بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 
بعد موافقة الكونغرس الأميركي على تمويل قوات الاحتلال في العراق:
هل هناك حظوظ لنجاح خطة جورج بوش الجديدة؟
 
 
شبكة المنصور
طليعة لبنان الواحد عدد أيار 2007
 

 لقد حُسم الجدل بين إدارة بوش والديموقراطيين حول تمويل احتلال العراق من دون ربطه بجدول لسحب القوات الأميركية، وقد أثار هذا القرار هواجس ومخاوف من أن يكون مقدِّمة لـ«ردة» ضرب فيها الديموقراطيون وعودهم لناخبيهم عرض الحائط. وهذا الأمر يستدعي الوقوف عند مقدماته ونتائجه من أجل إيضاح صورة مستقبل الاحتلال، كما من أجل تقييم المدى الذي ستصل إليه نتائج خطة بوش الجديدة من أجل الخروج من مأزقه في العراق، ليصحح فيها ما اعتبره أخطاء وقعت فيه إدارته في إدارة احتلال العراق السبب الذي وضع فيه الاحتلال على حافة الهزيمة.

قبل استعراض تقييمنا لحدود نجاح الخطة أو فشلها، سنفتش عن خلفيات الاتفاق الذي حصل بين إدارة بوش والديموقراطيين، وفي هذا الصدد نرى أن خلفيات ذلك الاتفاق تحتمل ما يلي:

1-لم تحصل في العراق تداعيات مؤثرة تقنع الديموقراطيين، ومن خلفهم ناخبيهم، ما يدفعهم إلى تدعيم خطة بوش وتأييدها. فالوقائع على أرض الميدان تثير المخاوف ولا تلغيها.

2-للخروج من أزمة الجدال حول التمويل، بين إصرار الديموقراطيين ورفض جورج بوش، هناك مسافة أساسية تجمع الحزبين معاً: حزب جورج بوش، والحزب الديموقراطي، هو الحرص على ألاَّ يبقى الجيش الأميركي من دون إمكانيات تحافظ على حياة جنوده أو أقلها التقليل من الخسائر في الأرواح.

3-كانت من مظاهر التوافق على الخروج من مأزق «الفيتوات» مسألتان:

-إعادة تقييم مهمة الجيش الأميركي في العراق في شهر أيلول القادم، وهو ما أعلنه جورج بوش، كشرط يسبق الإعلان عن اتفاق الطرفين للإفراج عن قرار التمويل.

-الضغط على حكومة المالكي العميلة، أو أية حكومة جديدة من المحتمل تشكيلها في المرحلة القادمة، بتحميلها مسؤولية الفلتان الأمني الحاصل من جهة، والإسراع في تأهيل مؤسسات أمنية وعسكرية تكون جاهزة لاستلام الملف الأمني العسكري من قوات الاحتلال من جهة أخرى.

4-الاستجابة للطلب الذي توصلت إليه لجنة بيكر هاميلتون، بالدخول في حوار مع إيران وسورية من أجل الاستفادة من إمكانيات إيران اللوجستية الكبيرة في العراق وتفعيل دور عملائها، والعمل لتقديم إغراءت لسورية من أجل دمجها في مشروع احتلال العراق.

وفي شتى الاحتمالات لا نرى في نتائج الاتفاق غير المعلن بين الديموقراطيين وإدارة بوش، ما يشير إلى أن هناك استرخاء للحركة الرافضة للحرب. كما أنه ليس هناك ما يدل على أن الديموقراطيين، ومن خلفهم ناخبيهم، سيتوقفون عن خطة «استنزاف إدارة جورج بوش» للحصول على قرار بالانسحاب من العراق، ويأتي على رأس تلك الأسباب هو أن جثث الجنود الأميركيين تزداد في العودة إلى بلادهم.

أين وصل الشق السياسي من خطة جورج بوش الجديدة؟

بعد مؤتمر القمة العربية في الرياض، التي أعادت تلزيم العراق للاحتلال الأميركي، تحت الصيغ ذاتها التي تمَّت مساعدته على احتلاله، إلاَّ أنها لحظت في نصوص البيان الختامي ما يؤشر على الاتفاق على إيجاد مخارج له من مآزقه، وكان من أهمها النص الذي يتعلق بإعادة النظر في قانون اجتثاث البعث.

كان هذا النص يؤشر على أهم عناوين الخطة السياسية، التي أشارت إليها خطة بوش الجديدة التي وضعها قيد التطبيق منذ أوائل العام الجاري. وكان من أهم أغراضها العمل على ضم المنطقة السنية الى ركاب ما زعموا أنها عملية سياسية، انضمت إليها، وعملت على إنجاحها ألوان من الطيف الشيعي والكردي.

