صلاح المختار

شبكة المنصور

 

                                     

 

أثارت مقالتي ( اوراق نيسان وديار العمري ) ردود فعل متناقضة ، بعض اصحابها اعتقد انني تساهلت مع قناة العربية او مع بعض من تحدث فيها ، وبعضها الاخر اطرى مرونتي وسعة صدري ، وانا اذ اشكر الطرفين اود ايضاح انني لم اكن اريد ان اكون مرنا ولا متصلبا بل اردت ان اكون كما انا دائما مع الحقيقة ومتطلبات مرحلة نضال شعبنا من اجل الحرية والاستقلال ، لذلك ساوضح نقاط اضافية :

1 – يعرف الاستاذ ديار العمري انني لم اشاهد الحلقة الاولى وبدأت من الحلقة الثانية وكانت قد بدأت ، واثناء الحلقة الرابعة انقطع الكهرباء لدي فلم اشاهد كل الحلقة ، وبعد كتابة المقال اخبرني من شاهد كل الحلقات بمعلومات تكميلية لم اشاهدها تلزمني باضافة ملاحظات اخرى .

2 - لقد بنيت موقفي من البرنامج في ضوء ما قدم فيه ، وليس ما عرف عن فضائية العربية من معاداة للعراق  ، بتأييدها التام للاحتلال وتحولها الى البوق الرئيسي له الذي روج لابادة العراقيين وتدمير العراق ومناهضة حادة للبعث وللرئيس الشهيد صدام حسين .  وهنا يجب ان اعيد التاكيد على اهمية تقديم البرنامج ، لاول مرة منذ الاحتلال في هذه الفضائية وغيرها ، عرضا تاريخيا حول الحزب وشهادات ، وبعضها كانت  موضوعية ، وتلك خطوة ايجابية ، بغض النظر عما تستبطن في اعماقها من اهداف غير مرئية ، فالمهم هو ان يتعرف الراي العام العربي على حقيقة البعث والتي شوهتها عدة جهات من بينها فضائية العربية .

3 – من الخطأ الافتراض في ظل الوضع الحالي بان امتداح برنامج خاص او اعلامي معين يعني تزكية للفضائية ، لانه امتداح محدد ببرنامج وليس للفضائية كلها ، كما انه من الخطأ توقع ان نتمتع بامكانية طرح كل ما لدينا من خلال الاجهزة الاعلامية القائمة ، لانها خاضعة لاعتبارات  وحسابات عديدة وهي بمحملها في ضدنا . لذلك فانه ليس من المعقول ولا من المفيد ان نتجاهل وجود فرص تتاح لنا للتعبير عن راينا ، في زمن الحصار الاعلامي الكبير والذي لم نكسر بعض جدرانه الا عبر الانترنيت وهذا انجاز ناقص رغم عظمته ! ان الخيار العملي هو تحقيق اختراقات اعلامية مهما كانت محدودة تسمح لنا بايصال راينا حتى لو كانت الفائدة بنسبة محدودة ، من منطلق ان القليل افضل من لاشيء . ولهذا قلت في مقالتي دون اوهام او مبالغة بان البرنامج (فتح كوة ولو صغيرة ومحدودة جدا للراي البعثي ليظهر ) ، ولم اقل انه كان ممتازا . كما يجب ان يكون واضحا باننا لم نبرئ فضائية العربية من جرائمها ، الموثقة بالصوت والصورة ، بحق العراق والعراقيين ،  والتي ستحال بسببها للمحاكم التي ستنظر في جرائم الحرب في العراق بعد التحرير بعون الله . اننا لن ننسى على الاطلاق برنامج مجرم الحرب ايلي نكوزي ( من العراق ) والذي شكل وثيقة قانونية تثبت التحريض على الابادة وكان له دور في قتل الاف العراقيين عبر ترويج أكاذيب خطرة ضد البعثيين ، خصوصا وانه اعتمد الراي الواحد وتغييب الضحايا عمدا . ونحن لدينا الان كل الوثائق التي عرضناها على قانونيين دوليين واكدوا انها تكفي لاتهامه بجريمة التحريض على القتل الجماعي للعراقيين ولاحالة هذا المجرم المحرض على القتل الى المحاكم قريبا .

