بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

صفقات الأسلحة ، ضعف وسذاجة العرب المزمنة والإبتزاز الأمريكي الشره

 

 

شبكة المنصور

دجلة وحيد

 

تحدثنا سابقا في عدة مقالات عن دور السفاك الإقتصادي الأمريكي وطرق عمله المختلفة - الإستخباراتية والضغوط السياسية والعسكرية والإغتيالات - في عملية إبتزاز حكومات وشعوب دول العالم الثالث وفتح الطرق الملائمة أمام الشركات الإحتكارية الأمريكية الكبرى لنهب خيراتها والسيطرة على مقدراتها السياسية والإقتصادية وحتى العسكرية منها، وذكرنا في ذلك السياق كيفية نجاح هذا السفاك في السيطرة على نفط الخليج العربي ونهب موارد الصادرات البترولية من خلال إبتزاز الطغمة الملكية الفاسدة الحاكمة في أرض نجد والحجاز وربطها بعقود مجحفة طويلة الأمد خصوصا بعد حرب أوكتوبر/تشرين أول عام 1973 وتسخير تلك الأموال المستبزة والمحصورة في البنوك الأمريكية والأوربية واليابانية لتنمية الإقتصاد الأمريكي والدول الصناعية الأخرى وتطوير صناعاتها وفتح فرص العمل لشعوبها على حساب مستقبل شعبنا العربي في الخليج وباقي دولنا العربية من خلال تحويل دولنا الضعيفة المستضعفة الى سوق إستهلاكية مزمنة ورخيصة لتصريف صناعاتها وجعل الإنسان العربي غارق في جهله الفكري والتقني ولا يهمه سوى ملئ بطنه وشراء السلع الكمالية دون إمكانية تطوير قدراته الإبداعية ليلتحق بركب شعوب الدول المتطورة والمنتجة الأخرى.

سمعنا أول أمس أن الولايات المتحدة عازمة على عقد صفقة كبيرة جدا لبيع أسلحة "متطورة" للنظام الملكي السعودي في أرض نجد والحجاز بمبلغ يتجاوز العشرون مليار دولار وعلى مدى عشرة سنوات، وفي نفس الوقت ذكر في الخبر أن الولايات المتحدة ستزود الدولة الصهيونية اللقيطة في فلسطين المحتلة بمعدات عسكرية أكثر تطورا من تلك المعدات التي ستباع الى مملكة التأمر والخيانة السعودية على شكل مساعدات للحفاظ على التفوق الصهيوني العسكري على مجمل القوة العسكرية للدول العربية في المنطقة. مقدار المساعدات التي ستقدم الى الكيان الصهيوني يعادل الثلاثون مليار دولار أمريكي، وكذلك ستزود أمريكا نظام العميل حسني مبارك بمعدات عسكرية تعادل ثلاث عشر مليار دولار ولنفس الفترة الزمنية. السبب الذي ذكر لعقد تلك الصفقة الضخمة مع حكام آل سعود هو مساعدتهم حسب ما يقال على مجابهة المد الصفوي في المنطقة وردع القوة العسكرية الإيرانية الصفوية المتصاعدة والحفاظ خصوصا على الإستقرار في منطقة الخليج العربي وكذلك لمحاربة ما يسمى بالإرهاب ولصد المخاطر التي تواجه المنطقة من نشاطات تنظيم القاعدة وحزب الله اللبناني والتحركات السورية. الغريب في هذا السياق هو أن الكيان الصهيوني الذي كان دائما يعارض تزويد الدول العربية بالسلاح الأمريكي والأوربي الصنع وافق على صفقة الأسلحة "المتطورة" المزمع بيعها الى السعودية ولربما لدول خليجية أخرى، علما أن هذه الموافقة تزامنت مع زيارة وزير خارجية  مصر للكيان الصهيوني كموفدي عن جامعة الأحذية والدعارة العربية لإقناع حكومة هذا الكيان المسخ بالمشاركة في إجتماعات مستقبلية لإيجاد "حلول" الى مايسمى بــ "مشكلة الشرق الأوسط". الإعلان عن هذه الصفقة أيضا تزامن مع زيارة وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين قردةليسا رايس وروبرت غيتس الى مصر والسعودية لمناقشة سبل تعزيز ما يسمى بـ "الأمن في العراق".