ولكي تكتمل، ولما كان بعض الطيف السني لم يفلح، ولم يضف الى تلك العملية ما تعتبره إدارة جورج بوش إضافة نوعية، ولما صنَّف الاحتلال زوراً أن المقاومة العراقية هي مجرد مجموعات سنية أو مجموعات تدين بالولاء للنظام الوطني السابق، أو فلولاً من البعثيين الذي يقاتلون من أجل استعادة نظامهم، لحظت خطة بوش الجديدة تفاصيل معالجة تلك الثغرات والعمل على ردمها، فكانت جاهزة وكانت واضحة المعالم من خلال عدة مظاهر:

-المظهر الأول: قرار الاحتلال بإعادة تنظيم الجيش العراقي، وإعادة الاعتبار إليه، بتقديم إغراءات وعروض يتوهم من أنه يستطيع إغراء الوطنيين من الجيش العراقي الذي حلَّه بول بريمر بشطحة قرار كان يريد منه أن يمسح كل معالم النظام الوطني السابق. وأن يوفر تغطية لمن انحرف منهم وعمل بإمرة الاحتلال.

-المظهر الثاني: إغراء البعثيين بإعادتهم الى مواقعهم الوظيفية بعد إلغاء الحظر عليهم، وهذا المظهر أخذ ترجمته بقرار إعادة النظر بقانون اجتثاث البعث، الذي أطلقه مؤتمر مكة، لما زعمت وسائل الإعلام أنه مؤتمر للمصالحة بين العراقيين، وما جاءت مقررات مؤتمر القمة في الرياض، في 28/ 3/ 2007، لتؤكده في متن النص المتعلق بالوضع العراقي، ولم يقصِّر بيان مؤتمر شرم الشيخ، الذي عقد في 4/ 5/ 2007، الذي جمعت إدارة جورج بوش من أجله أكثر من خمسين دولة.

-وجاءت فلتات من التصريحات لم تعمر طويلاً تلك التي صدرت عن الملك فهد، قبل انعقاد القمة العربية مباشرة، بوصف الاحتلال الأميركي احتلالاً. هذا التصريح، كما نُقدِّر، ليس منفصلاً عن دور تلعبه المملكة في استقطاب عدد من فصائل المقاومة العراقية التي ظهرت قيادات مزعومة لها على شاشات التلفزيون ليس لغرض إلاَّ إشهار عدائها لحزب البعث العربي الاشتراكي لتجهيل دوره، أو نفي هذا الدور في المقاومة. ولقد جاءت التسريبات الأخيرة عن احتمال عقد مفاوضات بين الاحتلال والمقاومة، وهو ما صدر عن أياد علاوي، رئيس حكومة الاحتلال الأسبق، لكي تلقي أضواء كاشفة على حقيقة بعض مظاهر الخطة السياسية التي تشكل جزءاً من خطة بوش العامة. وهنا نتساءل هل الخبر الذي نُقل عن علاوي جاء استكمالاً لدور عربي يجهد لشق المقاومة العراقية كسبيل لإضعافها؟

وجاءت الأنباء التي تزعم أن خطة جورج بوش تعمل من أجل إعادة الاعتبار للجيش العراقي، والتي فهمت منها المقاومة أنها محاولة أخرى لشق المقاومة، فقد أعلن عن عقد مؤتمر في عمان لضباط من الجيش العراقي الذين التحقوا بإمرة الاحتلال، مع ضباط آخرين لم يلتحقوا حتى الآن، ولكنه كان مؤتمراً تمخض عن فأر هزيل. ولما لم يحقق الاجتماع شيئاً يُذكَر عمدت وزارة الدفاع العراقية، المعينة من قبل الاحتلال، الى التلويح بإجراءات إدارية دعت كل ضباط الجيش العراقي الوطني الى تقديم معلومات عن أوضاعهم الشخصية، في داخل العراق وخارجه، وأنذرت المتخلفين باتخاذ عقوبات صارمة بحقهم. وتلك هي من أخبث الوسائل التي حذَّرت قيادة المقاومة من الوقوع في فخها، لأن أجهزة أمن حكومة المالكي تستخدم هذه الوسيلة من أجل الإيقاع بضباط الجيش العراقي الوطني وأفراده.