4 – نعم ان القائمين على العربية كانوا ومازالوا معادين لقضية الامة العربية وللعراق ولمقاومته وللشهيد صدام حسين ، وقد ظهر ذلك واضحا من البرنامج خصوصا في الحلقة الرابعة والتي كانت اللغم العنقودي ، الذي اضيف لاحقا ولم يكن موجودا في البرنامج الاصلي الذي اعده ديار العمري ، ولذلك قدمته مذيعة أمية او نصف امية في السياسة والتاريخ هي ميسون عزام ليرد على ماورد من اراء ايجابية في الحلقات الثلاثة . وفي هذا الحلقة  الملغومة ، والتي كان البرنامج قد قدم ليمهد لها ، فجرت العربية عدة قنابل :

أ – قنبلة توريط الاستاذ شبلي العيمسي في طرح موقف يسيء اليه والى تاريخه ولا يسيء للحزب ، لانه تجاوز على الحزب وجماهيره التي انتخبت الامين العام الشهيد صدام حسين وكان هو من بين من انتخبوه ، لكنه يتهمه الان بانه استولى على الحزب وانه والمرحوم حافظ اسد دمراه !

ب - وقنبلة اخرى هي انها ورطت العيسمي في موقف غير بعثي وهو ممارسة نقد  الحزب خارج اطار الحزب مع ان نقده لا يستند الا على مشاعر شخصية بحتة واوهام ، فاذا كان مازال بعثيا ، كما قال ، كان يجب ان يحترم قواعد النقد في الحزب ، لا ان يمارس اساليب العمل غير المنضبط ، والتي نقدها هو بحماس وتطرف عندما مارستها اللجنة العسكرية .

ج - والقنبلة الثالثة هي ان العربية وضعت العيسمي في موقف اخلاقي لا يحسد عليه حينما عرض الرئيس الشهيد للإساءة بعد استشهاده ، في حين ان الاخلاق العربية يحكمها مثل يقول ( اذكروا حسنات موتاكم ) ، فكيف يجب ان يكون ذكر الموتى اذا كانوا شهداء عظام كصدام حسين ؟ وكيف يجب ان يكون الحديث عنهم ودمهم لم يجف بعد ؟ وكيف يجب ان يكون الحديث اذا كان الشهيد يحترم العيسمي كاخ كبير ، او كوالد ، لدرجة انه  اصر على ان يبقى العيسمي متمتعا رسميا واعتباريا بموقع عضو قيادة قومية رغم انه لم يرشح نفسه ولم ينتخب ؟ انها مفاجئة كبيرة وصدمة حقيقية ان تصدر اقوال عن العيسمي كهذه بحق سيد الشهداء الذي اجبرت عظمة استشهاده حتى اعداء له على احترام ذكراه !

د- اما القنبلة الاخرى التي تثير الحيرة في تفسير كلام العيسمي فهي قوله ان المجاهد عزت الدوري لايستحق ان قائدا ! ومصدر غرابة هذا الكلام هو انه ينسف ادعاءه انه حامي للديمقراطية التي قال ان الحزب قد تجاوزعليها في مرحلة ما ، فعزت الدوري منتخب عضوا في القيادتين  القومية والقطرية وانتخب الان امينا لسر القطر ، وكان عمليا يمارس مسئولية الامين العام المساعد للحزب ، والمفارقة هي ان العيسمي كان احد من ساهم في انتخابه ، فهل تسمح القيم الديمقراطية بتجريد منتخب من موقعه ، من قبل شخص ترك النضال والمسئولية ، لمجرد عاطفة شخصية وبقرار فردي مشوش ؟ والاسوأ هو انه يتناسى قاعدة عرفية محترمة وهي ان ( القاعد لا يفتي لمجاهد )، ان عزت الدوري يجاهد ويواجه الموت يوميا في ساحة الجهاد بينما العيسمي يجلس في القاهرة مرتاحا ، ومع ذلك يطعن بالمجاهد الذي حفظ للحزب والامة كرامتهما ! فعلى ماذا يدل ذلك التعصب والتشنج الغريبين ؟

