بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

بعض ما يجب تأكيده

 وقفة مستفيضة مع بيان "التجمُّع العراقي للتحرير والبناء"

( القسم الثاني )

 

 

شبكة المنصور

سعد داود قرياقوس

 

تطرقنا في القسم الاول من هذه المساهمة الى بعض من ما ورد في بيان المكتب الاعلامي للتجمع العراقي للتحريروالبناء الصادر في 11 اب 2007، وفندنا ما يستحق تفنيده من مغالطات  مقصودة .

نبدء هذا القسم من حيث انتهينا في القسم الاول، فنعيد تأكيد حقيقة ان من يحرص على حقوق شعب العراق ومقاومته الوطنية لا يمكن أن يحرص على سمعة باعة الوطن وخونته، ولايمكن ان ترتبط بهم باي نوع من العلاقة تحت اي مبرر او مسوغ ! ونعيد تأكيد ان الفرز بين المشروع السياسي وهوية اصحابه ونواياهم  تصرف احمق وساذج .

من المفيد ان نشير الى ثقتنا في وجود من شارك في هذا المشروع عن رغبة صادقة في العطاء ، او لجهل في اهدافه الحقيقية ، اولعدم اطلاعهم  على ما يجري في الغرف المظلمة، وما رتب في بيروت من لقاءات بين ممثلين عن الادارة الامريكية، والحكومة البريطانية من جهة ، وعناصرعراقية  قدمت زيفا على كونها ممثلة لحزب وطني مقاوم تارة، وذات صلات في فصائل مقاومة تارة اخرى .

سنتاول في هذا القسم جملة من المحاور التي تنصب على ما تضمنه "البيان"،  اهمها :

1. تفنيد الاتهام الموجه لكاتب هذه المساهمة، في كون موقفه من التجمع العراقي للتحريروالبناء وبرنامجه، خاطىء وناجم عن عدم اطلاعه على "حيثيات تأسيس التجمع وطبيعة عناصره".

2. تاكيد ما سبق وان طرحناه منذ الاعلان عن تجمع بيروت 2005 ، من ان طرح فكرة المقاومتين، مقاومة مسلحة ومقاومية سياسية، نهج منحرف وخطر، وان التجمع العراقي باعتباره احد افرازات تجمع بيروت يتبنى هذه الفكرة المنحرفة ويسعى لتسويقها. ونقدم وثيقة جديدة تؤكد كون السيد خير الدين حسيب هو المؤسس الحقيقي للتجمع العراقي للتحرير، والمسوق الاساس  لهذه الفكرة المنحرفة، وبشكل يفند تنصل التجمع من هذه الحقائق الدامغة .  

3. البرهنة على عدم التزام التجمع العراقي في اهم الثوابت الوطنية ،وتحديدا عدم اعترافهم بالمقاومة الوطنية العراقية ممثلا شرعيا وحيدا لشعب العراق. وان عبارة التحرير الواردة في عنوان التجمع وبرنامجه لا تعني تحرير العراق عبر خيار المقاومة، بل عبرخيار التفاوض مع المحتلين وإعطائهم الفرصة "لحفظ ماء الوجه "، بعد ان هشموا وجوه ابناء شعبنا بكل ما تيسر لهم من اسلحة فتاكة ، واهانوها بكل الوسائل اللا اخلاقية .

4. واخيرا، عرض موقف ادارة التجمع العراقي الخاطىء من موضوع المرجعية الوطنية، وتحديدمن من يملك مقوماتها، وطرحهم التجمع وحلفاءه كشريك ان لم نقل منافس لفصائل المقاومة الوطنية العراقية في خاصية المرجعية الوطنية دون اسس قانونية او وطنية. 

(1)

 يعزي "البيان" موقفنا من التجمع العراقي للتحريروالبناء الى عدم اطلاعنا على "حيثيات تأسيس هذا التجمع وطبيعة عناصره"، والى قرائتنا وثائق التجمع بطريقة  مجتزئة ". من الواضح ان كاتب "البيان" قد "تغافل"  عن قراءة عرضنا لمراحل تأسيس التجمع واهدافه في مساهمتنا حول الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية، ومع ذلك فاننا نقدم ادناه عرضا مفصلا وموثقا لمراحل نشاة التجمع، لا من اجل البرهنة على اطلاعنا على مراحل تشكيل التجمع فحسب ، بل لتاكيد ارتباطته بتجمع بيروت وعرابه ايضا . 

في مضمون الفقرات المقدمة ادناه ما يبرهن على اطلاعنا على مراحل تأسيس التجمع العراقي بتفاصيلها، والحقيقة اننا كنا نتوقع تأسيس هكذا تجمع اثر الاجتماعات التي شهدتها العاصمة الجزائرية على هامش المؤتمر القومي العربي المنعقد خلال الفترة ما بين 6-9 نيسان ،وما اعقبها من لقاءات علنية وسرية في كل من تونس والقاهرة وعمان والمنامة ، والتي قادت الى تجمع بيروت في تموز 2005 ، والمبادرة  التي اطلقها السيد خير الدين حسيب لاحقا.

قد يتسائل البعض عن سلامة الربط بين سلسلة الاجتماعات المذكورة ،وتجمع بيروت2005  ومبادرة حسيب بالتجمع العراقي، وهي تساؤلات مشروعة وتشكل محورا مهما من محاور هذه المساهمة.

وبالرغم من تطرقنا الى طبيعة الى العلاقة بين السيد حسيب ومبادرته والتجمع العراقي للتحرير والبناء في القسم الاول من هذه المساهمة ، الا اننا نعيد تأكيد ما ذهبنا اليه مع اضافة نقاط مع تقديم دليلا جديدا . من المسلم به ان ثمة مقومات لابد من توفرها في اي تجمع اجتماعي حتى يصنف كحركة سياسية ومنها :المنطلقات النظرية،الاطار التنظيمي، وبرنامج العمل السياسي. من المؤكد ان الملفات التي قدمتها ندوة بيروت البحثية ،ونصوص مبادرة السيد حسيب تبقى مجرد ملفات وافكار لا يمكن وضعها قيد التنفيذ ان لم تؤطر في بنية سياسية ،ومن هنا انطلقت ضرورة تأسيس التجمع العراقي للتحرير والبناء ليقدم الكادر البشري المطلوب لتنفيذ "المبادرة"، ولاحقا تطبيق  ما جاء في مضمون ملفات ندوة بيروت. بالاضافة الى ذلك فان مبادرة خيرالدين حسيب تتضمن اقتراحا صريحا  لتسليم قيادة العراق بعد تأمين ألانسحاب ألامريكي الى حكومة

" تكنوقراط "، والمقصود بـ  "التكنوقراط" هي العناصر المستقلة وغير المرتبطة حزبيا ، وتحديدا الفريق المساهم في نشاط ندوة بيروت ومقدمي ملفاته بالاضافة  " القفازات اللندنية"ورفاقهم المستقلين؟!.   

تشكيل التجمع اذن يقدم آلية لتنفيذ مشروع حسيب السياسي وانجاحه، فنصوص المبادرة توفر اطارا تفاوضيا مع الادارة الامريكية لحل الازمة بما فيها تحديد التعويضات الامريكية والبريطانية لشعب العراق، وملفات ندوة بيروت البحثية تقدم في مجموعها مشروعا لادارة الدولة العراقية بعد انسحاب المحتلين. والتجمع العراقي للتحرير والبناءوحلفاءه  يوفرون الكادرالبشري المطلوب للتفاوض مع المحتلين ولادارة الدولة العراقية بعد الانسحاب . هذا الربط لا يشكل " حبكة تآمرية " بل حقيقة يدركها تماما السيد خير الدين حسيب ،ويعرف حقيقتها الاستاذ باقر ابراهيم  الموسوي كاتب المسودة الاول لبيان تجمع بيروت ،ومسودة الافكارالاساسية لمشروع تأسيس التجمع العراقي للتحرير والبناء .

كما ان السيد حسيب ليس مجرد شخصية وطنية قدم عبر المركز الذي يديره تسهيلات لعقد المؤتمر التاسيسي للتجمع، بل انه المخطط الاساس للفكرة، والمحرك والموجه لكل الخطوات التنفيذية ،والمحدد للتوجهاته السياسية للتجمع. ادناه فقرات مختارة من مذكرة كتبها السيد حسيب ووزعها على العناصر الاساسية المنفذه لمشروعه السياسي تبرهن بشكل قاطع العلاقة "الباتريركية" بين الحسيب والتجمع ،وتؤكد بان التجمع  ليس سوى اداة لتنفيذ مبادرته الالتفافية ،وتفند انكار"البيان " للعلاقة بين التجمع وبين ندوة بيروت 2005  ومبادرة حسيب . وباستطاعة القارئ الكريم مراجعة نصها الكامل في الملحق المرفق في نهاية هذه المساهمة. 

 

(حول الحاجة إلى "كتلة تاريخية" تجمع التيارات الرئيسية للأمة مع إشارة خاصة إلى حالة العراق

(التحالف الوطني العراقي)

(ورقة عمل للمناقشة)

خير الدين حسيب 

 

ثالثاً: حالة العراق

1- الحاجة إلى قيام "التحالف الوطني العراقي" 

          تعتبر حالة العراق أكثر وضوحاً للحاجة الملحة إلى قيام تحالف بين هذه التيارات الوطنية الأربعة، قد يأخذ شكلاً أكثر تطوراً من حالة أقطار عربية أخرى للأسباب التالية: 

          أ- لم تتح الفرصة لهذه التيارات الوطنية الأربعة للعمل داخل العراق بشكل علني خلال مرحلة النظام السابق، 1968 - 2003، حيث لم يكن النظام يسمح بقيام حياة حزبية تعددية، إلا في حالات استثنائية تكون تلك الأحزاب صورية وملتحقة بالنظام، كما تمت تصفية، في مراحل مختلفة من النظام السابق، ما كان لبعض هذه التيارات من تنظيمات قبل وصوله إلى السلطة.         

ب- وخلال تلك الفترة نشأت أجيال جديدة من العراقيين، لم تتح لها فرصة العمل العام والتنظيم السياسي، ولذلك فعندما حصل الاحتلال، وإذا افترضنا أن الوعي السياسي يبدأ في سن الخامسة عشر عاماً، فإن الذين أعمارهم خمسون سنة فأقل عند الاحتلال، وهم أكثرية الشعب العراقي، لم يكن لهم سابق خبرة سياسية أو تنظيمية.

          ج- ونتيجة لما سبق، فلم تتح الفرصة للقوى الوطنية داخل العراق، خارج النظام الحاكم، لتنظيم أنفسها، وحتى التواصل مع أتباعها ناهيك عن التعاون فيما بينها. وهكذا عندما تم احتلال العراق في نيسان 2003، لم تكن داخل العراق قوى سياسية منظمة أو ذات خبرة تنظيمية وسياسية فيما عدا حزب البعث الذي كان حاكماً للعراق قبل الاحتلال. 

          د- أما القوى السياسية العراقية التي كانت تعمل من خارج العراق، وفيما عدا استثناءات قليلة وصغيرة ومحدودة التأثير، فإن تلك القوى السياسية تعاونت بأشكال ودرجات مختلفة مع الولايات المتحدة في تمكينها من احتلال العراق، ثم المشاركة في الصيغ المختلفة التي مارسها الاحتلال في العراق. وبغض النظر عن مدى شعبية القوى التي تحالفت مع الاحتلال أو التحقت به وحجم قواعدها وتأثيراتها الداخلية بعيداً عن الاحتلال، فإنها قد أصبحت جميعاً بتعاونها مع الاحتلال خارج الصف الوطني ومسؤولة بدرجات مختلفة عن الاحتلال واستمراره حتى الوقت الحاضر. 

          هـ- وقد بدأت بعد الاحتلال بعض القوى الوطنية العراقية من التيارات الأربعة التي لم تتعاون مع الاحتلال بمحاولة تنظيم نفسها، ولكنها عانت ولا تزال تعاني، وبدرجات مختلفة، من طابعها النخبوي ومن محدودية حجمها وثقلها السياسي ومن نقص الخبرة السياسية والتنظيمية لديها أو من طابعها الطائفي والمذهبي. ونتيجة لذلك فقد كان تأثيرها محدوداً على مجرى الأحداث، ولم تستطع حتى الآن من تغيير مجرى الأحداث السياسية في العراق أو لإنهاء احتلال العراق. 

          و- وبالنسبة للمقاومة الوطنية العراقية المسلحة وفصائلها الرئيسية، والتي قامت بعد الاحتلال مباشرة، ورغم دورها الوطني وتأثيرها المتزايد على الاحتلال، فإنها وباستثناء تلك التابعة لحزب البعث، فليس لديها امتدادات سياسية منظمة وفاعلة على الساحة العراقية. 

          ز- ونتيجة لكل ذلك فإن هناك فراغ سياسي وطني لقوى وطنية سياسية منظمة وفاعلة ضد الاحتلال، تعمل بموازاة وتدعم المقاومة الوطنية المسلحة، وهو فراغ لا يزال كبيراً، رغم محاولة بعض القوى السياسية والدينية والوطنية ملئ بعض هذا الفراغ، ولكنها لم تنجح حتى الآن في أن يكون لها تأثير في مجرى الأحداث المتدهورة في العراق تحت الاحتلال. 

          ح- وقد عجزت التيارات الوطنية العراقية الأربعة: التيار القومي العربي، والتيار الإسلامي العروبي، والتيار اليساري العروبي، والتيار الليبرالي الوطني العروبي، عن تنظيم نفسها في تنظيم كل منها في إطار يوحد تلك المكونات على مستوى العراق كله، وليس في إطار نخبوي، أو طائفي، أو مذهبي، وبدرجات مختلفة من محدودية الانتشار والتأثير، ولذلك تبرز الحاجة إلى "كتلة تاريخية" تجمع هذه التيارات السياسية الأربعة الرافضة للاحتلال وللتعاون معه، وأن تساهم جنباً إلى جنب مع المقاومة الوطنية المسلحة، في تحرير العراق وإقامة نظام ديمقراطي تعددي. 

          ط- إن هذه الحاجة لتنظيم وتعاون هذه التيارات الأربعة لا تفرضها فقط حالة الاحتلال وضرورة التعاون في تحرير العراق فقط، وإنما تبرز هذه الحاجة بعد التحرير أيضاً وضرورة الانتقال إلى وضع ديمقراطي تعددي حقيقي.

           ي- إن التعاون بين هذه التيارات الأربعة الرافضة للاحتلال والتي تهدف إلى تحرير العراق، يمكن أن يأخذ إحدى صيغتين:

           الصيغة الأولى، أن يقوم كل تيار بتنظيم نفسه سياسياً بصورة مستقلة وأن تتعاون مع بعضها في صيغة جبهوية أو غيرها لتحقيق أهدافها المشتركة.

          والصيغة الثانية، هي أن تبدأ عملها وتعاونها من خلال صيغة تجمع بينها ابتداء في تنظيم سياسي واحد، يتبنى برنامجاً مشتركاً محدد الأهداف والوسائل.

 

          ونظراً للظروف الراهنة في العراق، والحاجة إلى قيام تنظيم سياسي موحد يسد الفارغ السياسي الحالي في العراق، ويساهم في عملية التحرير وبناء عراق ما بعد التحرير، ولأن الصيغة الأولى قد تأخذ وقتاً طويلاً، ولأن هذه التيارات غير منظمة في كل منها حالياً في أطر حقيقية تشمل كل تيار، لذلك فإن الاختيار الأفضل في ظروف العراق الحالية هو الصيغة الثانية لاعتبارات عملية، وعلى أساس صيغة اتحادية تجمع بينها وفق برنامج واضح المعالم لمرحلتي ما قبل التحرير وما بعده.

 

          ك- وتهدف هذه الصيغة المقترحة إلى قيام "تحالف وطني عراقي" يجمع في تنظيم واحد هذه التيارات الأربعة في كتلة تاريخية تتبنى برنامج عمل سياسي وفكري موحد، ويضم القوى الوطنية المناهضة للاحتلال في داخل العراق وخارجه، حيث تتواجد عناصر وطنية عراقية كثيرة، على أن يكون التأكيد على الداخل في العراق إضافة إلى الاستعانة بالخارج كعامل مساعد.

 

          ل- وواضح أن هذه الصيغة تستبعد من عضويتها أية مجموعات سياسية منظمة، إلا إذا دخلت في التنظيم المقترح على أساس فردي وتخلت عن عضويتها في التنظيمات القائمة المنتمية إليها. ولكن ذلك لا يمنع "التحالف الوطني العراقي" من التعاون، بعد قيامه، مع قوى سياسية وطنية عراقية أخرى منظمة في إطار جهة أو أية صيغة وطنية مناسبة أخرى.

 

          م- أن يتم الاتصال بين هذه العناصر والقوى من التيارات الأربعة للاتفاق المبدئي على ذلك، ولمناقشة مسودة البرنامج المقترح، تمهيداً لعقد مؤتمر تأسيسي لها، يناقش ويصادق على البرنامج النهائي لها، وعلى نظام داخلي لهذا التحالف يحدد أطر عمله، وخطة عمل مرحلية لما قبل التحرير وبعده.

 

          ن- أما اختيار تعبير "الوطني" ضمن اسم هذا التحالف، فحتى يكون مفتوحاً أمام كل العناصر الوطنية المناهضة للاحتلال والتي تتبنى العناصر الستة للمشروع الحضاري النهضوي، والتي تنتمي إلى جميع مكونات الشعب العراقي من عرب وأكراد وتركمان وجماعات إثنية أخرى.

 

2- البرنامج المقترح

 

          يعتبر البرنامج الذي أُعد لمستقبل العراق بعد إنهاء الاحتلال، والذي تمت مناقشته من قبل ندوة ساهم فيها عدد كبير من العراقيين من داخل العراق وخارجه، وتم إعداده بشكله النهائي على ضوء تلك المناقشات، وتم نشره في كتاب مستقل(4)، وتضمن ما هو مقترح للعراق بعد إنهاء الاحتلال وتحريره من: دستور – قانون للانتخاب – قانون للأحزاب – برنامج لإعادة البناء – وللسياسة النفطية – وللإعلام – وللجيش – وللقضية الكردية – وللتعويضات. ويجري حالياً استكماله خلال الأسابيع القليلة القادمة بإضافة مشروع قانون لمكافحة وتحريم الطائفية والعنصرية، وبرنامج للتربية والتعليم في العراق.

 

          وانطلاقاً من هذا البرنامج المشار إليه والتوجهات العامة فيه، وأخذاً بنظر الاعتبار الاستفادة من البرامج المختلفة التي أطلقتها المقاومة الوطنية العراقية والهيئات العراقية المناهضة للاحتلال، دون التقيد بكل ما ورد فيها، يمكن تلخيص الأهداف العامة للبرنامج المقترح للتحالف الوطني العراقي، كما يلي:

 

أ- الاحتلال الأجنبي وإفرازاته

 

          (1) رفض الاحتلال الأجنبي للعراق رفضاً باتاً وكل ما ترتب ويترتب عليه من نتائج، والعمل بكل السبل والوسائل المتاحة والمشروعة لمقاومة هذا الاحتلال وخروجه كاملاً من العراق، وبأسرع ما يمكن، ورفض أية اتفاقات عسكرية وتواجد أية قواعد عسكرية له في العراق بعد خروجه.

 

          (2) الرفض الكامل للعملية السياسية الجارية في العراق، والتي أفرزها ورعاها الاحتلال، ورفض كل ما ترتب عليها من دستور وقوانين وانتخابات ومجلس للنواب.

 

          (3) دعوة بعض القوى الوطنية المناهضة مبدئياً للاحتلال والتي لم تساهم في مجيئه، والتي التحقت بالعملية السياسية بعد الاحتلال، إلى الخروج من العملية السياسية والالتحاق بالقوى الوطنية الرافضة للاحتلال وللعملية السياسية، وإلا فإنها ستتحمل ما يترتب على استمرار مشاركتها في العملية السياسية من إطالة أمد الاحتلال والأضرار التي قد تلحق بالعراق نتيجة لاستمرار تلك المشاركة.

 

ب- المقاومة العراقية

 

          (1) تأييد ودعم المقاومة الوطنية بكل أشكالها المسلحة والسلمية، الموجهة ضدّ الاحتلال والمتعاونين المباشرين معه، واعتبارها حقّ مشروع وأنها الوسيلة الرئيسية لإخراج الاحتلال وتحرير العراق.

 

          (2) الرفض الكامل والإدانة للأعمال التي تستهدف المدنيين الأبرياء، ولأعمال الخطف والتعذيب والانتقام والاغتيالات الطائفية والمذهبية والعنصرية واعتبارها خارج المقاومة الوطنية ومسيئة ومضرة بها.