ولقد توَّجت إدارة جورج بوش خطتها السياسية بعقد مؤتمر شرم الشيخ، جمَّعت فيه أكثر من خمسين دولة، بين عربية وإقليمية وغربية، ومن أهم أهداف المؤتمر استخدامه مروحة من الإيحاءات إلى أكثر من جهة:

-الإيحاء للشارع الأميركي بأن أميركا ليست وحدها في خطتها الجديدة، بل يحيط بها جدار دولي وعربي وإقليمي، سيقومون بإسنادها في المرحلة القادمة.

-إعطاء شحنة نفسية لرفع معنويات المنخرطين في العملية السياسية لكي يقفوا على أرجلهم، بعد أن أرهقتهم المقاومة العراقية بزخم من العمليات العسكرية التي كانت تهدم كل مقومات المؤسسات الأمنية، من شرطة عميلة وجيش عميل من جهة، ومن جهة أخرى قتل المزيد من جنود الاحتلال الذي ينعكس مزيداً من رفض احتلال العراق في الشارع الأميركي والدعوة إلى سحب الجنود الأميركيين وإعادتهم إلى بلادهم. وتدل الإحصاءات الأخيرة على أن معدل القتلى بين صفوف الجنود الأميركيين ارتفع منذ أواخر العام الماضي من 2,12، كمعدل يومي، إلى 3 جنود في اليوم الواحد كمعدل يومي أيضاً.

-استخدام المؤتمر كفزَّاعة دولية وعربية وإقليمية الهدف منه الإيحاء لفصائل المقاومة العراقية أن هناك تحالفاً دولياً وعربياً وإقليمياً وضع ثقله إلى جانب الإدارة الأميركية. وقد استكملته إدارة جورج بوش بالاتفاق مع إيران على عقد لقاء أميركي إيراني في بغداد، على أمل أن يضع النظام الإيراني إمكانياته في إعادة الأمن للعراق، ومساعدة العملاء على إنقاذ العملية السياسية من الفشل.

هل الترتيبات السياسية التي استكملتها إدارة جورج بوش ستنقذ خطتها الجديدة؟

كمثل وجه الخطة العسكرية التي تآكلت منذ أيامها الأولى، حيث إن الإدارة، وعملاءها، حصدت الفشل تلو الفشل، تراهن على أن يُؤتي الوجه السياسي أُكُله.

كما اعتبر أكبر قادة الجيش الأميركي أن زيادة عدد القوات، الذي لحظته خطة جورج بوش الجديدة، ليست أكثر من عملية تجميل ستعمل المقاومة على كشف قشورها، وهي قد فعلت، فإن المراقبين لمجريات العملية السياسية يعتبرون أن الوجه العسكري للخطة ليست أكثر من عملية تجميلية لاحتلال أثبت قذارته، وأثبت عجزه عن النجاح. ومن أهم ما يبرهن به هؤلاء على صحة توقعاتهم بالفشل العوامل التالية:

-أربع سنوات من الاحتلال كانت كافية لتثبت أمام قطاعات واسعة في الشارع الأميركي، قطاعات شعبية وحزبية وسياسية وعسكرية، أن الديموقراطية المزعومة لا يمكن تصديرها بالقوة العسكرية. والدليل أن مئات آلاف الجنود والمرتزقة والعملاء والحلفاء الدوليين، عجزوا عن القيام بعبء المقاومة التي انفجرت في وجههم، وكبَّدتهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، السبب الذي أرغم أكثر الدول تحالفاً مع إدارة جورج بوش على الانسحاب من العراق، بعد أن أسقطت شعوبها الحكومات التي مالأت الإدارة الأميركية وشاركتها في جريمة الاحتلال، ويكفي أن نذكر إسبانيا وإيطاليا واليابان، وكان آخر الذين أسقطتهم رئيس وزراء بريطانيا، وأصبحت مسألة سحب القوات البريطانية من العراق مسألة توقيت. إذن، تعتبر المقاومة العراقية أن حشد أكثر من خمسين دولة في شرم الشيخ، لا تجرؤ واحدة منها على أن ترفد الاحتلال بدبابة واحدة، ليس أكثر من تجميل وجه الاحتلال وترك الأميركيين وحدهم يلعقون جراحهم، ويدفنون قتلاهم.

