أبو ضرغام الزبيدي

شبكة المنصور

 

                                     

 الانظمة الرسمية العربية ( القطرية بأعمق معنى ) وذلك جوهرها وكينونتها الاصلية الاولى منذ قرن تقريباً وكل كياناتها اللاحقة على مدى هذا القرن ، بأستثناء – الفترة الناصرية – حيث كانت وحدوية ، لكنها حتى في هذه الفترة ، لم تكن تدرك ان ( الوحدة ) هي الثورة والنهضة والتقدم العربي الأعمق مداً والاكثر شمولاً في كل العصر الحديث ، وخصوصاً بعد ( معاهدة سايكس – بيكو ) الاستعمارية الغربية ، التي قضت (  بالتجزئة ) وأصابت ( بالعقم ) التام ، على كل محاولة تنطلق للوحدة العربية ،من داخل النظام الرسمي العربي ، حتى لو جربت هذه المحاولة أعظم القوى القومية واليسارية ( والاسلامية المتنورة حقاً وصدقاً ) تقدماً وثوريةً كل محاولة ( ثورية ) للوحدة – التي هي الاكثر جذرية وأشمل تقدماً – في كل الوضع العربي الحديث والمعاصر والراهن والمستقبلي ، لابد أن تنطلق من ( خارج وليس من داخل مطلقاً ) النظام الرسمي العربي وأنظمته الذليلة المنحطة كلها في كل ما تأتي به الآن ( عدا ما تسمى بالانظمة المارقة ) من قبل الغرب الاستعماري حتى نخاع عظامه ، الذي صار يطلق لنا حتى ( اسماء ) توجهاتنا ( نحن لاتوجهاته فقط ) ونتبعه كالعميان وكأننا لم نقم يوماً الى قرون مظت ( الحظارة العربية – الاسلامبة ) العظيمة التي غطت على واقع الانسانية كلها لقرون عديدة ، فهذا النظام (مارق ) ، وهذا ( صديق ) وهذا ( معتدل ) وذاك ( متطرف ) وهذا ( ديمقراطي ) أو نصف ، وذاك ( ديكتاتوري ) وهذا يعتمد ( معاييره هو ) ( لحقوق الانسان والاقليات ) وهذا يخالفها بما يقتضي تأديبه ، حتى ولو بشن حرب عالمية عليه تشترك فيها هذه الانظمة الوضعية بجيوشها وأحياناً تتحمل ( كل كلفتها وأيضاً كل الارباح التي تترتب على كلفتها ) تدفعها صاغرة بصمت وبلا ممانعة وبأشكال شتى من صيغ الدفع المعروفة في عالم التبادل التجاري الراهن المختل إختلالاً لاشفاء منه لصالح الغرب ، إضافة الى ما تقدمه من دعم لوجستي ( على هذا النظام المارق ) تخترق شرف الانسان وكرامته ، وشرف وكرامة الأرض العربية والسماء العربية والممرات المائية العربية والخلجان والقواعد المائية والارضية والعسكرية العربية ، بأختصار شديد تخترق شرف وكرامة ( كل الهوية العربية ) جوهراً وكماً وكيفاً ، لتدمير هذا النظام الذي قيمته ، نظم حياة الغرب وقيمه على إنه ( مارق ) لانظم حياتنا نحن ( العرب المسلمون ) ولا قيمنا ، المتعارضة – من أجل نهضتنا واستعادة حقيقة إنسانية إنساننا وانسانية أمتنا وتقدمنا – المتعارضة تعارضاً جذرياً مع كل نظم حياة الغرب ، وتقدمه الذي لا يتحقق أبداً إلا إذا ظل      ( إستعمارياً في جوهره ) لكل ماهو خارج الغرب الاستعماري .

أنظمتنا العربية الرسمية ، هذه بدأت بالتراجع التقدمي ، بعد نجاح إنقلاب ( السادات ) على كل الأرث الناصري ، واعلان عدد من كبار الاعلاميين الناصريين ( تعباً من النضال ) من داخل النظام المصري ، ومن أقرب المقربين اليه ( رحمه الله ) عن تراجعهم الى الرحلة الليبرالية التي كانوا عليها قبل ان يصبحوا ثوريين ناصريين ، اعلانهم البشع عن ان الامة العربية لم تجن غير( الحروب )   و ( الانقلابات ) والحركات الشعبية التحررية ، في مصر وسوريا والجزائر والعراق واليمن والسودان وليبيا وفلسطين وعمان وظفار ، والثورات والانقلابات الفاشلة في عدد من نظم قلاع الرجعية العربية ، كشفتها المخابرات المركزية الاميركية ، لم تجن الأمة العربية شيئاً غير هذا بعد تسليم قيادها ( للثورة ) وما  عليها اليوم اذن – حتى تجني كمايعتقد هذا الناصري العائد لليبرالية – سوى ان تسلم رقبتها وحالها وقيادها ( للثروة وليس للثورة ) ، وهكذا ، عدت ( يا غزية ) من غزاتك ، بسلامة عصاتك .