 

          (3) الشعب العراقي هو الممثل الشرعي للعراق، والمقاومة الوطنية بأشكالها المختلفة هي جزء من هذا الشعب. ولا يجوز لأية قوى وطنية مقاومة الإنفراد في تقرير مستقبل العراق بعد تحريره.

 

          (4) دعوة المقاومة الوطنية المسلحة، باستثناء القوى المشار إليها في الفقرة (2) أعلاه، إلى التعاون والتنسيق والتخطيط فيما بينها والتركيز على مقاومة الاحتلال وإخراجه من العراق، وأن لا تنشغل الآن بمرحلة ما بعد التحرير وأن تستشار ويكون لها رأيها في مرحلة ما بعد التحرير، وأن يترك للشعب العراقي في انتخابات حرة تجري بعد التحرير لاختيار ممثليه على ضوء ما تطرحه القوى الوطنية المختلفة من أهداف ووسائل.

 

          (5) الانتباه والحذر من محاولات الاحتلال لإقامة اتصالات مع بعضها بهدف إثارة الخلافات فيما بينها وإشغالها عن الهدف الرئيسي العاجل وهو مقاومة الاحتلال وإخراجه من العراق.

 

ج- أهداف عامة

 

          (1) العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، والتأكيد على هويته العربية والإسلامية، وهو جمهورية ديمقراطية ذات سيادة لا تتجزأ، وعضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية، يلتزم ميثاقها واتفاقاتها، وعضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها.

 

          (2) الشعب العراقي يتألف من قوميتين عربية وكردية وأقوام أخرى متآلفة في إطار حقوق الإنسان والحريات العامة والمساواة في الحقوق والواجبات.

 

          (3) الالتزام المطلق بوحدة العراق أرضاً وشعباً وسيادة، ورفض أية محاولات لتقسيمه على أساس عرقي أو مذهبي.

 

          (4) العمل على التداول السلمي للسلطة وإعادتها إلى صاحبها الشرعي والوحيد شعب العراق، ورفض الدكتاتورية.

 

          (5) تأكيد وتكريس روح الولاء للوطن العراق وتحريم الولاء لغيره.

 

          (6) أن تكفل لجميع المواطنين حرية الفكر والتعبير والعقيدة والعبادة، وعدالة سياسية واقتصادية واجتماعية، وتكافؤاً في الفرص، ومساواةً أمام القانون.

 

          (7) اعتبار كل دعوى أو تصرف أو سلوك من شأنه زرع الفرقة وبثّ الفتنة في صفوف الشعب على أسس عرقية أو مذهبية أو دينية جريمة ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى للعراق، وتشريع قانون يحرّم الطائفية ويحدد كيفية محاربتها والقضاء عليها سياسياً وتربوياً وثقافياً.

 

          (8) تطوير قانون الحكم الذاتي لكردستان العراق بما يضمن الحقوق القومية والثقافية لإقليم كردستان ضمن إطار وحدة العراق وسيادته، ومناقشة هذه الأمور بروح الحوار والتفاعل مع القوى الكردية ضمن ثوابت الحرص على العلم والسيادة والثروة الوطنية والسياسة الخارجية والأمن القومي للعراق، والذي يوضحه ما هو مقترح في مشروع "الدستور" في البرنامج لمستقبل العراق بعد إنهاء الاحتلال.

 

          (9) العربية هي اللغة الرسمية، وإلى جانبها اللغة الكردية في إقليم كردستان وللأقوام الأخرى استخدام لغاتها في ثقافتها ومعارفها. ويكون تعليم اللغة العربية إلزامياً في إقليم كردستان، ويكون تعليم اللغة الكردية اختيارياً في المدارس الرسمية العراقية خارج إقليم كردستان.

 

          (10) العراقيون متساوون في شغل الوظائف العامة في الدولة، ويشترط في من يعمل في الوظائف العامة للدولة في إقليم كردستان أن يجيد اللغة الكردية قراءة وكتابة إضافة إلى اللغة العربية.

 

          (11) يحق للعراقيين، بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، التملك والسكن في أي أرض أو جزء من العراق، وفي حدود القانون الخاص بحقوق التملك.

 

          (12) التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين المركزية الأولى، وأن من واجب ومسؤولية العراق، ثنائياً وكذلك بالتعاون مع الدول العربية الأخرى بتقديم كل ما يستطيع تقديمه للشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه الرئيسية.

 

          (13) الخدمة العسكرية إلزامية، وفقاً للقواعد التي يحددها القانون. والدولة وحدها تنشئ القوات المسلحة وليس لغيرها إنشاء أية تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية أو تنظيمات مسلحة. كما تمنع منعاً باتاً جميع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى في العراق أن تعمل حزبياً وسياسياً داخل مؤسسة الجيش والقوى الأمنية الأخرى في العراق.

 

          (14) مهمة القوات المسلحة الدفاع عن الوطن ووحدته وسيادته واستقلاله. ولا يجوز لمنتسبي القوات المسلحة وقوى الأمن والشرطة ممارسة العمل السياسي، ويحظر عليهم الانتساب إلى الأحزاب والمنظمات السياسية.

 

د- المرحلة الانتقالية بعد التحرير

 

          (1) تكون هناك مرحلة انتقالية لمدة سنتين، تبدأ بعد إقرار انسحاب قوات الاحتلال.

 

          (2) يتم إطلاق سراح جميع الموقوفين والمعتقلين والمحجوزين والمحكومين لأسباب سياسية خلال فترة الاحتلال، ولا يشمل ذلك الذين تم اعتقالها أو احتجازهم والحكم عليهم لأسباب إجرامية غير سياسية.

 

          (3) يتم تشكيل حكومة وطنية عراقية انتقالية من كفاءات وطنية مستقلة حيادية وغير حزبية، وبالتشاور مع المقاومة الوطنية العراقية المسلحة والسياسية.

 

          (4) يلتزم رئيس الوزراء والوزراء في الحكومة الانتقالية عدم الترشيح لأية انتخابات قادمة.

         

(5) تُخول هذه الوزارة، خلال الفترة الانتقالية، الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والمالية اللازمة لتنفيذ واجباتها، كما يحق لها إعادة النظر، بإلغاء أو تعديل، جميع القوانين والأنظمة والأوامر الصادرة منذ احتلال العراق حتى تاريخ تشكيلها، وكذلك أية قوانين وأنظمة وتعليمات صادرة قبل الاحتلال.

 

          (6) تشكيل مجلس استشاري من (100 – 150) عضواً من القوى السياسية والشخصيات والكفاءات العراقية التي لم تتعاون مع الاحتلال.

 

          (7) يعتبر "الدستور" الذي تم إعداده تحت الاحتلال ملغى لافتقاده الشرعية وتلغى جميع القوانين والإجراءات التي تمت استناداً إليه.

 

          (8) تبدأ الوزارة الانتقالية فور تشكيلها، وبالتشاور مع المقاومة الوطنية العراقية والقوى الوطنية الرئيسية المعارضة للاحتلال، بإعادة تشكيل الجيش العراقي والقوى الأمنية الأخرى، حسب الأسس والمعايير التي تراها مناسبة. ويتم تزويد الجيش والقوى الأمنية الأخرى بأحدث الأسلحة المختلفة التي تحتاجها ومن المصادر التي تراها مناسبة. كما يتم حلّ جميع الميليشيات الموجودة في العراق بالطريقة التي تحددها الحكومة.

 

          (9) تقوم الحكومة الانتقالية خلال مدة لا تزيد عن سنة من تاريخ قيامها بإعداد قانون للانتخابات، وقانون للأحزاب، وأن تُجري انتخاباً لمجلس النواب (مستفيدة من مسودة الدستور المؤقت المُعد لمرحلة ما بعد التحرير) من دون أن تكون ملزمة به حصراً، وبالتشاور مع المجلس الاستشاري ومع أكبر عدد من العراقيين في داخل العراق وخارجه.

 

          (10) أن تتم الانتخابات خلال السنة الثانية من الفترة الانتقالية، وتحت إشراف الأمم المتحدة، والجامعة العربية، والاتحاد الأوروبي، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، والمنظمات الدولية والعربية الأخرى ذات العلاقة، لضمان حريتها ونزاهتها وشفافيتها، وعلى أساس القوائم النسبية وعلى أساس المحافظة، وكما هو وارد في مسودة الدستور المشار إليها في الفقرة (8) أعلاه.

 

          (11) يضع البرلمان العراقي المنتخب خلال السنة الثانية من الفترة الانتقالية، مسودة دستور ومستفيداً من مسودة الدستور المشار إليها سابقاً، ثم يعرض على استفتاء شعبي عام لإقراره.

 

          (12) يقوم البرلمان المنتخب باختيار رئيس للجمهورية حسب الدستور الذي سيتم إقراره في الاستفتاء الشعبي.

 

          (13) تلتزم الحكومة العرقية الانتقالية بالطرق السلمية وعدم اللجوء إلى استعمال القوة في أية خلافات بينها وبين الدول العربية الأخرى والدول المجاورة غير العربية والتي حرّضت أو ساعدت أو ساهمت في احتلال العراق بشكل أو آخر، في ما عدا حالات الدفاع عن النفس وفي حدود ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية.

 

          (14) تُشكّل الحكومة العراقية الانتقالية لجنة قضائية عراقية مستقلة، مع الاستفادة من الكفاءات القانونية العراقية والدولية المحايدة، للتحقيق في جميع الشكاوي عن قضايا ارتكاب جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان في العراق والتواطؤ مع الاحتلال وإرهاب الدولة وأعمال الخطف والقتل على الهوية والابتزاز وغيرها من الجرائم منذ ما بعد ثورة 14 تموز/يوليو 1958 وحتى مغادرة قوات الاحتلال، وتتولى لجنة التحقيق جمع المعلومات عن جميع هذه الجرائم، ويتولى البرلمان المنتخب تحديد طريقة البتّ فيها في ضوء التجارب العالمية في التعامل مع هذه الجرائم.

 

هـ- مراحل إنشاء "التحالف الوطني العراقي"

 

          (1) تم في أواخر شهر أيلول/سبتمبر عقد اجتماع لعدد من العراقيين المتواجدين في بريطانيا (حوالي 60 – 70 شخص) لمناقشة الفكرة.

 

          (2) تم تشكيل لجنة تحضيرية في بريطانيا لهذا الغرض.

 

          (3) تم تكليف أحد أعضاء اللجنة التحضيرية في بريطانيا لزيارة السويد، والدانمارك، وهولندا، وألمانيا، للالتقاء بمن يمكن من العراقيين الموجودين هناك، ممن هم ضد الاحتلال، لبحث الفكرة معهم.

 

          (4) تم الاتفاق على إعداد "ورقة عمل" للمناقشة توضح الفكرة وأهدافها ومراحل إخراجها إلى حيز التنفيذ.

 

          (5) اتفق على عقد اجتماع في لندن يوم الحد المصادف 3/12/2006، يحضره المهتمون بالموضوع الذين تقرر اللجنة التحضيرية دعوتهم من بريطانيا وأوروبا، لمناقشة ورقة العمل وإبداء ملاحظاتهم حولها.

 

          (6) اتفق على عقد اجتماع في الدوحة - قطر، على هامش اجتماع المؤتمر القومي/الإسلامي الذي سيعقد في قطر خلال الفترة 22 - 23 كانون الأول/ديسمبر الحالي (2006)، للعراقيين الذين سيحضرون المؤتمر، من داخل العراق وخارجه، لمناقشة ورقة العمل والاتفاق على المراحل التالية.

 

          (7) الاتصال بالعراقيين المتواجدين في الأردن وسوريا ومصر وغيرها، للوقوف على آرائهم ومدى رغبتهم في الانضمام إلى هذا التنظيم.

 

          (8) من المؤمل أن يتم عقد مؤتمر تأسيسي لقيام الاتحاد الوطني العراقي خلال شهر كانون الثاني/يناير أو شباط/فبراير (2007) لمناقشة وإقرار اسم التنظيم وبرنامجه والنظام الداخلي الذي سيعد ويعرض على المؤتمر التأسيسي، وكذلك مسألة تمويل التنظيم، وأن يضم المؤتمر التأسيسي أعضاء مؤسسين من داخل العراق وخارجه.

 

          (9) أن ينتخب المؤتمر التأسيسي قيادات التنظيم، حسب النظام الداخلي الذي سيعده.

 

          (10) أن ينشأ في بيروت، بعد إنهاء المؤتمر التأسيسي وإقرار الوثائق الرئيسية للتنظيم، ونظراً لظروف العمل في العراق، مكتب تنفيذي للتنظيم في بيروت يقوم بالاتصالات والتنسيق وبالجانب الإعلامي للتنظيم.

 

          (11) أن تتم حملة إعلامية واتصالات واسعة وندوات وحلقات نقاشية لعرض المشروع على أوسع نطاق ممكن داخل العراق وخارجه.

 

1/12/2006)

 

ان النص اعلاه لا يحتاج الى تفسير، فالعلاقة  بين السيد حسيب والتجمع العراقي للتحرير والبناء والتي جاهد كاتب  " البيان" يائسا  واضحة وضوح اهدف مبادرة حسيب ونصوص ملفاته  البحثيةّ؟.  

 

 

ان اكثرما يثيرالدهشة والتساول هو الاصرار على انكار دور السيد حسيب في تأسيس التجمع ؟

لمذا هذا الاصرار على مواصلة نهج التكتم والمراوغة المستخدم في تقديم هذا المشروع السياسي ؟! اذا كان اصحاب المشروع على ثقة من توفر عناصر السلامة الوطنية في مشروعهم الوطنية، ومقتنعين في كونه مشروعا معبراعن آمال شعب العراق، وواثقين من كونه آلية فعالة لانهاء التحديات التي يواجهها ، ومتأكدين من نوعية القدرات البشرية التي يقودونها، فلماذا اذن كل هذا التردد واللف والدوران؟ لماذا لا يطرحون مشروعهم بشكل علني ومتكامل على شعب العراق ومقاومته ؟

 

بالإضافة الى ما تقدم ، دعونا نسرد للقراء الكرام ولكاتب البيان الصادرعن المكتب الاعلامي للتجمع الوطني للتحرير والبناء "حتوتة" أو تفاصيل ما نملك من معلومات عن "حيثيات" تأسيس التجمع .

 قبل ما يقارب العام تلقينا وعن طريق طرف ثالث لا نشك في مصداقيته معلومة منقولة عن محرر يعمل في صحيفة عربية تصدر في لندن، عن مشروع سياسي يقوده السيد خير الدين حسيب منطلق من لندن، ويقوم في تنفيذه ظاهريا السيدان هيثم الناهي ومنذر الاعظمي. لم نتفاجأ في الخبر لاننا كنا نتوقع الاعلان عن تشكيل تجمع سياسي تابع للسيد حسيب كما ذكرنا اعلاه، وذكرت المعلومة ايضا ان الهدف الاساس للمشروع ينحصر في اعداد فريق عراقي للتفاوض مع الجانب الامريكي ، وان المشروع يحظى بدعم اقطار خليجية ومباركتها. وبسبب حرصنا على سلامة العمل الوطني وأمن المقاومة، أتصلنا بالصديق الأستاذ موسى الحسيني وطلبنا منه تقديم النصح للسيد الناهي وتحذيره من مخاطر هكذا مشاريع على مسار قضيتنا الوطنية وحقوق شعبنا . تعهد لنا  الاستاذ الحسيني في ايصال الرسالة لكوننا لا نرتبط باي شكل من اشكال العلاقة السياسية والاجتماعية بالسيد الناهي. 

وفعلا، اتصل بي الأستاذ الحسيني بعد ايام قليلة واخبرني بان السيد هيثم الناهي موجود في مسكنه ويود التحدث معي، فتحدثنا، وخلال الحديث اكد لي السيد الناهي عدم صحة الخبر، كما اكد بانه مستقل وغير معني في اي برنامج سياسي ،وان خبر علاقته بحسيب عار عن الصحة . شكرت الرجل وحييت فيه هذا الموقف وانتهت المكالمة .هنا لابد من تثبيت حقيقة ان السيد الناهي لم يكن ملزما بالاتصال بي والتحدث معي حول الموضوع ،لا بل كان في وسعه ومن حقه ايضا رفض الخوض في الموضوع، لا بل كان من حقه مطالبتي بالذهاب الى الجحيم . لم يفعل ذلك السيد الناهي ، بل انه انكر وجود هكذا مشروع , وانكرعلاقته بالموضوع وفي السيدحسيب.    

 

 بعد ايام قليلة من المحادثة الهاتفية ، قام السيد هيثم الناهي بزيارة مدينة هلسنبوري السويدية، وعقد اجتماع مع مجموعة قليلة من العراقيين لم يتجاوز عددهم  12 شخصا، من ضمنهم  الأستاذ باقرابراهيم الموسوي، والرفيقين نوري المرادي وفرات علوان من الحزب الشيوعي العراقي / الكادر ،اللذان حضرا  الاجتماع كمستمعين فقط وغير مشاركين لكونهم قياديين بارزين في تجمع سياسي مقاوم لا يؤمن في هكذا مشاريع .

ما دار في الاجتماع لا يعد  سرا وانما معلومة عامة تدرك تفاصيلها الكثير من الشخصيات الوطنية . ما يهمنا في اجتماع هلسنبوري نقطتين:

الاولى : تصريح السيد الناهي بان زيارته والاجتماع بالحاضرين متفق عليها مع السيدين خير الدين حسيب ومنذر الاعظمي . وهذا موقف مناقض كليا لما سبق وان اكده لكاتب السطور، والواقع اني مازلت لا افهم سبب اخفاء العلاقة وانكارها؟!.

 

والثانية : الاتفاق على قيام الأستاذ باقرابراهيم الموسوي في صياغة الافكار الاساسية   لبرنامج عمل او مشروع سياسي لجمع ما اطلق عليهم "المستقلين العراقيين" ، والتي تم تطويرها لاحقا لتشكل  المسودة الاولية لمشروع التجمع العراقي للتحريروالبناء. الافكار ألاساسية التي وضعها الأستاذ باقر ابراهيم وزعت حينئذاك  واستلمنا نسخة منها وندرج نصها ادناه.

حول مشروع ( التجمع الوطني العراقي)

  باقر إبراهيم 

 أ – مبادئ عامة

ـــــــــــــــــــــــــــ

1-  أن تجمعنا الوطني العراقي ، هو امتداد وتطوير للنضال المشترك والموحد ، الذي مارسه منا ضلوه منذ سنوات طويلة ، دفاعا عن ثوابت نضالنا الوطني وأهدافها .

ونحن نسعى ألان ، لإثراء وتطوير الجهد السابق ، بما يلزمنا  وبما يلائم أوضاعنا في بلاد المهجر من خطوات واضحة ومحددة تثبتها المبادئ العامة والشروحات عن تركيبة التجمع والية عمله .

 

2-  ما ننشد أقامته من أطار يوحدنا ، لا يقفز فوق واقعنا وأمكاناتنا ، كأن يتحول إلى حزب سياسي أو ما يشبه الحزب ، أيمانا منا بأن الأحزاب السياسية لا يمكن أن تتأسس أو تنمو ألا وسط تربتها الشعبية في الوطن .

لذلك فأن تجمعنا ، يمثل نضال الوطنيين العراقيين في بلاد المهجر . وهو جزء من النضال الوطني والاجتماعي داخل الوطن ، يرتبط به ويقدم له كل ما يمكن من عون في الفكر والممارسة .

3-  بالإضافة إلى أداء تجمعنا لمهمات النضال الراهنة ، فهو يمكن أن يلعب دورا مهما ، ألان وفي المستقبل ، لرسم مسيرة العراق المقبلة ، في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية .

4-   يدعم تجمعنا نضال جميع القوى والمؤسسات والشخصيات الوطنية داخل الوطن ، كما يستطيع أن يلعب دورا مؤثرا ، وحتى ضاغطا ، من أجل تصحيح الأخطاء في مواقف الإطراف الوطنية الأخرى ، ومن أجل إقناعها بضرورات التلاقي والاتحاد .

من هنا ، تأتي فوائد دور القوى المستقلة ، غير المتحزبة ، في التأثير على مجرى الإحداث  . و ان أداء هذا الدور الايجابي  يقتضي رفض الانحياز لطرف ضد أخر ، كما يقتضي رفض طرف معين لنزع صفة الوطنية ، أو مقاومة الاحتلال ، عن الطرف الأخر .

