الناطق باسم البعث ومقاومته الوطنية الباسلة : دولة العراق بعد التحرير هي دولة المقاومة!

 
شبكة المنصور

حوار فاطمة بن عبد الله الكرّاي

 
 

لم يكن يسيرا الالتقاء ب«أبي محمد» الناطق باسم البعث ومقاومته الوطنية فقد كانت ظروفه الأمنية لا تزال خطيرة... بدا الرجل واثقا مما يقول... كاشفا النقاب في هذا اللقاء، ولأول مرة، عن الوجه الآخر للبعث... زمن ما بعد السلطة التي كانت بيده 35 سنة وزمن الاحتلال الذي حكمت عليه المعادلة أن يكون صاحب الحق في طلب الحق ومحاولة اليه، عبر البندقية... بندقية أرّقت الاحتلال الأمريكي...
يا لهذه الأرض... ويا لهذه الأمة، من يستطيع أن يطوّعها له غير أهلها وأهداف أهلها... لا أحد بإمكانه الجزم بعد أربع سنوات احتلال بشع أتى على الأخضر واليابس وقتل الرجال وهم وقوف بأن نهارا سوف يطلع على الاحتلال... وأن «أملا» سوف ينقذ الاحتلال من ورطته...
رجال ونساء وأطفال وشيوخ يخطّون التاريخ كل بطريقته... المقاتل ببندقيته والمرأة بمكابدتها الصعاب وبثباتها والطفل بتضحيته بمدرسته التي منعها عنه الاحتلال وتعمل المقاومة على أن تكون مدرسة تعليمية تلي مدرسة الحياة... وأي درس تمكّن منه العراقيون في هذه المحنة محنة الاحتلال...
في هذا اللقاء ووفق الأسئلة التي طرحناها عليه يحاول الناطق الرسمي باسم
البعث ومقاومته الوطنية، ان يكشف لنا البعد السياسي فيقول ان البندقية لن تهدأ الا بعد التحرير وان الانفتاح على الجيران الاقليميين للعراق، لا يمكن أن يتم الا وفق ثوابت أساسها قطع العلاقة مع الاحتلال، ويكشف لنا الجانب العسكري، فيقول ان المقاومة العراقية هي حالة وفكر وواقع يعيشه العراق، وان المحتل محشور في الزاوية وليست أمامه خيارات غير الخروج من العراق...

سألت هذه الشخصية التي تفضّل عدم ذكر اسمها ولا صفاتها عن مؤتمر «شرم الشيخ» حول العراق، وأزمة المحتل التي بانت لنا فيه بوضوح...

سؤال : في مؤتمر «شرم الشيخ» الأخير حول العراق، بان بالواضح أن الاحتلال الأمريكي في أزمة... وان النفوذ الايراني واقع في العراق... كيف ترى المقاومة العراقية هذا المشهد وكيف تقيّم الأطراف المتدخلة في المسألة العراقية؟
أبو محمد الناطق باسم البعث ومقاومته الوطنية : نستطيع ان نقول بعد المأزق الكبير الذي تردى فيه الأمريكان في العراق وهزيمة مشروعهم الذي جاؤوا به للعراق والمنطقة وربما الى العالم أيضا أن المقاومة العراقية الباسلة هي سبب تلك الأزمة التي تردت فيها القوات الأمريكية الغازية. الأمريكان لم يستطيعوا تحمّل خسائرهم وأزمتهم فأخذوا يبحثون عن حلول لوضعهم المعقّد. ومن هذه الحلول عقد مؤتمرات على شاكلة «شرم الشيخ»... كما لا يجب أن نغفل ذاك الكمّ من المؤتمرات والتي يناهز عددها العشرة وتحت تسميات مختلفة من «اعادة الإعمار» الى «قوى عراقية» الى «دول الجوار» كلّها عناوين لمؤتمرات مختلفة، لكنها لا تهتم سوى بحلّ مشكلة الأمريكان.. المحتلون. لكن من وجهة نظر البعث وفصائل المقاومة أقول بأن «مؤتمر شرم الشيخ» كما بقية المؤتمرات الاخرى، لا يمكن ان ينتظر منها نتائج... فهي مؤتمرات لها نفس النهاية، ولا يمكن انتظار حلّ صادر عنها... سوى حلّ لانقاذ المحتلين... وهو حلّ إن وُجد، لا يمكن ان يحلّ أزمة الاحتلال لأن المقاومة العراقية للاحتلال بالمرصاد لكل ما هو مبيّت م مشاريع ومخططات لا تخدم الا قوى الاحتلال وأدنابها...
جميع هذه التحركات الاقليمية والدولية تحاول ان تتخطى شيئين أساسيين : أولا: ضرورة ان يعترف الأمريكان بخطئهم وبجريمتهم في احتلال العراق وتدمير دولته واغتيال قائده وقيادته وقتل شعبه ونهب ثرواته. وانتهاك مقدّساته. وان يتحلّوا بـ «الشجاعة» للاعتراف بهذه الجريمة والاعلان عن اعترافهم بحقوق الوطن وثوابت هذا الشعب ومن ثم تنفيذها واعلان الانسحاب
الكامل والتام وغير المشروط من العراق.

