بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

مبادرة علاوي و(جاش ستة وستين)

 
شبكة المنصور
محسن خليل
 

في محاولة لأنقاذ ما يمكن انقاذه ، وتفكيك أزمة حكومة الاحتلال الرابعة ومأزق الادارة الامريكية في العراق ، تبنى اياد علاوي رئيس وزراء حكومة الاحتلال الثانية ، مبادرة تأسيس جبهة سياسية او كتلة سياسية تضم أحزابا وكتلا متعددة ومفتوحة لأنضمام من يرغب ، هدفها كما نقل عن علاوي وبيانات صادرة من حزبه ( الوفاق الوطني) ((تصحيح مسار العملية السياسية وتطهيرها من المحاصصة الطائفية وأنجاح خطة فرض القانون)) بعد أن وجد ومعه آخرون ((ان السياسات المزدوجة التي تعتمدها الحكومة مضرة بالعراق ،وتقف في وجه كل مشروع وطني يريد أن ينقذ البلاد من محنتها ))، وادت الى ((تفاقم الازمة السياسية المهيمنة على الحكومة بنهجها الطائفي ونزوعها الى أقصاء الاخرين من المشاركة في العملية السياسية )).

وقد عقد علاوي أجتماعا في عمان بالاردن في (17-19/ 4/2007) لبحث سبل تأسيس الجبهة السياسية المذكورة ، ثم التحرك بناء على ذلك لوضع حلول تساعد على تفكيك الازمة السياسية ومأزق الاحتلال وأعادة بناء العملية السياسية من داخلها عبر آليات الممارسة الديمقراطية والدستور) . وحسب تقدير علاوي والمشاركين معه تسعى الجبهة الى جمع أغلبية برلمانية تمكنها من التأثير في معالجة الازمة السياسية الخانقة ،وتنهي حالة التهميش التي فرضها تحالف كتلتي المالكي - الطالباني على الكتل الاخرى المشاركة في العملية السياسية ..

من الاحزاب التي شاركت في أجتماع عمان ، الحزب الاسلامي ، مؤتمر أهل العراق ، مجلس الحوار ،جبهة الحوار ، الاتحاد الاسلامي الكردستاني ، الجبهة التركمانية ،حزب الفضيلة، حزب الحرية والعدالة الكردستاني العراقي (وهو حزب جديد تشكل قبل أشهر ويرأسه أرشد زيباري ومعه جوهر الهركي) ، تجمع عراقيي الشمال ( وهو تكتل جديد أيضا يضم عدة تجمعات وشخصيات سياسية مقره نينوى ، ومفتوح للعراقيين ،وهدفه الحفاظ على وحدة العراق ومناهضة النزعات الطائفية والعنصرية في شمال العراق )،الحزب الشيوعي العراقي ،وائل عبداللطيف ، عبد مطلك الجبوري ، أضافة الى وعد بمشاركة ممثل عن تيار مقتدى الصدر ، وحاجم الحسني ولكنهما لم يحضرا ..

لم يتخذ المشاركون في الاجتماع ، موقفا ضد الاحتلال او العملية السياسية ، وحصروا هدفهم بأنقاذ هذه الاخيرة التي وصلت الى طريق مسدود ينذر بأوخم النتائج ،ويضعها أمام مفترق طرق فأما أن تنهار وينهار معها مشروع الاحتلال، او أن تتم المسارعة الى أنقاذها من داخلها وهذا ما اخذه علاوي على عاتقة ..