ه - والقنبلة الاخرى هي محاولة العيسمي التقليل من شأن القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق باعطاء دور ما للسيد زكي الارسوزي في تاسيس البعث ، مع ان من اسس البعث دون ادنى شك هما احمد ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار ولم يكن للارسوزي أي دور في ذلك ، لا فكريا ولا تنظيميا .

و - واخيرا فان القنبلة التي فاجئنا بها العيسمي هي انه بعكس ما قرانا له وما عرفنا عنه محدود القدرة على الرد الصائب ومتردد ومرتبك التعابير وغير موفق في اختيار الافكار اثناء النقاش العفوي ، فهل هو كبر السن الذي اثر على توازنه وذكاءه وجعله يحرق ماكان له من تاريخ ؟ ام ان هناك دافعا اخرا نجهله ؟

5- هناك فقرة في البرنامج ذكرت بان المخابرات الامريكية قد قدمت عبر اذاعة لها اسماء قادة شيوعيين عام 1963 لمساعدة البعث على اعتقالهم ، وهذه المعلومة ساذجة لانها تكشف بؤس المخابرات الامريكية التي لم تجد غير هذه القصة لترويجها مع ان العالم كان يعرف ان قادة وكوادر الحزب الشيوعي العراقي معروفين للجميع ولم تكن هناك حاجة لاذاعتها . وهي تشبه القصة التافهة الاخرى التي نسبت كذبا للمرحوم علي صالح السعدي التي تقول بانه اعترف بان البعث اتى للسلطة على قطار امريكي عام 1963 ، مع ان احدا لم يذكر لمن قال السعدي ذلك واين نشرت وما هي اشكال الدعم المزعوم ؟ المهم في هذه التهم هي انها جزء من الحرب النفسية الامريكية لشيطنة البعث باعين الجاهير العربية ، والتي تعرف بان خير المعايير هو خواتيم الامور وليس ما يحيط بها من غيوم واجواء ، وخاتمة البعث المعروفة الان هي انه الحزب القومي والوطني والجهادي الاول والاهم ، والذي برز طهريا ومتطهرا ممثلا بشخص امينه العام الشهيد صدام حسين وقادته وكوادره الذين واجهوا ويواجهون الموت باباء وبطولة واصرار على رفض المساومة مع الاستعمار واعداء العراق ، بعد ملاحم قتال اسطوري لم يخض احد مثله مع امريكا والصهيونية وايران واستمر اكثر من ثلاثة عقود من الزمن .  والان يقف البعث عملاقا عظيما يقود جهاد الامة من العراق وعلى راسه قائد الجهاد عزت الدوري ، فهل نحتاج للرد على هذه الترهات ؟

6 – اننا كبعثيين مناضلين ، نواجه الحصار الاعلامي رسميا منذ الغزو بشكل خاص ولا نملك فضائية توفر لنا منبرا واسعا لمخاطبة الناس ، مضطرين للاستفادة من كل فرصة تسنح لنا وفيها امكانية ايصال راينا او بعضا منه الى العالم ، وسواء كانت الاداة هي العربية او غيرها فان المهم هو القدرة على ايصال راينا . اما القول بان البرامج تدس السم بالعسل فهو صحيح ولكن محدودية خياراتنا في هذا المجال تضعنا امام خيارات كلها مرة ، وعلينا الاختيار من بين اقلها مرارة . ان البديل عن التعامل مع الاجهزة الاعلامية الحالية هو استمرار قطاعات واسعة من الراي العام في جهلنا ، والاسوأ هو احتضان اراء مزورة عنا وترويجها ، كما فعلوا حينما استنطقوا النكرة مهيب وقولوله كلاما باسم البعث . لذلك فان الاشتراك في البرامج والمناظرات مفيد اكثر مما هو مضر بشرط ان تتاح فرصة معقولة لايصال رأينا . وبرنامج ( اوراق نيسان ) وفر قدرا لابأس به من الفرصة لايصال الراي البعثي . وبهذا المعنى فان وجود الراي المعادي للبعث في نفس البرنامج هو تحصيل حاصل للوضع الحالي ، ونحن لا نستطيع المطالبة بان نظهر وحدنا وان نتحدث وحدنا في أي برنامج . فايهما افضل ان يرى المواطن العربي رايا مناهضا للبعث فقط ؟ ام يسمع الراي البعثي ايضا يرد عليه ويفنده ايضا ؟

