محسن خليل

شبكة المنصور

 

                                     

 

ضمن سلسلة المؤتمرات التي اوعزت ادارة بوش بعقدها حول العراق  ولحسابها ، جاء انعقاد مؤتمر شرم الشيخ ، اكثرها خيبة وخواء من اية مضامين جادة وجديدة ، وأبعدها عن القدرة والاقتدار في ضبط مسار التطورات في العراق طبقا لما أرادته واشنطن من المؤتمر ...وسيتحول المؤتمر عاجلا  الى عبء اضافي على واشنطن والمالكي وشلة الاحزاب والكتل الحزبية الحاكمة بأسم الاحتلال.

 واذا كان رقم هذا المؤتمر هو السابع عشر في سلسلة المؤتمرات الدولية للمانحين المزعومين أبتداء" من مؤتمر مدريد في اكتوبر 2003 واجتماع ابو ظبي 2006  واجتماع الكويت 2006  ومؤتمر جنيف  ومؤتمر بروكسل وآخرها اجتماع نيويورك في 16\3\2007 ، فان هذا المؤتمرمن جانب آخر يحمل رقما أكبر بكثير من الرقم 17 في سلسلة مؤتمرات عقدت حول العراق ،أبرزها مؤتمرات وزراء خارجية ، ووزراء داخلية دول جوار العراق ، واجتماعات وزراء لجنة المتابعة الخاصة بالعراق ، يتبعها ، أجتماعات الجامعة العربية التي عالجت موضوع العراق بأهتمام ممّيز على مستوى وزراء الخارجية العرب (ثمانية اجتماعات)، وعلى مستوى القمة العربية ( أربع اجتماعات ) بين أيلول /سبتمبر 2003 وآذار /مارس 2007 . يضاف لها أيضا مؤتمرات عقدت برعاية الجامعة العربية لتحقيق المصالحة وهي ثلاثة ، أثنان منها في القاهرة في 2005 و2006 ،وثالث في مكة 2006 .

 ومجموع المؤتمرات حول العراق بانواعها يزيد على أربعين ، بمعدل مؤتمر واحد كل شهر تقريبا خلال سنوات الاحتلال الاربع ..

حصيلة هذه الاجتماعات معروفة للجميع .... وللتذكير بجوانب مرئية منها بأعتبارها تحققت (بفضل) مزاعم عرّابي هذه المؤتمرات والمشاركين فيها ،الذين تجشموا عناء الاجتماعات من (اجل مساعدة الشعب العراقي) ، فأن البيانات الآتية كما تناقلتها وسائل الاعلام عن منظمات دولية وهيئآت امريكية ، تصفع المشاركين في مؤتمر شرم الشيخ بالحقائق المأساوية الاتية :

1   مليون عدد القتلى من العراقيين

4    مليون عدد الجرحى من العراقيين

3     مليون عدد الاطفال اليتامى

0,5  مليون عدد الارامل من النساء العراقيات

4     مليون مهجّر داخل وخارج العراق

100  الف مهجّر شهريا داخل العراق

50    الف مهجّر شهريا الى خارج العراق

270   الف معتقل وأسير

10    الف أمرأة عراقية معتقلة

1     الف سجن منتشرة في كل أنحاء العراق ، بعضها سجون نظامية ، وأخرى تابعة لقوات الاحتلال، وثالثة  تابعة  لجيش وشرطة المالكي ولكل وحدة عسكرية سجنها الخاص ،ورابعة تابعة لميليشيات الاحزاب الحاكمة ، وهي أكثر من 30 ميليشيا منها 26 ميليشيا تابعة لأحزاب كتلة الائتلاف التي يمثلها المالكي .وهذه السجون موجودة في كل مدينة وقرية ، وتوجد داخل بغداد والمدن الكبيرة سجون في كل حي من احيائها ومناطقها الرئيسة ..

13 ألف عدد ضباط الجيش العراقي الوطني الذين أغتالتهم أيران .

