بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

حلول الذكرى التاسعة والثلاثين لثورة تموز الوطنية والقومية
للصفحة الأخرى في المنازلة الكبرى سياقاتها ومنظورها الستراتيجي

 

 

 

شبكة المنصور

مقالة لكـاتبهــا

 

للبعث ومناضليه بوصلة دقيقة توجه الحزب والرفاق المناضلين، وأيا تكن عنوانيهم، نحو الهدف المؤسس على المبادئ السامية الواقعية والمشاريع النهضوية المستوجبة، وفقا لصياغتها من حيث الأولوية أو التعامل المطلوب معها، في "اللحظة المعاشة في حينها"، ضمن مسار المواجهة التاريخية المفتوحة والمستمرة وغير المحسومة بعد مع أعداء البعث الذين هم أساسا أعداء الأمة. لا يستطيع أيا كان أن يجادل في صحة دمج أعداء البعث بأعداء الأمة، أو تماهي أعداء الأمة مع أعداء البعث... وإلا ما هذا الذي يحدث متسلسلا في العراق منذ أيلول 1980 وحتى تاريخه؟ ومن هم الآن وقبلا الذين يواجهون البعث ومشروعه النهضوي في العراق، والذين أيضا فرزوا أنفسهم في حالات كثيرة (وهم عرب) في معسكر أعداء الأمة لينالوا من البعث وفكره ومناضليه ونظامه الوطني القومي في العراق.

للضرورة أحكامها، والضرورة وحاكمتيها في الفعل الثوري والسياق النضالي والتصدي المستمر للأعداء فرادى ومتحالفين... في صفحات من منازلة لم تنتهي بعد، لا يحكم عليها أو يحتكم إليها، إلا من تعامل مع الضرورة وأحكامها ضمن ممارسة فعله الثوري، وموجبات نضاله المستمر، وستراتيجية تصديه لأعدائه. البعث والبعثيون تعاملوا مع الضرورة وأحكامها، واحتكموا لحاكمتيها من خلال نضالهم ومواجهتهم أعداء الأمة، وتصديهم لمشاريع ومخططات الأعداء في السياسية والبناء والحصار والقتال (بصفحتيه التقليدية والمقاومة).

عندما يسوق الكاتب هذه المقدمة ويستمر مفصلا فيها، فأنها تفتح له مجالات رحبة وتؤسس له قاعدة عريضة لمناقشة وتثبيت صحة الكثير "لا بل الأكثر" من مقولات وسياسات ومشاريع وقرارات البعث وقيادته في العراق قبل الاحتلال، مثلما تؤهله (في إطار ما هو مسموح به) في صفحة المنازلة الثانية (المقاومة المسلحة)، من أن يبين أو يؤطر أو يرد بشكل مباشر أو غير مباشر، على مقولات الاحتلال وعملائه الداخليين، وحلفائه الإقليمين، وأنظمة عربية، ومفكرين وكتاب عراقيين وعرب، وغيرهم، يستوجب الرد عليهم، وحيث تسمح المحددات الأمنية للمقاومة في الرد أو التوضيح. فعندما دبر البعث للمقاومة الفورية وفجرها، وصاغ بوقت قياسي مبكر منهاجها السياسي والستراتيجي، وتعامل مقاوما في معركة تحرير العراق وفقا لسياقات جهادية جامعة، مدافعا عن وحدة العراق، حيث كان هو وليس غيره ضامن وحدة العراق، وهذا ما أكدته أيام وتطورات ما بعد الاحتلال.

نعود لنقول: المقاومة المدبرة الفورية تشكل الصفحة الثانية في مسار المواجهة في المنازلة الكبرى، وهي ضرورة لها حاكميتها، حيث استوعبها البعث حزبا قائدا وحزبا مقاوما، مثلما بني في الوقت نفسه التعامل بها ومعها وفقا لمقارنات الترجيح في حسابات المواجهة العسكرية التقليدية التي أرادتها الولايات المتحدة واعتبرتها "خائبة" نهاية المطاف في مسار المواجهة المفتوحة والمستمرة.