-أربع سنوات من التواطؤ الإيراني مع الاحتلال الأميركي لم يمنع المقاومة ليس من الاستمرار فحسب وإنما التصاعد أيضاً. كان هم النظام الإيراني، في السنوات الأربع، أن يرسِّخ أقدام عملائه في شتى المؤسسات العراقية التي أنشأها الاحتلال من جهة، وأن يساعد الاحتلال الأميركي على ملاحقة المقاومين وتصفيتهم ليضمن عدم عودة البعث إلى السلطة بعد الانسحاب الأميركي من جهة أخرى. فإذا كانت المقاومة قد وضعت الطرفين في مآزق كبرى بينما كانا يتمتعان بقوة وتأثير، فهل هي عاجزة عن تعميق مأزقيهما وهما في مراحل ضعفهما الأكبر؟

هل الاتفاق الأميركي – الإيراني سينقذ إدارة جورج بوش؟

واستطراداً، نتساءل: لماذا تراهن إدارة جورج بوش على مساعدة النظام الإيراني في توفير الأمن في العراق؟

كما نتساءل: لماذا انصاعت تلك الإدارة وعقدت لقاء كانت ترفضه في السابق؟

لقد رفضت إدارة بوش الحوار مع النظام الإيراني بعد احتلال العراق لأنها اعتبرت أن ما قدمه من خدمات وتسهيلات للاحتلال كان ثمنه إسقاط نظام البعث السياسي، لكن تلك الإدارة كشفت أن للنظام المذكور أطماعاً لم يكن يحسب لها حساباً، بل كان احتواؤه ووضعه تحت السيطرة بعد ضمان رضوخ العراق للاحتلال هو ما كانت تخطط له إدارة جورج بوش، إذ كانت نوايا الإدارة تتجه إلى تقزيم النظام الإيراني وليس لمشاركته في العراق. وقد تيقَّن الديموقراطيون، وكذلك لجنة بيكر، أنه لا يمكن للإدارة الأميركية أن تفتح جبهة أخرى تجاه إيران وسورية في الوقت الذي عجزت فيه عن احتواء جبهة العراق، وأصبح مفروضاً عليها أن تفرز للنظام الإيراني حصة فيه لتمنع عوامل عرقلة كثيرة قد يخلقها، وأقل تلك الحصص هو الحوار معها على أساس اقتطاع حصة ترضيها من جهة، وأن لا تُضرَّ بالمصالح الأميركية من جهة أخرى.

ليست أهداف اللقاء محدودة بإعادة الأمن إلى الساحة العراقية كما هو معلن، وإنما هناك بوادر صفقة شاملة لا تستطيع إدارة جورج بوش المأزومة تجاهلها، فهي شاءت أم أبت مطلوب منها أن تقدِّم تنازلات للنظام الإيراني الذي استمرأ حلاوة طعم استغلال المأزق الأميركي في العراق من أجل ابتزاز تلك الإدارة للحصول منها على سلة من المكاسب، يأتي في مقدمتها الاعتراف بحصتها التي اقتطعتها في العراق أولاً، والحصول على حصة في صياغة خريطة منطقة الخليج العربي ثانياً، والعفو عن رأس المفاعل النووي العراقي ثالثاً.

تلك هي سلة النظام الإيراني، فهل تقبل بها إدارة بوش أم لا؟ فهذا ما ستجيب عنه تطورات الأحداث في المراحل القريبة القادمة، وإن كنا نرى أن تلك الإدارة مخيرة بين القبول بتلك السلة، أو غرقها في متاهات البديل الآخر، وهو العمل على ضرب إيران عسكرياً بما فيه من اهتزازات كبرى سيحصدها العالم كله بشكل عام، والوطن العربي بشكل خاص.

لقد أشار بيان قيادة قطر العراق، الصادر في 28/ 5/ 2007، إلى خطورة الاتفاق الأميركي الإيراني، فيما لو حصل، على أوضاع الوطن العربي بشكل عام، والأنظمة العربية المتواطئة مع إدارة جورج بوش بشكل خاص، وجاء فيه: «على الانظمة العربية كافة ان تستخلص الدرس الكبير الصحيح الذي يقدمه اجتماع بغداد، بين السفيرين الامريكي والايراني، وهو ان كافة الانظمة العربية وبلا استثناء موضوعة في قائمة المساومات الامريكية الايرانية، مهما تنازلت هذه الانظمة وقدمت الخدمات لامريكا في العراق وغيره، لأنها لا تقرن خدماتها بمطالب تصر علي تنفيذها من قبل امريكا وتضغط وتناور بقوة وذكاء كما تفعل إيران، بل هي تعاون امريكا دون أن تتمسك بشروط محددة مقابل ذلك. من هنا فان حبل انقاذ كافة الاقطار العربية، بنظمها وشعبها وهويتها، يتمثل في دعم المقاومة العراقية ماديا ومعنويا وانهاء فترة التردد لانه قاتل ويضيع فرص انقاذ الامة».