624  عدد الضباط الطيارين الذين أغتالتهم ايران

17 الف طبيب هجروا تحت التهديد من مجموع 36 الف طبيب

13 ألف من كوادر حزب البعث العربي الاشتراكي أغتالتهم مخابرات ايران وميليشيات   الاحزاب الحاكمة الموالية لها

قصف عشرات المدن والقرى بالطائرات والدبابات والصواريخ ، وأستخدام أسلحة  محرمة بينها القنابل العنقودية والفوسفور الابيض والنابالم.

66% من تلاميذ المدارس الذين تخلفوا عن الالتحاق بمدارسهم

7% نسبة البطالة

5% من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر

200     عدد الصحفيين الذين قتلوا على أيدي قوات الاحتلال والحكومة والميليشيات بسبب نقلهم بعض فضائع الجرائم المرتكبة

القائمة تطول ، ولكن هذا القدر يكفي ذوي الالباب والضمائر...

تراكمت وقائع هذه المؤشرات منذ اول يوم من ايام الاحتلال ، وتصاعدت مع ازدياد (انجازات) المحتل وعملائه أبتداءً من مجلس الحكم الى حكومة المالكي ..وكانت المؤتمرات العربية والاقليمية والدولية وأجتماعات دول جوار العراق في كل مرة ، تعترف بأنجازات وهمية لحكومات الاحتلال وتشيد بها وتتعهد بتقديم الدعم والمساندة لها في مختلف الميادين . ومع كل مؤتمر وأجتماع تزداد دماء العراقيين تدفقا وبغزارة أكبر ؛كل الاطراف في هذه المؤتمرات قامت بدور شاهد زور لصالح الاحتلال الامريكي والحكومات التي أستحدثها ، وكلها ساهمت في تغطية جرائم الاحتلال البشعة من خلال مشاركتها باتخاذ قرارات كاذبة ومفتعلة ، وسخّرت أعلامها بصورة مضللة ومتواطئة في تحريف الحقائق وتسويق التزوير والتزييف ..وجميعها باركت الاحتلال وحكوماته ، عبر المؤتمرات والتصريحات المنافقة ،وتتحمل امام الله المسؤولية عن كل قطرة دم طاهرة سالت من جسد عراقي بريء، وعن كل دمار اصاب الكيان العراقي  .

امام بشاعة الجرائم وفضاعة المشهد في العراق ، فشلت ماكنة التزوير الاعلامية في طمس الحقائق أواخفائها . وجاء مؤتمر شرم الشيخ يعيد أنتاج وعود وأكاذيب وشهادات زور ظلت رموزه تلوكها في أجتماعاتهم المتواترة منذ اربع سنوات .. بأسم الانتصار للشعب العراقي سكت المؤتمرون على جريمة الاحتلال .. وباسم المصالحة تتستروا على جرائم حكومة الاحتلال والميليشيات القاتلة التابعة لأحزابها الحاكمة .. وبأسم أدماج العراق في محيطه العربي والدولي أستبيحت المواثيق والقوانين الدولية وبيع العراق بالمزاد للشركات الامريكية .. لا احد من المشاركين في شرم الشيخ تحدث عن الاحتلال وما الحقه بالعراق وشعبه من آلآم ومعاناة ،بل أنهم بدل ذلك ،حمّلوا شعب العراق مسؤولية ما جرى ويجري ،حين زعموا أن جرائم القتل سببها الاقتتال الطائفي بين العراقيين انفسهم ،وأن وجود القوات الامريكية حال دون توسعه ، ومن مصلحة العراقيين بقاء هذه القوات في الوقت الحاضر !!!. التصريح اليتيم الذي أطلقه ملك السعودية والذي قال فيه ان العراق يخضع لأحتلال اجنبي غير شرعي ،تلاشت كلماته في الهواء بمجرد خروجه من شفتي الملك .