أن تحرك علاوي يتم من داخل العملية السياسية ،ومن منطلق الحرص عليها لا بدوافع العداء لها ، وطبقا لدستور ولائحة برلمان الاحتلال وقواعد اللعبة الديمقراطية التي أعتمدها المحتل وليس أستنادا الى منهج ثوري  . أي أنه لا يهدف كما قال تحالف المالكي - الطالباني ، الاعداد لأنقلاب على حكومة المالكي ،أو التآمر مع مخابرات اجنبية ضدها. ومن البداهة القول ان التصحيح والأنقاذ الذي ينشده علاوي لا يمكن أن يتضمن تخليص العراق من حكم العملاء والاحتلال ،فالمعروف أن علاوي لا يقل ولاءً للمحتل عن تحالف المالكي - الطالباني ،ولا يختلف عنهم الا في كونه أستشعر أكثر منهم مخاطر سياساتهم غير الكفوءة والمشبعة بطائفية كريهة وعنصرية مقيتة مع افراط في جرائم القتل والتهجير، والتي قد تطيح العملية السياسية برمتها والمرتبطين بها عملاء واحتلال ، الامر الذي يتطلب تحركاً سريعاً لأنقاذ الحال قبل فوات الاوان ..

اللافت للنظر، ان مبادرة أياد علاوي وُوجهت بردود فعل عنيفة من أحزاب تحالف المالكي - الطالباني ، التي شنت ضده حملة شرسة وعنيفة ،مليئة بأتهامات من العيار الثقيل .. فقد سارع المكتبان السياسيان لطالباني وبارزاني الى عقد أجتماع مشترك في 4\6 حال أطلاعهما على مشروع أجتماع عمان ، وأعقباه بأجتماع ثان بعد عدة ايام ، وصدر عن الاجتماع الاول بيان أدانا فيه مبادرة علاوي وأتهما مخابرات دول اجنبية بتدبيرها ، وأبديا أسفهما لأذعان علاوي ( لمشيئة مخابرات دول أجنبية ) وأنتقدا تجاهل الاجتماع للقوى (الاساسية للشعب العراقي والقفز عليها والعمل من وراء ظهورها وبالتعاون مع أجهزة مخابرات لا يخفي أحدها الاصرار على غزو العراق ) والمقصود به تركيا .. ووصفا الأجتماع بانه (تكريس لطائفية بغيضة وعنصرية شوفينية عندما يتم تجاهل الاكثرية الشيعية وقوى الشعب الكردي الوطنية ) وانتقدا بشدة تعاون علاوي مع ( ممثلي الجحوش الخونة ، والطورانيين العنصريين، والشوفينيين المشبوهين ) .

واطلقت أحزاب ائتلاف المالكي هي الاخرى حملة مماثلة قائمة على ابتزاز علاوي وتخويفه،وتهديده المبطن تارة والصريح تارة اخرى ،وتأليب ( الشيعة )عليه وتحريضهم ضده،وأخذت شكل مقالات وخطب رجال دين وتصريحات قياديين في الائتلاف . ونشر موقع براثا التابع لجلال الدين الصغير القيادي في المجلس الاعلى تعليقا أوجز موقف الائتلاف من تحرك علاوي ،أذ وصفه ( كمن يغرد خارج السرب) ، وأنه ( جرّ عليه نقمة الشيعة ) .. واتهم التعليق علاوي ( بالسعي لتنفيذ مؤآمرة الدول العربية على حكومة المالكي ) وقال أنه ( يحاول أن يجمع كل ما يمكن من خيوط مبعثرة داخل البرلمان من اجل ان ينجح في وعده لبعض شيوخ الدول الخليجية بأسقاط حكومة المالكي ) .. التعليق مليء بلغة التخوين والتحريض وأستثارة العواطف الدينية والمذهبية ضد أياد علاوي .. فكيف ستكون لغة براثا لو أن علاوي لم يكن شيعيا وليس حليفا للامريكان وشريكا لائتلاف المالكي الطالباني؟انها ديمقراطية الأئتلاف ..!!