وليستمر الكاتب، ومن معايشته ومعايشة العراقيين والعرب وكل العالم، وبغض النظر عن مواقف الجميع من البعث ونظامه الوطني في العراق قبل الاحتلال، حيث أن المقارنة والمراجعة والتقييم وكذلك النقد، قد اخذ مداه بعد مرور أربعة أعوام من الاحتلال و تنفيذ وتعثر مخططاته ومشاريعه في العراق المحتل، وخلق السلطة العميلة المنبثقة من مخططات ومشاريع الاحتلال ذات الاستهداف المعادي والحاقد للعراق بحكمه الوطني، ومؤسساته العسكرية والأمنية والعلمية والاقتصادية- النفطية والثقافية، وتاريخه العربي، ومقومات مشروعه التنموي، ودوره الإقليمي، وموقعه الجغرافي- السياسي، وهوية توجه سياساته الوطنية والعربية والإقليمية والدولية، فالمقارنة والمراجعة والتقييم والنقد، وسائل وأساليب من حق الجميع وللجميع، ولكنها أيضا من حيث التجرد والنزاهة، ومن حيث كونها حقوقا ترتب التزامات على من يباشرها ويعمل بها، فإنها تصبح تاريخيا أدوات للتبرئة أو الإدانة، فمثلما استخدمها الآخرون بوجه البعث قبلا، والآن يستخدمون أيضا تلك الأدوات، فأن البعث استخدمها وسيستخدمها وفقا لمنطلقاته ومنظوره ومبادئه ورسالته ومشروعه النهضوي، ووفقا لموقعه المقاوم.

للبعث تراتيبه في استخدام هذه الأدوات، وهي تستند لكونه حزب الأمة أولاً، ولكونه حزب رسالة عربية إنسانية في الأساس، ولكونه حزب تاريخي عقيدي له مبادئه، ولكونه حزب مناضل، ولكونه يمتلك مشروعاً نهضوياً، ولكونه صاحب تجربة ثورية في السلطة بأبعادها السياسية والتنموية والعسكرية وكل أبعاد السلطة الأخرى، ولكونه حزب مقاومة في مواجهة تاريخية مفتوحة ومستمرة كان ولا يزال فيها (قبل وأثناء الصفحة الثانية من المنازلة) الطرف العربي الأساس المقابل للولايات المتحدة الأمريكية.

فالبعث وفق تراتيبه يبتدئ بالمراجعة وينتقل للتقييم وينتهي بالنقد الذاتي، وله خصوصيته في الوصول إلى نقطة النقد الذاتي، التي لا تنطلق كرد فعل على مطالبة الآخرين، مثلما هي تكليف ذاتي ينبع من حاكمية الضرورة في الفعل الثوري وسياقات النضال وساحات التحدي، في محتوياتها التنظيمية والسياسية والإدارية والأخرى، والبعث صاحب المشروع النهضوي (المستهدف من أعدائه- أعداء الأمة) في العراق قبل الاحتلال، وصاحب المشروع المقاوم "لتحرير العراق والحفاظ عليه موحدا ووطنا لكل العراقيين" في الوقت المعاش، لا يأتي بالمقارنات ليدافع عن نهجه قبل الاحتلال، بل أن المقارنات الموضوعية، وحرية الأفراد والمؤسسات والحركات العراقية والعربية والعالمية في إعمال المقارنات هي التي أضحت تأتي أليه مرجحة المقارنة لصالح البعث وقيادته ونهجه ومسيرته ومشروعه في العراق قبل الاحتلال.