الخاسر الاكبر في الحشود الاقليمية حول العراق هو الطرف العربي ، لأنه الطرف الوحيد المكبل ، والمهمش ، والذي أعيته الحيلة وأستخفت به امريكا وعاملته معاملة الكومبارس ، بخلاف  معاملتها لأطراف أخرى ، كأيران ، حيث حسبت لمواقفها حساب ، وأشركتها في ادارة أحتلال العراق عبر الاحزاب الحاكمة الموالية لها وميليشياتها التي تتولى أيران تسلبحها وتمويلها وتدريبها .. الطرف العربي في حالة أنعدام الوزن ، وحاله أشبه بحال العراق ،محتل من دون أراقة دماء .. فبعضه وأن كابر تحتله قوات أمريكية وبريطانية ، وبعضه الاخر تحتله سفارات امريكا وبريطانيا ، وبعضه الثالث إرادته محتلة بالفاكس أو برسائل عبر الانترنيت ، والرابع لا حول له ولا قوة يتفادى أستفزاز واشنطن ويتجنب غضبها عليه ..

مالجديد على أرض العراق ، وفي الاوضاع الاقليمية والدولية المحيطة به التي جعلت اطراف مؤتمر شرم الشيخ ، تتبنى وثيقتا المؤتمر( العهد الدولي ) و(البيان الختامي لمؤتمر جوار العراق) بكل التفاؤل الذي صيغت به بنودهما ؟؟

أن بيئة مؤتمر شرم الشيخ بأبعادها المختلفة على المستوى العراقي ؛الامريكي ؛ الاقليمي ؛ العربي ؛ الدولي .. تقدم ادلة وشواهد دامغة على ان هذا المؤتمر  ليس سوى حملة علاقات عامة لحساب ادارة بوش في مواجهة الضغوط الخانقة التي تضيق حول عنقها يوما بعد يوم داخل الادارة نفسها؛وبين صفوف قوات الاحتلال الموجودة في العراق ؛ وداخل مجلسي الكونكرس ؛ وبين أوساط الشعب الامريكي . وهو لن يكون اكثر  من تغطية لهزيمة الاحتلال ،وبيان ختامي لايقدم ولا يؤخر ، وصور تذكارية، وتصريحات متذاكية ،ومؤتمرات صحافية يستعرض أقطابها انجازات مؤتمرهم التاريخي الوهمية، ليظل كل شي ٍ مع أنفضاض المؤتمر على حاله ... أن بيئة مؤتمر شرم الشيخ تقول الاتي :

1-       أنهيار مشروع الاحتلال الامريكي للعراق وموت العملية السياسية التي أريد لها ان تكون واجهة محلية للاحتلال .

2-       فشل خطة امن بغداد وافلاس كل الخطط والتكتيكات التي أستخدمتها ادارة بوش بما في ذلك أستراتيجية النصر التي وئدت قبل ان ترى النور ، وخطة زيادة القوات التي بدأت طاحونة الموت تفتك بعناصرها لحظة وصولها بغداد في شهر نيسان / أبريل 2007 وهي التي وعد قادة بوش بأنها ستقلب موازين القوى ضد المقاومة فأنقلبت الموازين ضدها ..

3-       صهينة السياسة الامريكية في العراق ، باقامة جدار عازل حول الاعظمية ، وجدران أخرى في مناطق الدورة والجامعة والعامرية .. وهذه الجدران بقدر ما رفضها العراقيون ، فأنها محط ادانة واستنكار على صعيد المنطقة والعالم ، واعادت الى الاذهان كانتونات العزل العنصري في دولة جنوب أفريقيا تحت حكم البيض العنصري ،وفي فلسطين المحتلة ،وفي الوقت نفسه عكست حجم ازمة الاحتلال ، والقهر الذي فرضته عليه المقاومة العراقية البطلة ،واحباط خططه العسكرية والامنية ،ووهن قوات حكومة الاحتلال المعوّل عليها أستلام الملف الامني . الجدران العازلة حيلة مفلسة لوقف هجمات المقاومة ، ومحاولة لأضعاف حاضناتها الشعبية ،وهي جزء من المعركة الاستراتيجية حول بغداد العاصمة ، اضافة الى ما تنطوي عليه من (تطهير طائفي ).. ولكن كل هذه الاجراءآت فشلت في توفير النجاح للخطط الامنية ، او الحماية للوزراء والنواب ، لا في المنطقة الخضراء ولا في غيرها ،مما جعلهم يهِِِرّبون عوائلهم خارج العراق ، ويقضون معظم ايامهم في مهمات رسمية مفتعلة خارج البلاد ..  