اعلن هذا المرتد " من الناصرية الى الليبرالية ، تماماً كالردة من ( الثورة الى الثروة ) ذلك عام     ( 1967 ) وفي نيسان ولاحقاً ( على ما أتذكر ) " في ستة مقالات مطولة شكلت كتاباً ،ولم تجمع في كتاب ( لأغراض فنية ! بحته ) مع ان جمع اكثر من ( 85 % ) من كل كتاباته في كتب .

لقد كان ذلك – غير المجموع – يشكل البيان ( رقم 1 ) للردة من الثورية الى الليبرالية أو ( من الثورة الى الثروة ) ، وحاولت ان تقف في وجهه بعض النظم ( البعثية ) وبعض القوى القومية اليسارية والتقدمية ، كما تلقفته بالاحضان نظم ( بحثية ) ( واقعية ) وقومية يسارية وتقدمية اخرى .

لقد فهم هذا البيان للردة ( رقم 1 ) على انه استمرار للناصرية الصادقة من قبل البعض ، كما فهم على انه ردة ليبرالية من قبل البعض الاخر من الثوريين الذين كانوا يسمون آنذاك ب ( اللا واقعيين ) .

جاء هذا البيان ، في الوقت الذي دخل فيه (  السادات ) – أيضاً من أجل الثروة لا الثورة ،وإن بأسلوب مختلف – النفق المظلم من ألاعيب ( فصل القوات ) و ( فك الاشتباك ) و ( الصداقة الحميمة مع كيسنجر صاحب نظرية " خذها خطوة ، خطوة " المسمى بمبدأ " نيكسون – كيسنجر " أو " السر المعروف " ) والدعوة ل ( 99  % من الحل في يد أميركا ) لينتهي ب ( كامب ديفد ) .

دخل ( السادات ) من باب الردة في مصر على كل تراث عبد الناصر ، لينتهي بأكبر ردة قومية في كل العصر العربي الحديث ( كامب ديفد ) وكان هذا المرتد القومي الأعظم ، يعرف تماماً ويدرك ما يريد ، لانه اعلن وسخر كل أجهزة اعلامه والاعلام ( المؤتمر العربي ) في عملية مركزية واحدة ، شارك فيها حتى الاعلام الغربي ، الا وهي " تغيير التكوين النفسي لكل العرب " * من الحرب مع اسرائيل والغرب الاستعماري ، الى السلام معها ، فانتهت به هذه الحملة الى الحصول على ( جائزة نوبل للسلام ) مناصفة مع قائد العصابات الصهيوني رئيس وزراء ( اسرائيل الاعظم تطرفاً ) استاذ شارون ومثله الروحي ( مناحين بيغن ) " المناصفة وحدها كافية للأشارة الى حقيقة هذه الجائزة النوبلية السلمية"كانت الردة ( الساداتية ) تنطلق من مصر لتعم الوطن العربي ، بينما كانت ليبرالية صاحبنا الاعلامي المقرب من عبد الناصر – تتجه بالعكس - حيث تسود في الوطن العربي لتتحول الى مصر ، وان جوهرها واحداً هو طبيعة العلاقة بين ( الثورة والثروة ) فاختلفا شديد الاختلاف الى حد العداء في ازمان ( خريف الغضب ) ، فظهر امام الناس وكأن كل منهما يريد ما لايريده الاخرين كل شيء. وهكذا ،  يظهر إن علم ( الثورة الجذرية الشمولية الحق ) هو من اصعب العلوم بالنظر لما يكتنفه من شبهات ومزالق ومطبات ، وراتدادات بقصد النكوص ، وارتدادات اخرى بصيغة ( ردتين في التكتيك مقابل وثبة واحدة في الاستراتيجية ) الخ . * *

في بعض الظروف التاريخية والحضارية التي تمر بها المجتمعات ، تكون ( الثورة ) وحدها ، هي الحقيقة والحق ، وكل شيء آخر باطل او نصف باطل ، او شبه ، باطل ، وحتى باطل مشبوه ، والحقيقة كما نعرف جميعاً هي وحدها الامر الصحيح ، مقابل ما لايحصى من اشكال الزيف ، لذلك قيل ( الحقيقة مقياس نفسها ومقياس كل باطل ) . لماذا ؟ لكي تتعلق النظرة والمنهج والميزان والمقياس والمرجعية والعلاقات والاتجاهات والاستراتيجيات والافعال ذات الطابع العام والفردي بها هي بالذات لا بأمر آخر ، لانها تقيس نفسها وتقيس كل ما غيرها .