المالكي من جانبه ، قام بزيارة سريعة الى أربيل التقى خلالها مع جلال ومسعود وبحث الثلاثة سبل التصدي لمبادرة علاوي واجهاضها ،بتأليب شيعة وأكراد العراق ضده .. وفي كلمته مع قادة الفرق العسكرية(للحرس الوطني) وجه المالكي تهديدا صريحا وتحريضا مباشرا ضد علاوي قائلا ( ان ايام الانقلابات قد ولت ، ولا مجال أبدا للمؤآمرات  .. ) وخاطب الحرس بقوله (أضربوا بيد من حديد كل من يفرش سجادة حمراء أو ينثر الزهور بطريق من يريد التدخل بشؤوننا ،فهؤلاء تجاوزا مرحلة التآمر الى مرحلة الاخلال بالامن والوقوف الى جانب الارهاب ) .. تعكس ردود الفعل هذه حجم الانفعال والقلق والخوف من مبادرة علاوي ، وهي مخاوف لا أساس لها في الواقع ، ولكن جاءت على قياس القول المأثور ( كاد المريب أن يقول خذوني) ،فالجبهة التي يسعى علاوي لأقامتها ، جبهة سياسية مفتوحة لمن يرغب وليست مبنية على تكتل من لون طائفي أو عرقي محدد ، وجرى التشاور والاعداد والتحضير لها في اطار العملية السياسية واللعبة الديمقراطية ،وكل هدفها ان تجمع تكتلا تكون له أغلبية برلمانية ، يعطي للجبهة الجديدة اما فرصة تشكيل حكومة جديدة بدلا من حكومة المالكي ،او يتيح لها دورا اكثر فاعلية لمشاركة أوسع في اتخاذ القرار بدل حالة التهميش التي تعاني منها كل الاحزاب والتكتلات خارح تحالف كتلتي المالكي - الطالباني ، بالتالي لا معنى للحديث عن مؤآمرة انقلابية ، او تدبير تقوده مخابرات دول أجنبية ضد المالكي ،وهم الذين وضعتهم المخابرات الاجنبية في السلطة ،وعلاوي حليفهم وشريكهم في مشروع أحتلال العراق ،ويدرك ان مصيره يقرره المحتل وليس المالكي أو جلال . وحين تقرر واشنطن استبدال المالكي فلن تحتاج لأكثر من أشارة أصبع من سفيرها في المنطقة الخضراء دون حاجة الى انقلابات علاوي ،الذي لا يملك ما ينقلب به على المالكي من جيش وميليشيات ..

وحتى يحرضوا الشارع ضد علاوي ،تفننوا كعادتهم في الافتراء والتلفيق ، في اطلاق شتى الفبركات والسيناريوهات.. من هذه الفبركات حديث نسب ل(عضو في الائتلاف) دون أن يكشف أسمه ادلى به للمرصد العراقي بتاريخ 5\6 جاء فيه :((أن مؤامرة علاوي بدت ملامحها في مؤتمر شرم الشيخ وتبلورت في مؤتمر بالقاهرة بعد أجتماع عمان ،وأن تركيا وخمس دول عربية (مصر والاردن والسعودية والكويت والامارات ) تساهم في مشروع لأسقاط حكومة المالكي والعملية الدستورية وارجاع العراق الى ما قبل عام 2003 ، يعتمد على 1- تاسيس مجلس أنقاذ سياسي . 2- يقوم المجلس السياسي بالتحرك على كيانات في الائتلاف والاتحاد الكردستاني في سبيل تشكيل حكومة أنقاذ جديدة .3- تقوم الدول العربية الستة وتركيا بوضع كافة التسهيلات المادية والسياسية والاعلامية في دعم المجلس السياسي الجديد.4- الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية بالمساهمة في مشروع الإنقاذ السياسي ودعمه عسكريا في سبيل إعادة تنظيم وبناء مؤسسات النظام السابق)) .

فبركة أخرى نشرتها صحيفة المدى في 4\6 التي يملكها فخري كريم المعروف بعلاقاته الاسترزاقية مع السعودية ، وعلى شكل تقرير خاص زعمت المدى أنها تلقته من عمان ومن دون تسمية محرر التقرير، جاء فيه، أن اجتماع عمان (تداول استعداد أحدى الدول الخليجية التي رفدت نظام صدام بالتمويل المفتوح أبان حربه مع أيران لرصد مليارات مضاعفة لتلك التي تقاضاها صدام من اجل خلخلة البنية السياسة العراقية الحالية ) ..