4-       تدهور خطير في  الحالة المعنوية لقوات الاحتلال ، وتصدع طاقة التحمل لديها ، وثمة تحذيرات أطلقها قادة عسكريون أمريكيون من احتمال أنهيار مفاجيٍ لطاقة التحمل ..فالمواجهة مع المقاومة حوّلت  (25%) من قوات الاحتلال في العراق الى مجانين (مصابين بامراض عقلية)،و(30%) منهم مصابون بامراض نفسية وعصبية ، وآلآف منهم فروا هربا من جحيم المعارك مع المقاومة ، وآلآف آخرين أحجموا عن التطوع في الجيش الامريكي لقناعتهم بأن التطوع مع وجود مقاومة باسلة ، يعني صدور حكم مؤجل بالاعدام بحق من يتطوع .. أعداد القتلى لم يعد بالامكان أخفاؤها لزمن اطول ، ولم يعد أحد يصدق أن معارضة الديمقراطيين والشعب الامريكي للحرب وتضييق الخناق على بوش من كل جانب ، سببها مقتل ثلاثة آلآف وثلاثمئة وثلاثة وستون قتيلا فقط  ..ولا يعقل ان يحجم الشباب الامريكي عن التطوع في جيش بلاده لمجرد مقتل العدد المعلن فقط .. الاعداد الحقيقية تتحدث عن ثلاثون ألف قتيل واكثر من 96 ألف جريح اصابات معظمهم توصف بكونها اعاقة غير قابلة للشفاء ..

5-       رغم مكابرة بوش وبعض قادته العسكريون ، يكاد الخبراء والاستراتيجيون يجمعون على هزيمة امريكا في العراق وأستحالة تحقيق النصر فيه .. 55% من  الرأي العام الامريكي تؤيد الانسحاب من العراق .مجلسي الكونكرس ربطا الموافقة على تمويل القوات بجدولة الانسحاب على أبعد حد بين أكتوبر 2007 ومارس 2008 ..وثمة من يدعو للمباشرة بأتخاذ اجراءآت عزل بوش من منصبه ..  ومعنى كل ذلك أن أستمرار الاحتلال فقد التأييد الشعبي الذي كان يتمتع به في البداية ،وأن ثقة الامريكيين بكسب الحرب تلاشت.

6-       تدني مصداقية الادارة الامريكية داخليا وخارجيا ، بعد ان تجمعت ضد بوش أتهامات بارتكابه جرائم لابد أن يحاسب عليها منها ، الكذب على العالم وعلى شعبه من اجل شن الحرب على العراق ؛تفويض قادته في العراق بتعذيب المعتقلين وقتلهم ؛ادارة معتقلات سرية يسودها التنكيل ؛أستخدام أسلحة محرمة والافراط في أستخدام الاسلحة التقليدية ضد مناطق مأهولة ؛التنصت غير المشروع على الامريكيين ؛ فشل الحملة الدولية على الارهاب ،وما ترتب عليها من تفريخ بؤر جديدة ( للأرهاب ) في المنطقة والعالم .

7-       أرتفاع الكلفة المالية والاقتصادية المباشرة للحرب وتجاوزها مبلغ 350 مليار دولار حتى الان .وبعد أضافة مبلغ (124) مليار  التي طلبها بوش من الكونكرس، ستصل الكلفة الى نصف تريليون ، مرشحة لتزداد بمتوالية هندسية أذا  أستمر الاحتلال ، وتمثل هذه المبالغ ضغوطا شديدة الوطأة على نمو الاقتصاد الامريكي وأزدهاره .

