل مرفوع الهامة والجبين وهو ينغرس عميقاً في أرض العراق.
في العشرين من آذار, في اليوم الذي اختار فيه اعداء البشرية اغتيال العراق قبل اربعة اعوام, ارتكبوا جريمتهم باغتيال طه ياسين رمضان.

اكثر من خمسين عاماً قضاها مناضلاً في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي, وشغل فيها عضو القيادتين القومية والقطرية. وبعد العدوان الايراني على العراق عام 1980 تقلد منصب القائد العام للجيش الشعبي, الذي كان ظهيراً للجيش العراقي المجرب في كل معارك الأمة.

طه ياسين رمضان احد ثوار تموز, ومنذ تسلم البعث السلطة في العراق, تقلد مناصب رفيعة في هرم السلطة السياسية, فقاد عدة وزارات, ثم تسلم منصب النائب الاول لرئيس الوزراء, ثم نائب رئيس الجمهورية.
كان عربياً بامتياز, وانتمى للعروبة بوصفها رسالة جهادية, قبل ان تكون عرقاً او عنصراً, مع ان المغرمين بالانساب يتحدثون عن كرديته, التي لم يجد فيها ما يناقض مشروعه السياسي.

ابو نادية, هكذا كان يحلو لرفاقه واصدقائه مخاطبته, خبرته شوارع بغداد والمدن العراقية مناضلاً, في خمسينيات القرن الماضي وستينياته, وعرفته سجون الانظمة المتعاقبة في العراق, صلباً عنيداً, لذلك كان قادراً على مواجهة الاعتقال والتعذيب في السجون والمعتقلات الامريكية, وقادراً على هزيمة جلاديه.
ابو نادية, احد أكثر المقربين من الرئيس صدام حسين, واحد الذين حملوا مشروع الامة الجهادية في مواجهة معسكر الاعداء, ومثلما كان الى جانبه ايام السلطة, فقد ظل معه في قاعة المحكمة, واصر الاعداء على ان تشمله جريمة الاغتيال, ليكون الى جانب الرئيس في مقبرة العوجا.

الرئيس صدام حسين الذي جمع رفاقه حوله على مدى نصف قرن, ها هو يجمعهم شهداء ايضاً, لتكون مقبرة العوجا, مزاراً شعبياً ومفتاحاً لحلبة التاريخ.

عندما يكتب التاريخ سيرة طه ياسين رمضان, فان الاجيال ستقرأ سيرة مناضل شجاع وجسور, واجه الموت بفروسية, وبكت عليه نخلات العراق.

الجزراوي, لانه قادم من الجزيرة التي تعد سلة العراق الغذائية, وكان ابو نادية, رغم جديته وصرامته, قريباً من رفاقه حنوناً عليهم, بقدر ما كان قاسياً على اعداء الوطن والأمة.
من خلال موقعه في قيادة البعث القومية لعدة دورات, تعرف طه ياسين رمضان على فروع الحزب في الوطن العربي, كما تعرف الى الشخصيات الوطنية والقومية في تلك الاقطار, وظل باب مكتبه مفتوحاً امامهم في كل وقت.
ترأس عشرات الوفود الرسمية العراقية في مؤتمرات عربية واقليمية ودولية, وكان خطابه السياسي واضحاً دائماً مثل وضوح المبادئ التي يستند اليها.

طه ياسين رمضان, احد رجالات العصر العربي الحديث, واحد رموز الامة وقادة مشروعها القومي الوحدوي, واحد قادة البعث الذي ترك بصماته الواضحة في المسيرة العربية الراهنة, وعندما تعود بغداد حرة عربية, فان روح ابي نادية سترفرف في سماء الوطن الذي سيحتفي بقادته ورموزه وشهدائه, وسيكون له الحيز الذي يليق به في ذاكرة الوطن ووجدانه.

عندما ستتذكر الأمة ذكرى العدوان على العراق, ستتذكر معه صورة طه ياسين رمضان وهو يعتلي منصة المجد بعنفوان الأمة وتاريخها الذي يسجله فرسانها الابطال.  

 

 

 

                                      شبكة المنصور

                                    25 / 03 / 2007

بورتريه
طه ياسين رمضان الصعود الى التاريخ