سرمد العراقي

شبكة المنصور

 

                                     

 

 بعد ان انجزت صفحة الغزو والاحتلال الامريكي البريطاني الصهيوني للعراق في 9/4/2003 والانتقال الى الصفحة الثانية من صفحات العدوان ووصول وجبات العملاء والخونة مع الدبابات الامريكية الى العراق وبدئهم بتنفيذ المخطط المرسوم في مؤتمر لندن وصلاح الدين ثم بعد ذلك مقررات مؤتمر الناصرية ومحاولة كل طرف من اطراف العمالة والخيانة لتقديم الخدمات التي ترضي اسيادهم الامريكيين في محاولة للفت انتباه المحتل لاثبات نشاطهم السياسي والاجتماعي الفاعل والتمويه على المحتل ان هذا الطرف وذاك يمتلكوا قاعدة سياسية واسعة في العراق .
وانفلات الوضع الامني والعسكري والاجتماعي بعد حل مؤوسسات الدولة وفي مقدمتها القوات المسلحة العراقية واجهزة الامن الداخلي كافة اخذت الاحزاب المذكور في التمحور على ذاتها لتنشيط وتوسيع امكانيتها التنظيمية ومحاولة ايجاد قواعد شعبية لها تتمكن من خلالها تحقيق مكاسب ملموسة على الارض . وابرز تلك المحاولات ما هو عرقي والاخر طائفي واستغلال المواطنين تحت هذين الشعارين للغرض السياسي الفج والمشوه .
كرست الاحزاب الكردية وجودها وعملت بشتى السبل والوسائل على الانفراد والتميز في الساحة السياسية العراقية بوجه عام وفي منطقة كردستان العراق بوجه خاص وبرزت ككتلة متحالفة ( الحزب الديمقراطي الكردستاني وكذلك الاتحاد الكردستاني ) لها اهداف وطموحات مشتركة تحت شعار الحركة الكردية العرقية .
وكذلك برزت الاحزاب الطائفية الموالية لايران من خلال استغلال العامل الديني الممنهج وفق مفاهيم طائفية مقيتة واستغلال الرموز الدينية الطائفية ايضاً لذات الغرض في محاولة رخيصة لشق وحدة الصف الوطني العراقي وظهور اهداف وغايات جديدة بعيدة عن روح المواطنة على ساحة الصراع الداخلية ومن تلك الاهداف ما هو مشترك بين الكتلة الدينية الطائفية والاحزاب الكردية الا وهو المناداة بالفيدرالية كهدف يمكن من خلاله تحقيق تقسيم العراق الى اقاليم وهي الخطوة الاولى لاضعاف القرار المركزي الذي يمثل سياسة الوجه الرسمي للحكومة .
وهذا هو السبيل لتحقيق الهدف الاساسي الذي تحلم به الصهيونية وحلفائهم الفرس المجوس .
ومن هنا نرى ان الاحزاب الكردية اطلقت العنان للاستحواذ على اكبر مساحة من مناطق العراق والتهيؤ والمباشرة في توسيع الكسب الجغرافي عندما تصبح الفدرالية واقع حال مفروض على الشعب العراقي مستقبلا ومن الجدير بالذكر ان الفدرالية هي قرار من مقررات مؤتمر لندن ومؤتمر صلاح الدين .
ففي شمال العراق عملت الاحزاب الكردية في محاولة مستميتة عرقية مقيتة للاستحواذ على اراضي من محافظات عربية مجاورة للمحافظات الشمالية وعلى حساب التركيبة السكانية في تلك المحافظات ومنها محافظات ( كركوك / ديالى / صلاح الدين/ نينوى حتى وصل الحال للمطالبة باراضي تقع في محافظة واسط )
اي متابعة ظل الكردي اينما وجد وبغية تحقيق هذا الهدف تم زيادة سقف المطالب الكردية المعلنة ...
فقد تم اطلاق الاعمال العسكرية ذات المنهج العرقي الغاشم لتحقيق اهدف عديدة منها :
1- تحقيق اهداف استعمارية معادية تنطوي على تقسيم العراق العربي الموحد الى دويلات ضعيفة تحت اكثر من سيطرة استعمارية متعددة الاتجاهات السياسية والفكرية .
2- تحقيق ما يسمى الفدرالية على اكبر مساحة جغرافية والسيطرة على الموارد الطبيعية والثروات الاخرى التي تتمتع بها المناطق المستولى عليها بالقوة من خلال اعمال القتل والتهجير العرقي كخطوة في التقسيم .