ثانيا : أن المقاومة الوطنية العراقية بكافة فصائلها واتجاهاتها هي اللاعب الرئيسي على الساحة العراقية، وهي من أوصل الأمريكان الى هذا المستوى المنحط والواقع المأزوم وبالتالي عليهم، اذا ما أرادوا أن ينقذوا أنفسهم فليس أمامه سوى الجلوس الى المقاومة، وفق الثوابت الوطنية المعلنة من كل فصائل المقاومة الوطنية في العراق، وهي نقاط مثبّتة في برنامج التحرير والاستقلال لعام 2006 واستراتيجية المقاومة لسنة 2003...
عودة على بدء، فإن مؤتمر «شرم الشيخ» لم يكن مأمولا منه ان يخرج بأكثر مما خرج... وقد كنّا متأكّدين أنه سيفرز تأكيدا على العملية السياسية البائسة والشوهاء والساقطة التي أنشأها الاحتلال، وأدّت الى ولادة «نظام» عنصري وطائفي وتقسيمي... هو عبارة عن أصابع للقتل والنّهب والسرقة.
 

سؤال : في المشهد العراقي من منظار مقاومة المحتلّ، نلاحظ ونرصد تعدّدا في الأطراف المشاركة في العملية النضالية على الميدان، فهل هذا يعني ان المقاومة العراقية أسّست على الميدان، عملا جبهويّا سياسيا؟
أبو محمد الناطق باسم البعث ومقاومته الوطنية : حزب البعث ومقاومته الوطنية، طرح برنامجا سياسيا سمّي برنامج التحرير والاستقلال ويحتوي على حقوق الوطن وثوابت التحرير، كما ذكرت لك آنفا. وقد طرح هذا البرنامج على تيارات سياسية مختلفة من القوى والحركات الرافضة للاحتلال والمقاومة له، وتم الاتفاق على مشروع «الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية» ومن المؤمّل قريبا أن يتم الاعلان عن اللجنة السياسية والاعلامية لهذه الجبهة. في المقابل هناك عدد من القوى والشخصيات الوطنية الرافضة للاحتلال، قد طرحت هي الأخرى برامج سياسية وفق رؤيتها وبادر قسم من الشخصيات الوطنية الى دراسة هذه المشاريع الوطنية، والخروج بمشتركات حول هذه المشاريع وعددها ستْة مشاريع لغرض الجلوس حول مائدة مستديرة للحوار والخروج بنتائج تجمع هذه القوى في برنامج يحدد ثوابت الوطن وحقوق الشعب. وبالتالي فهناك حراك سياسي الآن على الساحة، نتوقّع ونأمل أن تكون هناك ولادة طبيعية ومولود طبيعي لأن المحتل المجرم وفق سياسة «فرّق تسد» والتي يستعملها دائما يحاول ان تكون ولادة أي مشروع مقاوم هي ولادة مشوّهة. فهو يحاول تفتيت القوى الوطنية المقاومة للاحتلال انطلاقا من سياسة «الضدّ النوعي» الذي جاء به بوش الى العراق.