حين وصولها الى مصر مع روبرت غيتس صرحت قردةليسا رايس " ليس هناك شك بأن إيران هي البلد الوحيد الذي يشكل تحديا إستراتيجيا الأكثر أهمية للولايات المتحدة والى نوع الشرق الأوسط الذي نريد رؤيته". وإجابة على هذه التصريحات ذكر محمد علي حسيني الناطق بإسم وزارة خارجية الملالي في طهران قائلا "إعتمدت أمريكا سياسة واحدة دائما في المنطقة والتي تخلق خوف ومخاوف في بلدان المنطقة وتحاول إيذاء العلاقات الجيدة بين هذه البلدان، وتبذل الجهد لخلق الفرصة لبيع أسلحتها وتفرض تصدير هذه الأسلحة الى البلدان في المنطقة".

لكن هل صحيح أن سبب عقد صفقة الأسلحة هو الحفاظ على الإستقرار في منطقة الخليج؟!!! أم أن ما ذهب إليه ناطق وزارة خارجية الملالي له نوع من الصحة ولو على طريقة التقية الصفوية؟!!! ولماذا وافقت الدولة الصهيونية اللقيطة في هذا الوقت على عقد الصفقة؟!!!

معظم إن لم نقل كل التسليح العسكري لمملكة آل سعود والمحميات الخليجية هو تسليح أمريكي وأن لأمريكا في هذه الدول والمحميات قواعد عسكرية وجوية وبحرية دائمية ومحطات الرصد والإستخبارات ومخازن أسلحة ضخمة جدا. هذا يعني أن لهذه الدول معاهدات دفاع مشترك مع أمريكا وأن أمريكا مسؤولة عن حماية أمنها القومي من أي إعتداء خارجي. الأسلحة التي إشتريت بعشرات المليارات من البترو - دولار العربية وعلى مر العقود الثلاث الماضية لم تستعملها دول الخليج أبدا إلا في حالة واحدة وفي حرب الخليج ضد العراق فقط عام 1991. أستعمل الجزء القليل من ذلك المخزون الضخم من الأسلحة الأمريكية الذي أصبح الجزء الكبير منه الأن قديما على شكل خردة أكله الصدأ وغير صالح للإستعمال في الحروب الحديثة، إضافة الى قلة الخبرة التقنية في هذه البلدان لإدامة وإستعمال الأسلحة المتطورة. هذا يعني أن غالبية أموال الصادرات النفطية أستعملت لتطوير الأسلحة الأمريكية وخلق فرص العمل في أمريكا ومن ثم تحولت الى حديد خردة مضرة بالطبيعة في شبه الجزيرة العربية ولا يمكن التخلص منها. بما أن دول الخليج مرتبطة بمعاهدات دفاع مشترك مع الولايات المتحدة إذن فلا حاجة لهذه البلدان شراء ترسانة كبيرة "ومتطورة" من الأسلحة لحماية نفسها، وهذا أيضا يعني أن ألأموال العربية لم تستعمل لخدمة المواطن العربي وتطويره فكريا وثقافيا وتقنيا وبناء المصانع والمعامل المتطورة على إمتداد وطننا العربي الكبير.

الغاية من عقد صفقة الأسلحة "المتطورة" المزمع بيعها الى السعودية ولربما الى باقي دول الخليج العربي هي إحتياج مصانع الأسلحة في الولايات المتحدة الى رأس مال كبير لتطوير الأجيال الجديدة القادمة من الأسلحة الأمريكية الفتاكة التي تحتاجها أمريكا وحلفائها في العقود القادمة لمجابهة الدب الروسي الذي أخذ ينهض من سباته بعد سقوط الإتحاد السوفيتي ومواجهة الصين ولربما الهند مسقبلا حينما يشكل هاتين الدولتين أو الثلاثة تحديا إقتصاديا وعسكريا كبيرا لهيمنة قوة القطب الواحد. وهنا يلعب البترو – دولار العربي دورا كبيرا كما لعبه مسبقا خلال الثلاث عقود الماضية في تطوير الأسلحة الأمريكية والبريطانية التي أستعملت لضرب العراق وشعبه عام 1991 وإحتلاله في 9 أبريل/نيسان 2003. أن الأسلحة "المتطورة" المزمع بيعها الى السعودية ودول الخليج العربي أو حتى تلك التي ستهدى الى نظام العميل حسني مبارك كسعر لخيانته هي أسلحة قديمة وغير كفوءة تريد أمريكا تفريغ مخازنها والتخلص منها خصوصا تلك التي أستعملت في العراق وفشلت في مواجهة قوة أسلحة المقاومة الوطنية المسلحة الباسلة.