البعث المقاوم الآن مثلما هو البعث القائد قبلا، يتميز انطلاقا من حقيقة كونه الطرف العربي المقابل للولايات المتحدة وحلفاءها وعملائها في المواجهة التاريخية المفتوحة والمستمرة وغير المحسومة بعد، وكان ولا يزال يعيش صفحات المنازلة بعنوانيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والمقاومة، والولايات المتحدة، وقد خاب مسعاها، عندما ظنت أن الاحتلال كنتيجة للمواجهة العسكرية التقليدية التي سعت إليها قد حسم المواجهة، إنما تعمل جاهدة على تحقيق:-

* تدمير نسق الدولة العراقية بمخطط مدبر متعاونة وحلفائها وعملائها الداخليين والإقليمين.
* العودة الانتقامية الامبريالية الحاقدة على نفط العراق الوطني المؤمم.
* تفعيل الدستور الطائفي المنفتح على التقسيم والتآمر على الوحدة والسيادة الوطنية.
* حل الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية ومطاردة واغتيال وتقتيل القيادات والكوادر.
* اجتثاث البعث ومطاردة وتقتيل مناضليه ومناصريه وعوائلهم.
* تأكيد وتعظيم المصلحة "الإسرائيلية" المتحققة من احتلال العراق.
* محاولة مشتركة مع إيران الخمينية لوضع الإسلام السياسي في مواجهة العروبة من جهة، ووحدة العراق الوطنية من جهة ثانية، من خلال خلق وتفعيل حالة التقابل الطائفي في العراق والوطن العربي.

من يجرؤ الآن (وبعد هذا المدى الزمني منذ التاسع من نيسان 2003 وحتى اللحظة) من العراقيين والعرب والرأي العام العالمي، وبقطع النظر عن موقفه من البعث وقيادته ونهجه قبل وبعد الاحتلال، أن يجادل في صحة أهداف العدوان والاحتلال مثلما تمثلها الممارسات المدبرة والممنهجة كما أوردناه أعلاه؟

مَنْ منَ الأنظمة العربية الرسمية متواطئ كان أم عديم الحيلة والإرادة أم ملتزم بالشرعية الدولية وقراراتها، يستطيع أن يغطي قبح موقفه وخطيئة تآمره وضعف نظامه وتمسكه المشكوك بالشرعية الدولية، وقد كانت كل ذرائع العدوان والحرب والاحتلال وتدمير العراق، مثلما كانت قبلاً ذرائع الحصار، مرتدة وساقطة، منذ أن قالت بها الولايات المتحدة وحلفائها زورا وبهتانا ودعمها النظام الرسمي العربي جبنا أو تآمرا؟

مَنْ منَ الخونة والعملاء والساقطين في العراق، إسلاميين وطائفيين وشعوبيين وتقسيميين وعملاء متعددي الولاءات ولصوص وسارقين وقتلة ومغتصبين، تصمد ادعائاته وتؤكد شكواه وتصدّق مظلوميته وتبرر اتصالاته السابقة مع استخبارات العالم أجمع، وهو الآن يتصرف في ظل الاحتلال إما كطائفي حاقد أو طائفي مقابل أو عميل مأجور أو لص ومغتصب وقاتل أو حكومة مسهلة للعودة الامبريالية الحاقدة على النفط الوطني المؤمم؟

مَنْ منَ المرجعيات الشائنة وعنوانيها المختلفة، تصرّف وأفتى لمقلديه والعامة بما استوجبه الشرع وبرره والاجتهاد، من حيث الأولويات الوطنية، وحقوق الوطن والشعب وسيادته ووحدة أراضيه وصيانة ثرواته الوطنية؟

مَنْ منَ العرب والمسلمين واليساريين والتقدميين، وبغض النظر عن كونهم أنظمة أم أحزاب آم مفكرين أم كتاب، الذين أخطأوا الحكم والموقف من نوايا ومخططات الخمينية المضمرة والمعلنة من العراق ومن العرب ومن فلسطين، في القادسية وسنواتها الثماني، يعترف الآن بخطاء الحكم والموقف، ويقر الآن بنوايا إيران الخمينية في حينه، وما سببه ذلك الخطاء وخاصة للعرب منهم، من تداعيات يحصدونها الآن عجزا عن حماية العراق وعروبته، وتشرذما في مواجهة الطائفية، وإدخالهم حالة التقابل معها، وخوفا من الصفقات المشبوهة بين إيران والولايات المتحدة، وعودة لتطويق المشرق العربي ونفطه من (إسرائيل) غربا وإيران الخمينية شرقا؟