7 – اننا لا نسبح في بحر من الحليب بل في نهر الالم والمعاناة لذلك  لايجوز ان يصل بنا البطر الى رفض فرصة ايصال صوتنا بوسائل غيرنا ، وهذا يعني اننا لا نتحكم بمحتوى البرامج لان غيرنا وضعها ويبقى واجبنا هو كيف يجب ان نوفر فرصة للاستفادة من ادوات الاخرين .

8 – أما عن امتداحي للبعض من رفاقنا خارج الحزب ، والذي اعترض عليه البعض لاسباب اجهلها ، فاقول بكل صراحة تعودنا عليها وعرفت عنا ، خصوصا بعد الغزو ، باننا مصممون على اعادة بناء الحزب ليس ليكون قادرا على دحر الاحتلال فقط ، فتلك مهمة تم السير فيها منذ زمن طويل،  بل لضمان ان هذه الامة العظيمة لن تتعرض بعد الان للنكسات نتيجة التمزقات والتشرذم الوطني العام في الوطن العربي خصوصا لاسباب تتعلق بخلافات ذاتية . من هنا فان وحدة كل الوطنيين العرب داخل وخارج العراق ، القائمة على الاحترام المتبادل وتبادل السلطة وفقا لصناديق الاقتراع ، هي مهمتنا الاولى قبل وبعد التحرير ، وهي الضمانة الاساسية التي لاغنى عنها لمنع الاعداء  ( امريكا واسرائيل وايران ) من اختراقنا مجددا . وانطلاقا من هذه البديهية نجد انفسنا كبعثيين امام بديهية خاصة بنا بصفتنا طليعة هذه الامة ، وهي ان الامة بحاجة لعمود فقري متكامل ومرن قادر على جعل الامة تبقى منتصبة وترى بدقة التحديات وتختار الرد الحاسم مهما واجهت من عواصف وزلازل ، وهذا العمود الفقري هو البعث .

والسؤال الجوهري الذي يجب طرحه هو : هل ان كل البعثيين الان داخل الحزب ؟ وهل كل بعثي خارجه طلق البعث فكرا ونضالا وقيما ؟ الجواب هو كلا ، فهناك حقيقة نكررها منذ اكثر من عقدين من الزمن تقول بان البعثيين  خارج الحزب  يشكلون اكبر كتلة جماهيرية وان اغلب الاحزاب والتيارات السياسية اصولها بعثية وكانت في زمن ما داخل الحزب ، ولاسباب عديدة صارت خارجه . واغلب هذه الكتل والشخصيات وطنية ومازالت تحن للبعث وتقف معه ، رغم انها خارجه ، فهل يجوز ان يقتصر عملنا على كسب جماهيري  جديد بينما لدينا قواعد ضخمة في الوطن العربي نشأت على فكر البعث القومي الاشتراكي وهي جاهزة للاستقطاب ؟ نعم واجبنا الفائق الاهمية هو اعادة اولادنا ورفاقنا الاقدم منا المشردين ( بقرار منهم او نتيجة فصلهم من قبل الحزب ) خارج الحزب الى صفوفنا الحزبية ، او ليكونوا حزام الامان الذي يلتف حول الحزب الان اذا كان فيهم من لا يرغب بالعودة ولكنه يرغب بالدعم .