3- تحقيق مخطط اسرائيلي ستراتيجي في انشاء قاعدة عسكرية ضخمة تكون بديلا عن الاتفاقيات والتحالفات العسكرية بين اسرائيل والحكومة التركية والمبرمة في عقد التسعينات تكون لهذه القاعدة السيطرة على الحدود السورية من جانب وقريبة من الحدود الايرانية من الجانب الاخر لتحقيق اهداف عسكرية وسياسية مستقبلاً .
ولتحقيق هذه الاهداف انتهجت الاحزاب الكردية من خلال مليشياتها المسماة (البيشمركة) اساليب غاية في الوحشية والدموية ضد من يخالف منهجها ومنها .
- اقصاء متعمد للقوى السياسية والاجتماعية الوطنية الكردية والعربيةوالتركمانية في مناطق المحافظات الشمالية .
- تعتيم كامل على الجرائم المرتكبة والضلوع بتجاوزات دستورية والانفراد بأعمال من شأنها الاخلال بالامن الخارجي والداخلى للعراق مستغلين الوضع السياسي والامني العام في البلاد وفي مقدمتها ضعف الحكومة المركزية وموافقة قوات الاحتلال على تلك الافعال المشينة لتحقيق مأرب اخرى .
- محاولة استغلال التحالفات السياسية المصلحية الضيقة بين كتلة التحالف الكردستاني وكتلة الائتلاف الطائفي في استغلال الوضع السياسي داخل البرلمان واضعاف الكتل البرلمانية الاخرى التي تطالب بتصحيح العملية السياسية ورفض الفدرالية والمحاصصة الطائفية والعرقية ومحاولة اضعافها سياسياً .
- كلاهما يتستر على التصرفات اللاوطنية المشينة التي يرتكبها الطرف الاخر فالحكومة غير مبالية بما تحدثه المليشيات الكردية في المناطق العربية في المحافظات الشمالية او القريبة منها وكتلة التحالف الكردي غير مهتمة بل راضية بما تفعله المليشيات الطائفية من قتل طائفي وتدمير متعمد في مناطق الوسط والجنوب لانها لم تتخذ اي اجراء ذو فاعلية للحد من نشاطات القوى المتسيدة وجرائمها اليومية المعروفة .
في ذات الوقت نرى ان الكيانات السياسية الطائفية المدعومة من ايران ومن قوات الاحتلال اخذت في تصعيد سقف مطاليبها السياسية والاقتصادية بشكل مريب ايضاً .
ففرضت اجندة غاية في الخطورة على وحدة العراق بغية تقسيمه وشرذمته وانتهجت نهجا عدوانيا اتجاه القوى العربية السنية والشيعية في محاولة لتقسيم البلد وتهئيتة لخلق اجواء ملائمة لتمرير اجندتها التي تخدم مصالح ايران بالدرجة الاساس مع فرض الامر الواقع لقبول الفدرالية والاستئثار بالجوانب الاقتصادية ولذلك ومن خلال مليشياتها الطائفية المتعددة في الرؤى والاهداف العدوانية وضعت خطة لغرض ضرب مناطق في محافظة بغداد والمناطق الواقعة بينها وبين المحافظات وقد اطلقت عليها معركة بغداد ووضعت لهذه المعركة خطط عسكرية وامنية مدروسة تحت اشراف الحكومة الايرانية واجهزتها العسكرية والاستخباراتية وبدعم منها وكانت تتلخص فقرات المخطط بالآتي :
- الاعداد والتهيؤ وتحشيد كافة الامكانيات المادية والمعنوية للمعركة.
- الاستفادة من الحسينيات والدوائر والدور والمستشفيات لاغراض دعم المعركة .
- تشجيع العوائل المتشيعة والموالية لايران للتوغل في المناطق السنية كمراكز معلومات متقدمة .
- الضغط المستمر على اهل السنة ومحاولة ابعادهم عن الدوائر والمؤسسات بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة.
- تشكيل مجاميع قتالية مشتركة من كافة مليشيات كتلة الائتلاف الطائفي وهي تحت اشراف عناصر ايرانية ولبنانية وعراقية .
- قطع الطرق وعزل المناطق ذات الغالبية السنية بالكامل بدوريات الداخلية والدفاع ووحدات السيطرة ومحاولة السيطرة على التقاطعات والجسور والابنية العالية .
- قطع الاتصالات كافة وقصف المناطق السنية بالهاونات وصورايخ الكاتيوشا والاسلحة الاخرى مع شن هجمات فورية وسريعة من عدة محاور واحتلال مواقع متفق عليها في خطة الهجوم .