8-       تعاظم شأن المقاومة الوطنية الباسلة ،وتطور قدراتها القتالية والاستخبارية ،وأتساع أمتداداتها الشعبية ،وتفوقها على مختلف تكتيكات العدو وأستراتيجياته المستحدثة ،وأصبحت بفضل الله ،وهمة مجاهديها ودماء شهدائها ،العامل المقرر لكل التطورات داخل العراق ، بعد أن باتت العامل الاول المقرر لسياسات الادارة الامريكية ، والعامل الاول المؤثر في فرص الحزبين الجمهوري والديمقراطي ، للسيطرة على مواقع السلطتين التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة.

في بيئة كهذه،لا يستطيع مؤتمر شرم الشيخ الا أن يكون كغيره من مؤتمرات سبقته ،شاهد زور على ما يجري في العراق لا أكثر، فقد أجتهد عرابو المؤتمر في أقناع أنفسهم والعالم والعراقيين أن المشكلة في العراق سببها مالي ، وأن ( المجتمع الدولي ) مستعد لتقديم الموارد المالية اللازمة لأعادة اعمار العراق وشطب ديونه الخارجية ،مقابل ألتزام حكومة الاحتلال باجراء اصلاحات سياسية واقتصادية وأمنية ،توفر التنمية المستدامة للأقتصاد العراقي وتحقق الازدهار لشعبه . وأنه اذا أوفت حكومة المالكي بالتزاماتها فان كل شي ٍ سيصبح على أفضل حال .. كلام لا يقبله تلاميذ السياسة ولا يقتنع به طفل عراقي .. خاصة وأن العراق حاليا لا يشكو من نقص الموارد المالية ، فلديه صادرات نفطية تبلغ (2,6) مليون برميل يوميا ، بلغت عوائدها المعلنة من قبل الحكومة وصندوق النقد الدولي (145) مليار دولار خلال السنوات ( 2003 – 2006) ، والرقم الحقيقي أكبر من هذا بكثير .وتستحوذ ميليشيات الاحزاب الحاكمة التابعة لكتلتي الائتلاف والقائمة الكردستانية على عوائد نصف مليون برميل يوميا بما يعادل (10800) مليون دولار سنويا من خلال تهريب يتم على مرأى ومسمع من قوات الاحتلال وبموافقتها .. أذن تقديم الموارد لأعادة الاعمار ، مجرد خدعة كاذبة ، ولن يقدم أحد من المشاركين في المؤتمر شيء ملموس ،وقد سبق ان تعهدوا بتقديم مبالغ كبيرة في المؤتمرات السابقة ، لم يستلم منها العراق سوى مبالغ تافهة تحت بند مساعدات انسانية تذهب جميعها فورا الى جيوب المتنفذين من اركان السلطة وهي لا تزيد على بضعة عشرات ملايين الدولارات سنويا ..