 

سؤال : أيمكن ان نرى التقاء بينكم وبين قوى اقليمية عربية وغير عربيّة، ممّن سهل دخول الاحتلال الى العراق؟
أبو محمد الناطق باسم البعث ومقاومته الوطنية : وفق رؤية البعث ومقاومته الوطنية للعلاقة بين مختلف الاطراف العراقية مع البعث او دول الاقليم او الدول العربية وكذلك علاقة البعث مع جميع دول العالم، فإننا نقول : من يتمسّك من العراقيين ومن يؤيّد من العرب ومن يساند من دول العالم عدا الكيان الصهيوني، حقوق الوطن وثوابت التحرير التي جاءت في برنامجنا السياسي المعلن، فإن الحوار واللقاء والنقاش مفتوح مع الجميع طبقا لهذه الثوابت. ومن هنا فليس لدينا خطوط حمراء في الحوار مع الاخرين على مستوى العراق والعرب والعالم ما عدا اسرائيل المغتصبة لفلسطين، بما فيها ايران وتركيا ودول الخليج كافة والدول العربية الاخرى، فإن البعث ومقاومته الوطنية ودولة العراق المقبلة بعد التحرير بعون الله، ستقيم افضل العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وطبقا لاستحقاقات الامن الوطني والقومي والاقليمي.
أما في ما يتعلق بموضوع ايران وتدخلها في شؤون العراق بشكل سافر وغير مقبول مستغلّة وجود الاحتلال وما سبّبه من تدمير للدولة العراقية من فراغ سياسي وأمني من خلال قرارات حل الجيش والأمن وقانون اجتثاث البعث، وغير ذلك من الاجراءات فإننا في البعث وفصائله
المجاهدة نودّ ان نشير الى أن امام ايران فرصة لاسقاط المشروع الامريكي ـ الصهيوني في العراق وذلك من خلال توجّهين رئيسيين:
- أولا: دعم المقاومة الوطنية والقومية والاسلامية في العراق بكافة فصائلها وبدون استثناء وبمختلف وسائل الدعم وانها قادرة على ذلك.
- ثانيا: سحب الاعتراف بالحكومة العميلة وعدم تأييد العملية السياسية التي ينشئها الاحتلال وقطع علاقاتها مع الاحزاب العميلة والميليشيات المجرمة وفرق الموت والعمل على حلّها وعدم التدخل في شؤون العراق وشعبه من خلال ما تقوم به من عمل استخباري وتخريب اجتماعي وتغيير ديمغرافي خدمة لمصالح ضيّقة ومن منطلقات قومية لا تخلو من التوجهات العنصرية، لأنه في نهاية المطاف، إيران هي دولة كبيرة في المنطقة ولها حدود واسعة مع العراق، وأن استحقاقات التاريخ والجغرافيا لا تلغي هذه الحقيقة بل تؤكّدها، فنرى بأن مصلحة إيران الوطنية والقومية والانسانية تفرض عليها ان تحقق ما ذكرناه آنفا، وليس التعامل مع اعداء المنطقة.
 

سؤال : هل هناك اتصالات، ولو عبر وسطاء، مع إيران... واذا لم يكن هناك شيء من هذا، هل تمانعون في الجلوس مع الطرف الايراني؟
أبو محمد الناطق باسم البعث ومقاومته الوطنية : نحن لا نمانع فأي لقاء، ونحن في البعث وفصائله، المجاهدة نرحّب بأي لقاء مع الحكومة الايرانية او الشخصيات، بما يؤدي الى تنفيذ حقوق الوطن وثوابت التحرير المعلنة في برنامجنا السياسي وهي تمثّل خلاصة مصالح العراق وشعبه وبالمقابل نضمن من خلال الحوار مصالح ايران، كدولة اقليمية مهمّة، ولكن ليس على حساب مصالح وحقوق شعب العراق، حيث أن المقاومة الباسلة بكل فصائلها مصمّمة على انتزاع هذه الحقوق من المحتل وعملائه وافرازاته. وإحدى في هذه الافرازات ومن أهمّها هو التدخل الايراني في شؤون العراق، أي أن المقاومة وفق برنامجها سوف تُطرد المحتل وعملاءه، وسوف تطرد أيضا أي تدخّل اقليمي في العراق ومنها التدخّل الايراني، ولن تتوقف المقاومة والجهاد مهما طال الزمن ومهما غلت التضحيات الا بتحقيق التحرير الشامل والكلي للعراق العظيم من كل أشكال الاحتلال والهيمنة والتسلط والاستغلال والابتزاز والطائفية والتطرّف والعنصرية ولن نسمح في دولة العراق بعد التحرير إلا للفكر الوطني القومي الانساني الثوري المؤمن بالله والاسلام الوسط لكي يسود وينتشر كما يحبّه العراقيون وقد تربّوا عليه عبرتاريخ العراق الطويل.