5-  من بين المؤسسات التي تستأثر بدعمنا داخل الوطن ، ( المؤتمر التأسيسي الوطني العراقي ) ، لكونه أكثر الأطراف قربا من تجمعنا من حيث الأهداف والتركيب . وأذ يعاني هذا التجمع من معوقات كثيرة ، في مقدمتها تضاؤل فرص العمل الشرعي ( العلني) في ظل فاشية الاحتلال وعملائه ، فذلك يتطلب تقديم مساندة أكبر لنضاله ، إلى جانب مساندة جميع مؤسسات  النضال الوطني الأخرى .

6-   أننا نرى عدم التشعب في الأهداف السياسية والتركيز على ما هو  جامع وأساسي ، وأن يتصف من ينضم إلى هذا التجمع ، بموقف واضح  من :

n      النضال  ضد احتلال الوطن ومن اجل  تحريره .

n      التأكيد على هوية العراق العربية والإسلامية ووحده أراضيه

n      دعم المقاومة الوطنية

n    النضال ضد الطائفية بكل تجلياتها

 7-     أن التجمع يقبل الاختلاف  في الرأي ، تجاه أية قضية سياسية يجري تناولها ، وينبغي  أن تحل  الخلافات بأسلوب ديمقراطي ، ايجابي ، يجمع ولا يفرق . وأن تترك الأمور التي  لا يتم الاتفاق    عليها  ، لمزيد من الوقت ومزيد من الحوار .

8-   أننا حين نمد أيدينا إلى بعضنا ، بهدف مواصلة وتطوير النضال المشترك ،  ينبغي أن نبقي على حالة  الاحترام للفكر المستقل ، والموقف المستقل ، لكل منا . على أن لا يشكل ذلك الموقف والفكرالمستقلين خطا ثابتا  متعارضا مع المبادى الأساسية للتجمع  ، فحين ذاك تنتفي الحاجة للارتباط به .

 9- الانضمام إلى تجمعنا ، هو التزام مبدئي ، فكري وسياسي  وأخلاقي ، ومن الناحية الثانية لا بد من الإيضاح ، أن تضييق فرص المرونة في الرأي والممارسة ، والأثقال بضوابط الارتباط والتنظيم ،    تؤدي إلى نتائج معاكسة وتنقل الخلاف  في الرأي إلى الصراعات والتمزق . 

     ب  تركيبة التجمع والية العمل   

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-  يتكون التجمع من هيئة عامة  في المدينة الواحدة ،  أو في عدة مدن متقاربة ، أو في كل بلد من بلدان المهجر  ، يوجد فيه مناضلوه .

2-   يلتقي أعضاء التجمع بصورة دورية . وتحدد اللقاءات حسب الحاجة لأداء الفعاليات الوطنية  والقومية والإنسانية ، وكذلك في المناسبات الاجتماعية .

3-  العضوية في التجمع مرنة ومفتوحة لكل من يقبل أهدافه ، ممن تنطبق عليهم الصفات المذكورة في المبادئ العامة . وينسحب منه من يرغب في حالة تغير القناعة.

4-   يكفي التشاور بين المناضلين المؤسسين للتجمع ، في المكان المعين ،  لقبول المشاركين الجدد فيه .

5-   مركز التجمع في لندن ويعقد فيها  أو في مكان أخر ، يتفق عليه ، منتدى عام مرة كل سنة ، أو عند الحاجة ، لتناول الجديد في المهمات والآليات ، ويحضره منتدبون عن تجمعات البلدان والقطاعات المشاركة فيه .

6-   يختار التجمع في ندوته العامة ، مكتب تنسيق يضم عددا يتفق عليه ، من مناضليه في مركز التجمع ،  اضافة إلى ممثلين عن البلدان الأخرى .ويفضل التعدد في التمثيل إذا وجدت أراء متباينة . ويعتمد المكتب في عمله على اللقاءات المباشرة ، أو التداول بوسائل الاتصال السريعة لتحديد الموقف من القضايا المطلوبة .

7-   مكتب التنسيق هو الذي يعبر عن رأي التجمع ويمثله أمام الإطراف الأخرى ، ويحدد مندوبيه للمنتديات أو الفعاليات الاقليمية والدولية ، ويتولى كذلك الصلة بوسائل الأعلام التي يمكن إيصال صوت التجمع عبرها  .

8-   تصدر البيانات التي تحدد المواقف السياسية للتجمع ، تجاه الأمور المستجدة ، عند الضرورة وبعد التشاور العام ، جهد الامكان حول مضمونها وأتجاهئها الرئيسي . وينبغي أن تتناول تلك البيانات الأمور الأساسية المتفق عليها ، وتتجنب ما يثير الخلافات . كما يمكن التعبير عن المواقف المستجدة بإصدار مذكرات تحمل تواقيع أعضاء التجمع مع غيرهم .

9-    مقترحات ختامية:-

أ -  أن تصدر عن اللقاء المرتقب في لندن ، ورقة عمل للنقاش ، تتضمن أهداف التجمع والمبادئ العامة وتركيبته والية عمله .

ب – أن توفر فرص كافية لمناقشة المشروع يساعد على اكتمال جوانبه وكذلك مساهمة عدد أوسع من المناضلين فيه 

11- 11- 2006 

كما اننا نرفق في الملحق المقدم في نهاية المساهمة الاضافات والتعديلات المقترحة للافكار التي صاغها الأستاذ الموسوي .

 

 المحطة الرئيسية الثانية لبناء فريق خيرالدين حسيب الاحتياطي كانت لندن، والتي اقترحها الأستاذ باقرابراهيم مقرا للمشروع الجديد . فتم عقد اجتماع في يوم الاحد المصادف 3/12/2006.وفي  البيت البولوني. ندرج  ادناه نص مسودة  جدول الاعمال، ونعيد نشررسالة السيدهيثم الناهي للسيد حسيب والتي سبق وان عرضناها في القسم الاول لدلالتها القاطعة على العلاقة الادارية بين السيد هيثم الناهي الامين العام للتجمع العراق للتحرير والبناء والسيد خير الدين حسيب ،والتي تنكر لها "البيان" ، كما نعرض في الملحق وئائق اخرى تخص هذا الاجتماع.  هنا لابدمن الاشارة الى ان كل هذه الوثائق سبق توزيعها  على عدد كبير من العراقيين واستلمنا نسخة منها ائنذاك .

 

1.محضر اجتماع لندن

 

" 3 كانون أول 2006

 

مسودة جدول عمل

 

لقاء  لندن التشاوري حول المشروع الوطني العراقي

 

الأفتتاح –  خلفية اللقاء وأهدافه - د. هيثم الناهي

----------------------------------------

1.                 نظرة في بعض تجارب العمل الوطني–  منذر الأعظمي

2.                 تلخيص العمل التحضيري في لندن – صباح الشاهر

3.                 تلخيص العمل التحضيري في السويد والدنمارك

4.                 تلخيص العمل التحضيري في هولندا وبلجيكا

5.                 العمل التحضيري في أماكن أخرى

----------------------------------------

إستراحة

 ----------------------------------------

6.                 حوار حول ثوابت المرحلة الراهنة والأهداف الأساسية

a.     الأهداف العامة

b.     الإحتلال والمقاومة والعملية السياسية

 

7.                 حوار حول آليات العمل

a.     آراء حول العلاقات الوطنية والأعلام في مرحلة نشوء التنظيم / الحركة

b.    آراء حول القضايا التنظيمية والأدارية

c.      الخطوة التالية

   ----------------------------------------

ختام اللقاء "

 

2. نص التقرير المقدم من السيد هيثم الناهي الى السيد خير الدين حسيب ، والخاص بما تم التوصل اليه في اجتماع لندن. 

الأخ الأستاذ الدكتور خير الدين حسيب المحترم

تحية طيبة وبعد

لقد تمَّ الاجتماع التدوالي في لندن يوم أمس الأحد الموافق 3 ديسمبر 2006م بحضور 25 شخصيَّة تمثِّل مجموعة من العراقيِّين في كلٍّ من المملكة المتَّحدة والسويد والدنمارك وهولندا وبلجيكا. وانعقد الاجتماع في لندن بمقرِّ البيت البولوني الواقع بمنطقة همر سمث وسط لندن في تمام الساعة السادسة مساءًا. وكانت أعماله كالأتي:

1.    أدار الجلسة الدكتور هيثم الناهي، ورحَّب بالضيوف، وتحدث عن أهداف التجمُّع والأسباب التي دعت إلى ذلك. وما هي المستلزمات الضرورية التي قد تُنجح أيَّ عمل سياسي مستقبلي. كما ركَّز الناهي على الأهداف الأساسية للمشروع والمتعلِّقة برفض الاحتلال ودعم المقاومة والعمل على إفشال تقسيم العراق فيدراليًّا وطائفيًّا.

2.    قدَّم بعد ذلك الأستاذ منذر الأعظمي ملخًّصًا تاريخيًّا عن أسباب فشل تضامن القوى الوطنيَّة العراقيَّة الإسلاميَّة والقوميَّة واليساريَّة والليبراليَّة في الحقب التي عاصرها سياسيو العراق؛ مركِّزًا على ضرورة قيام الكتلة التاريخيَّة والتعامل مع الحالة وفق مبدأ المواطنة وصولاً لمحاربة الاحتلال ودعم مقاومته.

3.    ألقى الأستاذ صباح الشاهر الضوء على الورقة التي قدَّمها الدكتور خير الدين حسيب ولخَّصها ضمن ما يتناسب وواقع العمل وأهميَّة نقاطها؛ ومركِّزًا على أهميِّة البحث في حالة بناء العراق بعد التحرير وليس فقط بكيفيَّة التخلُّص من الاحتلال وحسب.

4.    تابع الأستاذ سعدون المشهداني الحديث بعد ذلك حول ما جاء في ورقة السويد والدنمارك ملخِّصًا أهميَّة البعد الوطني في العمل السياسي، وأهميَّة وضوح الصورة في العمل خوفًا من الفشل في تحقيق أهداف التجمُّع مستقبلاً.

5.    ثمَّ اختتم الدكتور جمال السامرَّائي الحديث بورقة هولندا وبلجيكا معطيًا العمل التنظيمي أهميَّة قصوى ومركِّزًا على ضرورة الاتِّصال بالداخل، وإيجاد آليَّة للتعامل معهم دون فضح آليَّتهم كي لا يكونوا هدفًا للاحتلال ومن معهم. ثمَّ لخَّص في حديثه عن الاتِّصال الذي أجراه والدكتور الناهي مع عناصر في داخل العراق ورغبتهم بالعمل شرط وضوح الرؤيا ووضع الأمور في نصابها.

6.    بعد استراحة قليلة، دعا الدكتور الناهي الحاضرين للمداولة ومناقشة الأوراق المقدَّمة والتي كانت معظمها إيجابيَّة مع الاختلاف في أمور طفيفة تتعلَّق بآليَّة العمل وتسمية المشروع والتحرُّك. وأرجئ الحديث في هذا الموضوع للاجتماع الذي سيعقد في الدوحة ما بين الأطراف للفترة من 19 إلى 21 ديسمبر خلال انعقاد المؤتمر القومي الإسلامي.

7.    أدرجت عدَّة أسماء للتشكيل، ونتيجة للتباين في الآراء حسم الدكتور الناهي الأمر وبإجماع الحاضرين أن يتولَّى كلٌّ من الأستاذ منذر الأعظمي والأستاذ صباح الشاهر والأستاذ كاظم محمَّد والدكتور جمال السامرائي والأستاذ سعدون المشهداني مناقشة الأسماء ورفع اقتراح باسم التنظيم المقترح مع كتابة ورقة سياسيَّة للاجتماع سوف ترسل إلينا يوم غد، تلخِّص الأهداف الأساسيَّة وآليَّة العمل كمقترح يتمُّ مناقشته في لقاء الدوحة.

8.    تجدون طيًّا أسماء الحضور وهم كلٌّ من:

9.    عطفاً على ما تمَّ باجتماع ليلة أمس، ولإنجاح اجتماع الدوحة، نرجو توفير مستلزمات دعوة ووصول كل من:

نتمنَّى أن يكون ملخَّصنا واضحًا، وتقبَّلوا منَّا فائق التقدير والاحترام

مخلصكم

هيثم غالب الناهي

 

براغ كانت المحطة الثالثة لقطارخير الدين حسيب ، حيث اجتمعت القفازات اللندنية مع عدد من العراقيين على هامش المؤتمر المنعقد خلال الفترة ة 16-17 كانون الاول ديسمبر 2006 ، والذي اثار الكثير من التساولات المشروعة والشبهات المبررة ، ودفع عددا من الكتاب للبحث عن الاهداف المتوخاة من انعقاده، ومصادر تمويله .ندرج نرفق في ملحق هذه المساهمة  نص البيان الختامي  والذي اطلق عليه (ميثاق براغ الصادر عن مؤتمر "نداء براغ الى العراق  "..

 

 

 

 

هوية هذا الاجتماع المشبوه واهدافه جلية في مفردات البيان الختامي، ولن نهدرجهدا في استعراضها باستثناء الفقرة المتعلقة في المقاومة . فالبيان خال من اي اشارة الى المقاومة ودعمها واسنادها او الاعتراف بها، ولا الى حق شعب العراق المشروع في المقاومة، باستثناء فقرة بائسة  تعزي اندلاع المقاومة الى ممارسات الاحتلال الدموية فقط دون اعطاء اي اعتبار للاسباب المعروفة واهمها اعتزاز العراقيين بكرامتهم وتمسكهم بسيادتهم بصرف النظرعن طبيعة الاحتلال الدموية والانسانية .

فكيف سمح لنجوم التجمع العراقي التحرير والبناء لانفسهم المشاركة في هذا الاجتماع المشبوه؟

وكيف وافقوا على تمرير واصدار هكذا بيان .

 

 

تأسيسا على كل ما تقدم ، من الواضح  اننا مطلعين على حيثيات تشكيل التجمع العراقي للتحرير والبناء، واننا مستوعبين تماما لعناصره  ومبررات خلقه واهدافه وطموحات مؤسسه وادارته . واننا لم نطرح ملاحظاتنا واعتراضنا على هذا المشروع الا بعد ان استفحلت مخاطره على قضيتنا الوطنية وثوابتها.

 

لانريد ان نثقل القارىء في تفاصبل اخرى لادراكنا بان الصورة  غدت واضحة لديهم، لكننا نود ان ننهي هذه الفقرة ونسال ادارة  التجمع ، ما الذي يصعب فهمة في مسيرة حركة سياسية صغيرة لم تبلغ مرحلة الفطام بعد؟ وما الصعوبة في ادراك حيثيات هذه الحركة التي ولدت في رحم اكثرالعواصم قذارة ودموية ، فلندن كانت ومازالت وستبقى بؤرة انطلاق جميع المشاريع السياسية الخبيثة ضد العراق والامة العربية. ان ابناء شعبنا يدركون تماما في ان تحرير العراق لن ينطلق من لندن وبراغ وبيروت واتاوا وباريس واستوكهولم، بل من رحم مدن العراق الابية ، وان تحريرهم لن يتم عبر من لم يزودهم في حبة اسبرين واحدة، بل عبر رجال المقاومة الاشاوس وماجداتها وعطائهم السخي ، وان كرامتهم لن تسترد وحقوقهم لن تحفظ عبرمشاريع التجارة السياسية التي تمنح  المحتلتين مقدما تخفيضات في قيمة التعويضات المستحقة عليهم وتتعهد في ضمان المصالح النفطية لقتلتة شعب العراق، بل من خلال البندقية المقاتلة ، والكلمة الصادقة المؤيدة للمقاومة بلا قيد او شروط، ومن خلال التجمع الوطني الخالي من خونة العراق، الدولة والشعب والهوية.

 

(2)

 

خلافنا الاساس مع ادارة التجمع العراقي للتحريروالبناء وبرنامجهم واهدافهم لا ينصب على من أسس التجمع؟ وعلى من اجتمع مع من ومتى واين؟ وغيرها من التفاصبل الثانوية  التي لم نود الطرق اليها لولا المغالطات التي قدمها "البيان"، لكنه ينصب على نقطتين جوهريتين ومترابطتين. تحديدا موقفهم من المقاومة الوطنية العراقية وشرعية تمثيلها لشعب العراق ،وقضية المرجعية الوطنية، ومن يملك مقوماتها خلال مرحلة التصدي لقوات الاحتلال، والمراحل الاولية لاعادة بناء الدولة العراقية ومؤسساتها السياسية والاجتماعية .

لقد سبق وان طرحنا  تساؤلات نؤمن في مشروعيتها عن تاسيس التجمع واهدافه ، وابدينا راينا في فقرات محددة من برنامجه السياسي بموضوعية . وبدلا من  تقديم اجابات واضحة لتساؤلا تنا، قدم  لنا " البيان "مرافعة فاشلة اكد من خلالها مصداقية كل ما طرحناه من ملاحظات عن مواقفهم .

 دعونا اولا نراجع موقف التجمع من المقاومة . البرنامج السياسي والادبيات الاخرى المنشورة للتجمع  تتضمن عبارات اسناد المقاومة ودعمها وتأييدها واعتباراها حقا مشروعا لشعب العراق. وبيان التجمع موضوع البحث يؤكد تلك المواقف ايضا . لكن هذا ليس جوهر خلافنا، نحن لا نختلف مع التجمع العراقي حول موضوع الاسناد والدعم والاشادة بالمقاومة، لكن على عدم اعترافهم في المقاومة الوطنية ممثلا شرعيا وحيدا لشعب العراق خلال هذه المرحلة. فهنالك بونا شاسعا بين الاعلان عن دعم واسناد المقاومة والاعتراف بها ممثلا شرعيا وحيدا لشعب العراق. وهذا هو احد اهم خلافاتنا مع التجمع وعرابه.

ما هو موقف التجمع العراقي من المقاومة ومهامها واحقيتها  في تمثيل العراق ؟

ومتى ينتهي دور المقاومة والمقاومين ؟

للاجابة على هذه الاسئلة لابد من ادراك ما المقصود في عبارة "التحرير" في عنوان  التجمع العراقي وبرنامجه؟

لقد وفرعلينا بيان المكتب الاعلامي جهدا كبيرا وقدم لنا رؤية التجمع من موضوع التحرير والمقاومة وآلياته. فاحد فقرات "البيان" نصت على"ومع ذلك لا بُدَّ من الإشارة إلى أن مبدأ المفاوضات لا غبار عليه في نهاية المطاف، وهو ما أشارت له أدبيات المقاومة مع طرح شروط التفاوض مع المحتل الأمريكي.
لكن حتّى يتخلى المحتل عن مناوراته السياسية والعسكرية، خاصة وهو يمتلك جيش من العملاء والمأجورين ومن الذين باعوا وطنهم في سوق النخاسة السياسي، ويصل إلى القناعة الكافية التي تجبره على الجلوس إلى مائدة مفاوضات جدية، يجب أنْ تتوفر عناصر هزيمته الكاملة، ومنها العنصر الوطني في استعادة الوحدة الوطنية ووفاقها والذي يعبر عنه سياسياً في تكتل التيارات الوطنية المناهضة والمقاومة ودون استثناء في تحالف واسع، يستطيع تقديم نفسه كمرجعيّة وطنية تتحدث باسم الشعب ومصالحه الوطنية"

 

الفقرة تشيرالى حتمية التفاوض وموقف المقاومة من المفاوضات ، ولاخلاف لنا على ذلك ،فهذه بديهية معروفة. فكل طرفان متقاتلان لابد وان يجلسا على مائدة المفاوضات.

وطرفي الصراع في العراق كما هومعروف هما المقاومة العراقية  كممثل لشعب العراق، وقوات الاحتلال بمختلف جنسياتها، وعليه فان من الواضح ان تجري المفاوضات بين المقاومين وقوات الاحتلال حصرا ، وليس بين ادارة الاحتلال والمجتمعين في لندن وبيروت وبراغ واتاوا واوسلو  ؟ّ واذا ما ارتات المقاومة الوطنية اعلان استعدادها للنظرفي قبول التفاوض، فهي تمتلك الحقوق الوطنية والقانونية لتحديد توقيت وآليات التفاوض وشروطه وكل المسلتزمات الاخرى للتفاوض الفنية منها والسياسة. وعليه فان كل اعلان او دعوة او ادعاء او تلميح أو مبادرة  للتفاوض، دون تفويض صريح ومعلن من فصائل المقاومة الاساسية لا يمكن تفسيره الا محاولة التفاف على مشروع المقاومة، ان لم نقل تآمروتفريط في الثوابت الوطنية. فهل تختلف معنا ادارة التجمع العراقي للتحرير والبناء حول صواب هذه المسلمة؟ 

 

ماذا عن آلية التحرير التي يطرحها التجمع؟

الفقرة اعلاه  توفر ايضا منظور التجمع لآلية تحرير شعب العراق ، فتحريرالعراق وفقا للفقرة اعلاه لن يتم عبر تصعيد المقاومة المسلحة  لقوات العدو وتكبيدها اكبر قدرا من الخسائر المادية  البشرية، ولكن من خلال اجبار المحتل على "الجلوس الى مائدة مفاوضات جدية". كيف؟ من خلال توفير عناصر الهزيمة الكاملة  عن طريق دخول التيارات الوطنية المناهضة والمقاومة ودون استثناء في تحالف واسع وتقديم هذا التحالف كمرجعية وطنية تتحدث باسم الشعب؟؟

 التحريراذا وفقا لبرنامج التجمع العراقي للتحريروالبناء لن يتحقق عبر توفير مسلتزمات النصر وهزيمة المحتلين وعملائهم من خلال التعرض المسلح  للقوات الغازية ، بل من خلال خلق تحالف سياسي لا يستثني احدا ، وتقديم هذا التحالف كمرجعية وطنية ؟؟!