الكاتب وعند هذه النقطة من التفصيل في المقدمة، يجد نفسه قادرا على أن يستمر وأن يفصل أكثر، ويرجع إلى حالات ومواقف في عينها، تشكل له محطات شواهد واثبات على صحة التحسب والقرار والتعامل البعثي منها ومعها، وبما كان قد شكل جدالا أو خلافا بين البعث وقيادته في العراق من جهة، وأنظمة وأحزاب وحركات عربية وغير عربية من جهة ثانية، سواء كانت متآمرة أو صاحبة مصلحة أو عديمة القدرة على الاستقراء والتصور أو محملة بالحقد التاريخي على البعث لسبب أو لآخر، اللحظة المعاشة تشكل للعراقيين أولا وللعرب الشرفاء ثانياً وللعالم الرافض للعدوان والاحتلال ثالثا، نقطة الاهتمام ومركز التقييم، وهي بحكم الضرورة تأتي بالمقارنات تجاه ما كان، في الوقت الذي تعجز فيه عن التوقع بغير التدهور الأكثر والأخطر لما سيكون، واللحظة المعاشة تؤرخ منذ بداية الاحتلال وحتى اللحظة، وهنا يجد الكاتب محقا أن الخطاء والتهور والحقد مثلما تمثل في الممارسة للاحتلال وعملائه وحلفائه، فأنه تمثل أيضا في التعابير والمصطلحات والأدبيات التي قفزت فوق واقعة الاحتلال لتتبنى مصطلح "إسقاط النظام" على تاريخ وقوع الاحتلال، وعندما تأتي المقارنات بين الحاضر والسابق، فإنها ووفقا لمصطلح (إسقاط النظام السابق) الذي يعتمده الاحتلال وعملائه وحلفائه، تسمح تلقائيا بالمقارنة لترجحها لحساب النظام السابق من حيث كل مناحي الحياة للدولة والمجتمع وأيضا من حيث المواقف والتحسبات والتدابير. ومثل هذه المقارنة أصبحت لها مفاعيلها على المستوى الإقليمي، فالإقليم بمجمله قبل الاحتلال (إسقاط النظام السابق) كان في حال سياسي وأمني واجتماعي أفضل، لا بل أن حال مكوناته في مواجهة أزمات سياسية وأمنية وطائفية ومذهبية ستستمر متعمقة بفعل احتلال العراق. من فمك أدينك، هكذا قال السيد المسيح، وحيث يصح قوله الآن أيضا.

الآن وبعد السقوط المتكرر لذرائع العدوان والاحتلال، والتي أسقطت بأثر رجعي أيضا ذرائع جريمة فرض واستمرار الحصار لمدة ثلاث عشر سنة، تعمل المقارنات لتقاس بالهدف الحقيقي من العدوان والاحتلال وقبله الحصار، وقبل ذلك التمسك الأمريكي بالمواجهة مع البعث وقيادة العراق منذ قرار التأميم الخالد، حيث أخذت المواجهة أشكالها السياسية والاقتصادية داخلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، وتعددت حلقات التآمر المتتالية على البعث وقيادة العراق (وهي حلقات قابلة للعد والتأريخ والتعريف والتوصيف)، والبعث في سياق مراجعته وتقيمه ونقده الذاتي للمسيرة، بينها وسيبينها، وقد واجه بها ذاته أولا، وسيواجه بها ببرنامجه للمراجعة والتقييم والنقد الذاتي شعب العراق والأمة والآخرين.

قد يتساءل البعض هل البعث شرع بمثل هذا البرنامج؟ ثم لماذا يبقى آخرون يطالبون عن حسن أو سوء نية أن يقوم البعث بالنقد الذاتي؟ وهل البعث يستجيب لمطالب آخرين له بنقد ذاتي للمرحلة؟ وهل يتم النقد الذاتي لمرحلة أم لمسيرة؟.الكاتب يحيل التساؤلات إلى ما صدر عن البعث منذ الاحتلال وحتى اللحظة:

ممثلا برسائل وأحاديث قائده التاريخي وأمينه العام السابق الشهيد الخالد صدام حسين.