لقد وفرت ام المعارك وخاتمتها المشرفة معركة الحواسم المناخ النفسي والمنطقي والايديولوجي لاسقاط الاسباب التي ادت الى وجود عشرات الاف من البعثيين خارج حزبهم . وجاء الاستشهاد الاسطوري والخارق لكل ما هو مألوف من بطولة للرفيق الشهيد صدام حسين لينضج ضرورة عودة الابناء المشردين الى الحزب بقلوب صافية وروح نقية يقتصر حبها على العراق والامة العربية والمبادئ السامية للبعث ورموزه التاريخية العظيمة .

اما عن الكادر الذي خرج من الحزب ، لاسباب شتى واوقات مختلفة ، فان الكثير منه  جاهز لمواصلة النضال داخل الحزب ، او انه مستعد للعمل في اطاراته الجماهيرية والمتخصصة . تلقيت رسالة كريمة من رفيق أصبح خارج الحزب منذ عام 1961 يقول فيها بانه من الضروري ان يؤطر الحزب الان المناضلين القدماء الذين اصبحوا خارج الحزب وتحشيدهم في ساحات النضال كل حسب قدرته وسنه وامكانياته . وهذا المقترح المهم جدا يجسد الوعي الشامل لدى اغلب البعثيين  الذين اصبحوا خارج الحزب ، تنظيميا ، لكنهم يشعرون بقوة بان الحزب في مسيرته الجهادية الان هو الصورة الانضج التي تمثل طموحات الامة وامالها ، لذلك برزت حاجتهم للحزب كاطار عام يضم كل الطاقات البعثية المعطلة ، خاصة بعد ان فشلت كل محاولات فبركة بديل عن البعث .

وهنا يجب ان نوضح مسالة مهمة جدا وهي ان المراحل السابقة من نضال الحزب كانت مراحل تجريبية ولم تكن الخبرة قد تراكمت أثناء السنوات الاولى لاستلام الحكم في العراق وسوريا في عام 1963، لذلك كان طبيعيا ان تقع اخطاء بل ان تحدث خطايا ، مثل الانقلابات داخل الحزب . وبعد مسيرة ستين عاما نضج البعث عبر تجاربه ونضج مناضلوه واكتسبوا الخبرة والقدرة على تشخيص الاخطاء واختيار بدائل صائبة ، لذلك نرى بعثيين كانوا سلبيين في زمن ما يقفون اليوم وقفة ايجابية بل ممتازة تجاه الحزب ونضاله ، فهل نهمل هذه الظاهرة ام ندرسها ونسخرها لاعادة بناء حزب الامة ، وحزب الوحدة العربية وحزب الجهاد وحزب الطليعة وحزب الاشتراكية وحزب الحرية ، ليكون أدق واوسع واعمق في تعبيره عن مصلحتها ومبادئها ؟

انني لا ادعو لاعادة اعتباطية لكل بعثي خرج ، او اخرج من الحزب ، بل ادعوا فقط لحل كل قضية في اطارها الصحيح مع التاكيد على ان تحشيد كل البعثيين في اطارات حول التنظيم الحزبي ، كالاطارات المهنية والثقافية والاعلامية والفكرية وغيرها ، وفي الحملات الخاصة من اجل العراق وقضايا الامة ، هي مهمة اساسية من مهام حزبنا في مرحلة الاقتراب من النصر وفي مرحلة ما بعد النصر . ما معنى هذا كله ؟ لئن اردنا للقوى الوطنية والشخصيات الوطنية ان تتحد في جبهة وطنية وقومية عريضة وفعالة ، لضمان منع الردة والاحتراب الوطني مستقبلا ، فاننا بحاجة ماسة لحزب جبار بتنظيمه وتأثيره وقدراته المتخصصة يلعب دور المحور للجبهة مستندا على خبرته وقدراته الفنية وليس على اذرعه القمعية . لنعترف وليعترف الاخرون معنا بظاهرة يراها المواطن العراقي الان في الساحة العراقية وهي ان البعث هو الحزب الجماهيري الوطني الوحيد الذي يغطي بتنظيماته كل العراق ، رغم المحاولات الجادة لانشاء احزاب جماهيرية اخرى بعد الاحتلال والتي فشلت حتى في استقطاب كل النخب . من هنا فان مهمة تجديد الحزب ، وهو قانون طبيعي في الحياة ، لا تقتصر على زرقه بدماء بعثيين جدد ، وهم الذين يتدفقون باعداد كبيرة  الان ، بل ايضا انه يعني  عودة المناضلين المشردين خارجه منذ عقود او سنوات ، وتلك  مهمة وطنية قبل ان تكون واجبا حزبيا ، مع ملاحظة ان يتم ذلك وفقا لنظام الحزب الداخلي وبالانسجام مع متطلبات الامن الحزبي والوطني .