من يسعى لتشكيل التحالف الوطني الواسع الذي لا يستثني احد بما فيهم اولئك اللذين وقفوا ضد خيار المقاومة ، واولئك اللذين تعاملوا مع ادارة الاحتلال قبل وبعد غزو العراق  وحتى اللذين عملوا خدام لعملاء الاحتلال المعروفين ؟ بالتاكيد ،من يسعى لقيام هذا التحالف هو التجمع الذي يقوده المايسترو خير الدين حسيب!.

 

بايجاز ما تعبر عنه الفقرة ما هو الا تأكيد لما سبق وان اطلقنا عليه قبل شهور خيار "المقاومتين المنحرف"، وما وصفناه في سعي نفر على طرح انفسهم  كقوة موازية للمقاومة، وشريكة لها في تمثيل شعب العراق. فمن يجلس في لندن واوتاوا و بيروت، استناد الى هذا المنطق، له الحق في تمثيل شعب العراق وقيادته مستقبلا اسوة بالمقاومين المضحين ،صناع النصر ومعطلي مشروع الهيمنة الامريكي.!؟؟

 اذا لم يكن هذا الطرح دعوة صريحة لسرقة انتصار المقاومة والمقاومين فكيف تكون السرقة  اذن ، وكيف يكون الانحراف؟؟

 

تحديد معنى التحرير في برنامج التجمع العراقي للتحرير والبناء ساعدنا على تحديد  

موقف التجمع العراقي من المقاومة ومهامها واحقيتها في تمثيل شعب العراق ،وكذلك معرفة موقفهم من اين ومتى ينتهي دور المقاومة والمقاومين ؟

دعونا نضع جانبا قضية شرعية المقاومة كممثل وحيد لشعب العراق،لان التجمع لا يعترف بهذه الشرعية . ودعونا ايضا نضع جانبا النص المبهم الوارد في الفقرق 4 من المادة الثالثة من برنامج التجمع العراقي للتحرير والبناءوالذي  ينص على " العمل على تحقيق التداول السلمي للسلطة واعتبار الممثل الشرعي والوحيد هو الشعب العراقي، والتأكيد على تكريس روح الولاء للوطن"،المقتبس من ورقة العمل التي قدمها خيرالدين حسيب لتاسيس التجمع ،ولن نحرجهم في تقديم اجابة عن كيف يمكن لشعب ان يكون ممثلا شرعيا لنفسه؟  

سنضع كل ذلك جانبا ونقتبس الفقرة الاخيرة من "البيان" والتي تعكس بشكل جلي  موقف التجمع من شرعية المقاومة ودورها. تنص الفقرة على" إنَّ المقاومة الوطنية العراقية الموحّدة بالإشكال التي تراها مناسبة لطبيعة عملها العسكري والأمني، هي حجر الزاوية في قيام المرجعيّة الوطنية، وهي التعبير عن الإرادة الشعبية في مقارعة الاحتلال والتخلص منه، ومع القوى الوطنية المناهضة للاحتلال والداعمة للعمل المقاوم، لها الصفة التمثيلية لهذه المرحلة والتي يحدد بعدها الشعب ممثليه عبر انتخاباتٍ ديمقراطية"

ان قراءة متانية لهذه الفقرة لن تخطي فحواها. فهي جوهرالمشروع السياسي الذي بدا مشواره في الجزائر، مرورا بالقاهرة وتونس وبيروت ولندن وبراغ ، والمغرب والدوحة والمنامة، ولينتهي في المحاولة التي افشلها رجال المقاومة في دمشق مؤخرا.

تتكون الفقرة من شطرين ، ينص الاول على " إنَّ المقاومة الوطنية العراقية الموحّدة بالإشكال التي تراها مناسبة لطبيعة عملها العسكري والأمني، هي حجر الزاوية في قيام المرجعيّة الوطنية، وهي التعبير عن الإرادة الشعبية في مقارعة الاحتلال والتخلص منه".

يستخلص من الشطر ما يلي:

1.ان المقاومة الوطنية العراقية.،هي حجر الزاوية في قيام المرجعية الوطنية!

اذن المقاومة الوطنية العرقية بمفردها لاتمثل المرجعية الوطنية العراقية، وانما هي  حجر زاوية المرجعية، وليس المرجعة برمتها، بل لها شركاء في المرجعية الوطنية؟!

 

2. ان المقاومةهي "التعبير عن الارادة الشعبية في مقارعة الاحتلال والتخلص منه".

 ومعنى الجملة واضح ولا تحتاج تفسيرا ،وهي ليست مصاغة باسلوب قد يفسره البعض كخطاء في التعبير. دورفصائل المقاومة التي تعبرعن ارادة شعب العراق في مقاومة الاحتلال ودحره يتوقف عند مهمات التحرير ،او مقارعة الاحتلال والتخلص منه "وليس هزيمته ودحره". فعند التخلص من الاحتلال تتوقف مهام المقاومة،اصحاب المقاومة المسلحة وتبداء مهام اصحاب المقاومة السياسية .!؟

 

ومضمون الشطرالثاني للفقرة لا يقل خطورة عن ما تضمنه الشطر الاول،حيث ينص الشطر  " ومع القوى الوطنية المناهضة للاحتلال والداعمة للعمل المقاوم، لها الصفة التمثيلية لهذه المرحلة والتي يحدد بعدها الشعب ممثليه عبر انتخاباتٍ ديمقراطية"

مضمون الجملة واضح، القوى الوطنية المناهضة للاحتلال، كالتجمع العراقي للبناء والتحرير وحلفائه ونظيره من التجمعات السياسية سواء المتواجدة  منها خارج القطر  وداخله، والتي  يقتصر دورها على مناهضة الاحتلال اعلاميا  دون ان تقاوم عسكريا ، تشارك فصائل المقاومة في حق تمثيل شعب العراق خلال المرحلة الراهنة،مرحلة الصراع العسكري مع العدو وكل ما ينجم عنها من تبعات يتحملها المقاومون دون غيرهم. لكن بعدهذه المرحلة،اي بعدهزيمة العدو يتم تحديد ممثلي الشعب عبر انتخابات ديمقراطية ؟!

 ما اراد ان يقوله لنا بيان التجمع باختصاران الفصائل المقاومة التي تتحمل عبء وتكلفة المقاومة وكل ما ينجم عنها من قتل ودماروتشريد للمقاومين وعوائلهم متساوون في تمثيل العراق مع اعضاء الحركات المقيمة في مجتمعات الرفاهية ومع اللذين لاتزيد مساهمتهم على المشاركة في مؤتمرات واجتماعات مغطاة الكلفة، واصدار بيانات في فترات متباينة ، وادارة مواقع الكترونية، والتنظير في صالونات ومنتديات اجتماعية ؟!.

والانكى من ذلك ، ان المقاومين المضحين اللذين يشكلون القوة الوحيدة التي دحرت قوات الاحتلال وعطلت مشروع الادارة الامريكية ،وأعضاء التنظيمات السياسية المجاهدة ضد قوات الاحتلال في الداخل، والتي تواجه يوميا فوهات المدافع وارهاب كاتمات الصوت، سيتنافسون مع القادمين من خارج العراق لتشكيل المؤسسات الدستورية ،ومقاسمة حقائب حكومة "التكنوقراط " ؟؟؟.

 

نحن لسنا ضد مبداءالاحتكام ال صناديق الاقتراع لتحديد طبيعة المؤسسات العراقية التشريعية والتنفيذية ومكوناتها وعناصرها،وقطعا لسنا ضد التعددية السياسية ،لكننا ضد فكرة التعامل مع المقاومة الوطنية العراقية كبوابة تمررمن خلالها العناصر التي سبق لها وان فشلت في الحصول على مواقع متميزة ودائمة في مشروع الاحتلال ،وضد فكرة المساواة بين من قدم الفكر والدم والجهد وبين اقتصر دوره على التنظير وحضور مؤتمرات مغطاة الكلفة .

 

حين تصدينا لمشروع اجتماع بيروت 2005، وتعرضنا لمبادرة خير الدين حسيب ،و  طرحنا انحراف مفهوم المقاومتين قبل ما يقارب العام ،عاتبنا بعض من انطلت عليهم جذابية  "الشخصية الوطنية القومية" ولاسيما المواظبين منهم على حضور ندوات مركزدراسات الوحدة العربية، واجتماعات المؤتمر القومي العربي، دون ان يبذلوا جهدا في ادراك ابعاد المخطط الواضح المعالم .وهاهم "البيروتيون" يبرهنون في البيان الاخير وبشكل لا لبس فيه صحة كل ماذهبنا اليه، ويصرون على تسويقهم فكرة منحرفة.

 

ان اسباب رفض اصحاب التجمع العراقي للتحرير والبناء الاعتراف في المقاومة الوطنية العراقية ممثلا وحيدا لشعب العراق خلال هذه المرحلة واضحة وان لم يعترفوا بذلك . هنا لابد من الاشارة الى انهم ليسوا التجمع الهامشي الوحيد الذي يرفض قبول هذا الثابت الوطني ،فلقد رفض قبوله ومازال شخصيات وحركات سياسية عراقية، قدم بعضهم مواقفهم بوضوح وعلنية، واختلفنا معهم حول التبريرات المقدمة  لرفضهم  هذا الثابت ،ومازلنا لا نتفق مع طروحاتهم لكننا على الاقل نقدرصراحتهم .

 

نقطة خلافنا الاخرى مع التجمع العراقي للتحرير والبناء تتعلق في قضية المرجعية الوطنية. بيان المكتب الاعلامي اكد ما ذهبنا اليه في انهم يطرحون تجمعهم وحلفائهم  كجزء من المرجعية الوطنية العراقية دون اي مسوغ وطني وقانوني .هذا لا يعني اننا نلغي عراقيتهم ، ومصادرة حقهم في ممارسة العمل السياسي وفقا لرؤيتهم ومصالحهم ، لكن هنالك فرقا هائلا  بين حق المواطنة ، وحق ممارسة العمل السياسي ، وحق تمثيل شعب ووطن. من المؤكد انهم مواطنين عراقيين لكنهم لا يمتلكون مقومات تمثيل شعب العراق .

 

ان دوافع واهداف تاسيس التجمع الوطني للتحرير والبناء لم تكن خافية علينا، واننا لم نخطى في قراءة مشروعهم بل ندرك تماما ابعاد المخطط كما فصلنا اعلاه ، لكننا لم  نتعرض لهم اعلاميا سابقا لاكثرمن سبب ، لكن عندما دقت اجراس الخطر، وبانت ملامح التخريب في دمشق كان لابد من تحركنا منطلقين من التزامنا في قضيتنا  الوطنية،وحرصنا على امن المقاومة وديمومتها وسلامة المقاومين وحقوقهم الوطنية المشروعة.

ان ادارة التجمع مطالبة في الاجابة على الكثيرمن التساءلات المشروعة المطروحة على هوية تجمعهم واهدافه وبرنامجه السياسي، وموقفهم من موضوع المقاومة والمرجعية الوطنية، والاهم،عليهم توضيح ما المقصود بالتحرير في عنوان تجمعهم، وماهي آليات التحرير؟ مفاوضات ام مقاومة مسلحة؟وهم مطالبون بتوضيح موقفهم وعلاقاتهم باياد علاوي وحازم الشعلان واديب الجادر وغيرهم من باعة  شعب العراق وخونته .

عليهم  كطامحين في قيادتنا خلال المرحلة الراهنة والقادمة ،الاجابة على كل التساؤلات المطروحة بشكل واضح بعيد عن المراوغة والتسويف، والافراط في توجيه الاتهامات وتقديم ردود مغالطة، وغيرها من الاساليب التي تجاوزتها المرحلة لكونها اسلحة   الصغار وفاقدي الحجة أولا، وثانيا لكونها لن تؤثرعلىعزمنا و اصرارنا على مواجهة كل ما يشكل خطورة على ثوابت قضيتنا الوطنية،وعلى مقاومتنا الشجاعة المضحية.

 

نختم بتذكيرالاساتذة في التجمع العراقي للتحرير والبناء باهم مبادىء نظرية الحفرة. "اذا اكتشف المرء انه في قعر حفرة حفرها لنفسه، فالخطوة الاولى التي يجب اتباعها هو التوقف عن الحفر".

 

 

 

 

ملحق: وثائق وروابط

 

(1) ملخص ما دار في الأجتماع التشاوري المنعقد في لندن بتأريخ 3-12-2006

 

 أفتتح  د. هيثم الناهي الاجتماع مرحبآ بالحضور ، ومشيرآ الى برنامج الأجتماع  الذي  وزع على الحاضرين§

والمتضمن :

 

 تقديم تلخيص للآوراق المقدمة من قبل الاساتذة  د. صباح الشاهر والاستاذ منذر الأعظمي  ود.جمال ­

   السامرائي والاستاذ سعدون المشهداني .

وبعد استراحة قصيرة ، تواصل المجتمعون في مداخلات وحواراتِ حول جملة من القضايا ، ذات الأهمية الخاصة في موضوع  اللقاء ، حيث تركزت النقاشات والاطروحات حول النقاط التالية :

 

-  الحالة العراقية بجوانبها المتعددة / الاحتلال وافرازاته / عملية المحتل السياسية / الطائفية السياسية / والصورة البشعة لعمليات القتل والتخريب والتدمير .

 

-  مشتركات العمل الوطني وصيغ تطويرها .

 

-  المقاومة الوطنية العراقية واهمية اتساعها ، وتشذيب وضبط ايقاعات نشاطاتها الاعلامية والسياسية والعسكرية بما يخدم المهمة الاساسية في مقاومة المحتل وتكريس شموليتها الوطنية .

 

-  الوحدة الوطنية واهميتها في معالجة الهم العراقي .

 

-  الوطنية بين التخندق الضيق ، الحزبي والايديولوجي والطائفي والعرقي  وبين الولاء للوطن .

 

-  الاعلام ودوره واهميته في فضح جرائم الاحتلال واعوانه في العراق .

 

-  وقد جرت الاشارة كذلك الى ان الوضع الحالي وحجم المخطط الجاري تنفيذه ، والذي يستوجب نسيان الماضي وخلافاته وسلبياته ، لتوحيد الجهود الوطنية باتجاه ازالة الاحتلال واسترجاع السيادة وبناء العراق .

 

 

-  وكان العديد من الحاضرين قد اكدوا على اهمية وضرورة الاطار الوطني الجامع ، و الاستفادة من التجارب السابقة والخبرالمتراكمة ، وبنفس الوقت فقد تناول الحضور ، اليات العمل وصيغها والتي ينبغي ان تتناسب مع طبيعة تجمعنا واهدافه الوطنية .

كذلك فلقد جرى تناول اهمية الانتباه من محاولات التحرك والرصد التي تقوم بها حكومة الاحتلال واتباعها للنشاطات الوطنية والسياسية المناهضة للاحتلال ، داخل العراق او خارجه .

 

-  ثم بعد ذلك طلب د. هيثم  طرح مقترحات الاسماء الخاصة بالاطار المراد تشكيله ، حيث كانت الاسماء المقترحة كالتالي :

 

 اللقاء العراقي الموحد«

 التجمع العراقي لنصرة المقاومة«

 الأتحاد الوطني لتحرير العراق«

 التجمع الوطني العراقي«

 التجمع العراقي الوطني للتحرير والبناء«

 الهيئة العراقية لمناهضة الاحتلال«

 

-  اقترح د. هيثم الناهي  مقرر الاجتماع  تشكيل لجنة مصغرة من الاساتذة : صباح الشاهر ، منذر الاعظمي ، جمال السامرائي ، سعدون المشهداني ، كاظم محمد ، لصياغة الورقة السياسية واقتراح اسمآ للتجمع ، حيث خرجت هذه اللجنة بصياغة البلاغ السياسي واختارت الاسم المقترح من بين الاسماء اعلاه  وهو ( التجمع العراقي الوطني للتحرير والبناء) .

 

 

(2) ملاحظات مقدمة على مقترح الاستاذ الموسوي.

 

* الأخوة الاعزاء

تحياتي الحارة

 

كانت فكرة تأطير نضال الوطنيين العراقيين في بلدان المهجروبمختلف اطيافهم ، طموح راود ويراود الكثيرين ، في تنسيق الجهود السياسية والاعلامية والبحثية ، من أجل خدمة قضية شعبنا الاساسية في التحرير والبناء والديمقراطية .

 

اطرح هنا بعض الافكار والتي سبق وتم تداولها مع بعض الاخوة :

 

ارى ان صيغة التجمع الوطني العراقي  والذي يضم تحت سقفه الوطنيين العراقيين افرادآ وجماعات وبصفته الشخصية ، هي بداية مناسبة لخطواتنا الاولى في هذا الاتجاه .

 

الوضوح الضروري لطبيعة هذا التجمع ، كونه يمثل ويعبرعن نضال الوطنيين العراقيين في الخارج ، وكما عبر عنه

الاخ ابوخولة كونه جزء من النضال الوطني والاجتماعي داخل الوطن ، يرتبط به ويقدم له كل دعم فكري وسياسي .

أضافة لكونه بنفس الوقت عامل واداة سياسية لأبراز المشروع الوطني ، وللدفع والمساهمة في اقامة جبهة القوى المناهضة والمقاومة للأحتلال رافعة هذا المشروع .

 

اهمية اقرار لائحة داخلية تنظم عمل التجمع الداخلي ، وتكون متناسبة مع صيغة التجمع الوطني ، وان تبتعد جهد الامكان عن محتوى النظام الداخلي الحزبي ، وهنا لابد من الاستفادة من بعض ما جاء في افكار الاخ منذر في مرحلة التأسيس  .

اضافة الى اهمية اقرار اللائحة السياسية ، والتي تتضمن طبيعة التجمع واهدافه ، وهي كما وردت في رسالة الاخ منذر مع اضافة :

التعديل الخاص بالفقرة الرابعة حول (شراكة العرب والكرد خصوصآ..) وهو الاقرار بالحقوق القومية للشعب الكردي وتعزيز الاخوة الوطنية ، والاقرار بحقوق كافة الاقليات القومية والدينية  ضمن العراق الموحد .

 

ارى بأهمية وجود خطة عمل دورية تترجم اهدافنا الى تفاصيل تحرك يومي سياسيا واعلاميا واجتماعيا ، حيث من المهم الاهتمام بالجانب الاجتماعي للعراقيين في تعزيز لغة الحوار والاقتراب من بعضهم ، وكسر بعض الحواجز الناتجة عن عنعنات ذاتية وخلافات شخصية .

 

 ان وضع اسس البناء الأولي لهذا التجمع والدعوة له وإنجازه ، سيساهم مستقبلآ في مناقشة توسيعه وتطويره ، لذلك فمن المبكر كما اعتقد ، الحديث عن صيغ العمل الجبهوي وضوابطه الداخلية ، ونحن في بدايات تحقيق طموح وطني ، وفي ظل تعقيد سياسي واصطفافات متغيرة .

 

 

مع خالص التقدير

 (.)السويد

06-11-05  

 

* الاخ العزيز باقر ابراهيم

تحية قلبية

 اطلعت على الافكار والمقترحات التي تخص تجمعناالمقترح واود ان اسجل اتفاقي   الكامل مع مضامينها وواقعيتها ومرونتها ، واجد  من الممكن اضافة فقرة تشير الى امكانيات وانفتاح العمل في التجمع على المساهمة في اقامة اطر نقابية ومهنية وتخصصية حيث وجدت الامكانية لتغذية ورفد العمل الوطني العام اضافة الى صياغة برنامج وطني يجمل جوهر المشتركات في الساحة الوطنية العراقية اخيرا من الافضل الاشارة الى ان التجمع يعتمد على نفسه في تمويل نفسه  

هذا وتقبلوا مني فائق التقدير

اخوكم(.) ..... 