أما رد المقاومة فأتى أيضاً ليضع احتمال حصول اتفاق أميركي - إيراني في موقعه الصحيح، وقد أشار بيان قيادة قطر العراق، في 28/ 5/ 2007، إلى أن: «طريق الانقاذ الوحيد هو التمسك ببندقية المقاومة العراقية وعدم التنازل عنها، لاي سبب كان، فهي التي اذلت امريكا والحقت بها الهزيمة، وهي التي ستجبرها على التفاوض بعد قبول شروط المقاومة. ولذلك فان الرد التاريخي والحاسم على الخطوة التآمرية الامريكية الايرانية الاخيرة هو تصعيد العمل المسلح للمقاومة المستند إلى تعزيز وحدتها القتالية، وتجديد رفض ما يسمى الانخراط في العملية السياسية، والوقوف بحزم ضد كل منشق يريد خلق مشاكل في اوساط المقاومة تحت أية حجة او سبب. إن وحدة المقاومة هي كلمة السر في دحر الغزو الامريكي الايراني وليس هناك حل آخر غير ذلك».

وفي منهجها السياسي الاستراتيجي كانت قيادة المقاومة قد شخَّصت دور الإقليم، وخاصة دور النظام الإيراني، ووضعته في سياقات المواجهة، وعزمت على منعه عن تحقيق مصالحه، وتعظيم تكلفة مساندته للعدوان وتعامله مع إفرازاته الداخلية في العراق المستهدفة تفتيت الوحدة الوطنية العراقية على حساب مصالح عرقية ومذهبية وجهوية وفئوية مرتهنة للاحتلال ومرتبطة بوجوده.

خطة جورج بوش الجديدة تتآكل، واستحقاقه القادم في أيلول القادم:

لقد تآكل الجانب العسكري من خطة جورج بوش الجديدة، والدلائل شديدة الوضوح، فمنذ بدايتها ارتفعت نسبة الخسائر بين جنوده، هذا على الأقل حسب تقارير البنتاغون، من 2,11 منذ أواخر العام المنصرم، إلى 3 جنود منذ بدء تطبيق الخطة الجديدة.

أما جانبها السياسي فيتآكل أيضاَ، ومن أهمه:

-محاولة شق المقاومة، والدور الذي تلعبه بعض الأنظمة العربية، فشلت في توظيف بعض ما اعتبرته انشقاقات عن صفوف المقاومة في الحصول على قبول أي فصيل منها بالإقدام على مفاوضة الأميركيين إلاَّ على شروط قيادة المقاومة التي أعلنت منذ إعلان منهجها السياسي في 9/ 9/ 2007. ونحن نرى أنه لا بدَّ لنا من انتظار ما أعلن عنه أياد علاوي أخيراً، لعلَّ المرحلة القادمة تكشف عن بعض الوجوه المشبوهة إذا صحَّت ادعاءاته.

-في انتظار الكشف عن حقيقة ما توصَّل إليه اللقاء الإيراني الأميركي في 28/ 5/ 2007، نعيد التأكيد على حقيقة عملية برهنت على صحتها السنوات الأربع الماضية، أن ما عجز عن تحقيقه الاتفاق الأميركي الإيراني السابق، وهما في أوج قوتهما، لن يستطيعا وهما في أوج ضعفهما أن يحصلا عليه. ولهذا لن تكون نتائج اتفاقهما الأخير إلاَّ مضيعة لوقتهما معاً، ولن تكون أكثر من عبارة عن قشة يفتش عنها الغريق قبل غرقه، وحتى وإن وجد القشة فستكون عاجزة عن إنقاذ الغريق.

بانتظار أيلول القادم، ما على جورج بوش إلاَّ أن يجدد وعده للأميركيين، بأن عليهم أن ينتظروا المزيد من التضحيات من أجل أميركا، لكنه كما دعاهم إلى الصبر سابقاً، سيجدد دعوته إلى ما شا الله، وما شاءت المقاومة العراقية، ولن يستجيب الله لدعواته، كما لن تستجيب المقاومة لتلك الدعوات، وكما لن يصبر الأميركيون عليه، ولن يستجيبوا لمتابعة تقديم التضحيات من أجل جيوب حيتان الرأسمالية في أميركا والعالم، وسيدعونه إلى إخراج الجيش الأميركي من جهنم العراق، وإذا لم يفعل ستفعله هيلاري كلينتون كما وعدت.

 
 
 
شبكة المنصور
السبت / الثاني / حزيران / 2007