ممثلا بمئات البيانات السياسية بما فيها المنهاج السياسي والستراتيجي للمقاومة المسلحة الصادر عن الحزب في التاسع من أيلول 2003، وهنا يرجع الكاتب كل المتسائلين إلى كل "الإشارات المباشرة" التي أعقبت صدور المنهاج وأشرت إلى برنامج المراجعة والتقييم والنقد الذاتي.

ممثلا بمقدمة البرنامج الستراتيجي للبعث والمقاومة.

ممثلا بإعلان شروط التفاوض والتعهد بالتحالف لإقامة حكم وطني تعددي ديمقراطي.

ممثلا بالبرنامج السياسي للبعث ومقاومته الوطنية.

وهنا سيحدد الكاتب حقائق ومدلولات:

1 - كما جاء في مقدمة المقال، للبعث تراتيبه تبتدئ بالمراجعة وتنقل للتقييم وتنتهي بالنقد الذاتي، والنقد الذاتي ليس رد فعل على مطالب آخرين، إنما هو تكليف ذاتي.

2 - والمراجعة والتقييم وصولا للنقد الذاتي هو برنامج يغطي مسيرة الحزب في العراق، وليس لحالة الحكم والسلطة فقط، وهنا سيكون الكثير من محطات التداخل العضوي والوظيفي وفقا للمسيرة المستندة لمبادئ البعث ومشروعه النهضوي، والتي نقلت العراق(الدولة والمجتمع) بماهيته الجيوسياسية والتاريخية والاقتصادية والبشرية إلى مرحلة نهضوية فرضت على الولايات المتحدة (الامبريالية)، وفقا لضوابط ستراتيجيتها الإقليمية والكونية من أن تختار وتعيش المواجهة المستمرة المفتوحة وغير المحسومة بعد مع البعث وقيادته في العراق.

3 - والمراجعة والتقييم والنقد الذاتي كبرنامج يتبناه البعث وفقا لطبيعة وتكوين ونضال وتاريخية وعقائدية وثورية الحزب، لا يكون ترفا فكريا مجردا ينطلق من سيرورة الحزب العقائدي وتكوينه الفكري، ولا يشكل أيضا محاكاة ليبرالية أو محاولة إصلاحية بالمعنى المنهجي والتصرف السياسي.

4 - والمراجعة والتقييم والنقد الذاتي كتكليف ذاتي مستوجب وفقا لفهم البعث، لا يكون إلا مكاشفة للذات والشعب والأمة، ويمثل جردة حساب غير صماء، ويعتمد اللحظة التاريخية ومكانها وظروفها ودور وتأثير شخوصها.

5 - البعث وقيادته بتبنيهما الحر والاختياري لبرنامج المراجعة والتقييم لم يكن هذا تبينه الأول ولن يكون الأخير، فحزب الرسالة الخالدة هو حزب المسيرة المستمرة، واستمرارية المسيرة التي أكدها الحزب ومناضلوه منذ التأسيس وحتى اللحظة تطلبت وتتطلب المراجعة والتقييم والنقد الذاتي في مفاصل متعددة.

6 - والبعث و قيادته لا ترهبهم أو تعيبهم مواجهة الذات والشعب والأمة بالمراجعة والتقييم وصولا إلى النقد الذاتي، فخيارات البعث وقيادته المناضلة ومناضلوه وصلت وتصل إلى الشهادة في سياق المسيرة، والمسيرة البعثية مرادفة للمواجهة التاريخية المفتوحة والمستمرة مع أعداء الأمة ونهضتها، بصفحاتها السياسية والقتالية والأخرى، التي هي مادة المراجعة والتقييم وصولا للنقد الذاتي.