وبصرف النظر عن هذه الفبركات المفضوحة الا ان التعبير الاخير { البنية السياسية الحالية}يشكل في حقيقة الامر جوهر الانفعال والقلق من مبادرة علاوي والحملة العنيفة ضده.فمنذ اواخر حكومة الجعفري حل هذا التعبير محل (المظلومية) الذي أستخدمه أئتلاف المالكي في بداية الاحتلال لشحن عواطف العراقيين الشيعة من اجل تمكين أحزاب المجلس الاعلى والدعوة  من الاستحواذ على أكبر نصيب من كعكة العراق المغدور بتواطئهم مع المحتل . وبعد أن استقرت بيدهم سلطة الاحتلال صاروا يرفضون ان ينازعهم  أقرانهم ، في حصتهم ،ويصرون على التمسك ببقاء (البنية السياسية الحالية )، أوكما يسمونها احيانا (المعادلة السياسية الحالية)وعدم تغييرها، فهي ( أي المعادلة) أطلقت أيديهم في الهيمنة على السلطة وأقصاء الاخرين ونهب المال العام وتمرير فدرالية الجنوب وتكريس انفصال الشمال ،وأستقلاله عمليا عن حكومة المركز في كل شؤونه ، وأحتفاظه من جانب آخر بحصته في أدارة دولة المركز .. كما انها (أي المعادلة القائمة) اطلقت ايديهم لضرب أية قوة منافسة سواء في الجنوب أو في الشمال ، وهو ما عكسته الاشتباكات والاقتتال بين ميلشيات أحزاب أئتلاف المالكي في البصرة ومحافظات الجنوب مع أن كلها تنتمي الى الوسط الشيعي . وكذلك فعلت ميليشيات جلال ومسعود بضرب الاحزاب الكردية التي لديها قدرة تنافسية ضد جلال ومسعود . وقد تلقى الاتحاد الاسلامي الكردستاني ضربات عنيفة وحرقت مقراته في محافظات أربيل ودهوك عشية الانتخابات الاخيرة ..وسحقت في العام الماضي بوحشية أحتجاجات الجماهير الكردية في حلبجة التي خرجت في الذكرى السنوية وكانت ترفض متاجرة جلال ومسعود بقضية حلبجة ،وقتل فيها عدد كبير بينهم عشرات الطلبة على أيدي أجهزة أمن جلال ومسعود.

لقد سمحت كتلتي المالكي الطالباني لنفسها بالتحالف فيما بينها لتكوين أغلبية قائمة على أئتلافات طائفية وعنصرية صريحة ،واعتبروها عملية ديمقراطية جرت تحت قبة البرلمان ،ولكنهم أنكروا على علاوي ان يؤلف تكتلا يجمع كل الطوائف والقوميات واعتبروا محاولته طائفية بغيضة (ضد الشيعة ) وعنصرية شوفينية ( ضد الاكراد) ... ولهذا صَنَّفَ بيان المكتبان السياسيان لجلال ومسعود القوى التي اجتمعت مع علاوي الى ثلاثة اصناف : الاول ( ممثلي الجحوش الخونة ) وقصد بها الاحزاب الكردية ، والثاني ( الطورانيين المتعصبين ) وقصد بها الاحزاب التركمانية ، والثالث ( الشوفينيين المشبوهين ) وقصد بها الاحزاب العراقية .. لقد تعمدت الحملة ضد علاوي أن توجه له تهمة معاداة ( الشيعة ) و(الاكراد) لتأليب العراقيين من هذه الاوساط ضده من جهة ، وللحث على تماسك تحالف المالكي - الطالباني وعدم أنفراطه في وجه تشكيل أغلبية منافسة تنتزع أحتكارهما القرار السياسي من جهة ثانية،كما أن فيها من جهة ثالثة قدرا كبيرا من التضليل والكذب على الشعب العراقي ، بأقناعه أن أئتلاف المالكي يمثل (الشيعة)، وأئتلاف مسعود - جلال يمثل (الاكراد)، وأن كل من ينافس أو يعارض هاتين الكتلتين الحزبيتين أنما يعادي الشيعة والاكراد ،ومن جهة رابعة تدعم هذه اللغة وهذا السلوك خطة المالكي - الطالباني لتقسيم المجتمع العراقي أفقيا الى طوائف وأعراق ، وألغاء هويته العراقية ، وتفتيت ولاءه الوطني وأستبداله بولاءآت طائفية وعنصرية..