حينما سيتم استقطاب كل بعثي مازال نقيا ووطنيا بعد خروجه من الحزب ولم تعتري مسيرته شائبة سنكون قد قدمنا للاخرين مثالا على نضجنا وتجاوزنا للعقد الشخصية وهي احدى آفات العمل السياسي ، مما سيشجعهم على الثقة بنا اكثر ، كما انه سيعزز قاعدة الخبرة في الحركة الوطنية العراقية والعربية وينمي ثقافة التعايش بايجابية داخل وخارج الحزب مع من نختلف معه او نرفض اراءه دون ان يعني رفضه هو او تصفيته ! اذن يجب ان نواجه منذ الان وندرس منذ الان مهمة اعادة بناء الحزب وفقا لضوابطه ونظامه الداخلي ، بعد التحرير ، على ان نمهد الان لذلك بدراسة معمقة للموضوع وباقامة افضل العلاقات مع الرفاق المشردين من حزبهم لاسباب شتى ، لنضمن تعميق الاصالة البعثية ايديولوجيا ، ولنؤكد على قواعد العمل الحزبي الثابتة ، وفي مقدمتها الديمقراطية الحزبية ، بصفتها مفخرة عظيمة جاء بها الحزب مادامت الديمقراطية هي تربية بالاساس وقبل ان تكون نظاما سياسيا ، وفي مقدمة مفاخرنا الديمقراطية القيادة الجماعية واحترام الراي الاخر ، حتى وان رفض ديمقراطيا ، والتسلسل القيادي واحترامه والانضباط الحزبي التام .

لقد أثرت التحديات التي واجهتنا اثناء الحكم على مسيرتنا بهذا الشكل او ذاك ، وهو تأثير كان حتميا وبغض النظر عن النوايا ، اما الان وبعد كارثة الاحتلال وتصدي الحزب والشعب ومقاومته الباسلة له فان اعادة النظر في اساليب العمل الحزبي والجماهيري يحب ان تبدأ من الان وداخل اطارات الحزب كمقدمة لاعادة بناء العلاقات مع الجماهير وقواها الوطنية الاخرى على اسس مختلفة .

نعم نريد اعادة البعثيين الذين وجدوا انفسهم خارج الحزب وذلك هو الموقف الحزبي والوطني المطلوب ، والذي نريده من رفاقنا خارج الحزب هو احترام  المؤسسة الحزبية وقرارتها وقبول حل قضية عودة البعثيين في اطار نظام الحزب الداخلي وضرورة عدم تعريضه لهزات بسبب الاختلاف حول كيفية العودة للحزب . هناك قيادة شرعية منتخبة للحزب ( في قمتها القيادة القومية وقيادات الاقطار ) وهي المرجعية الاولى والوحيدة في اتخاذ القرارت ومالم تحترم قرارتها فان اي حل لمشاكل وجود الاف البعثيين خارج الحزب لن تحل بالصورة التي تخدم الوطن والحزب .

salah_almukhtar@gawab.com

 

 

                                      شبكة المنصور

                                    29 / 04 / 2007

ملاحظات اضافية حول ( اوراق نيسان ) : السباحة في نهر الالم