- السيطرة على كافة المستشفيات والمستوصفات والعيادات الطبية وسيارات الاسعاف والمتطوعين لاخلاء ومعالجة المصابين .
- فرض تعتيم اعلامي عما يدور في ساحة العمليات مهما كانت الاسباب .
- وفي حالة تدخل قوات الاحتلال التمويه بالانسحاب والتحصن بمناطق اهل السنة والمناورة بذلك .
ومن خلال هذه الخطة لوحظ قيام المجاميع المنفذة لها قد ابتدات من خط شروع في مدينة الصدر باتجاه نهر دجلة وتحديداً من مناطق صدر القناة شمالاً حتى منطقة المدائن جنوباً باتجاه النهر .
وقد شملت احياء عديدة من بغداد/ الرصافة سواء المناطق السكنية او التجارية او الدوائر الحكومية لتحقيق هذا الهدف وكانت من اعنفها حدة في التركيز والايذاء منطقة الاعظمية شمال بغداد ومنطقة المدائن وما جاورها في جنوب بغداد مع محاولة ايجاد خطوط تماس في مناطق اخرى مرتبطة بالمحافظات المجاورة لبغداد لاغراض توفير الدعم اللوجستي وتحديدا شمال شرق بغداد وجنوب شرق بغداد .
وكذلك التركيز على فتح خطوط تماس ذات صلة بتلك المناطق كما هو الحال في المناطق المجاورة لمنطقة الاعظمية في الجانب الغربي من نهر دجلة منطقة شارع حيفا وماجورها (الجعيفر والشيخ علي) وكما هو الحال ايضاً في المنطقة المقابلة للمدائن في الضفة الغربية من نهر دجلة وهي البوعيثة وعرب الجبور ومنطقة السمرة وامتدادانحو الغرب اى فتح محور جديد لاشغال اهالي منطقة اليوسفية والمحمودية واللطيفية بعمليات قتالية للدفاع عن انفسهم والتخلي عن مقاومة المحتل وتخفيف الضغط عنه ، كما ان هذه المناطق تشكل خانق استراتيجي على طريق بغداد بابل (الفرات الاوسط) ...
وفتحت خطوط تماس اخرى ايضاً محصورة بين منطقة الكاظمية والحرية ومنطقة حي العامل والبياع والتي تشكل منها مناطق حي العدل والجامعة والخضراء والمنصور .
وكذلك تحقيق تماس مباشر بين مناطق البياع وابودشير من جانب ومنطقة الدورة والسيدية من جانب اخر امتدادا لمنطقة اليوسفية لغرض تأمين الطريق العام بغداد – بابل .
كما جرى تحقيق تماس بين امتدادات منطقة البياع الى الشرطة الرابعة والخامسة مع المناطق المجاروة لها في حي الجهاد ومنطقة الدوانم امتدادا الى منطقة الرضوانية في خطة تهدف الى السيطرة على طريق المرور السريع رمادي / المحمودية وامتدادا الى غرب منطقة اليوسفية – المحمودية عبر منطقة قرية المكاسب وماجاورها .
في حين جرت اعمال تماس بين اطراف مدينة الشعلة والغزالية والعامرية في خطة تهدف لتأسيس محور للالتفاف على اجزاء من منطقة ابو غريب .
وتحقيق تماس اخر ايضا بين منطقة الشعلة ومنطقة ابو غريب بما في ذلك السيطرة على طريق المرور السريع بين بغداد / الرمادي .
كما جرت عمليات تماس في مناطق شمال بغداد طريق بغداد سامراء وشمل محاور متعددة كان الغرض منها اخلاء المنطقة المحصورة بين منطقة الكاظمية ومنطقة سامراء من اهل السنة بهدف السيطرة عليها وعلى الطريق المذكور .
وكنتيجة واقعية لتلك الاعمال الوحشية التي قامت بها قوات الاحتلال والقوات الحكومية والمليشيات الطائفية فقد نجم عن ذلك عشرات الالاف من المعتقلين لدى القوات الامريكية والتي تقدر وفق الاحصائيات الاستخباراتية بما يلي :
- 18000 الف معتقل في سجن بوكا على الحدود العراقية الكويتية .
- 5000 الاف معتقل في سجن بادوش في محافظة نينوى.
- 4000 الاف معتقل في سجن كوبر / مطار بغداد الدولي .
- 30000 الف معتقل موزعين على اكثر من 25 قاعدة ومعسكر لقوات الاحتلال في انحاء العراق .
