ذبائح ....الوالي  !!

 
شبكة المنصور
سعد الاوسي / رئيس تحرير جريدة الشاهد المستقل
 

 حكاية الوالي هذه المرة ليست من الموروث الشعبي او كما يقول الادباء من (الميثولوجيا) بل واحدة من الحقائق التي يعرف تفاصيلها معظم ابناء العشائر في مناطق جنوب العراق وتحديدا محافظة ذي قار، اذ اعتاد المحتلون -منذ وجدت دول الاحتلال- على تفريق الشعب الواحد ونشر الخلافات والتناحر بين ابنائه وهكذا فعل الاحتلال العثماني حينما نصب عشائر (المنتفك) او مثلما يطلق البعض عليهم (المنتفج) ولاة يتحدثون ويتصرفون باسم السلطنة العثمانية، وفي آخر (والي منتفكي)! ويدعى (عجمي) قام المذكور بشن الحروب المتعددة داخل الناصرية والمناطق المجاورة لها مستغلا علاقته بالمحتلين فأخذ يغزو هذه العشيرة ويذبح ابناء عشيرة اخرى دون ان يجد من يردعه حتى وقف ضده عدد من شيوخ العشائر العراقية الاصيلة، وعندما شعر بخطرهم حاول مداهنتهم فأرسل الوفود اليهم يدعوهم الى الصلح ونبذ حالة العنف وانهاء الاقتتال كي تنعم المدينة بالامن والاستقرار و(الشفافية)! ووعدهم باسترجاع جميع الاراضي التي اغتصبها منهم وتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم واعادة نفوذهم اليهم فأكد الشيوخ بأن (عجمي) هو الذي بدأ تلك الحروب وانه اعتدى على عشائرهم دون مبرر وانهم لا يمانعون بأن تعود المياه الى مجاريها، وتعبيرا عن حسن نية (عجمي) دعا ثمانية شيوخ منهم الى وليمة ماكرة في مضيفه، وعلى الفور لبى هؤلاء الدعوة كي تبدأ صفحة جديدة من العلاقات بين الجانبين وطي صفحة الماضي.

وفي اليوم المقرر لـ(العزيمة) استقبلهم (عجمي المنتفكي) استقبالا حارا واكرمهم اكراما مبالغا فيه، وهذا التكريم والاحتفاء اثار حفيظة احد الشيوخ المدعوين وهو الشيخ (نون) شيخ عشائر البدور التي تقطن ناحية البطحاء بين مدينتي الناصرية والسماوة، وعلى الفور استطاع الشيخ (نون) بذكاءه الافلات منهم وهرب بفرسه بعيدا عن (عزيمة) الشيخ.. ورغم ملاحقته من العبيد التابعين لـ(عجمي) الا انه لم يظفر به احد، وعندما حل وقت الطعام كان (العبيد) يصطفون خلف الشيوخ السبعة المتبقين يحملون بايديهم الأواني كي يسقونهم الماء قبل البدء بالطعام فيما يجلس امام المدعوين (عجمي) وشيوخ عشائر المنتفك، وحين تم الانتهاء من وضع الصحون بما لذ وطاب من (القوازي) و(الدهن الحر) و(الروبة)! استبدل (العبيد) أواني الماء بالسيوف وانهالوا بها على الشيوخ السبعة حتى سقطت رؤوسهم على مائدة الطعام الذي اختلط بدمائهم.. عندها اصاب (عجمي) الغرور وراح يقول ابياتا من الشعر او (الحدو):

سبعة ذبحنا بسيفنه.. وسبعة وراهم يلحكون

وان طال بينه الزمن.. نلحك على راسك يا نون

ويقصد بذلك الشيخ (نون) الذي غادر الوليمة بعد ان رأى بفراسته ان هناك مكيدة تلوح بالافق في عيون عجمي المنتفكي، ثم وصلت الاخبار الى العشائر المنكوبة بشيوخها فراح الشيخ نون ينشد ويقول:

سبعة ذبحتوا بسيفكم.. خطاركم بعد السلام

بالطيف راسي تكضبه.. متوسطٍ غوش العمام

وفي تلك الاثناء انتخت العديد من العشائر المجاورة من عشيرة البدور لانهاء ظلم (عجمي) واستجمعت قواها واستنهض ابناؤها هممهم وشنوا حملة كبرى لانهاء وجود (وكلاء المحتل وعملاءه) وبالفعل انهوا ذلك التواجد الى الابد حين اقتصوا من (عجمي) وجماعته من كلاب السلطة.

هذه الحادثة والدعوة الماكرة التي وجهت الى الشيوخ الثمانية وما رافقها من حادث تراجيدي يشبه الى حد ما الدعوة الموجهة الى الاجهزة الامنية السابقة من قبل الحكومة الحالية، هؤلاء الرجال الذين كانوا يطاردون (سادة بلاد اليوم)! عندما كانوا خارج العراق يعقدون مؤتمراتهم ويهيئون العدة والسلاح مع الامريكان لغزو العراق.. هؤلاء رجال المخابرات والامن والاستخبارات العسكرية والامن الخاص الذين كانوا يحافظون على امن وسلامة العراق في جميع مدنه.. هؤلاء الذين بفضلهم كان الشعب ينعم بالامان بعدما اغدق العراق اموالا طائلة عليهم وادخلهم في دورات وكليات متقدمة اعطتهم الكفاءة والقدرة على مطاردة أهدافهم..واليوم يطاردون من مكان الى مكان ..., هؤلاء الذين لم ولن يكونوا اذيالا للاحتلال، هؤلاء الرجال الذين لم ولن تنطلي عليهم هذه الدعوة (المفخخة)!! من قبل الحكومة التي يبدو انها لا ترغب بطي صفحة الماضي ولا تزال تصب الزيت على النار، وان مشروع المصالحة الوطنية ماهو إلا أكذوبة يضحكون بها على ذقون بوش ومن لف لفه, وألا ماذا نسمي دعوتها التي تضمنت تهديدا صريحا بان من لم يستجب لهذه الدعوة سيطبق عليه قانون الارهاب؟! مما يؤكد قولنا  أن هذا القانون سيطبق  على كل الوطنيين الذين لم يبيعوا وطنهم مثلما لم يلبوا دعوة (الوالي الجديد)! لكي تبقى رؤوسهم وأجسادهم بعيدة عن رصاصات الغدر وعمالة المنطقة الخضراء!

 Saadalawsi@yahoo.Com

 
 
 
 
شبكة المنصور
السبت / السادس والعشرون / أيــار / 2007