أما الذريعة الكاذبة الاخرى التي تبناها المؤتمر ، وروجت لها الحكومة العميلة ، فهي الادعاء بأن المؤتمر سيلغي ديون العراق الخارجية ، مقابل التزامه بوصفة صندوق النقد الدولي والقائمة على تصفية القطاع العام ، ورفع الدعم عن سلع الاستهلاك الشعبي والوقود والبطاقة التموينية ، والسماح للأستثمارات الاجنبية بالعمل في كل حقول الاقتصاد والخدمات في ظل أمتيازات لا يتمتع بها الاستثمار العراقي نفسه ، ومنها السماح للأستثمارات الاجنبية  أستئجار الاراضي لآجال طويلة مدة أربعين سنة ، وهو اسلوب للتحايل على منع الاستثمار في الثروات الطبيعية والنفطية التي تحتكر الدولة العراقية في العهد الوطني قبل الاحتلال ، الاستثمار فيها ..اضافة لذلك فرض (العهد الدولي )على حكومة المالكي، من ضمن التزاماتها ازاء المؤتمر ، اصدار قانون أستثمار النفط والغاز ، والذي يجيز للأقاليم الفدرالية والمحافظات التعاقد مع الشركات الاجنبية على أستثمار النفط والغاز دون تدخل الحكومة الاتحادية ، مع تثبيت قاعدة أستئثار المحافظة او الاقليم الفدرالي بالثروة النفطية والثروات الطبيعية الاخرى الموجودة داخل حدود الاقليم أو المحافظة ، مما يعني الغاء قرار التأميم الوطني الذي حققه الحكم الوطني قبل الاحتلال منذ عام 1972 ،وكذلك الغاء أية امكانية في المستقبل لتحقيق تنمية جدية في العراق ، والاقتصار على بناء اقتصاد أستهلاكي خدمي ، قائم على التقسيم والتفتيت الاقتصادي أنسجاما مع الدستور الذي قسم البلد طائفيا وعرقيا من الناحية السياسية . فأين مصلحة شعب العراق في كل هذا ؟؟ أليس من حق العراقيين أن يطلقوا على مؤتمر شرم الشيخ بأنه مؤتمر شهادة الزور ، على ذبح العراق ، وأستكمال مخطط تفتيته اقتصاديا بعد أن تم تفتيته سياسيا عبر المحاصصة الطائفية والفدرالية والدستور التقسيمي ؟؟؟

أما المبالغة بديون العراق الخارجية ، فهي كذبة أخرى روجها الاحتلال وحكوماته المحلية ،فقد أدعوا بان العراق مدين بمبالغ خيالية جراء سياسة الحروب والمغامرات للنظام الوطني قبل الاحتلال ، واتهموه باهدار ثروات العراق على التسلح والحروب .. اما الحقيقة الدامغة التي لا تستطيع أية جهة مسؤولة أن تنكرها ،فهي ان كل ديون العراق الخارجية تبلغ (42) مليار دولار لا غير .ترتب عليها فوائد بلغت (85) مليار دولار ،ليكون مجموع الديون (127) مليار دولار.وقد تراكمت الفوائد ولم يسدد أصل الدين نظرا لفرض الحصار للفترة (1990 – 2003) ، وهو توقف لم يكن العراق مسؤولا عنه ، وأنما تتحمل مسؤوليته الولايات المتحدة التي فرضت الحصار ومنعت العراق من تصدير نفطه .. واضح أن أجمالي أصل الدين الخارجي الذي أدعى شهود الزور أن النظام الوطني تسبب فيه  واغرق الاقتصاد العراقي  في أعبائه ، يساوي أقل من ثلث عوائد النفط المصدر خلال سنوات الاحتلال والبالغة قيمة المعلن منها كما سبقت الاشارة (145) مليار دولار ، وهي المبالغ التي أستحوذ عليها قادة الاحتلال وبريمر وشلة الاحزاب الحاكمة حليفة المحتل . علما أن عوائد التصدير لم تستخدم في بناء مشروع خدمي أو أقتصادي واحد الى هذه اللحظة .. لماذا لم يتحدث مؤتمر شرم الشيخ عن أموال الشعب العراقي المنهوبة والمسروقة من حكومات علاوي والجعفري والمالكي وقادة قوات الاحتلال وشركاته ؟؟