 

 

* ملاحظات أولية (4)  عن طبيعة التنظيم  وأهدافه وأسلوب عمله        6 تشرين ثاني 2006

 

التجمع الوطني العراقي

(عنوان مقترح من الأخوة في السويد.  الأقتراح الأول كان "تجمع التحرير والبناء الوطني")

 

تجمع سياسي عراقي عام يلتزم بالثوابت الوطنية أهمها :

·         استقلال العراق التام من كافة إشكال الهيمنة الأجنبية وسيادته على موارده الطبيعية 

·         بناء دولة ديمقراطية متمسكة بمباديء التعددية السياسية والمؤسسات وسيادة القانون، والمساواة بين الرجل والمرأة في التعليم والعمل والحقوق السياسية، والأنتخابات العامة والمحلية بإشراف محايد.

·         تحقيق مفهوم المواطنة العراقية القائم على أساس الشراكة بين العرب والكرد وكافة مكونات  المجتمع ألأثنية و المذهبية والدينية.  

·         تأكيد الهوية الحضارية للعراق كبلد عربي إسلامي متمسك بحقوق الشعب الفلسطيني، وعلاقات التضامن والوحدة مع الأقطار العربية، وبالانفتاح على جميع أمم وحضارات العالم.     

يعمل التجمع على تعبئة  كفاءات أعضائه من اجل المساهمة الفعالة في الميادين التالية

  •   الحوار الداخلي    المعتمد على تقييم المعلومات وتفسير الأحداث وفهم القوى الفاعلة بطريقة موضوعية وذلك لصياغة مفاهيم ومواقف ترسخ الوحدة الوطنية وتهدف إلى تحقيق برامج للتنمية الاجتماعية والتربوية. ويتطلب هذا النوع من العمل القناعة بضرورة تبادل الآراء وإثرائها عن طريق الحوار والتشاور والتناصح بين الأعضاء وعلى إرساء تدريجي  لأساليب عملية  في إدارة الآجتماعات والأستشارات الجماعية

  •       الحوار الوطني  مع القوى المناهضة للأحتلال بهدف العمل المشترك في التحرير والبناء. ويعني ذلك بالأساس التواصل الدائم  مع الشخصيات و القوى الوطنية بغض النظر عن انتماءاتها السياسية والمذهبية لتفهم وشرح المواقف والوصول الى صيغ عمل مشتركة.

  •          حوار المواطنة   البحث عن سبل العيش المشترك بين كافة مكونات الشعب العراقي انطلاقا من ضرورة احترام  حق المواطنة والعمل على أشاعة مفاهيم التآخي الوطني عبر الخلافات السياسية أو المذهبية.  ويعني ذلك بالأساس  الدعوة إلى تثبيت ضمانات العدالة تجاه الأفراد والجماعات التي انساقت إلى التعامل مع العملية السياسية  في ظل قوانين  الاحتلال

مرحلة التأسيس

يبدأ التجمع بالوطنيين المستقلين في التيارات التاريخية الرئيسية خارج الوطن، من الذين ناهضو الحصار والإحتلال وعمليته السياسية. ويُقتَرح أن تقرالجمعية التأسيسية  نظاما أساسيا وقواعد العمل يتم تطويرها بمرور الزمن، يشمل في البداية القواعد التالية:

·         تُنتَخب أمانة عامة من 10-15 عضوا، ينتخبون بدورهم مكتبا من 3-5 أعضاء،  وأن تعتمد الأمانة العامة الأولى مبدأ الأماكن الشاغرة وضم أعضاء آخرين لضمان توازن الكفاءات وتكامل الطيف الفكري السياسي. و أن تلتزم بحد أدنى من النشاط شهريا.

·         يسود في جميع الأجتماعات مبدأ التوافق الذي في حالتنا يعتمد موافقة 75% أو الثلثين في تصويت نظامي.  وفي حالة تكرر إعتراضات نفس الأقلية في أكثر من موضوع يطرح أمر إعفاء المعترضين وإنتقالهم من الأطار الداخلي  الى إطار الحوار الوطني ضمانا لفاعلية العمل وإنسجامه.

·         وينضم الأفراد للتجمع  بترشيح من إثنين من ألأعضاء المؤسسين ثم أي من الأعضاء فيما بعد، وفق تقاليد المؤتمر القومي. ويتم العمل لضمان مشاركة المرأة والشباب، وغلبة الجامعيين والمهنيين

.

مرحلة النضوج

    يعتبر  يقوم التجمع نفسه  جزءا تابعا للحركة الوطنية العراقية داخل الوطن ويبحث يمرور الزمن عن الوضع  الرسمي لهذا الأنتماء. كما يبحث يبحث إمكانية بأن  تتشكل داخله منابر وكتل شرعية بأهتمامات خاصة ضمن الأطار الوطني، دعما لمبدأ "التعدد في الوحدة" الذي يعي فائدة التبلورالمنفتح المشروع مقابل التكتلات المخفية. كما يبحث أمكانية إستيعاب تنظيمات وطنية بوصفها تنظيمات، مما سيستدعي وقتها تعديل مبدأ التوافق ليضمن حقوق المستقلين من جهة ويمنح التنظيمات وزنها في التصويت بنسبة ما تقدمه من منتسبين وإشتراكات  من جهة أخرى، ربما حسب نظام تصويت النقابات في حزب العمال البريطاني مثلا.

 

(.) -   6 تشرين-(4) 2006

 

(3) ميثاق براغ الصادر عن مؤتمر ( نداء براغ الى العراق )

 للفترة 16-17 كانون أول – ديسمبر 2006

الديباجة : 

نحن المؤتمرون من العراقيين الذين عارضوا  النظام الدكتاتوري السابق و امضوا سنوات طويلة من  العيش في البلدان الأوربية ؛ نقر (  ميثاق براغ )  تعبيرا عن إرادتنا في إيجاد حل عادل للازمة العراقية المعقدة، متطلعين الى القيم والمبادئ القائمة على الأسس الديمقراطية والدستورية والاستقلالية التي بنيت عليها الأنظمة الدولية العادلة في العالم، باعتبارها سبيلا لتحقيق السيادة  ودولة القانون الرامية الى إعادة الكرامة الى العراق وشعبه وتخليصه من الاحتلال.

*********

 

أفضى احتلال العراق ،  غير المشروع ،  بقيادة الولايات المتحدة الى تداعيات كارثية أودت بحياة مئات الألوف من أبناء  الشعب العراقي، وتنصيب حكومات وفقا لأجندة الاحتلال ،أثبتت عجزها المطلق في التصدي للتحديات التي يواجهها الشعب العراقي ،  وتحولت هذه الحكومات الى جزء من المشكلة بفعل طابعها القائم على المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية خلافا لتقاليد التسامح والإخاء التي تربى عليها أبناء شعب الرافدين.

 وبسبب الممارسات الدموية لقوات التحالف، اندفعت قطاعات واسعة من أبناء الشعب العراقي لمقاومة الاحتلال بالوسائل المتاحة.

و يفاقم من دورة العنف، الإصرار على الحل العسكري وتغييب الحل السياسي الشامل، والرهان على تقسيم الشعب العراقي الى طوائف ومذاهب وأعراق متشظية.

ويمثل الإصرار الأمريكي على الانفراد بالملف العراقي احد ابرز التعقيدات في المشكلة العراقية، ما   يستدعي استنهاض الدور الأوربي البناء الذي يستند على القرارات الدولية.

ومن هنا فان المشاركين في ( ميثاق براغ )  يناشدون الأسرة الدولية والاتحاد الأوربي، العمل على إنهاء الاحتلال والمساهمة في إعادة تأهيل العراق على يد أبنائه ،  ومؤسسات المجتمع المدني وبالاستناد الى التجربة التاريخية الخلاقة للشعب العراقي .

ويرى المشاركون ما يلي:

 

1-   التحرك الدبلوماسي الفعال لبلدان الاتحاد الأوربي بالضغط على الولايات المتحدة الأميركية لإنهاء الاحتلال وتفعيل المشروع  الوطني العراقي والمبادرة الى  سحب القوات العسكرية لبلدان الاتحاد الأوربي من العراق في اقرب فرصة.

2-  إعادة بناء مؤسسات الدولة المختلفة باياد عراقية وبدعم دولي نزيه .

3-  إيجاد صيغ عملية عاجلة  للحد من الأزمة الداخلية التي تفتك بالبلاد .

4-   الشروع بدعم مقترح الأمين العام المنتهية ولايته السيد كوفي انان بعقد المؤتمر الدولي الخاص بالعراق، باعتباره احد أفضل الآليات للخروج من المأزق العراقي.

5-   الاعتماد على القوى السياسية الوطنية في الساحة العراقية،  بما يكفل إجراء انتخابات نزيهة برقابة مباشرة من قبل الأمم المتحدة- تفتح الطريق أمام قيام برلمان انتقالي يشرف على عمل حكومة الكفاءات التي يتعين عليها صياغة برامج سياسية واقتصادية وأمنية ناجعة.

 

 

واتفق المشاركون في ميثاق براغ على إن الغياب الطوعي للدور الأوربي في العراق خلق فراغا على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية كافة.  ويتطلع المؤتمرون الى التعاون القائم على أساس التكافؤ والمصالح المشتركة، والاستفادة من المنجزات التقنية والبرامج الاقتصادية في بلدان الاتحاد الأوربي، والانفتاح على الاستثمارات والمشاريع المشتركة في حقول الطاقة والإنتاج الصناعي والزراعي وغيرها من مستلزمات النهوض  بالاقتصاد العراقي وبما يضمن المصالح الوطنية والحفاظ على  ثروات العراق التي  فرط بها النظام  الدكتاتوري على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وما تلاه من فترة  الاحتلال.

إن مصالح الشعب العراقي تقتضي تطوير التعاون والتنسيق والتبادل البيني وتعزيز العلاقات التاريخية مع البلدان العربية وبلدان الجوار.  فالعراق بعربه وأكراده وجميع الأقليات المتعايشة على أرضه منذ ألاف السنين ،  لايمكن له انجاز الاستراتيجيات المشتركة مع أشقائه ، بدون الدفاع عن هويته العربية .  وهذا بدورة ينعكس على ارتباطاته الإقليمية والدولية، و يشكل جدارا قويا لحماية العراق من أطماع الدول الأخرى .

براغ في 17 كانون أول- ديسمبر 2006

 

 

 

(4) حول الحاجة إلى "كتلة تاريخية" تجمع التيارات الرئيسية للأمة مع إشارة خاصة إلى حالة العراق

(التحالف الوطني العراقي)

(ورقة عمل للمناقشة)

خير الدين حسيب

أولاً: الأسباب الموجبة

 

تواجه الأمة العربية شعوباً وأنظمةً سياسيةً، مأزقاً شاملاً، لم يعد التغيير فيه ممكناً على الطريقة السابقة، أي على طريقة الثورة الشعبية، أو طريقة الانقلاب العسكري. فتكاد الثورة الإيرانية تكون آخر أنماط الثورة الشعبية، بينما لم يكن ممكناً للانتفاضة الشعبية في إندونيسيا وهي حالة خاصة - أن ترحّل الجنرال سوهارتو دون تحييد الجيش، ودون الدعم الأمريكي لهذا التحييد. ولكن ما يهمنا هنا الحديث عن الحالة العربية. إذ كانت الحركات الوطنية العربية أحد عوامل التسبب في الانقلابات العسكرية، بسبب قصر نفسها، واعتقادها أن اللجوء إلى مؤسسة الجيش بوصفها مؤسسةً وطنية مركزية، يمكن أن يختصر عملية التغيير. لكن الأنظمة العربية تبدو اليوم في الوضع الراهن، من دون إنكار تفاوت الحالة بين هذا القطر أو ذاك، وكأنها قد أخذت "لقاحاً" أو اكتسبت مناعةً ضدّ "الأمراض" الفاتكة التي تهددها، أي بصورةٍ رئيسيةٍ ضد الحركات الشعبية وضد الانقلابات العسكرية على حدٍ سواء. ويعود ذلك إلى أسباب عديدة، يأتي في مقدمتها توسع دور الدولة الاقتصادي، وتكريس السيطرة على الإعلام، ومضاعفة حجم وقوة الأجهزة الأمنية... الخ. وبالتالي بات من الصعب تصور قيام ثورة شعبية في الوطن العربي على طريقة الثورة الإيرانية، بل حتى على طريقة الحالة الإندونيسية الخاصة، التي لم تنجح لولا الدعم الخارجي الأمريكي لتحييد الجيش، وبالتالي نحن هنا إزاء دور العامل الخارجي.

 

في ما يتعلق بالانقلابات العسكرية، ثبت أنه ليس كل ضابط انقلابي يرفع شعاراتٍ كبيرة هو عبد الناصر، بل هناك ملاحظات حتى على تجربة عبد الناصر وما حصل لها بعد غيابه. ولكن على الرغم من سوء أداء الأنظمة العربية، وفشلها على المستوى القطري في تحقيق أي إنجاز حقيقي على مستوى تحقيق الأهداف الوطنية، فإن مأزق الشعوب بات يكمن على الأقل في أن الحل إما أن يأتي من الداخل أو يأتي من الخارج. وتجربة العراق تبين لنا نتائج الاستعانة أو الاعتماد على العنصر الخارجي. فما هو البديل من الاعتماد على هذا العامل؟

 

وإذا كانت تجربة موريتانيا الأخيرة تشير إلى حالة جديدة تتم عن طريق انقلاب عسكري يدير مرحلة انتقالية للانتقال إلى وضع ديمقراطي وينسحب بعدها من الحياة السياسية، فإن التجربة لا تزال في مراحلها الأولية الناجحة حتى الآن، إلا أنه من الصعب الحكم النهائي عليها كنموذج يمكن الاقتداء به قبل أن تنتهي المرحلة الانتقالية وتنتقل موريتانيا إلى وضع ديمقراطي سليم، وأن لا تنتكس كما حدث في حالة السودان والرئيس سوار الذهب. وبانتظار النتيجة النهائية للتجربة الموريتانية، فإنه لا يمكن إسقاط هذا النموذج للتغيير كلياً.

 

وهكذا فإن مأزق الشعوب العربية بات يكمن على الأقل في أن الحل إما أن يأتي من الداخل أو يأتي من الخارج، بالاستعانة بقوى خارجية في عملية التغيير الداخلي. وتجربة العراق تبين لنا نتائج الاستعانة أو الاعتماد على العنصر الخارجي. فما هو الحل البديل من الاعتماد على هذا العامل الخارجي؟

 

تساعدنا تجربة نلسون مانديلا على تصور هذا الحل. يروي مانديلا في مذكراته(1) معاناة الأشغال الشاقة الحقيقية التي أمضاها على مدى سبعة وعشرين عاماً في المعتقل. كانوا يذهبون يومياً منذ الصباح إلى الجبل لنحت الصخر في هذه العقوبة، لكنه توصل بعد ذلك وهو في هذه الظروف إلى نتيجة هي أنه ليس بإمكانهم القضاء على حكومة التمييز العنصري، كما أن تلك الحكومة غير قادرة على أن تقضي عليهم. وبالتالي لا بد من حوار واتفاق على صيغة معينة، دون التنازل عن القضايا المبدئية. ونقرأ في مسيرته الطويلة، أنه بدأ بالكلام مع مدير السجن ثم مع موظفين من الدرجة الثانية والثالثة، إلى أن وصل إلى رئيس الوزراء كليرك، وأبرم الصفقة التاريخية، لكن من دون أي تنازل عن أي من الثوابت، ليصبح رئيساً للجمهورية، وينتهي النظام العنصري. وللمفارقة وقّع ياسر عرفات في العام نفسه (1993) اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل مع تنازلات رئيسية في الثوابت. وحدث شيء من ذلك في أنظمة أمريكا اللاتينية التي كانت كلها قبل سنوات التسعينيات دكتاتورية، حيث تحولت أغلبيتها الساحقة من حكم الدبابة إلى حكم صندوق الاقتراع. وتم ذلك في معظم الحالات عبر صفقة تاريخية بين قوى المعارضة الوطنية وبين الأنظمة الحاكمة.

 

حدث في بعض أقطار الوطن العربي شيء من هذه الصفقة، وربما كانت التجربة المغربية أكثرها وضوحاً من ناحية البداية، لكننا لا أستطيع الجزم بمستقبلها، بينما حدث تراجع في كل من البحرين والأردن عن مثل هذه البداية. كما تخوض موريتانيا تجربة جديدة، إذاً فكيف نتصور الحل؟ الثورة الشعبية غير ممكنة، والانقلاب العسكري غير مرغوب فيه وغير ممكن في وقت واحد.

 

وبالمقابل لا أعتقد أنه يمكن لأي تيار سياسي لوحده، سواء كان قومياً أو إسلامياً أو يسارياً أو ليبرالياً، أن يقوم بعملية التغيير، بسبب وطأة الأنظمة، وعدم قدرة كل تيار وحده على إحداث عملية التغيير، وكذلك ضرورة عدم تكرار تجربة الصراع الداخلي واستنزافاتها في مرحلة الخمسينيات والستينيات بين بعض هذه التيارات، حول قضايا لا يمكن التوصل إلى حلها إلا على المدى البعيد. حيث كنا جميعاً، أي أبناء هذه التيارات، ضحايا لها.

 

وتصبح هذه الحاجة للقاء وتعاون هذه التيارات الوطنية الأربعة أكثر إلحاحاً في حالة احتلال أي قطر عربي، نتيجة الاستعانة بالخارج لإحداث التغيير المطلوب أو تعاون بعض القوى الداخلية مع الخارج لتحقيق أهداف خاصة به، مهما كانت الشعارات التي يطرحها. وينطبق ذلك عربياً، في الوقت الراهن، على حالة العراق بشكل خاص، كما سنرى فيما بعد، إذ يعجز أي تيار وطني لوحده إخراج الاحتلال وتحرير البلد ناهيك عن الانتقال إلى وضع ديمقراطي.

 

* * *

 

ثانياً: على المستوى العربي

 

لم يعد خافياً على أي مراقب محايد حجم الحملة التي تستهدف القومية العربية والإسلام معاً باعتبارهما إطارين للتوحيد والتواصل الحضاري في منطقة تمتلك حيوية استراتيجية فائقة بالنسبة إلى القوى الطامحة إلى الهيمنة على مقدرات العالم اليوم. وإذا كانت هذه الحرب لم تتوقف يوماً واحداً، ومنذ قرون، ضد العروبة والإسلام إلا أنها تتميز في هذه المرحلة بأمرين بالغي الخطورة:

 

الأمر الأول: إنها تأخذ طابعاً بالغ الحدة والشراسة، على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية والثقافية، حيث تجري باسم "الحرب على الإرهاب" حرب استئصال جسدية وفكرية وتربوية ضد الأمة تصل إلى استهداف مباشر للعقيدة الدينية والهوية القومية.

 

الأمر الثاني: إنها تأخذ حالياً طابع الحرب المباشرة على التيار القومي العربي والتيار الإسلامي في آن معاً، بعد أن سعت ولعقود خلت لأن تستخدم الصراع بين التيارين كإحدى الأدوات الرئيسية في حربها على العروبة والإسلام.

 

وإذا كانت الشراسة التي تتسم بها هذه الحرب يمكن تفسيرها بمدى الصلابة التي تواجه بها الأمة مخططات أعدائها، وبعمق الروح الجهادية التي تتجلى في كل مواقع المقاومة في الأمة العربية والإسلامية، فإن مرد الاستهداف المزدوج للتيارين القومي العربي والإسلامي يعود إلى أن التيارين قد نجحا في السنوات الأخيرة، وتحديداً مع بداية التسعينيات، في بناء علاقة تفاعلية وتكاملية بينهما أدت إلى سد الكثير من الثغرات التي طالما نفذ منها أعداء العروبة والإسلام من أجل ضربهما معاً.

 

ولقد وقف وراء هذا التطور الإيجابي في العلاقة بين التيارين الإدراك المشترك لقواهما ورموزهما الأبرز، للمخاطر الجسيمة التي تواجه الأمة، وللتطور الخطير في مستوى المجابهة مع الأعداء، ولا سيما حين بدأت بعض الدوائر الغربية، الفكرية والسياسية والثقافية، تعتبر صراحة أن الخطر القادم، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، هو ذلك المتمثل بالإسلام والعروبة، وتتصرف فعلاً على هذا الأساس.

 

وقد واكب هذا التطور دخول التيار اليساري العروبي إلى دائرة التيار القومي في عملية بدأت في النصف الأول من الستينيات وتعززت كرد على الهجمة التي تعرضت لها الحقبة الناصرية في مصر، ولم يعد بين التيار القومي العربي والتيار اليساري العروبي أية خلافات جوهرية تتعلق بالمستقبل، ولكنها، إن وجدت، تتعلق بالإرث التاريخي للتيارين وأحداث التصادم بينهما في الماضي، وهي عقد وترسبات لا يمكن شطبها مهما بُذل من جهد حولها، وكل ما يمكن عمله هو الاستفادة من عبرة تلك الخلافات للمستقبل.