" في مقياس ما يتعلق بالحقيقة إقتصرنا فقط – كما تلاحظ – على ماهو عملي دينامي فاعل ، ولم نشر لا الى البنى والتكوينات ولا الى المقاصد والغايات ، وإن كنا نعتقد إن هذه الأخيرة تتحد إتحاداً لايمكن فصمه – واقعياً لا نظرياً ودراسياً – في الاوان ، في كلية واحدة ، يشكل العمل والدينامية الفاعلة اساسها وقاعدتها الجوهرية " . " إذن ، العمل ، العمل ، العمل ، هو الأساس الجوهري الذي يخدم الحقيقة الحية المتحركة المتغيرة * * * التي تقيس نفسها وتقيس غيرها ، لكنه بلا ادنى شك ( العمل المبصر ) والذي لايغادرمطلقاً ( وجدان الانسان ) حتى يظل ابدا وفي ظروف الرخاء والشدة ، عملاً فعالاً إنسانياً " . فليس هو تبعا لذلك ، فناً للممكن فقط ، وانما هو فن الممكن بشرط لاينفصم ابدا ، هو ان يحتفظ ( الفاعل ) بأنسانيته ، اذ الغاية القصوى لحياتنا ، وجوهر معناها هو ان نكون بشرا ادميين حقا ، اما بالنسبة لنانحن (  المسلمين ) فالتقوى المرتبطة دائماً ( بالعمل الصالح – والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ) تشكل الساعد الاعظم لنا في كل حياتنا المادية والروحية ، العقلية والنفسية والشعورية ، فهي وحدها ( الطريق الى الله ) او جوهر وروح (  الشريعة ) .

الانظمة الرسمية العربية ( القطرية بأعمق ) معنى ، شكلت كينونتها الاصلية الامران معاهدة     ( سايكس – بيكو ) ولاحقتها ( سان ريمو – بعد خروج رؤسيا القيصرية ، بثورة لينين من المعاهدة الاولى ) من عام 1916 –عام 1920 ، وكذلك وعد بلفور ( الانكليزي ) عام 1917 ، وخلال تكوين كل كيفياتها اللاحقة واقامة (  اسرائيل ) عام ( 1947 – 1948 ) بقيادة الانكليز ، عاد ( الانكليز ) ليشكلو نظام انظمة هذه ( الانظمة الرسمية العربية ) ، والمقصود ( الجامعة العربية ) بأيديهم وحسب قوانينهم وبموافقاتهم على ( ميثاقها ) ، خطوة خطوة ، وشرط شرط ، وعلاقة ( عربية بينية ) وكذلك علاقة ( عربية دولية ) علاقة ، تمس في صميمها موضوعات ( التنسيق الفردي ) المقبولة  الى حد ، والتضامن ( الخطرة بالغ الخطر ) ، و( الوحدة ) المحرمة تحريماً باتاً مطلقاً ( كالزواج الكاثلوكي ) الذي لايقبل أي خروج ولو بمقدار شعرة واحدة على معطياته .

ونحن العرب ، بكافة اطيافناهل غيرنا شيئاً ، مذ 1916 ( سايكس بيكو) ومذ 1917 ( وعد بلفور ) ، ومنذ 1943 – 1945 ( تكوين الجامعة العربية ) ومنذ 1947 -1948 ( تكوين القلعة الصهيونية الغربية في المنطقة العربية ) ومنذ 1958 – 1961 ( تكوين الوحدة الوحيدة الفاشلة ) المعروفة اطرافها التي تئآمر عليها الجميع وبلا أي استثناء من داخل اقطارها الى انظمة اقطار " عراق نوري السعيد وعبد الكريم قاسم ، ولبنان كميل شمعون ، وأردن الحسين ( المحيطة بالقطر الشمالي ) ، وأموال مملكة آل سعود التي مولت المتئآمرين ب ( 5 ) ملايين دولار كدفعة اولى سلمها العميل المزدوج الى السيد عبد الحميد السراج مدير المخبرات السورية ، والاخير بدوره سلمها الى المرحوم الرئيس جمال عبد الناصر فتم بناء برج القاهرة الحالي بذلك المبلغ . الى سودان عبود ، وليبيا السنوسي (المحيطين بالقلب العربي مصر عبد الناصر ) " وبأستثناء جزائر بن بلة التي جاءت متأخرة للغاية ، كل قائمة ( اصدقاء الانكليز والاميركان ) المعتدلين الواقعيين ( بأعتبار الواقعية فن الممكن فقط ) بلا أي استثناء مطلقا ، بل وبلا أي استثناء ، حتى من جهة الاحزاب والقوى والتشكيلات الاجتماعية والاقتصادية ، وليس ( الانظمة الرسمية فقط ) . الجميع ( تئآمر على الوحدة ) .

