بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

حديث الصورة
اللعبة إنتهت .. اللعبة للتو بدات

 

 

شبكة المنصور

محمد لافي "الجبريني"

 

 في محاولة لإنتاج صورة تاريخية تاتي تكميلية لصورته على ظهر احد البوارج الامريكية وهو بكامل عتاد "الكاوبوي" المارينز، وينطق جملته الامريكية المبتذلة"game over" في صورة كانت وقتها تصلح كمقدمة لأحد العاب الفيديو، أو لمشهد في احد الافلام الهولويدية على طراز "بلاك هوك داون"، حاول الرئيس الامريكي جورج بوش في زيارته الاخيرة لقاعدته العسكرية في العراق أن يتمم الصورة هذه المرة، وإن كان الجمهور المستهدف فيها غير الجمهور الاول –الشعب الامريكي وقوات الاحتلال- فالجمهور هنا - اضافة الى الشعب الامريكي الناخب تحديدا الجمهوريين، والجيش المنهك في العراق- هم رجال السياسة وما تبقى من أشلاء ادارة الحرب ، لكن هذه المرة ليقول أن اللعبة لم تنتهي وأن المارد الامريكي لم تدمى مقلتيه بعد، وانه لا زال بإستطاعته الوقوف على قدميه، وانه رغم لعنات بابل يحظى بالبركة، وان الرئيس الذي نزل من طائرته الرئاسية في مطار مكشوف، مرتديا بزة مدنية بسيطة تقصد من طرازها التصريح بديهيا أن أهم وأقوى رئيس جمهورية في العالم يدوس أرض أخطر بقعة في العالم بدون ارتداء واقي رصاص، لتأكيد ما جاء على لسانه المخدر من جراء الحرارة، بأن اكثر أقاليم العراق توترا باتت مدجنة، وان ما انطبق على الرمادي لن يكون تطبيقه أصعب في اي مكان آخر حتى لو كانت البصرة التي فر منها البريطانيون تحت ضغط المقاومة.

في الصورة الاولى التي التقطت في الاول من أيار 2003 كانت السعادة أقوى من ان يتم تمثيلها، والغرور الذكوري يشع في وجه الطاووس المتغطرس، على ظهر بارجته، بكامل عتاد الطيار الحربي، يمشي ببطئ سامحا لفخذيه الارتخاء، ويد تقبض بتعب مصطنع على خوذة الطيار، تاركا دناديش الاربطة تفر من بين ساقيه وكأن الرجل انها مهمة في الفراش، وكأن المهمة التي انتهت قد شكلت آخر دفقة من اغتصاب الفارس الامريكي لآخر معاقل التحدي.

تلك الصورة شحنت الملايين من الامريكيين، وتوجت غرور أكثر من سبعين بالمائة من الشعب الذي إقتنع بزعيمه وسار خلفه الى الحرب وصرخة راعي البقر "ياهووو" على أنغام الهافي ميتال تجعجع، ويده المرفوعة للمرة الثالثة تاريخيا بعد ان رفعتها إمبراطورية روما العظمى، ثم استنسختها ألمانيا النازية العظمى، ليرفعها آخر أباطرة الغرب المستعظم.. يد ممدودة الى الامام، تعلن النصر على العدو في عقر داره، المهمة انتهت والرئيس ذاهب بكامل أبهته الذكورية لإكمال مراسم النصر، وقرع الانخاب على جثث مليوني جثة عراقية، قبل أن يهوي الصقر بعد إنقطاع حبل كذبه على صخرة العراق..

 

إن صورة الرئيس المتعب تحاول ان تكذب رغم الصدق الفاضح في كل ثناياها ، الرئيس يعلم أنه صدق كذبته التي أقنعه بها بهلواناته "المسيح المخلص"، وان اللعبة في الحقيقة لم تبدأ بعد...

ينزل من الطائرة منهك الفؤاد، محاولا ان يشتد دون ان يلفت نظره هذه المرة مستشاره البروتوكولي الى ان ظهره منحني أكثر من اللازم كعجوز توشك ان تتعثر بآخر أيامها أمام الحفل.

تفر خطواته على سلم الطائرة كهارب الى الامام يشتهي الموت أو انشقاق الارض، ولسان حاله يقول "دعنا ننتهي من هذا الامر اللعين".

ثلاثون ألف جثة أمريكية ستفتضح عاجلا ام أجلا، والديقراطيون يلوحون بالاوراق، والهاربون من الادارة لن يؤمن جانبهم، والبريطانيون وضعوا القشة قبل الأخيرة على ظهر البعير المنحني، قبل ان تفتضح سكين المقاومة التي يحاول اخفائها تحت هودج النصر المكلل بالعار، هزائمه ودماء جنوده التي اخترع لها دواء يساعدها على التخثر أسرع والكف عن النزيف على الملأ.

استبدال الساعة الرقمية بساعة جلد مدنية لن تسعفه في الوقت اكثر، وتزوير التحية العسكرية على وجهه لإخفاء ملامح الهزيمة في عينيه عن إبتسامات الجنود العجائز البلهاء لن تستمر طويلا أمام سؤال سيردده التاريخ الامريكي طويلا، ماذا فعلت بنا يا بروتس أنت وحفنة من رجالك لأجل حفنة الدولارات تلك؟

القميص الكحلي البارد قصير الاكمام لن يظهر العضلات المفتلولة كما لم يظهر واقي الرصاص، والنجوم الاربعة على قبعات الجنود لن تضيف ولاية جديدة الى امريكا.

أجتماع أركان الحرب في العراق، لن يشبه صلاة نبوخذ نصر في فلسطين، وإعادة العجلة الى سابق عهدها لن يفيد، وإعلان الأمن مستتبا يؤكد بدء أفول مستبد آخر على أرض السواد التي لا يفهمها الا النخيل الشامخ وحبات الرصاص المتخفية وراء الرطب الجني.

جورج بوش الابن.. لقد شخت أسرع مما توعدت يا رجل! فهل جئت تتفقد قبرا في أرض ستلفظك حتما؟!

 

 

شبكة المنصور

الاربعاء / 05 / أيلول / 2007