 

كما ينطبق نفس الشيء على التيار الليبرالي الوطني العروبي، بغض النظر عن حجم هذا التيار في العراق أو في غيره، طالما اشترك مع التيارات الثلاثة الأخرى في رؤية مشتركة للمستقبل.

 

وقد عزّز هذا الإدراك أيضاً، مبادرات حثيثة قامت بها قوى ورموز قومية وإسلامية مستنيرة رفضت الصدام المفتعل بين العروبة والإسلام، مشددة على أن الإسلام هو مكوّن رئيسي للمحتوى الحضاري والروحي للحركة القومية العربية، بما يجعل للإسلام موقعاً مميزاً لدى كل عربي، حتى لو كان غير مسلم، باعتباره يرى في الإسلام حضارة له وثقافة وتاريخاً يعتز بهما، ومشددة كذلك على أن لغة القرآن الكريم، وهوية الرسول العربي، وأغلبية رواد الدعوة الأوائل، تجعل للعروبة، كما للعربية، مكانة خاصة لدى كل مسلم، حتى لو كان غير عربي، ولا سيما أن معارك العرب ضد الغزاة هي معارك المسلمين كلهم، وأنهم بدفاعهم عن المقدسات إنما يدافعون عن مقدسات الأمة كلها، بالإضافة إلى مشاركة كل العرب وكل المسلمين في صياغة النسيج الحضاري للأمة.

 

وقد ارتبط هذا الاهتمام بقراءة مستقبلية للواقع العربي تمثل بـ "مشروع استشراف مستقبل الوطن العربي" الذي قام به مركز دراسات الوحدة العربية في أواسط الثمانينيات، ونشر تقريره العام في أواخر عام 1988 في كتاب صادر عن المركز بعنوان: مستقبل الأمة العربية: التحديات... والخيارات(2)، حيث دعا المشروع في مشهد (سيناريو) الوحدة الاتحادية الذي اقترحه، إلى قيام "حركة قومية جديدة" تتفادى الأخطاء والرواسب التي علقت في أذهان الكثيرين، بحق أو بغير حق، حول الحركات القومية التي وصلت إلى السلطة في عدد من الأقطار العربية خلال العقود الخمسة السابقة. لذلك فإن الحركة القومية "الجديدة" لا بد أن تكون ديمقراطية في منطلقاتها الأيديولوجية وفي ممارساتها العملية حتى قبل الوصول إلى السلطة، وبالقطع أثناء توليها السلطة. كما لا بد لها من أن تجد صيغة أكثر ملاءمة وتعاطفاً ووضوحاً مع المحتوى الحضاري للدين، وبخاصة الإسلام، كقوة حضارية أصيلة متعمقة في الوجدان الشعبي العربي، وأن تتبنى "المشروع الحضاري القومي العربي" الذي دعا المشروع إلى إعداده، بمطالبه الستة المتمثلة في:

- الوحدة العربية: في مواجهة التجزئة بكل صورها القطرية والطائفية والقبلية.

- الديمقراطية: في مواجهة الاستبداد بكل صوره وأشكاله.

- التنمية المستقبلية: في مواجهة التخلف أو النمو المشوّه والتابع.

- العدالة الاجتماعية: في مواجهة الظلم والاستغلال بكل صوره ومستوياته.

- الاستقلال الوطني والقومي: في مواجهة الهيمنة الأجنبية الإقليمية والدولية.

- التجدد الحضاري: في مواجهة التجمد الذاتي من الداخل والمسخ الثقافي من الخارج.

 

كما أكد المشروع على أن تكوّن هذه المطالب الستة في ما بينها مشروعاً قومياً، مترابطاً وعضوياً، ومتسقاً منطقياً، وملهماً جماهيرياً، وهو لا يصلح أساساً لإجماع عربي جديد فحسب، ولكن أيضاً كمخرج وحيد من حالة التردّي العربي التي عجزت كل الدول القطرية العربية عن الخروج منها. كما أكد المشروع على أن تؤخذ مقترحات هذا المشروع الحضاري القومي العربي ككل، ومن دون مقايضات زائفة بين بعض توجهاته على حساب البعض الآخر.

 

كما بيّن المشروع أنه لا بد من أن يقوم برنامج عمل وتحالفات هذه الحركة القومية الجديدة على فهم لحقيقة قوى التغيير والتحول الحالية في الوطن العربي، من منطلق الإبداع في التعامل مع الحقيقة، وليس مجرد التسليم بالامتدادات الخطية لها. ومن هنا ضرورة الحوار الجاد مع فصائل القوى التقدمية العربية الأخرى، وبخاصة التيار اليساري العروبي، التي حصلت لديها خلال الأربعين سنة الأخيرة تحولات مهمة وأساسية في قناعاتها ومواقفها، وبدرجات مختلفة، من القومية العربية والوحدة العربية. ولم يعد هذا الموضوع مجرد شعار تكتيكي لدى الكثير منها بقدر ما هو قناعات أملتها الخبرة التاريخية التي مرت بها. ومما يمكن أن يساعد في بدء نجاح هذا الحوار، هو أن يكون التركيز فيه على تطلعات وأهداف المستقبل، حيث يتوافر اتفاق كبير حولها، أكثر مما يدور حول تقويم وتفسير أحداث الماضي، حيث هناك اختلافات شديدة حولها. كما أن نجاح هذا الحوار منوط بمدى اقتناع فصائل الحركة التقدمية العربية الأخرى هذه بالديمقراطية ومتطلباتها؛ من تعددية سياسية، واحترام الرأي الآخر، وقبول التعايش والصراع السلمي الديمقراطي. ومن دون جو حقيقي من هذه الثقة والاعتراف المتبادل بحقيقة الوجود وحق الاستمرار والتعبير عن الرأي، يصبح الحوار - حتى إذا حصل - مجرد هدف مرحلي لا يلبث أن تتخلى عنه الجماعات التي تتاح لها فرصة الوصول أو القرب من السلطة.

 

كما لا بد للحركة القومية الجديدة من أن تتفاعل وتتحاور مع القوى الثورية الإسلامية، كقوى اجتماعية، وكحقيقة موجودة، شرط أن يكون إطارها المرجعي عربياً، وأن تكون ديمقراطية، بما تتضمنه من إقرار للتعددية السياسية والاجتماعية، واحترام هذه التعددية، والتهيؤ للتعايش معها، حتى يمكنها أن تلعب دوراً إيجابياً في هذا المشهد، أي أن تتوجه بصوتها أصلاً إلى كل الوطن العربي، حتى إذا كان في مخططها البعيد أن تتجاوز هذا الإطار إلى ما هو أوسع. ذلك أن حركة إسلامية ثورية معادية للعروبة أو ذات توجهات خارج هذا الإطار، من شأنها أن تثير من الفرقة والانقسام الديني والطائفي والعرقي الشيء الكثير، حتى داخل مجتمع الدولة القطرية نفسه، ناهيك عن المخاوف والهواجس التي يمكن أن تنشأ في الأقطار المجاورة. وهذا يستبعد من الحوار بالضرورة الحركات الإسلامية المذهبية، وكذلك الحركات الدينية السرية التي تلجأ إلى العنف الإرهابي كوسيلة للوصول إلى السلطة، والحركات الدينية الفاشية في تنظيمها الداخلي أو في منطلقاتها في التعامل مع المجتمع ومع القوى السياسية الأخرى.

 

ولقد اكتسبت ندوة "الحوار القومي - الديني"، التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية عام 1989 وعقدت في القاهرة، أهمية مضاعفة لا لمجرد أنها جمعت قوميين وإسلاميين في إطار تحاوري مثمر، ولا لأنها أتت بعد الحرب العراقية - الإيرانية التي حاول الكثيرون تصويرها، عن جهل أو عن قصد، بأنها حرب بين العروبة والإسلام فقط، بل أيضاً لأن رموز كل تيار قاموا خلال الندوة بعملية نقد ذاتي للممارسات الخاطئة التي ارتكبها تيارهم ضد التيار الآخر، مما عزز الثقة بينهم وفتح الباب واسعاً أمام الرغبة المشتركة في الاستمرار في الحوار وترجمته في مؤسسات عمل مشترك أخذت تتشكل على المستويين القومي وداخل كل قطر.

 

ولقد أتت توجهات المؤتمر القومي العربي الأول الذي انعقد في تونس عام 1990، لتستكمل هذا المنحى الحواري السليم عبر الدعوة إلى تأسيس مؤتمر قومي عربي - إسلامي، فجرى بمبادرة من المؤتمر تشكيل لجنة تحضيرية مشتركة من التيارين نجحت بعد ثلاث سنوات في عقد أول مؤتمر قومي - إسلامي(3) في بيروت في خريف عام 1994، ليتحول إلى مؤسسة دائمة للتحاور والتشاور والتفاعل والتلاقي حول برنامج سياسي وفكري محدد أقره المؤتمر، وكان أهم ما تضمنه هذا البرنامج ما يلي:

1- رفض التسويات المطروحة لإنهاء الصراع العربي - الصهيوني.

2- دعم الانتفاضة المجاهدة في فلسطين والمقاومة الباسلة في لبنان.

3- رفض التطبيع مع العدو الصهيوني.

4- رفض الوجود الأجنبي وأشكال الهيمنة الأجنبية كافة.

5- متابعة النضال والجهاد والكفاح لتحقيق هدف الوحدة العربية، والعمل لإيجاد الحقائق الوحدوية على أرض الواقع في وطننا العربي الكبير، بما ينعكس على الحياة اليومية لأبناء أمتنا إقامة وتنقلاً وعملاً في نطاق التعبير عن مبدأ "المواطنة العربية".

6- الدعوة إلى مصالحة عربية شاملة تبدأ بمصالحة بين الحكومات العربية وشعوبها، والانتقال مباشرة إلى تفعيل وإحياء مؤسسات العمل العربي المشترك.

7- المطالبة بالرفع الفوري للحصار (الذي كان مفروضاً حينذاك) على العراق بشكل كامل وكلي.

8- التمسك بالوحدة الوطنية.

9- التأكيد على حق كل القوى السياسية في مباشرة العمل العام في ظل الشرعية الدستورية، والمشروعية القانونية.

10- إدانة كل انتهاك للحريات وحقوق الإنسان.

11- طرح قضية المدنيين المحتجزين والمعتقلين الإداريين في السجون الإسرائيلية على الرأي العام العالمي.

12- التأكيد على خطورة سياسة الخصخصة، وكذا خطورة إنهاء دور الدولة في تأمين التنمية الداخلية، والخضوع لسياسة المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية.

13- العمل على توثيق العلاقات بين الأمة العربية وشعوب الدائرة الحضارية العربية والإسلامية.

 

وبالإضافة إلى الاتفاق على البرنامج السياسي الموحّد، عمل التياران على استحداث مؤسسات العمل المشترك بينهما، وكان من أبرزها "مؤسسة القدس" التي ولدت إثر "مؤتمر للقدس" الذي انعقد في بيروت بعد عام ونيف على انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية، وهي المؤسسة التي ضمت إلى المشاركين العرب من التيارين مشاركين من دول إسلامية غير عربية أيضاً.

 

ولقد ساهمت أمور ثلاثة في تعزيز هذا التوجّه: أولها، الاتفاق بين التيارين على تبني المشروع الحضاري النهضوي العربي بعناصره الستة (الوحدة، الديمقراطية، الاستقلال الوطني القومي، العدالة الاجتماعية، التنمية المستقلة، التجدد الحضاري) واعتبار الالتزام بهذا المشروع شرطاً لعضوية المؤتمر.

 

أما الأمر الثاني، فكان تنامي الهجمة الأمريكية - الصهيونية ضد الأمة بكل تياراتها، وخصوصاً في فلسطين والعراق، مروراً بالحرب على أفغانستان، والتهديدات المتواصلة لسوريا ولبنان وإيران والعديد من الأقطار العربية والإسلامية، مما وفّر قاعدة عمل مشترك للتيارين تمثلت في هيئات التضامن مع الانتفاضة، ورفض الحصار والعدوان ضد العراق، وصون المقاومة في لبنان، ومقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني، ومقاطعة كل داعمي الكيان الصهيوني من دول ومؤسسات وأفراد.

 

والأمر الثالث أنه على الرغم من أن التلاقي بين التيارين لم ينعكس دائماً، وفي كل الساحات، تعاوناً في الانتخابات التشريعية أو المحلية أو النقابية، لكن النتائج كانت تشير بوضوح إلى أنه حيث كان يتم مثل هذا الاتفاق كانت النتيجة تأتي كاسحة لمصلحة التيارين.

 

* * *

 

وأما بالنسبة للتيار اليساري العروبي، فقط جرت أكثر من محاولة لتنظيم حوار قومي – يساري، وتبين أنه لا توجد خلافات فكرية أساسية بين التيارين، بعد أن تبني التيار القومي قضية العدالة الاجتماعية والديمقراطية، وبعد أن تبنى معظم التيار اليساري، فكرياً على الأقل، قضية العروبة والوحدة العربية والديمقراطية، وأن الخلافات التي لا تزال قائمة بينهما تتعلق بالماضي أكثر مما تتعلق بالمستقبل وكذلك بالنسبة للنظر والمواقف من بعض التيارات الأخرى خارج هذين التيارين. وتم الاتفاق بين بعض قيادات هذين التيارين على أن يتم الحوار الفكري بينهما من خلال الإعداد ومناقشة وصياغة "المشروع الحضاري النهضوي العربي" وهو ما يتم فعلياً.

 

أما بالنسبة للتيار الليبرالي الوطني العربي، فقد حدثت تحولات في قطاع واسع من هذا التيار في اتجاه الاهتمام بقضية "العدالة الاجتماعية" وكذلك بموضوع "التجدد الحضاري" بدلاً من الاغتراب والاستلاب الثقافي والحضاري، وهو ما يجعل الحوار والتفاعل واللقاء مع تلك الأطراف من هذه التيار أمراً ممكناً.

 

* * *

 

إن قيام "الكتلة التاريخية" بين التيارات الرئيسية في الأمة: التيار القومي العربي، والتيار الإسلامي العروبي، والتيار اليساري العروبي، والتيار الليبرالي الوطني العروبي، والتي توصّل إلى إدراك أهميتها "مشروع استشراف مستقبل الوطن العربي"، لم يعد في اللحظة الراهنة أحد الخيارات المتاحة أمام الأمة، بل بات خيارها الوحيد لمواجهة الهجمة التي تستهدف وجودها وهويتها واستقلالها ومواردها في آن معاً.

 

فمسيرة التلاقي بين هذه التيارات ينبغي أن تستمر في كل اتجاه، وفي كل ساحة، وعلى كل مستوى، وفي كل إطار عمل، وفي كل انتخابات نيابية أو بلدية أو نقابية، لا كمجرد تعبير عن الإحساس المشترك بالمخاطر التي تواجه الأمة، بل أيضاً كتعبير عن مستوى النضج الذي وصلت إليه قيادات الأمة، ومفكروها، ومناضلوها بعد مسلسل التجارب المريرة التي مرت بالأمة، والتي كان الانقسام والتناحر بين قوى الأمة وتياراتها، بل داخل هذه القوى والتيارات نفسها، هما العنوانين البارزين والسببين المباشرين لتلك النكسات.

 

واليوم، وأكثر من أي وقت مضى، فإننا نقترب من تحقيق مهمات التحرير والتغيير والتطوير في الأمة بقدر ما نتقدم على طريق توحيد تيارات الأمة وطاقاتها.

 

إن الطريق إلى تعميق التحالف بين هذه التيارات، وهذا ما تستدعيه كثيراً اللحظة الراهنة، يستدعي التذكير بالمهام المرحلية التي أقرها المؤتمر القومي - الإسلامي الأول وقطع شوطاً في تنفيذ بعضها، وتعثر تنفيذ البعض الآخر، وهي مهام يمكن الاستفادة منها والعمل من أجلها في إطار التيارات الأربعة:

 

فعلى صعيد التفاعل الفكري:

1 - السعي إلى تنظيم سلسلة من الندوات والحوارات على المستوى القومي بين هذه الأطراف حول القضايا الفكرية التي تهمهما، وفي مقدمتها صياغة المشروع النهضوي العربي بجميع أبعاده الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية، بما في ذلك مواضيع "العلمانية" و"تطبيق الشريعة"، ويعد مركز دراسات الوحدة العربية ندوة فكرية لمواصلة الحوار الفكري بين هذه التيارات خلال خريف عام 2007، في مصر أو لبنان.

2 - السعي إلى تنظيم حوارات على المستوى القطري بين هذه التيارات الأربعة للخروج بتصورات مشتركة منبثقة من حاجات المواجهة للتحديات المطروحة في كل قطر.

3 - بذل كل الجهود للارتقاء بمستوى الخطاب، خاصة في أجهزة الإعلام، بما يساعد على دفع الحوار وإثرائه، وتركيزه على القضايا والمصالح الأساسية للأمة مع العمل على فتح المنابر الإعلامية المتوافرة للأطراف المختلفة وحتى توحيدها، جزئياً أو كلياً، من أجل الإسهام في مزيد من التفاعل الفكري بينها.

كما يمكن الاستفادة من توصيات ذلك المؤتمر على صعيد العمل السياسي.

 

وعلى الرغم من أن تطورات هامة حصلت على مدى العقد الفاصل بيننا اليوم وبين إقرار تلك المهام، ولا سيما في ظل الاحتلال الأمريكي - البريطاني للعراق وما يتطلبه من رفع وتيرة المقاومة، بكل أشكالها ومستوياتها، ضده، بما في ذلك رفض التعامل مع الاحتلال وكل إفرازاته ونتائجه وتداعياتها، وإنجاز مصالحة تاريخية داخل المجتمع العراقي، وتكريس الديمقراطية والتعددية كمرجعية للعلاقات بين العراقيين، إلا أن هذه المهام الفكرية والسياسية ما زالت صالحة حتى الآن لتشكل برنامج العمل الفاعل لتطوير العلاقة بين هذه التيارات وتطويرها، ونقلها من القوى القيادية والنخبوية إلى مستوى القواعد الشعبية والشبابية بشكل خاص.

 

* * *

 

لا شك في أن الحد من حجم الخسائر التي نجمت عن إطلاق المشروع الأمريكي على المنطقة العربية وجوارها الإسلامي، لن يكون ممكناً إلا بالارتقاء بأساليب الممانعة بين أطراف الأمة كافةً، وتركيزها في برنامج عملي مشترك. لكن هذا لا ينفي أن الحاجة إلى حوار عميق بين تيارات الأمة، وصولاً إلى استيلاد كتلة تاريخية، هو مما تفرضه أوضاعنا الذاتية. فإذا ما تبصرنا في تاريخنا الحديث في القرن الماضي على الأقل، فإننا نلحظ أنه تاريخ تعاقُب نخب على السلطة السياسية أو على السلطة المعنوية المتعلقة بسلطة الإنتاج الفكري والثقافي للأفكار الكبرى. ولقد استهلكنا في هذا التاريخ أربعة أنواع من النخب: نخبة ليبرالية خاصة في مرحلة ما بين الحربين، ونخبة قومية بدءاً من مطالع الخمسينيات، ثم نخبة يسارية ماركسية بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967، ثم نخبة إسلامية أخذت زخماً واندفاعةً كبرى بعد قيام الثورة الإيرانية.

 

في كل حقبة من هذه الحقب، هيمنت فكرة محورية أو أساسية بالمعنى الغرامشي لمفهوم الهيمنة (Hegemony). وكان لها الغلبة بوسائط السياسة أو بوسائط الفكر. في الحقبة الليبرالية كانت قضية الديمقراطية أو المشاركة أو المؤسسات أو الدستور أو الحزبية أو التعددية أو غيرها هي الفكرة المهيمنة، ولم تكن النخبة الليبرالية يومئذ معنيةً بمسائل الوحدة العربية أو العدالة الاجتماعية، وأعقب ذلك لحظة ثانية هيمن فيها الخطاب القومي الذي سيدخل مفهوم الوحدة العربية في المجال التداولي، وأحياناً مقترناً - كما في التعبير الناصري - بمفهوم التنمية الوطنية المستقلة وما في جواره، كالتحرر الوطني والاستقلال القومي.. وغيرهما. استبعدت في هذه المرحلة شعارات نهضوية كبرى دشنت منذ زمن الإصلاحيين الاجتهاديين، كان من أهمها قضية الديمقراطية، التي برر تغييبها بفساد الأحزاب في المرحلة الليبرالية وتشتيتها للأمة، وضرورة رص الصفوف في مواجهة العدو الصهيوني والاستعمار. ثم تكرر ذلك مع صعود اليسار بعد هزيمة حزيران/يونيو 1967، حيث أنتج قراءة عدمية لكل التراث الذي سبقه، منطلقاً من فرضية قوامها بأن المفتاح السحري للتاريخ لحل قضايا الأمة يكون بالاشتراكية، ثم جاء التيار الإسلامي فغلّب صون الهوية الحضارية للأمة في وجه المسخ والتبديد.