الادعى للسخرية أن يغضب تحالف المالكي - الطالباني من تعامل علاوي مع مخابرات دول اجنبية وقصد بها :دولا عربية وتركيا . ولهذه الدول جميعا أياد بيضاء على أحزاب هذا التحالف، بالتمويل والملاذ الامن والدعم السياسي والاعلامي قبل الاحتلال وبعده .ولبعضها مشاركة معروفة بالغزو الامريكي للعراق بصورة مباشرة او غير مباشرة  . أفتكون الاستعانة بهذه  الدول حلال عليهم قبل الاحتلال وبعده ،وحرام على علاوي أذا تعامل معها خارج أطار تحالف كتلتي المالكي الطالباني ؟؟ ..وأذا اصبح التعامل مع دول عربية تهمة فماذا تسمى عمالتهم لأمريكا وأيران و(أسرائيل)  التي غرقت فيها ؟؟؟ ماذا يسمي جلال لقاءه في باريس مع شيمون بيريز سنة 1963 ، وترتيب زيارة وفد من جماعته على رأسهم محمود عثمان الى (أسرائيل) في السنة نفسها ؟؟

احد الدوافع الرئيسية لهجوم جلال ومسعود ضد علاوي هو أشراكه أرشد الزيباري وجوهر الهركي في أجتماع عمان .. والزيباري احد زعماء عشيرة الزيباريين الكردية المعروفة ، وكذلك جوهرالهركي أحد زعماء عشيرة الهركيين ،وقد أسس الاثنان منذ اشهر حزبا اطلقا عليه أسم (الحرية والعدالة الكردستاني العراقي ).والأسمان معروفان للعراقيين بوجه عام وللأكراد بوجه خاص .. الزيباري والهركي ككثيرين غيرهم من أبناء الشعب الكردي ،من الشخصيات التي تعاونت مع الحكومات العراقية من أجل حقن الدماء وايجاد حل سياسي للقضية الكردية في العراق. وشغل الزيباري منصب وزير في أكثر من حكومة . وهو من  الذين رفضوا التعاون والتعامل مع أي دولة اجنبية او أستعمارية ضد العراق .ورفض بشدة التعامل مع أيران الشاه والخميني وخامنئي ومع الامريكان والبريطانيين . وآمن بوحدة العراق وحق الاكراد بالحصول على حقوقهم القومية والسياسية ، ولذلك اعطى لحزبه الكردي صفة العراقي تاكيدا على تمسكه بكرديته العراقية ووحدة وطنه العراق .وقد لقيت البيانات التي صدرت عن حزبه ووزعت في كرستان والعراق صدىً أيجابيا وقبولا ملحوظا من شرائح كردية واسعة  في المحافظات الكردية وفي محافظات أخرى بينها نينوى وديالى ،ورحبت بها أحزاب وكتل سياسية عديدة . لقد شكل دخول أرشد الزيباري وجوهر الهركي في أئتلاف مع أياد علاوي بداية جدية لكتلة كردية لديها قاعدة بين الاكراد وأوساط عراقية غير قليلة ،ومن شأنها ان تنافس جلال ومسعود بعد أن لمست قطاعات واسعة من الشعب الكردي أن الاثنان لا هَمَّ لهم الا المتاجرة بالشعب الكردي وبناء ثرواتهم من السحت الحرام على حساب الشعب الكردي والعراقيين . وللسبب ذاته أرتعب أئتلاف المالكي من امكانية نجاح علاوي في تشكيل أغلبية برلمانية تنهي أحتكار الائتلاف للسلطة ونهب المال العام.