لقد قاتل أطراف ( الوحدة الوحيدة الفاشلة ) وحدهم ضمن هذا البحر الهائج العاصف من الاعداء ، فالوحدة هي الاعظم جذرية ، فأما ان تنتصر على كل اعدائها ، او لا تكون ابدا – مثلها مثل قانون أي ثورة هي الاكثر حذرية في أي وضع قائم –

ثم لنسأل : لماذا هي وحدة وحيدة فاشلة ؟ قيدت بعشرات الشروط لقبول تجديدها حتى من اطرافها انفسهم ( بدل العكس ) ، في مقابل عشرات الثورات والانقلابات وحركات التغيير ، وحركات التحرير والتحرر . . الخ التي كشفت بشدة مؤذية للغاية عن قدرة عالية للنجاح في البداية – ولانها لم تتحقق الوحدة – تعثرت مع كل تقدمها العلمي والتربوي والصحي والاقتصادي والسياسي الداخلي ، في النهاية .

فهل فهم العرب بمجملهم ، علاقة ( الوحدة والقطرية ) بالثورة ، الا يبدو واضحاً – نسبياً – للنظر ، إن ( ثورة الوحدة الناجحة دائماً بالسلم والقوة ) هي وحدها الثورة القومية وان جميع الثورات الاخرى ، بما في ذلك اعلاها جذرية وتقدمية هي مجرد ثورة قطرية ، ما لم تجد لها هدفاً وغاية ومنطلقاً ( وصيرورة ) ومقصدا ( فرصة للوحدة ) .

هل تعلمنا نحن العرب ما هي الطبيعة الشديدة القوة الوجودية ( الانطولوجية ) بين الكينونات الاصلية الاولى وكيفياتها اللاحقة ، ألم ندرس دراسة علمية شاملة سلوك ( الانكليز المستعمرون ) وحدهم معنا ، فنتعلم طبيعة العلاقة بين الكينونات والكيفيات في كل امر ( عام ) من امور الحياة ، وكيف تتداخل الاجزاء والدوائر والانسان والكليات – كما يرشدنا بن عربي - .

ان كل من رافق ( الانكليز ) هو مجرد مساعداً او معاون لهم ، وكل من جاء بعدهم لايبني مطلقا الا على ( اكتافهم ) ، وما نحتاج اليه معرفة اعمق اعماق الاشياء ( كلياتها الاصلية الاولى ، وكيفياتها اللاحقة ) لكي نزيح الغمة عن انفسنا وشعبنا العربي وامتنا العظيمة ، حاملة مشعل ( الحضارة العربية – الاسلامية ) الذي ( اخمده قادتنا ) فساهمنا نحن – من غير وعي – في اخماده من جانبنا ، اذ تبعنا قادتنا السياسيين والمفكرين والاخلاقيين والعقائديين القيمين ( الدينيين ) والاقتصاديين والتعليميين التربويين ، باختصار قادتنا الاجتماعيين ( بالمعنى الواسع ) .

وهكذا مثلماهي الحال في ( كما تكونوا يول عليكم ) ، كذلك ايضاً ( كما يول عليكم تكونوا ) .

بأختصار ،منذ (  سايكس بيكو ) التي زرعت التجزئة  الغربية ( الفرنسية – الانكليزية ) في جسد الامة العربية الواحدة ( دينا وتأريخاً وحضارة ) " اكثر من 92 % من العرب مسلمون " .