 

في كل مرحلة من هذه المراحل الأربع، كان كل تيار يحسب نفسه صاحب فكرة صحيحة ووحيدة، وكان ثمن هذه الرؤية هو إقصاء الآخرين، وترجمة ذلك سياسياً بالاحتراب ما بين هذه التيارات. أعتقد في ضوء المراجعات الكبرى، والتي كان لمركز دراسات الوحدة العربية دور كبير فيها، أن الحاجة قد باتت ماسة لإعادة النظر بهذا التاريخ الثقافي - السياسي العصبوي، المنغلق والمتنابذ. لا يمكن القول إن كل نخبة من هذه النخب كانت على خطأ، لكنها على صواب فقط في ما إذا اجتمعت وليس إذا ما تفرقت. وهكذا لم نحقق الديمقراطية ولا التنمية ولا الوحدة القومية ولا العدالة الاجتماعية، ولم نصن شخصية الأمة من التبديد والمسخ الثقافي. مع ذلك، لا نستطيع حذف أية مرحلة من تلك المراحل، لكن ما نحتاج إليه هو خطاب تاريخي تركيبي يعيد تأليف اللحظات الفكرية التي عبرت عنها في خطابٍ واحد، تجمع عليه كل قوى الأمة. هذا الخطاب التاريخي هو ما نسميه بالخطاب النهضوي الجديد، الذي تتجاور فيه الديمقراطية والتنمية والوحدة والاستقلال الوطني والقومي والتجدد الحضاري والعدالة الاجتماعية، وغير ذلك، ولا تتنابذ.

 

أعتقد أننا نحتاج في السياسة إلى هذه الكتلة التاريخية التي تصهر كل المكوّنات في قوةٍ واحدة، ونحتاج على صعيد الفكر إلى خطابٍ واحدٍ جامع بين أمشاج هذه الأفكار، يكون هو خطاب النهضة وخطاب هذه الكتلة وبرنامجها الفكري الذي تشتق منه برنامجها السياسي. ففكرة الكتلة التاريخية هي الوجه السياسي لفكرة المشروع النهضوي العربي. ومن هنا تأتي أهمية هذا الحوار حولها.

 

إن مفهوم الكتلة التاريخية، مفهوم مركزي في هذا البرنامج، بدءاً بعنوانها ووصولاً إلى مطلب قيام كتلة تاريخية بين التيارات الرئيسية في الأمة، وإلى اعتباره خياراً وحيداً متاحاً أمام هذه الأمة. وكي يكون هذا المفهوم قابلاً للتداول في هذا السياق، لا بد من تدقيقه. إذا ما استبعدنا الاستعمال المحلي من نوع كتلة برلمانية، فإن الاستعمال السائد لمفهوم الكتلة التاريخية (Historical Bloc) يشير إلى عوامل وأشكال الربط بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني، بما في ذلك الهيمنة الأيديولوجية، وذلك في مجتمع معين، في لحظة تاريخية محددة. من هذه الوجهة يبدو استعمال مفهوم الكتلة التاريخية على صعيد الأمة العربية أو العربية-الإسلامية، مثيراً لإشكالات لا يمكن حلها على صعيد فكري تحليلي. إن العلاقة بين تيارين ليست علاقة إرادية معلقة، بل هي مرتبطة بظروف مادية، وقوى وحركات اجتماعية، وتيارات فكرية وسياسية أخرى، يمكن تصنيفها وتحديد مواقعها بدرجةٍ أو أخرى، في مجتمع محدّدٍ له علاقة معينة، بين مجتمعه السياسي ومجتمعه المدني، وهو ما يستحيل تحليلياً في مستوى أمة عابرة للمجتمعات.

 

أعتقد أن مفهوم الكتلة التاريخية كما هو مستعمل في البرنامج، هو أقرب إلى مفهوم "التسوية التاريخية" (Historical Compromise)، الذي يعني التنازل التاريخي المتبادل، أو "التواطؤ التاريخي" بين قوى أو تيارات متباعدة أو متصارعة أصلاً، لكن ظروفاً تاريخيةً معينة تضطرها للتقارب مرحلياً أو لأبعد من ذلك.

 

هذه الملاحظة حول المفهوم ليست شكلية. فالتسمية هنا تكثيف للتصور، وطريقة للإعلان عنه. وبصرف النظر عن الرأي في صياغة العلاقة، صياغةً سياسيةً، أرى في المطلق أن لهذه التيارات الخيار سياسياً بين مفهوم "التسوية" "Compromise" وبين مفهوم "التحالف" الذي أصبح معتاداً عند الحركات والأحزاب العربية.

 

ويجب ألا يغيب عنا أن في كل منها تضحية بمشروع طويل المدى، لصالح مشروع عاجل. ويصح قول ذلك على التيارات الأربعة وبشكلٍ خاص عن التيارين القومي والإسلامي، لأنه لا يمكن اختزالهما بسهولة في مشروع سياسي. إن لهما بعداً ثقافياً بالمعنى الواسع للكلمة، هو بمثابة العمق التاريخي الذي لا يؤتمن جانبه من الجانبين. الحذر واضح من جانب القوميين الذين يركزون على القوى الإسلامية الثورية ذات الطابع المرجعي العربي والديمقراطي، واستبعاد الحركات الإسلامية ذات النزعة المذهبية أو الدينية السرية، المعتمد على الإرهاب، أو ذات النزعة الفاشية. فما هو حذر الإسلاميين عموماً، وحذر الإسلاميين الثوريين من القوميين؟ أن لا يكون الجواب معروفاً على وجه الدقة، أو أن يكون قابلاً للتأويل في الحوار القومي - الإسلامي، فهذا لا يكلف كثيراً، لكن ألا يكون كذلك على صعيد مشروعٍ سياسي، فهذه قد لا تخلو من مجازفة محسوبة على المدى البعيد.

 

الدعوة للتلاقي بين التيارين القومي والإسلامي قائمة قبل التحدي الراهن، وعمرها يتخلل حوالي القرن. لكن هذا التحدي يفرض هذا التلاقي بين التيارات الأربعة، في الحدود المشار إليها، لأنه تحدٍ شاملٍ، على مستويات السياسة والثقافة والهوية والاقتصاد وكل شيء. والأيديولوجية القائمة خلف هذا التحدي واضحة في استهداف الإسلام والعروبة. مواجهة هذه التيارات الأربعة لهذا التحدي تتطلب العمل على أكثر من صعيد، ولا سيما على صعيد العلاقة ما بين النخب والجماهير التي تتحرك عادةً بشكلٍ عفويٍ، لمواقف تتصل بالعروبة أو بالإسلام أو بالتقدم. ويتطلب ذلك قيام الكتلة التاريخية على أسسٍ رئيسيةٍ مشتركة، لا تنفي الاختلاف، فلكل تيار الحرية في تأكيد اتجاهه. فقد يكون هناك من يرى إرجاء التأسيس النظري لهذه الكتلة، بدعوى مقاومة الكتل الصلبة لها. فهذا صحيح، لكن القاعدة تقول إن هذه الكتل الصلبة لا تنكسر من تلقاء ذاتها، بل من خلال بدائل عملية تسحب البساط من تحتها، وتطرح للجماهير نموذجاً آخر بديلاً من التشرنق. والكتلة البديلة لن تقوم بالطبع على التصلب بل على التفاعل المتبادل المفتوح. ولهذا أساسه، فمثلاً موقف الإسلاميين من قضايا الوحدة والديمقراطية والمجتمع المدني يختلف الآن كثيراً عما كان عليه قبل ثلاثين عاماً مثلاً. وهو ما يقال عن القوميين الذين صححوا موقفهم من مسألة الديمقراطية. كما ينطبق ذلك على موقف التيار اليساري من العروبة والوحدة العربية، والتي أصبحت من مسلمات هذا التيار اليساري العروبي. كما حصلت تغييرات مماثلة في قطاع مهم من التيار الليبرالي الوطني في اتجاه العروبة والعدالة الاجتماعية. ويعني ذلك أنه قد حصل نوع من الخروج على ذلك التكوين الصلب المنغلق، وقامت إمكانات ومشتركات التلاقي التي وضعت عناصر المشروع الحضاري النهضوي العربي أسسها.

 

* * *

 

            ومن غير المتوقع أن يتم هذا اللقاء والتفاعل بين هذه التيارات الأربعة مرّة واحدة تشمل جميع مكونات تلك التيارات، وفي جميع الأقطار العربية. ولكن أي تقدم ناجح في هذا الاتجاه، في قطر أو أقطار عربية سيشكل قوة دفع لنفس الاتجاه في أقطار عربية أخرى، كما أن اشتراك الغالبية من كل تيار من هذه التيارات، في إطار قطر واحد، ستسهم وتساعد في إحداث التحولات الفكرية والسياسية اللازمة لمن تبقى من مكونات كل من هذه التيارات الأربعة. ولذلك فإن أي تفاعل ونموذج ناجح لهذه التفاعلات والتحالفات بين هذه التيارات سيكون مصدر إشعاع لها على المستوى القطري والقومي.

 

* * *

 

ثالثاً: حالة العراق

 

1- الحاجة إلى قيام "التحالف الوطني العراقي"

 

            تعتبر حالة العراق أكثر وضوحاً للحاجة الملحة إلى قيام تحالف بين هذه التيارات الوطنية الأربعة، قد يأخذ شكلاً أكثر تطوراً من حالة أقطار عربية أخرى للأسباب التالية:

 

            أ- لم تتح الفرصة لهذه التيارات الوطنية الأربعة للعمل داخل العراق بشكل علني خلال مرحلة النظام السابق، 1968 - 2003، حيث لم يكن النظام يسمح بقيام حياة حزبية تعددية، إلا في حالات استثنائية تكون تلك الأحزاب صورية وملتحقة بالنظام، كما تمت تصفية، في مراحل مختلفة من النظام السابق، ما كان لبعض هذه التيارات من تنظيمات قبل وصوله إلى السلطة.

           

ب- وخلال تلك الفترة نشأت أجيال جديدة من العراقيين، لم تتح لها فرصة العمل العام والتنظيم السياسي، ولذلك فعندما حصل الاحتلال، وإذا افترضنا أن الوعي السياسي يبدأ في سن الخامسة عشر عاماً، فإن الذين أعمارهم خمسون سنة فأقل عند الاحتلال، وهم أكثرية الشعب العراقي، لم يكن لهم سابق خبرة سياسية أو تنظيمية.

 

            ج- ونتيجة لما سبق، فلم تتح الفرصة للقوى الوطنية داخل العراق، خارج النظام الحاكم، لتنظيم أنفسها، وحتى التواصل مع أتباعها ناهيك عن التعاون فيما بينها. وهكذا عندما تم احتلال العراق في نيسان 2003، لم تكن داخل العراق قوى سياسية منظمة أو ذات خبرة تنظيمية وسياسية فيما عدا حزب البعث الذي كان حاكماً للعراق قبل الاحتلال.

 

            د- أما القوى السياسية العراقية التي كانت تعمل من خارج العراق، وفيما عدا استثناءات قليلة وصغيرة ومحدودة التأثير، فإن تلك القوى السياسية تعاونت بأشكال ودرجات مختلفة مع الولايات المتحدة في تمكينها من احتلال العراق، ثم المشاركة في الصيغ المختلفة التي مارسها الاحتلال في العراق. وبغض النظر عن مدى شعبية القوى التي تحالفت مع الاحتلال أو التحقت به وحجم قواعدها وتأثيراتها الداخلية بعيداً عن الاحتلال، فإنها قد أصبحت جميعاً بتعاونها مع الاحتلال خارج الصف الوطني ومسؤولة بدرجات مختلفة عن الاحتلال واستمراره حتى الوقت الحاضر.

 

            هـ- وقد بدأت بعد الاحتلال بعض القوى الوطنية العراقية من التيارات الأربعة التي لم تتعاون مع الاحتلال بمحاولة تنظيم نفسها، ولكنها عانت ولا تزال تعاني، وبدرجات مختلفة، من طابعها النخبوي ومن محدودية حجمها وثقلها السياسي ومن نقص الخبرة السياسية والتنظيمية لديها أو من طابعها الطائفي والمذهبي. ونتيجة لذلك فقد كان تأثيرها محدوداً على مجرى الأحداث، ولم تستطع حتى الآن من تغيير مجرى الأحداث السياسية في العراق أو لإنهاء احتلال العراق.

 

            و- وبالنسبة للمقاومة الوطنية العراقية المسلحة وفصائلها الرئيسية، والتي قامت بعد الاحتلال مباشرة، ورغم دورها الوطني وتأثيرها المتزايد على الاحتلال، فإنها وباستثناء تلك التابعة لحزب البعث، فليس لديها امتدادات سياسية منظمة وفاعلة على الساحة العراقية.

 

            ز- ونتيجة لكل ذلك فإن هناك فراغ سياسي وطني لقوى وطنية سياسية منظمة وفاعلة ضد الاحتلال، تعمل بموازاة وتدعم المقاومة الوطنية المسلحة، وهو فراغ لا يزال كبيراً، رغم محاولة بعض القوى السياسية والدينية والوطنية ملئ بعض هذا الفراغ، ولكنها لم تنجح حتى الآن في أن يكون لها تأثير في مجرى الأحداث المتدهورة في العراق تحت الاحتلال.

 

            ح- وقد عجزت التيارات الوطنية العراقية الأربعة: التيار القومي العربي، والتيار الإسلامي العروبي، والتيار اليساري العروبي، والتيار الليبرالي الوطني العروبي، عن تنظيم نفسها في تنظيم كل منها في إطار يوحد تلك المكونات على مستوى العراق كله، وليس في إطار نخبوي، أو طائفي، أو مذهبي، وبدرجات مختلفة من محدودية الانتشار والتأثير، ولذلك تبرز الحاجة إلى "كتلة تاريخية" تجمع هذه التيارات السياسية الأربعة الرافضة للاحتلال وللتعاون معه، وأن تساهم جنباً إلى جنب مع المقاومة الوطنية المسلحة، في تحرير العراق وإقامة نظام ديمقراطي تعددي.

 

            ط- إن هذه الحاجة لتنظيم وتعاون هذه التيارات الأربعة لا تفرضها فقط حالة الاحتلال وضرورة التعاون في تحرير العراق فقط، وإنما تبرز هذه الحاجة بعد التحرير أيضاً وضرورة الانتقال إلى وضع ديمقراطي تعددي حقيقي.

 

            ي- إن التعاون بين هذه التيارات الأربعة الرافضة للاحتلال والتي تهدف إلى تحرير العراق، يمكن أن يأخذ إحدى صيغتين:

 

            الصيغة الأولى، أن يقوم كل تيار بتنظيم نفسه سياسياً بصورة مستقلة وأن تتعاون مع بعضها في صيغة جبهوية أو غيرها لتحقيق أهدافها المشتركة.

 

            والصيغة الثانية، هي أن تبدأ عملها وتعاونها من خلال صيغة تجمع بينها ابتداء في تنظيم سياسي واحد، يتبنى برنامجاً مشتركاً محدد الأهداف والوسائل.

 

            ونظراً للظروف الراهنة في العراق، والحاجة إلى قيام تنظيم سياسي موحد يسد الفارغ السياسي الحالي في العراق، ويساهم في عملية التحرير وبناء عراق ما بعد التحرير، ولأن الصيغة الأولى قد تأخذ وقتاً طويلاً، ولأن هذه التيارات غير منظمة في كل منها حالياً في أطر حقيقية تشمل كل تيار، لذلك فإن الاختيار الأفضل في ظروف العراق الحالية هو الصيغة الثانية لاعتبارات عملية، وعلى أساس صيغة اتحادية تجمع بينها وفق برنامج واضح المعالم لمرحلتي ما قبل التحرير وما بعده.

 

            ك- وتهدف هذه الصيغة المقترحة إلى قيام "تحالف وطني عراقي" يجمع في تنظيم واحد هذه التيارات الأربعة في كتلة تاريخية تتبنى برنامج عمل سياسي وفكري موحد، ويضم القوى الوطنية المناهضة للاحتلال في داخل العراق وخارجه، حيث تتواجد عناصر وطنية عراقية كثيرة، على أن يكون التأكيد على الداخل في العراق إضافة إلى الاستعانة بالخارج كعامل مساعد.

 

            ل- وواضح أن هذه الصيغة تستبعد من عضويتها أية مجموعات سياسية منظمة، إلا إذا دخلت في التنظيم المقترح على أساس فردي وتخلت عن عضويتها في التنظيمات القائمة المنتمية إليها. ولكن ذلك لا يمنع "التحالف الوطني العراقي" من التعاون، بعد قيامه، مع قوى سياسية وطنية عراقية أخرى منظمة في إطار جهة أو أية صيغة وطنية مناسبة أخرى.

 

            م- أن يتم الاتصال بين هذه العناصر والقوى من التيارات الأربعة للاتفاق المبدئي على ذلك، ولمناقشة مسودة البرنامج المقترح، تمهيداً لعقد مؤتمر تأسيسي لها، يناقش ويصادق على البرنامج النهائي لها، وعلى نظام داخلي لهذا التحالف يحدد أطر عمله، وخطة عمل مرحلية لما قبل التحرير وبعده.

 

            ن- أما اختيار تعبير "الوطني" ضمن اسم هذا التحالف، فحتى يكون مفتوحاً أمام كل العناصر الوطنية المناهضة للاحتلال والتي تتبنى العناصر الستة للمشروع الحضاري النهضوي، والتي تنتمي إلى جميع مكونات الشعب العراقي من عرب وأكراد وتركمان وجماعات إثنية أخرى.

 

2- البرنامج المقترح

 

            يعتبر البرنامج الذي أُعد لمستقبل العراق بعد إنهاء الاحتلال، والذي تمت مناقشته من قبل ندوة ساهم فيها عدد كبير من العراقيين من داخل العراق وخارجه، وتم إعداده بشكله النهائي على ضوء تلك المناقشات، وتم نشره في كتاب مستقل(4)، وتضمن ما هو مقترح للعراق بعد إنهاء الاحتلال وتحريره من: دستور – قانون للانتخاب – قانون للأحزاب – برنامج لإعادة البناء – وللسياسة النفطية – وللإعلام – وللجيش – وللقضية الكردية – وللتعويضات. ويجري حالياً استكماله خلال الأسابيع القليلة القادمة بإضافة مشروع قانون لمكافحة وتحريم الطائفية والعنصرية، وبرنامج للتربية والتعليم في العراق.

 

            وانطلاقاً من هذا البرنامج المشار إليه والتوجهات العامة فيه، وأخذاً بنظر الاعتبار الاستفادة من البرامج المختلفة التي أطلقتها المقاومة الوطنية العراقية والهيئات العراقية المناهضة للاحتلال، دون التقيد بكل ما ورد فيها، يمكن تلخيص الأهداف العامة للبرنامج المقترح للتحالف الوطني العراقي، كما يلي:

 

أ- الاحتلال الأجنبي وإفرازاته

 

            (1) رفض الاحتلال الأجنبي للعراق رفضاً باتاً وكل ما ترتب ويترتب عليه من نتائج، والعمل بكل السبل والوسائل المتاحة والمشروعة لمقاومة هذا الاحتلال وخروجه كاملاً من العراق، وبأسرع ما يمكن، ورفض أية اتفاقات عسكرية وتواجد أية قواعد عسكرية له في العراق بعد خروجه.

 

            (2) الرفض الكامل للعملية السياسية الجارية في العراق، والتي أفرزها ورعاها الاحتلال، ورفض كل ما ترتب عليها من دستور وقوانين وانتخابات ومجلس للنواب.

 

            (3) دعوة بعض القوى الوطنية المناهضة مبدئياً للاحتلال والتي لم تساهم في مجيئه، والتي التحقت بالعملية السياسية بعد الاحتلال، إلى الخروج من العملية السياسية والالتحاق بالقوى الوطنية الرافضة للاحتلال وللعملية السياسية، وإلا فإنها ستتحمل ما يترتب على استمرار مشاركتها في العملية السياسية من إطالة أمد الاحتلال والأضرار التي قد تلحق بالعراق نتيجة لاستمرار تلك المشاركة.