مع اعداد تقدر بمايزيد عن 200000 معتقل في سجون الداخلية والدفاع التي يبلغ عدد معتقلاتها ما يزيد عن 50 معتقل .
ناهيك عن اعداد الشهداء المغدورين الذين تتولى تلك المليشيات والقوات الحكومية عملية تصفيتهم جسديا والتي بلغت اعدادها اكثر من 850000 شهيد .
وكنتيجة حتمية لهذه الاعتقالات والاغتيالات فقد هجر اربعة ملايين مواطن من مساكنهم وتحملوا اضرار جسيمة معنوية ومادية يطول شرحها في هذا المقال وبالتالي فهو اضعاف للبنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكل هذه الشرائح المجتمع العراقي الواردة في الاحصائيات المشار اليها انفاً واهمال متعمد من جانب الحكومة لكل تلك الاوضاع مما يدل دون ادنى شك عن رضاها لما يجري واشتراكها بتخطيط مسبق للنيل من القوى المناهضة للاحتلال وبالتالى افراغها من كل انواع القوة والمنعة التي ينبغي توفرها لتأمين مستلزمات التصدي للمحتل ومخططاتة العدوانية الغاشمة وكذلك التصدي للمد الطائفي والشعوبي القادم من ايران الذي يهدف للتوسع على حساب العراق والعراقيين ، والا لماذا هذا الاستهداف ومحاولة تقطيع الاوصال وقلع الجذور للقوى الوطنية سواء في الجوانب الانسانية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية او في الجوانب المعنوية ولفئة بذاتها ...
في ذات الوقت يفسح المجال للفئات المحسوبة عل الاحزاب الطائفية والعرقية من ان تستبيح الثروات الوطنية ذات النفع العام وحصر تداولها بتلك الاحزاب واتباعها المأجورين وكذلك التفرد بفرض الاتاوات والرسوم الغير قانونية في كل مفاصل الحياة اليومية دون وجهة حق وعدم ابداء مايتوجب لايقاف مثل هذه التجاوزات ولكن السكوت عنه هو لغرض توفير المجال للثراء الفاحش وبأسرع فرصة وبالتالي خلق طبقة غنية تتمكن من تمويل ذاتها دون الرجوع الى جهات اخرى واستطعامها لهذا الثراء الغير متوقع وبالتالي لاستقتال دونه مع الاخرين والامثلة على ذلك عديدة ولا تحويها المجلدات ...
وفوق هذا كله جاءت الخطة الامنية لتكون غطاء رسمي يضفي المشروعية على تلك الممارسات وجعلها جزء مهم في مهام القوات المسؤولة عن تطبيق فقرات الخطة الامنية والتي هي متطابقة تماما مع توجهات الاحزاب الطائفية في مخططها لضرب القوى الوطنية العربية في وسط وجنوب العراق التي تشملها فعاليات قوات الاحتلال وقوات الحكومة . كما انها توفر الدعم للطبقات المستأثرة بموارد الدولة والتي تعيث فساداً بالمصالح الوطنية العليا للبلاد دون رادع او خوف من سلطة قانونية , ولذلك ترى ان تجار السوق السوداء يتصرفون بكل حرية وبعيداً عن اي مسائلة من اي طرف حكومي ، واما الحديث عن الفساد الاداري فاليوم اصبح امراً لايستوجب المتابعه واضاعة الوقت في مفرداته والسبب في ذلك كما قلنا هو دعم للاحزاب الطائفية واتباعها مقابل الاضعاف الشامل لكل مقومات الحياة للقوى الوطنية العراقية .
ان استمرار تطبيق الخطة الامنية يعني استمرار استهداف تلك القوى واتعابها وانهاك قواها في المجالات كافة لان من يقوم على الخطة الامنية هم الاعداء الحقيقيون للعراق العربي الموحد والذي يرومون تفتيته بكل ثمن ومن ثم مغادرته كما فعل غاربشوف في تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق وتلاشيه عن الانظار ....
ولكن خسؤ وخاب فالهم ويبقى العراق عربياً موحداً وان تحمل ما تحمل من التضحيات فطريق الكرامة لابد وان يستحق تلك التضحيات ...

                                      شبكة المنصور

                                    28 / 04 / 2007

خطة امن بغداد الرابعة
والمغزى الحقيقي وارء التصعيد العسكري والسياسي في العراق