إن الذين برروا اصطفافهم أو تعاونهم أو تواطؤهم أو سكوتهم على العدوان والاحتلال، مستهدفين أو داعمين إقامة الديمقراطية في العراق المحتل، ومستندين إلى كل الذرائع المرتدة و الساقطة التي اعتمدتها الولايات المتحدة في المواجهة مع البعث وحكمه الوطني في العراق... كل هؤلاء، أنظمة عربية أو أحزاب أو كتاب، كانوا قد تلاقوا مع سعي الولايات المتحدة التاريخي بمساواة الديمقراطية بالتبعية لها، وبمحاكاة الديمقراطية بقبول الاحتلالات لأراض عربية، وبالتماهي مع الديمقراطية من خلال السماح بتدمير منظومة الأمن القومي العربي... منطوق الحكم على هؤلاء من قبل البعث، يصمد للمجادلة والنقاش ويرجح الحكم البعثي عليهم، وما يعيشه العراق وتعيشه الأمة وأمنها القومي ووحداتها الوطنية بعد احتلال العراق لهو دليل على صحة هذا الحكم.

عندما تتمحور عملية النقد من قبل الغير على الحكم الوطني في العراق وعلى البعث بمسألة "الديمقراطية"، وعندما يتمسكون كأنظمة أو أحزاب أو كتاب أو مفكرين "مثلهم مثل السلطة العميلة التي أتى بها الاحتلال" بهذا النقد، فأن المسوغات تسقط من تلقاء ذاتها والمقارنات تنتفي، لانعدام "الديمقراطية" عند المنتقدين أولاً، وخوفهم من الديمقراطية الحقيقية ثانيا، وانعدام المشروع السياسي والاجتماعي والثقافي عندهم ثالثا، وفشل أنظمتهم أو أحزابهم أو أفكارهم من أن تكون تاريخية ورسالية لها موقعها في المواجهة مع الخارج المعادي أو تصديها العملي وتطبيقها الفعلي في مواجهة التحديات الداخلية ثالثاً، وتصنيفها الرجعي وغير الليبرالي والمتجاوز على حقوق وحريات المواطن وانتشار الفساد والمحسوبية في دولها ومؤسساتها بحسب التصنيف الغربي رابعا.

البعث وقيادته ومناضلوه وهم يعيشون الصفحة الأخرى في المنازلة الكبرى (صفحة المقاومة المسلحة) وفقا لمنظور ستراتيجي حي ومتفوق، يتقابل ندا للولايات المتحدة وحلفائها وعملائها على أرض العراق المقاوم، ويدمر مخططات الاحتلال ومشروعاته وينهي عمليته السياسية... وصولا لتحقيق الاستهداف الستراتيجي "بطرد الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحدا ووطنا لكل العراقيين"، مثلما في الوقت نفسه يفشل البعث المقاوم ستراتجية الولايات المتحدة الكونية المؤسسة على تجديد العقيدة الامبريالية وتأكيد وحدانية القوة والقرار السياسي للولايات المتحدة بداء من احتلال العراق. هذا البعث يكتنز من الشجاعة الأدبية والجرأة النضالية والمبادرة الثورية والممارسة السياسية والأحقية الإنسانية والمؤازرة الجماهيرية، ما يؤكد وعيه الفكري وتطبيقه العملي لبرنامج المراجعة والتقييم وصولا للنقد الذاتي.

البعث العربي الاشتراكي عندما يباشر وينجز برنامجا للمراجعة والتقييم والنقد الذاتي، فهو لا يسترضي أحدا، ولا يناور في مرحلة التحدي القتالي، ليقفز فوق متطلباتها التي يعيها ويتعامل معها باقتدار نضالي، وتميز ثوري، وسياق جهادي، وتحالف وطني وقومي وإسلامي مقاوم، يمثل شرعية الشعب العراقي وطموحه التحرري، و تمسكه بوحدة الوطن، وتساوي المواطنين، وملكية الشعب لثرواته، وشرعية ووجوب تحرير ناجز وعودة كاملة لكل ترابه المحتل والمقتطع.

 

وليخسأ الخاسئون

العراق في الرابع عشر من تموز 2007
 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين / 16 / تمــوز / 2007