 

ب- المقاومة العراقية

 

            (1) تأييد ودعم المقاومة الوطنية بكل أشكالها المسلحة والسلمية، الموجهة ضدّ الاحتلال والمتعاونين المباشرين معه، واعتبارها حقّ مشروع وأنها الوسيلة الرئيسية لإخراج الاحتلال وتحرير العراق.

 

            (2) الرفض الكامل والإدانة للأعمال التي تستهدف المدنيين الأبرياء، ولأعمال الخطف والتعذيب والانتقام والاغتيالات الطائفية والمذهبية والعنصرية واعتبارها خارج المقاومة الوطنية ومسيئة ومضرة بها.

 

            (3) الشعب العراقي هو الممثل الشرعي للعراق، والمقاومة الوطنية بأشكالها المختلفة هي جزء من هذا الشعب. ولا يجوز لأية قوى وطنية مقاومة الإنفراد في تقرير مستقبل العراق بعد تحريره.

 

            (4) دعوة المقاومة الوطنية المسلحة، باستثناء القوى المشار إليها في الفقرة (2) أعلاه، إلى التعاون والتنسيق والتخطيط فيما بينها والتركيز على مقاومة الاحتلال وإخراجه من العراق، وأن لا تنشغل الآن بمرحلة ما بعد التحرير وأن تستشار ويكون لها رأيها في مرحلة ما بعد التحرير، وأن يترك للشعب العراقي في انتخابات حرة تجري بعد التحرير لاختيار ممثليه على ضوء ما تطرحه القوى الوطنية المختلفة من أهداف ووسائل.

 

            (5) الانتباه والحذر من محاولات الاحتلال لإقامة اتصالات مع بعضها بهدف إثارة الخلافات فيما بينها وإشغالها عن الهدف الرئيسي العاجل وهو مقاومة الاحتلال وإخراجه من العراق.

 

ج- أهداف عامة

 

            (1) العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، والتأكيد على هويته العربية والإسلامية، وهو جمهورية ديمقراطية ذات سيادة لا تتجزأ، وعضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية، يلتزم ميثاقها واتفاقاتها، وعضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها.

 

            (2) الشعب العراقي يتألف من قوميتين عربية وكردية وأقوام أخرى متآلفة في إطار حقوق الإنسان والحريات العامة والمساواة في الحقوق والواجبات.

 

            (3) الالتزام المطلق بوحدة العراق أرضاً وشعباً وسيادة، ورفض أية محاولات لتقسيمه على أساس عرقي أو مذهبي.

 

            (4) العمل على التداول السلمي للسلطة وإعادتها إلى صاحبها الشرعي والوحيد شعب العراق، ورفض الدكتاتورية.

 

            (5) تأكيد وتكريس روح الولاء للوطن العراق وتحريم الولاء لغيره.

 

            (6) أن تكفل لجميع المواطنين حرية الفكر والتعبير والعقيدة والعبادة، وعدالة سياسية واقتصادية واجتماعية، وتكافؤاً في الفرص، ومساواةً أمام القانون.

 

            (7) اعتبار كل دعوى أو تصرف أو سلوك من شأنه زرع الفرقة وبثّ الفتنة في صفوف الشعب على أسس عرقية أو مذهبية أو دينية جريمة ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى للعراق، وتشريع قانون يحرّم الطائفية ويحدد كيفية محاربتها والقضاء عليها سياسياً وتربوياً وثقافياً.

 

            (8) تطوير قانون الحكم الذاتي لكردستان العراق بما يضمن الحقوق القومية والثقافية لإقليم كردستان ضمن إطار وحدة العراق وسيادته، ومناقشة هذه الأمور بروح الحوار والتفاعل مع القوى الكردية ضمن ثوابت الحرص على العلم والسيادة والثروة الوطنية والسياسة الخارجية والأمن القومي للعراق، والذي يوضحه ما هو مقترح في مشروع "الدستور" في البرنامج لمستقبل العراق بعد إنهاء الاحتلال.

 

            (9) العربية هي اللغة الرسمية، وإلى جانبها اللغة الكردية في إقليم كردستان وللأقوام الأخرى استخدام لغاتها في ثقافتها ومعارفها. ويكون تعليم اللغة العربية إلزامياً في إقليم كردستان، ويكون تعليم اللغة الكردية اختيارياً في المدارس الرسمية العراقية خارج إقليم كردستان.

 

            (10) العراقيون متساوون في شغل الوظائف العامة في الدولة، ويشترط في من يعمل في الوظائف العامة للدولة في إقليم كردستان أن يجيد اللغة الكردية قراءة وكتابة إضافة إلى اللغة العربية.

 

            (11) يحق للعراقيين، بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، التملك والسكن في أي أرض أو جزء من العراق، وفي حدود القانون الخاص بحقوق التملك.

 

            (12) التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين المركزية الأولى، وأن من واجب ومسؤولية العراق، ثنائياً وكذلك بالتعاون مع الدول العربية الأخرى بتقديم كل ما يستطيع تقديمه للشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه الرئيسية.

 

            (13) الخدمة العسكرية إلزامية، وفقاً للقواعد التي يحددها القانون. والدولة وحدها تنشئ القوات المسلحة وليس لغيرها إنشاء أية تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية أو تنظيمات مسلحة. كما تمنع منعاً باتاً جميع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى في العراق أن تعمل حزبياً وسياسياً داخل مؤسسة الجيش والقوى الأمنية الأخرى في العراق.

 

            (14) مهمة القوات المسلحة الدفاع عن الوطن ووحدته وسيادته واستقلاله. ولا يجوز لمنتسبي القوات المسلحة وقوى الأمن والشرطة ممارسة العمل السياسي، ويحظر عليهم الانتساب إلى الأحزاب والمنظمات السياسية.

 

د- المرحلة الانتقالية بعد التحرير

 

            (1) تكون هناك مرحلة انتقالية لمدة سنتين، تبدأ بعد إقرار انسحاب قوات الاحتلال.

 

            (2) يتم إطلاق سراح جميع الموقوفين والمعتقلين والمحجوزين والمحكومين لأسباب سياسية خلال فترة الاحتلال، ولا يشمل ذلك الذين تم اعتقالها أو احتجازهم والحكم عليهم لأسباب إجرامية غير سياسية.

 

            (3) يتم تشكيل حكومة وطنية عراقية انتقالية من كفاءات وطنية مستقلة حيادية وغير حزبية، وبالتشاور مع المقاومة الوطنية العراقية المسلحة والسياسية.

 

            (4) يلتزم رئيس الوزراء والوزراء في الحكومة الانتقالية عدم الترشيح لأية انتخابات قادمة.

           

(5) تُخول هذه الوزارة، خلال الفترة الانتقالية، الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والمالية اللازمة لتنفيذ واجباتها، كما يحق لها إعادة النظر، بإلغاء أو تعديل، جميع القوانين والأنظمة والأوامر الصادرة منذ احتلال العراق حتى تاريخ تشكيلها، وكذلك أية قوانين وأنظمة وتعليمات صادرة قبل الاحتلال.

 

            (6) تشكيل مجلس استشاري من (100 – 150) عضواً من القوى السياسية والشخصيات والكفاءات العراقية التي لم تتعاون مع الاحتلال.

 

            (7) يعتبر "الدستور" الذي تم إعداده تحت الاحتلال ملغى لافتقاده الشرعية وتلغى جميع القوانين والإجراءات التي تمت استناداً إليه.

 

            (8) تبدأ الوزارة الانتقالية فور تشكيلها، وبالتشاور مع المقاومة الوطنية العراقية والقوى الوطنية الرئيسية المعارضة للاحتلال، بإعادة تشكيل الجيش العراقي والقوى الأمنية الأخرى، حسب الأسس والمعايير التي تراها مناسبة. ويتم تزويد الجيش والقوى الأمنية الأخرى بأحدث الأسلحة المختلفة التي تحتاجها ومن المصادر التي تراها مناسبة. كما يتم حلّ جميع الميليشيات الموجودة في العراق بالطريقة التي تحددها الحكومة.

 

            (9) تقوم الحكومة الانتقالية خلال مدة لا تزيد عن سنة من تاريخ قيامها بإعداد قانون للانتخابات، وقانون للأحزاب، وأن تُجري انتخاباً لمجلس النواب (مستفيدة من مسودة الدستور المؤقت المُعد لمرحلة ما بعد التحرير) من دون أن تكون ملزمة به حصراً، وبالتشاور مع المجلس الاستشاري ومع أكبر عدد من العراقيين في داخل العراق وخارجه.

 

            (10) أن تتم الانتخابات خلال السنة الثانية من الفترة الانتقالية، وتحت إشراف الأمم المتحدة، والجامعة العربية، والاتحاد الأوروبي، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، والمنظمات الدولية والعربية الأخرى ذات العلاقة، لضمان حريتها ونزاهتها وشفافيتها، وعلى أساس القوائم النسبية وعلى أساس المحافظة، وكما هو وارد في مسودة الدستور المشار إليها في الفقرة (8) أعلاه.

 

            (11) يضع البرلمان العراقي المنتخب خلال السنة الثانية من الفترة الانتقالية، مسودة دستور ومستفيداً من مسودة الدستور المشار إليها سابقاً، ثم يعرض على استفتاء شعبي عام لإقراره.

 

            (12) يقوم البرلمان المنتخب باختيار رئيس للجمهورية حسب الدستور الذي سيتم إقراره في الاستفتاء الشعبي.

 

            (13) تلتزم الحكومة العرقية الانتقالية بالطرق السلمية وعدم اللجوء إلى استعمال القوة في أية خلافات بينها وبين الدول العربية الأخرى والدول المجاورة غير العربية والتي حرّضت أو ساعدت أو ساهمت في احتلال العراق بشكل أو آخر، في ما عدا حالات الدفاع عن النفس وفي حدود ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية.

 

            (14) تُشكّل الحكومة العراقية الانتقالية لجنة قضائية عراقية مستقلة، مع الاستفادة من الكفاءات القانونية العراقية والدولية المحايدة، للتحقيق في جميع الشكاوي عن قضايا ارتكاب جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان في العراق والتواطؤ مع الاحتلال وإرهاب الدولة وأعمال الخطف والقتل على الهوية والابتزاز وغيرها من الجرائم منذ ما بعد ثورة 14 تموز/يوليو 1958 وحتى مغادرة قوات الاحتلال، وتتولى لجنة التحقيق جمع المعلومات عن جميع هذه الجرائم، ويتولى البرلمان المنتخب تحديد طريقة البتّ فيها في ضوء التجارب العالمية في التعامل مع هذه الجرائم.

 

هـ- مراحل إنشاء "التحالف الوطني العراقي"

 

            (1) تم في أواخر شهر أيلول/سبتمبر عقد اجتماع لعدد من العراقيين المتواجدين في بريطانيا (حوالي 60 – 70 شخص) لمناقشة الفكرة.

 

            (2) تم تشكيل لجنة تحضيرية في بريطانيا لهذا الغرض.

 

            (3) تم تكليف أحد أعضاء اللجنة التحضيرية في بريطانيا لزيارة السويد، والدانمارك، وهولندا، وألمانيا، للالتقاء بمن يمكن من العراقيين الموجودين هناك، ممن هم ضد الاحتلال، لبحث الفكرة معهم.

 

            (4) تم الاتفاق على إعداد "ورقة عمل" للمناقشة توضح الفكرة وأهدافها ومراحل إخراجها إلى حيز التنفيذ.

 

            (5) اتفق على عقد اجتماع في لندن يوم الحد المصادف 3/12/2006، يحضره المهتمون بالموضوع الذين تقرر اللجنة التحضيرية دعوتهم من بريطانيا وأوروبا، لمناقشة ورقة العمل وإبداء ملاحظاتهم حولها.

 

            (6) اتفق على عقد اجتماع في الدوحة - قطر، على هامش اجتماع المؤتمر القومي/الإسلامي الذي سيعقد في قطر خلال الفترة 22 - 23 كانون الأول/ديسمبر الحالي (2006)، للعراقيين الذين سيحضرون المؤتمر، من داخل العراق وخارجه، لمناقشة ورقة العمل والاتفاق على المراحل التالية.

 

            (7) الاتصال بالعراقيين المتواجدين في الأردن وسوريا ومصر وغيرها، للوقوف على آرائهم ومدى رغبتهم في الانضمام إلى هذا التنظيم.

 

            (8) من المؤمل أن يتم عقد مؤتمر تأسيسي لقيام الاتحاد الوطني العراقي خلال شهر كانون الثاني/يناير أو شباط/فبراير (2007) لمناقشة وإقرار اسم التنظيم وبرنامجه والنظام الداخلي الذي سيعد ويعرض على المؤتمر التأسيسي، وكذلك مسألة تمويل التنظيم، وأن يضم المؤتمر التأسيسي أعضاء مؤسسين من داخل العراق وخارجه.

 

            (9) أن ينتخب المؤتمر التأسيسي قيادات التنظيم، حسب النظام الداخلي الذي سيعده.

 

            (10) أن ينشأ في بيروت، بعد إنهاء المؤتمر التأسيسي وإقرار الوثائق الرئيسية للتنظيم، ونظراً لظروف العمل في العراق، مكتب تنفيذي للتنظيم في بيروت يقوم بالاتصالات والتنسيق وبالجانب الإعلامي للتنظيم.

 

            (11) أن تتم حملة إعلامية واتصالات واسعة وندوات وحلقات نقاشية لعرض المشروع على أوسع نطاق ممكن داخل العراق وخارجه.

 

1/12/2006

 

 

 

 

 

 

(5) ميثاق براغ الصادر عن مؤتمر ( نداء براغ الى العراق ) للفترة 16-17 كانون أول – ديسمبر 2006

 

الديباجة : 

 

نحن المؤتمرون من العراقيين الذين عارضوا  النظام الدكتاتوري السابق و امضوا سنوات طويلة من  العيش في البلدان الأوربية ؛ نقر (  ميثاق براغ )  تعبيرا عن إرادتنا في إيجاد حل عادل للازمة العراقية المعقدة، متطلعين الى القيم والمبادئ القائمة على الأسس الديمقراطية والدستورية والاستقلالية التي بنيت عليها الأنظمة الدولية العادلة في العالم، باعتبارها سبيلا لتحقيق السيادة  ودولة القانون الرامية الى إعادة الكرامة الى العراق وشعبه وتخليصه من الاحتلال.

*********

 

أفضى احتلال العراق ،  غير المشروع ،  بقيادة الولايات المتحدة الى تداعيات كارثية أودت بحياة مئات الألوف من أبناء  الشعب العراقي، وتنصيب حكومات وفقا لأجندة الاحتلال ،أثبتت عجزها المطلق في التصدي للتحديات التي يواجهها الشعب العراقي ،  وتحولت هذه الحكومات الى جزء من المشكلة بفعل طابعها القائم على المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية خلافا لتقاليد التسامح والإخاء التي تربى عليها أبناء شعب الرافدين.

 وبسبب الممارسات الدموية لقوات التحالف، اندفعت قطاعات واسعة من أبناء الشعب العراقي لمقاومة الاحتلال بالوسائل المتاحة.

و يفاقم من دورة العنف، الإصرار على الحل العسكري وتغييب الحل السياسي الشامل، والرهان على تقسيم الشعب العراقي الى طوائف ومذاهب وأعراق متشظية.

ويمثل الإصرار الأمريكي على الانفراد بالملف العراقي احد ابرز التعقيدات في المشكلة العراقية، ما   يستدعي استنهاض الدور الأوربي البناء الذي يستند على القرارات الدولية.

ومن هنا فان المشاركين في ( ميثاق براغ )  يناشدون الأسرة الدولية والاتحاد الأوربي، العمل على إنهاء الاحتلال والمساهمة في إعادة تأهيل العراق على يد أبنائه ،  ومؤسسات المجتمع المدني وبالاستناد الى التجربة التاريخية الخلاقة للشعب العراقي .

ويرى المشاركون ما يلي:

 

1-   التحرك الدبلوماسي الفعال لبلدان الاتحاد الأوربي بالضغط على الولايات المتحدة الأميركية لإنهاء الاحتلال وتفعيل المشروع  الوطني العراقي والمبادرة الى  سحب القوات العسكرية لبلدان الاتحاد الأوربي من العراق في اقرب فرصة.

2-  إعادة بناء مؤسسات الدولة المختلفة باياد عراقية وبدعم دولي نزيه .

3-  إيجاد صيغ عملية عاجلة  للحد من الأزمة الداخلية التي تفتك بالبلاد .

4-   الشروع بدعم مقترح الأمين العام المنتهية ولايته السيد كوفي انان بعقد المؤتمر الدولي الخاص بالعراق، باعتباره احد أفضل الآليات للخروج من المأزق العراقي.

5-   الاعتماد على القوى السياسية الوطنية في الساحة العراقية،  بما يكفل إجراء انتخابات نزيهة برقابة مباشرة من قبل الأمم المتحدة- تفتح الطريق أمام قيام برلمان انتقالي يشرف على عمل حكومة الكفاءات التي يتعين عليها صياغة برامج سياسية واقتصادية وأمنية ناجعة.

 

 

واتفق المشاركون في ميثاق براغ على إن الغياب الطوعي للدور الأوربي في العراق خلق فراغا على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية كافة.  ويتطلع المؤتمرون الى التعاون القائم على أساس التكافؤ والمصالح المشتركة، والاستفادة من المنجزات التقنية والبرامج الاقتصادية في بلدان الاتحاد الأوربي، والانفتاح على الاستثمارات والمشاريع المشتركة في حقول الطاقة والإنتاج الصناعي والزراعي وغيرها من مستلزمات النهوض  بالاقتصاد العراقي وبما يضمن المصالح الوطنية والحفاظ على  ثروات العراق التي  فرط بها النظام  الدكتاتوري على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وما تلاه من فترة  الاحتلال.

إن مصالح الشعب العراقي تقتضي تطوير التعاون والتنسيق والتبادل البيني وتعزيز العلاقات التاريخية مع البلدان العربية وبلدان الجوار.  فالعراق بعربه وأكراده وجميع الأقليات المتعايشة على أرضه منذ ألاف السنين ،  لايمكن له انجاز الاستراتيجيات المشتركة مع أشقائه ، بدون الدفاع عن هويته العربية .  وهذا بدورة ينعكس على ارتباطاته الإقليمية والدولية، و يشكل جدارا قويا لحماية العراق من أطماع الدول الأخرى .

 

براغ في 17 كانون أول- ديسمبر 2006

 

 

(6) سعد داود قرياقوس بعض ما ينبغي أن يُقال! ملاحظات في  موضوع "الجبهة الوطنيَّة والقوميَّة الإسلاميَّة.

 

http://www.almansore.com/Makalat/MK-SaadDawood08-08-07.htm

 

(7) المكتب الاعلامي /التجمع العراقي للتحرير والبناء، بعض ما يجب إدراكه!

 

http://www.alkader.net/aug/banaa_070812.htm

 

(11) سعد داود قرياقوس ،بعض ما يجب تأكيده ـ وقفة مستفيضة مع بيان "التجمُّع العراقي للتحرير والبناء

 

http://www.almansore.com/Makalat/MK-SaadDawood16-08-07.htm

 


(4) مجموعة من الباحثين، برنامج لمستقبل العراق بعد إنهاء الاحتلال: دستور – قانون الانتخاب – قانون الأحزاب – إعادة البناء – النفط – الإعلام – الجيش – القضية الكردية – التعويضات. أعمال ندوة مركز دراسات الوحدة العربية حول "مستقبل العراق". بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، تشرين الأول/أكتوبر 2005.

(1) Nelson Mandela, Long Walk to Freedom: The Autobiography of Nelson Mandela (London: Little, Brown and Company, 1994)

(2) انظر: خير الدين حسيب [وآخرون]، مستقبل الأمة العربية: التحديات... والخيارات: التقرير النهائي لمشروع استشراف مستقبل الوطن العربي، مشروع استشراف مستقبل الوطن العربي، التقرير النهائي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1988)، ص 506-507.

(3) انظر: المؤتمر القومي- الإسلامي الأول: وثائق ومناقشات وقرارات المؤتمر الذي عقد في بيروت خلال جمادي الأولى 1415 هـ - تشرين الأول/أكتوبر 1994م (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1995).

(4) مجموعة من الباحثين، برنامج لمستقبل العراق بعد إنهاء الاحتلال: دستور – قانون الانتخاب – قانون الأحزاب – إعادة البناء – النفط – الإعلام – الجيش – القضية الكردية – التعويضات. أعمال ندوة مركز دراسات الوحدة العربية حول "مستقبل العراق". بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، تشرين الأول/أكتوبر 2005.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء / 21 / أب / 2007