بعض دول الخليج تزعم ان لديها ديون على العراق مثل الكويت والسعودية  والامارات ، وهذا غير صحيح . فديون هذه الدول كما تتحدث عنها نوعين ،الاول ديون زعمت انها قدمتها للعراق خلال فترة الحرب العراقية الايرانية ، وهذا غير صحيح لأنها قدمت هذه المبالغ كمنح وليس كديون ، والمعروف أن الديون تقدم وفق وثائق تحدد قيمة الدين وشروطه ومدته ،وهذا لم يحصل ولا تملك دول الخليج المعنية وثيقة تثبت هذا الامر . الثاني ، ديون عن تعويضات حرب الكويت ،وهذه ايضا ارقام قابلة للطعن ،لأن فيها مبالغة  في مبالغ التعويضات ،وحددت من طرف واحد ، ولم يكن العراق حاضرا فيها ، ومعظم التعوضات التي دفعت فيها نصب وأحتيال وتواطؤ مع لجنة التعويضات . والعراق المحرر سيعرف كيف يقاضي هؤلاء الذين سرقوا قوت أطفاله وتسببوا في تجويعهم وموت أكثر من مليون ونصف مليون عراقي بسبب الحصار ،لا من اجل (تحرير) الكويت كما قالوا ، ولكن من اجل القضاء على النظام الوطني كما اعترفت أولبرايت وزيرة خارجية امريكا في حينه ..

أمنيا .. طالب المؤتمر الحكومة بان تحارب الارهاب وتحل الميليشيات وتعيد ادماج عناصرها في الجيش والشرطة .. وهنا أيضا شهادة زور اخرى ، فالارهاب الجاري في العراق هو ارهاب تقوم به فرق الموت التابعة لقوات الاحتلال الامريكية وقوات حكومة المالكي وميليشيات احزابها الحاكمة بضمنها ميليشيات الطالباني والبارزاني ،اضافة الى فرق الموت الايرانية والصهيونية ، بهدف تفجير الفتنة الطائفية وتعويم المقاومة وتغيير طبيعة المعركة ، من معركة تحرير ضد قوات الاحتلال الى معركة طائفية .لذلك فأن حديث (البيان الختامي لمؤتمر دول جوار العراق في شرم الشيخ) عن أستئصال الفتنة وحل الميليشيات كلام للأستهلاك ، لا ترغب الحكومة أو قوات الاحتلال في معالجتها معالجة جدية ،ذلك أن الفتنة والميليشيات هي أبرز ادواتهما في خلط الاوراق ، وفي زج قطاعات من العراقيين في اْتون نزاعات طائفية ،وأبعادها عن المقاومة الوطنية ..بمعنى أن الحكومة والاحتلال  يستطيعان قبر الفتنة وحل الميليشيات ، ولكنهما لا ولن يفعلان ،ولأن طبيعة الحكومة والنظام السياسي الذي أقامه المحتل أساسهما طائفي ، فكيف ينتظر من احزاب طائفية وحكومة طائفية ومحتل يغذي الفتنة الطائفية أن يعملوا على أستئصال الفتنة وحل الميليشيات ؟؟لو أنهم جادين في ذلك الادعاء لأقدموا على حل الحكومة والغوا النظام والدستور الطائفي والفدراليات الطائفية ، ليصبح  بالامكان الحديث عن أستئصال الفتنة والميليشيات ..

أما الاصلاح السياسي وتوسيع المشاركة السياسية في الحكم وأزالة الغبن الذي لحق (بالسنة ) ، فهذا لغم آخر لأدامة الفوضى والصراع بين الاحزاب والكتل الحاكمة .