موافقة الكيان الصهيوني على عقد صفقة الأسلحة مع السعودية يؤشر الى أن هناك تنازلات سياسية إستراتيجية لهذا الكيان المسخ على حساب حقوق شعبنا العربي الفلسطيني والأمة العربية أعطتها له حكومات الدول العربية العميلة لأمريكا وهناك توافق جديد في السياسات بين حلفاء أمريكا من العرب ولربما سيظهر حلف غير مقدس جديد في المنطقة خصوصا بعد أن فشلت أمريكا في تحقيق غايتها المجرمة من إحتلال وتدمير العراق وخير دليل على ذلك هو زيارة وفد جامعة الأحذية والدعارة العربية الى فلسطين المحتلة بأمر من البيت الأبيض وبيت آل سعود وزيارة قردةليسا رايس وروبرت غيتس الى المنطقة، وكذلك ظاهرة عنجهية الإحتلال الفارسي الصفوي المشترك للعراق وتماديه وتطاوله على سيده الأمريكي فيما يخص تقاسم الكعكة الجغرافية والإقتصادية العراقية وإعتبار إيران مملكة البحرين جزء من اراضيها أو محافظة تابعة لها.

إيران وكما هو معلوم حليف لأمريكا منذ زمن الشاه المقبور محمد رضا بهلوي وإستمر هذا الحلف ولو بصورة غير علنية بعد صعود الدجال المقبور خميني الى دفة الحكم المطلق في إيران.وقد ساعدت إيران أمريكا بصورة مباشرة وغير مباشرة على إحتلال كل من أفغانستان والعراق وهذا ما إعترف به فيما بعد أقطاب نظام حاخامات قم وطهران من أمثال محمد على أبطحي وهاشمي رفسنجاني رئيس المحفل الماسوني في الشرق الأوسط. الخلاف الحاصل الأن على الساحة العراقية بين أمريكا وإيران ليس خلاف إستراتيجي لأن كلاهما مشتركتان في عملية إحتلال وتدمير العراق وكلاهما يمتلكان نفس الهدف الإستراتيجي المشترك للسيطرة على أرض وخيرات أرض الرافدين. أمريكا تحتاج إيران أيضا على المدى الطويل للسيطرة على خيرات بحر قزوين النفطية. في هذا السياق، أن الذي جعل إيران أن تتمادى في تصرفاتها وسلوكيتها المجرمة في العراق وتنافسها مع الولايات المتحدة هي الولايات المتحدة نفسها وليس غيرها لأن كما ذكرنا سابقا ونقوله الأن أن أمريكا تحتاج إيران لتحقيق أجندتها خوصوصا النفطية منها. أن أمريكا وإيران من جلب الى العراق الإنقسام والتناحر الطائفي والأثني وكلهما يعملان على تحقيق تقسيم العراق الى فيدراليات طائفية وأثنية متناحرة يمكن السيطرة عليها بسهولة وبسط نفوذها هناك ونهب خيرات وطننا النفطية والمعدنية الأخرى رغم الخلافات العلنية بينهما وخير دليل على ذلك هو إجتماع السفير الأمريكي بالوفود الإيرانية في المنطقة الخضراء في بغداد لبحث ما يسمى بـ "الوضع الأمني" للإتفاق على خطط مشتركة تنفذها العناصر العراقية والمستعرقة العميلة لهتين المحتلين. بالمقابل، فإن المقاومة الوطنية المسلحة الباسلة وقياداتها السياسية والعسكرية في الداخل لهم بالمرصاد وسوف تفشل كل مخططاتهم الإستعمارية كما افشلت الإحتلال العسكري الأمريكي وجعلته يخسأ في أرض الرافدين.

لذا فإن الجو النفسي في المنطقة الذي خلقته الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وإيران الصفوية خصوصا تحريكها لخلايا عملائها الصفويين النائمة في دول وإمارات الخليج العربي غايته إبتزاز العرب ماليا وسياسيا وإقتصاديا وعسكريا وعليه كما ذكرنا أعلاه فلا حاجة لتخوف السعودية وغيرها من دول الخليج من إيران الصفوية إن ارادت أمريكا ذلك بإعتبارها الدولة الحامية لهم، لكن لأمريكا أجنداتها وإستراتيجياتها الخاصة بالمنطقة وتتعامل معها حسب الظروف الموضوعية لتنشيطها. كذلك سيساعد الجو المشحون في الشرق الأوسط الكيان الصهيوني الحصول على الكثير من التنازلات من خونة الأمة العربية وخير مؤشر على ذلك هو زيارة وفد جامعة الأحذية والدعارة العربية للكيان المسخ في فلسطين المحتلة.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاربعاء / 01 / أب / 2007