 سؤال : هل يعني هذا أن البعث يعمل على العودة الى السلطة بعد التحرير؟ وهل تقبلون بعملية ديمقراطية حقيقية، توصل غيركم الى السلطة؟
أبو محمد الناطق باسم البعث ومقاومته الوطنية : أولا ما يهمّنا هو ليس السلطة، كبعث وكمقاومة طبعا لأننا مارسنا السلطة كثيرا، ما يهمّنا الآن هو تحرير العراق عراق العرب والانسانية. دولة العراق المقبلة كما نراها بعد التحرير، هي دولة المقاومة ومن يمثل هذه المقاومة بكافة فصائلها... وبالتالي فإنها دولة الشراكة لجميع من ساهم في تحرير العراق بالسلاح اوبالمال او بالموقف السياسي المقاوم او بالقلم والكلمة، وحتى أصحاب النوايا الطيبة الذين يرفضون الاحتلال ولم تسمح ظروفهم بالافصاح عن ذلك، نعم لهم حصّة في العراق المحرر قريبا بعون الله. وبالتالي استطيع التركيز على ما يلي وأطمئن جميع القوى الوطنية بأن البعث قد أعلن ويعلن بأنه جزء من الحركة الوطنية العراقية.
نعم هو جزء هام وحاضنة أساسية للعمل الوطني المقاوم والشريف ولكنه لم يعد وفق رؤيته الجديدة يؤمن بسياسة الحزب الواحد، بل هو جزء من المقاومة الوطنية العراقية. وبالرغم من أنه جزء مهم في هذه المقاومة وحاضنة أساسية للفعل الوطني المقاوم الميداني، فهو يحيّي ويفتخر ويعتز ويثمّن عاليا كافة رجال المقاومة الشجعان بكافّة فصائلها الوطنية والقومية والاسلامية. ويعتبر فعلهم هو عزّ للعراق وللأمة وللانسانية.

سؤال : كُتب الكثير وقيل أكثر عن أهداف الاحتلال في العراق، بين الهيمنة والنهب وحماية اسرائيل وخدمة مشاريع الصهيونية، كيف تنظرون الى هذا الامر وكيف تقيمونه؟
أبو محمد الناطق باسم البعث ومقاومته الوطنية : نحن نعتبر أن العدوّ الذي استهدف العراق بظاهره أمريكي وبدوافعه صهيوني، كما أن أهداف الاحتلال الامريكي للعراق هو الهيمنة على مقدّرات العراق وتدمير قوّته ومشروعه الحضاري الذي رفع لواءه البعث وقائده الشهيد رمز الأمة والانسانية صدام حسين، والقيادة المجاهدة التي يقودها الرفيق المجاهد عزت الدوري. لقد جاء هذا المشروع لدعم الكياني الصهيوني والهيمنة على الثروات في العراق وتدمير قدرته العسكرية. وما تعرض له لبنان وفلسطين من عدوان مستمر واحتلال للارض وقتل للبشر بفعل الآلة العسكرية الاسرائيلية نرى وفق هذا المنظور بأن العدو واحد الذي يستهدف الأمة قاطبة ونواياه واحدة: ضمان أمن اسرائيل لتكون القوة الفاعلة في المنطقة. ومن هنا فإن المقاومة في لبنان وفلسطين هما شقيقتين للمقاومة العراقية الباسلة.
وأستطيع القول بـأن فشل المشروع الامريكي وتحرير العراق سيحسم المعركة لصالح الأمّة والانسانية وستنتصر المقاومة في لبنان وفلسطين، ومن هنا ندعو الى ان يكون توجّه المقاومة في كل بقعة من أرض الوطن الكبير وفق هذا التحليل ووفق هذه الرؤية، وعدم الانزلاق في تأييد هذا الطرف أو ذاك من أذرع الاحتلال، وأقصد بوضوح تاما، وأتمنى على اخواننا في المقاومة اللبنانية أن يقطعوا كل علاقة بذيول الاحتلال من الاحزاب العميلة في جنوب العراق وأن يساندوا اخوانهم في المقاومة الوطنية العراقية في العراق بكافة فصائلها وبكافة مسمياتها.
 

سؤال : هل هناك توجها لتوحيد فصائل المقاومة أكثر فأكثر، على اعتبار أن 15 فصيلا جديدا، أعلن توحّده؟
أبو محمد الناطق باسم البعث ومقاومته الوطنية : نعم هناك حوارات بين ممثلي مختلف الفصائل للوصول الى نوع من التفاهم والتنسيق الميداني في مواجهة الاحتلال.

المشرق العربي ـ الشروق

 
 
 
 
 
شبكة المنصور
الاثنين / الحادي والعشرون / أيــار / 2007