الأستاذ الهادي المثلوثي، تونس

شبكة المنصور

 

                                     

 

"أوراق نيسان" عنوان ملف تلفزي أرادت منه قناة "العربية" تلخيص مسيرة وسيرة البعث فكرا وممارسة. وبقدر ما حاول مخرج البرنامج أن يكون موضوعيا وهو مشكور على ذلك فقد سعت مقدمة البرنامج ميسون عزام وبغرورها المعتاد أن تكون متحاملة وداعية لفشل البعث وسقوطه شعاراته وأهدافه وهذا أمر بديهي لفاقدي الانتماء وضعيفي الإيمان ولا حرج على من بهم مرض مثل ميسون المزهوة بجهلها. ولكن ما أثار شجني هو عنوان الملف ذاته والمغزى منه ووجدت نفسي مجبرا على رد الاعتبار لسيرة ومسيرة البعث الذي ما كان مجرد "أوراق" بل كان شجرة مباركة هي شجرة نيسان وما للشجرة من معاني ورمزية للحياة والنمو والعطاء وما لها من تجذر وتفرع وثمار منها تتغذى القيم وظلال بها تحتمي المبادئ القومية والإنسانية. تلك الشجرة هي البعث في أشمل معانيه ومفاهيمه وأهدافه. فهو شجرة طيبة جذورها ضاربة في أرض الأنبياء والرسالة الخالدة وأغصانها وفروعها تمتد تواصلا جغرافيا لتشمل جميع أنحاء وطن العروبة وعطاؤها ينمو نضاليا على امتداد التاريخ العربي المعاصر. فالبعث متجذر جغرافيا ومتأصل تاريخيا ومعمر نضاليا فكريا وتنظيميا على امتداد الوطن العربي. وشجرة بمثل هذا الرسوخ والأصالة يصعب اجتثاثها مهما هبت عليها عواصف الحقد ورياح التآمر والعدوان. وإن تساقطت من شجرة البعث أوراق وجفت أغصان فتلك دلالة على التجدد واستعادة النماء والعطاء. وإن كان هناك من عيوب فإنها عيوب الذين أكلوا من ثمار شجرة البعث ولم يصونوا العهد. والواقع أن ثمار البعث فكرا وخير عراق البعث عونا قد عم أرجاء كثيرة من الوطن العربي ولا يجحد إلا ناكر لئيم ما قدمه نظام البعث لأبناء الأمة دون تمييز.

فهذه الشجرة المباركة كانت ولا زالت وستبقى تثمر فكرا ونضالا ما بقيت الأمة تتطلع إلى وحدتها وحريتها والمساواة بين أبنائها. فهل يوجد شجرة أكثر تفرعا وأعمق تجذرا في الواقع العربي مثل البعث فكرا وتنظيما؟. أليس في كثرة الأعداء والحاقدين والمناوئين والمتآمرين على البعث الدليل القاطع على أن البعث هو التعبير الصادق عن حقيقة الأمة وأصالتها وتطلعها، هو إرادة الأمة وحركتها؟.

فالعروبي والوحدوي، والقومي والوطني، وكل أصيل أبي وكل مؤمن وفيّ، يدرك أن البعث صوته وضميره، وجدانه وتفكيره. فلا خوف على البعث من الغربان الناعقة ونباح الكلاب المسعورة والمتخمين بثقافة الهزيمة وتدمير الذات والمنضوين تحت لواء العمالة والخيانة. والحقيقة كلما ازداد التركيز على فشل البعث والترويج لأخطائه تثبت الأحداث والتحولات الجارية صحة خياراته وأفكاره وتؤكد ضرورة أهدافه وحقيقة نضالاته ومعاركه ضد المطامع الصهيونية والصفوية والرجعية والطائفية ونوايا القوى الاستعمارية الداعمة للحركات التآمرية والنظم الانعزالية المناوئة للوحدة والحرية والعروبة والقيم الإسلامية الأصيلة.

إن البعث تجاوز مرحلة التأسيس الفكري والحزبي وتجربة السلطة ليكون حركة الأمة الثقافية والثورية ومقاومتها العربية المسلحة. وقد خبر الأعداء قبل الأصدقاء أن البعث في السلطة قوة للبناء والعطاء وأن البعث في المقاومة أشد صلابة وصمودا وأكثر إصرارا على التضحية والجهاد من أجل التحرير واستعادة الاستقلال وحفظ الوحدة الوطنية. فلا الاحتلال استطاع التمكن من أرض العراق ولا الخونة وحكوماتهم استطاعت أن تمسك بإرادة الشعب العراقي ولا قانون اجتثاث البعث والمحاكمات الثأرية لتصفية القيادات البعثية ولا فرق الموت الصفوية والإعدامات الانتقامية بالجملة استطاعت محاصرة المقاومة وعزلها واحتوائها أو جرها لفخ المصالحة للانقضاض عليها. تلك هي شجرة البعث فلا عد ولا حصر لأوراقها الثبوتية ولا نهاية لعطاءاتها النضالية. ومن يريد اختصارها في بعض الأوراق الانتقائية فإن الأصل هو الشجرة وشجرة البعث عصية عن الاجتثاث أو الإخفاء ومقاومته تمتلك القدرة على القصاص من الاحتلال وخدمه الخاسئين. وما النصر ببعيد وما أكثر المتساقطين كلما كان للبعث جولة وللمقاومة صولة.

تحية لرجال المقاومة العربية في بلاد الرافدين وفلسطين والعزة والخلد للشهداء أجمعين وفك الله قيد الأسرى والمعتقلين.
 

                                      شبكة المنصور

                                    03 / 05 / 2007

شجرة نيسان ومبادئ الانتماء والإيمان