 لقد نُعتَتْ الشخصيات الكردية التي تعاونت مع الحكومات العراقية ب( الجحوش ) في محاولة للأساءة الى مكانتها وسمعتها ، وكان أكثر شيء أستفز جلال ومسعود في مبادرة علاوي، هو مشاركة أرشد الزيباري وجوهر الهركي فيها وحضورهما أجتماع عمان .وقد أشار البيان الصادر عن مكتبيهما السياسيان الى هذه المشاركة بعبارة  (ممثلي الجحوش ) وقصد بها هاتين الشخصيتين.

ان تعاون أرشد الزيباري وغيره من الاكراد العراقيين  مع الحكومات العراقية لا يعيبهم ، ولا يمس كرامتهم أو شرفهم بسوء ،لأنهم تعاونوا مع حكومة بلدهم وليس مع أجنبي . وأياً كانت طبيعة تلك الحكومات فأن دافعهم للتعاون معها كان العمل على حصول شعبهم الكردي في العراق على حقوقه القومية بالاسلوب السلمي وبالتدريج . وبصرف النظر عن المفاضلة بين أي الاساليب هو الافضل السلمي أو العسكري ،يظل تعاون المواطن الكردي مع الحكومات العراقية امرا طبيعيا وشرعيا يبيحه حق المواطنة الذي يتمتع به العراقي مهما كانت قوميته او دينه أو مذهبه ،ويعكس تفضيل التوجه للحكومات العراقية لتلبية حقوق الشعب الكردي بدل البحث عنها عند أيران و(أسرائيل) وأمريكا .وكان لأرشد الزيباري وجوهر الهركي والكثيرين من الوطنيين القومين الاكراد دور مساعد ومشجع للحكومات العراقية للوصول الى تسويات سياسية تُوِّجَتْ بأعتراف الحكومة العراقية بحقوق أكراد العراق السياسية بموجب أتفاقية (11 آذار \ مارس 1970 ).. وكانت تلك الاتفاقية  أنجازا تاريخيا لم يحصل أكراد أيران وتركيا الى اليوم على شذرات مما تضمنته من حقوق .. ولكي يكون الكلام دقيقا من المفيد الاطلاع على ما كتبه عنها مسعود البارزاني في كتابه (البارزاني والحركة التحررية الكردية) الجزء الثالث ص  243 كتب مسعود: {{ لأول مرة في التاريخ الحديث جرى الاعتراف بوثيقة قانونية في دولة ذات سيادة بحقوق الشعب الكردي السياسية لا سبيل الى طمسها ولا حجبها ، وستبقى الى الابد ، لا يمكن الانتقاص من قيمة القرار الذي تتضمنه . كان اتفاق الحادي عشر من آذار للعام 1970 حلا تقدميا عادلا للمشكلة الكردية ونصرا عظيما للشعب العراقي عموما وللشعب الكردي خصوصا ... ولم يكن فيه أي عيب أو قصور الا انه تعثر عند التنفيذ . وعليَّ  الاقرار هنا ان مسؤولية تعثره تقع على الطرفين ؛علينا وعلى الجهة الحكومية . }} .. ألا يبرر هذا الانجاز العظيم للأكراد التعاون مع حكوماتهم الوطنية بدل الارتماء بأحضان الاجنبي والمستعمر..؟؟