المرفوضة جماهيرياً وشعبياً من الطبقات الشعبية الفقيرة والطبقات المتوسطة ، والتي لم تقم ولم تستمر ، إلا على اكتاف الحكام العرب ، عملاء الغرب وحضارته ، والطبقات الاجتماعية العليا التي تخدمهم سياسياً لتستفيد منهم اجتماعيا ، وتعتاش عليهم لتصبح طبقات ( كومبرادورية ) تاجرة ، وظيفتها الاساس الجوهرية ، ان تكون ( سمساراً ) بين الغرب الاستعماري وبين مجتمعاتها ، فتشكل كل اسواقها الداخلية مع الخارج على اساس تبعي مطلق للغرب وكل صناعاته ، فتضل مجتمعاتها واسواقها الداخلية في كل شيء بحاجة ماسة وظرورية لايمكن الاستغناء عنها الى بضائع الغرب ، وتظل هي مستفبدة ومهيمنة على النظام الاجتماعي العربي ، ويظل الحكام العرب ( عملاء الغرب اساساً ) يستفيدون منها سياسيا ليخدموها اجتماعيا ، وبالتالي تظل التجزئة المرفوضة على مستوى الشعب العربي عموما ، وسيلة لسيطرتهم السياسية والاجتماعية التي تخدم الغرب في صناعاته وبضائعه او تظل اسواق التجارة العربية مع الخارج مفتوحة لمصالحه ، تبعية له بصورة مطلقة ، ما لم يتغير الوضع جذريا .

وذلك على الرغم من ان ( الغرب ) هو الذي زرع (  اسرائيل – الصهيونية ) في قلب الوطن العربي ، وفي ذات المكان الذي جرى فيه ( الغزو الصليبي القديم ) والغرب هو يديمها ويدعمها دائما ، ( كما لو تكون صليبية صهيونية جديدة ، بديلا عن الصليبية القديمة التي ازاحها ودمرها البطل العراقي الكردي صلاح الدين الايوبي وعائلته الباسلة ) .

وقد تكفل (  الغرب ) صراحة وبدون ان يخفي ذلك ، بأن يجعل ( اسرائيل ) اقوى من كل العرب ( يقصد عملائه من الحكام والطبقات التابعة ) الذين يتفوقون بالكامل اذا قامت (  الوحدة العربية ) التي يعاديها هؤلاء ( واسرائيل ) والغرب ، وأعادت قيادة العرب ( في كل شيء ) الى الشعب العربي لا الى من يخون الامة منذ ( سايكس – بيكو ) حتى الان ، وسيظل يخونها – مهما حصل – بحكم مصالحه المادية والسياسية والاجتماعية .

تلك هي الفكرة ( العامة ) التي رهن لها حياته المناضل العراقي العربي ( وبأعتبارات هذه الأيام في العراق المحتل ) الشيعي الكربلائي ، المتزوج من سيدة عربية فلسطينية المنبت من  ( آل الكيالي ) ، المرحوم الدكتور سعدون حمادي ، منذ اواخر اربعينيات القرن العشرين ، رحمه الله وجزاه خيراً على ما فعل بحياته . آمين . نيابة عن كل الفقراء العرب والطبقة المتوسطة العربية .

ووري جثمان المرحوم الدكتور سعدون حمادي الثرى في مقبرة ( مسيمير ) في ضواحي العاصمة القطرية ( الدوحة ) ولف الجثمان بالعلم العربي العراقي ، وطلب المرحوم الدكتور سعدون حمادي في وصيته ، رسم خارطة العالم العربي بحدوده الخارجية على ضريحه ، وان يكتب على شاهد قبره عبارة " ايها المواطنون : عليكم بوطنكم العربي وحدوده في دولة قوية تقدمية ، فليس غير الوحدة العربية ما يحقق لكم الامن والنهضة والتقدم ، وهي لابد متحققة بإذن الله " .       

*هذا التعبير سماه ( السادات ) بكل صراحة : " عبور الحاجز النفسي " .

* * أو "  خطوتان الى الخلف ، خطوة واحدة الى الامام " .

* * * في كشفه عن طبيعة ( الحقيقة الحية المتحركة المتغيرة ابدا ) يقول الشيخ الاكبر ، محي الدين بن العربي ان الله سبحانه ، في كل وقت يخلق فيه الكون ، هو ( جل جلاله ) في حالة ( خلق مستأنف أبداً ) لايني ( أي يقصر او يتعب ) ولا يتوقف ، وذلك في معرض تفسيره لآية ( كل يوم هو في شأن ) ، من ( سورة الرحمن ) ، كما لو تكون حلقات ودوائر وانسان وكليات دائمة الحركة بعضها يدخل ضمن نطاق البعض . لا ثبات لها ابدا – وان بدت ثابتة – فالله سبحانه (في حالة خلق مستأنف ) لايني ولا يتوقف .   

                                                       

                                      شبكة المنصور

                                    05 /04 / 2007

               لمناسبة وفاة المرحوم الدكتور سعدون حمادي

                        المناضل العراقي الوحدوي الكبير