ذلك ان معادلة المحاصصة الطائفية والعرقية القائمة حاليا في حكومة المالكي ، تحقق لكتلتي الائتلاف والكردستانية حصة أكبر من استحقاقهما كما ترى كتلة التوافق ، ولذلك ستتمسك الكتلتان بالمعادلة السياسية القائمة ، في حين ستصر كتلة التوافق الطائفية هي الاخرى، على تغيير المعادلة القائمة لتحسين حصتها النسبية في السلطة .. وفي كلتا الحالتين، اين مصلحة الشعب العراقي في هذا الاصلاح المزعوم حتى أذا أستجابت كتلتي الائتلاف والكردستانية لمطالب الدليمي والهاشمي والعليان ؟؟ أمِن اجل أن يتمتع هؤلاء خدم المحتل بحصة أكبر في السلطة ،تراق دماء العراقيين وتعقد المؤتمرات ؟ أمِن أجل اعادة تقسيم الحصص بين ادوات المحتل يدمر العراق وتستباح حرمة شعبه  ؟؟ واين حكمة العرب وجامعتهم من هكذا أصلاح ؟؟؟كان على عرب الجامعة العربية أن يطالبوا بأقامة نظام وطني يقوم على المواطنة المتساوية ويمنع منعاً باتاً أقامة أحزاب طائفية وعرقية هذا هو الاصلاح الذي يحتاجه شعب العراق ، ولكنه لا يحتاج الى اصلاح لتعديل حصة عدنان الدليمي أو الهاشمي في السلطة .. مثل هذا الاصلاح يكرس التقسيم الطائفي ويخدم الاحتلال وعملاءه !!! أهذا هو العراق الجديد الذي ما انفك يبشر به أمين عام جامعة الدول العربية ؟؟  الاصلاح طبقا لقاعدة المحاصصة انما هو تكريس لحالة التقسيم الطائفي والعرقي وتمهيد لتفكيك العراق وتمرير الفدرالية التقسيمية .

 وما يقال عن تغيير المعادلة السياسية القائمة ، يقال عن الدستور .. فلا شي ٍ جوهري سيتغير فيه ، وستظل المحاصصة  والفدرالية جوهر الدستور، فهذه أرادة أمريكا والكيان الصهيوني .. ثم ما علاقة  وثيقة العهد الدولي بالنص على إلزام حكومة المالكي بأصدار قانون النفط والغاز ؟ ألأن الامريكان يريدون ان يكون القانون المذكور مطيتهم الشكلية في الاستيلاء على ثروة العراق النفطية ..؟؟

كل مفردة وردت في الوثيقتين الصادرتين عن مؤتمر شرم الشيخ ،أنما هي للأستهلاك وليس للتطبيق ؛ للتضليل وليس لتصويب وتسديد الرمية في الاتجاه الصحيح ،بأستثناء الفقرة التي نصت على إلزام الحكومة بأصدار قانون النفط والغاز، فهي الوحيدة التي ستجد طريقها للتنفيذ .

 هذا أذا أتيحت الفرصة للأحتلال الامريكي أن يستقر في العراق ، وهو أفتراض تنفيه قوة المقاومة العراقية البطلة ، وذراعها التي طالت مواقع الاحتلال أينما كان .. ان حالة الانهيار والرعب التي أستشرت داخل قوات الاحتلال وادواتها المحلية بفعل ضربات المقاومة ،حولت خطط بوش وسياساته في العراق والوطن العربي الى مجرد أحلام ،لن يصحو منها الا على كارثة سيكون محظوظ اذا تمكن معها من سحب ما تبقى من جنوده في العراق سالمين الى بلادهم .. وخطأ مؤتمر شرم الشيخ أنه دعا من هب ودب ، ممن لاناقة لهم ولا بعير ، وتجاهل الطرف الاساس الفاعل والمسؤول عن هزيمة مشروع الاحتلال ، والذي أذّل المحتل وحطم عمليته السياسية الا وهو المقاومة .. من صنع ازمة الاحتلال غير المقاومة ؟ من الذي أجبر واشنطن على تسول الدعم من الاطراف المشاركة في المؤتمر ؟؟ لا أحد غير المقاومة . فكيف سينجح المؤتمر والمقاومة  تقاطعه ، ولا تعترف به ولا بما يصدر عنه ولا بمن شارك فيه ؟؟ أن الفيصل في العراق هو المقاومة ،وهي التي ستحيم الوضع في الميدان وليس في مؤتمرات يرعاها المحتل ... أنها الاصل والاساس وما عداها غثاء سيل..

 

                                      شبكة المنصور

                                    06 / 05 / 2007

مؤتمر شرم الشيخ ... شهادة زور وغطاء لهزيمة الاحتلال