أذا كان نعت (الجحوش) قد اطلق على  الكردي الذي تعاون مع حكومته ومؤسسات بلده، فماذا يجب أن يطلق على الكردي الذي تعاون مع أيران ومع امريكا ومع ( أسرائيل) وخان بلده ؟؟ وماذا يطلق على الكردي الذي قاتل مع جيش أيران خلال الحرب ضد جيش بلده ؟؟ وبماذا يفسر أشتراك الجيش الايراني بالقتال مع مصطفى البارزاني ومسعود بمدفعية ثقيلة وجنود يرتدون ملابس كردية ضد جيش وأمن العراق، مع ان العراق حينها كان قد اعترف بالحقوق السياسية للأكراد ووضعها موضع التطبيق كما ورد وصف مسعود لها ،بينما أنكر الشاه وخميني وخامنئي هذه الحقوق على أكراد أيران ؟؟ اليست هذه ،جريمة  خيانة عظمى يحاكم عليها مرتكبها ؟؟ وأي نعت يمكن ان يغطي العمالة للأجنبي ،..

ثم من هو (الجاش)(الجحوش) في هذه الحالة؟؟ .. أهو الذي تعاون مع حكومة بلده التي أعترفت بحقوق شعبه الكردي أم الذي رهن نفسه لمخابرات أيران وأمريكا و(أسرائيل) كما فعل جلال ومسعود ؟؟ من هو الوطني والشريف : أهو الذي نفذ محاولة أنقلابية أعدتها المخابرات الايرانية وبأشراف رئيس وزراء أيران شخصيا ، كما فعل مهدي الحكيم شقيق عبدالعزيز الحكيم عام 1970 ،أم الذي دافع ببطولة ضد عدوان أيران وتدخلها في شؤون العراق الداخلية ؟؟؟

وأذا كان تعاون ارشد الزيباري مع الحكومات العراقية ، جعل عملاء أيران وأمريكا وأسرائيل من الاكراد يصفوه (بالجحوش) ،ألا يترتب على ذلك ان يكون جلال أول الجحوش .. ذلك انه أمضى سنوات طويلة تعاون فيها مع الحكومات العراقية ضد البارزاني، وقاد بنفسه أحدى تشكيلات الفرسان الاكراد التي شكلتها الحكومة للقتال الى جانب الجيش العراقي طيلة الفترة 1966 – 1970 ، وكان من المعارضين لحل تشكيلات الفرسان بعد التوصل الى اتفاقية 11 آذار \ مارس 1970 . ثم عاد وانخرط في القتال الى جانب قوات الحكومة في مطلع الثمانينات ضد مسعود الذي تجحفل مع الجيش الايراني خلال حرب أيران على العراق ،وأستمر في علاقته مع الحكومة الى ان بدل ولاءه نحو أيران وأتفق مع الباسدران عام 1986 .. قاتل جلال مع وحدات الجيش العراقي  في مناطق (برزان وبلك وبشدر وقرداغ )،وكان مقر الوحدات التي قادها من الفرسان في (بكره جو) و(كََلار). وأشاد بدوره في تلك المعارك كبار ضباط الجيش العراقي ومنهم الفريق الركن اسماعيل تايه النعيمي قائد الفرقة الثانية في كتابه (تجربتي في القيادة)الصادر عام 1985 .

لقد أطلق البارزانيون على جلال وجماعته لقب(جاش ستة وستين ) أي جحوش سنة 1966 ،وهي السنة التي بدأؤا فيها التعاون مع حكومة عبدالرحمن عارف ضد البارزاني .فهل يستطيع جلال أن يشطب هذه الحقبة من تاريخه الاسود المليء بالغدر والعمالة؟؟ تاريخ أدمن فيه هو وجماعته الخيانة التي غدت جزءاً من طبيعته كما قال  مسعود عنه وعن جماعته في كتابه المشار اليه أنفا .. لقد ظل جلال يحاول أن يوهم ويتوهم أن الكرد هم الحفنة التي يقودها ، ويتجاهل ان الشعب الكردي شعب عريق أصيل ، وان هناك تيار واسع وعريض من مختلف شرائح المجتمع الكردي يرفض زمرة جلال ومسعود ، ويعتز بعراقيته ويتمسك بوحدة وطنه وملاذه الآمن العراق .. 

 
 
 
شبكة المنصور
الثلاثاء / الثاني عشر / حزيران / 2007