بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

المبررات القانونية والسياسية ... لانفصال الاكراد عن العراق

 

 

شبكة المنصور

طــــلال بركـــــات

 

لقد تيقنت القيادات الكردية من استحالة تحقيق حلم الانفصال إلا على أنقاض الدولة العراقية فقد انصبت الخيارات الاستراتيجية لتلك القيادات على تحطيم الدولة العراقية بعد ان لعبت دور مشبوة في تقديم الدعم اللوجستي والسوقي إلى الولايات المتحدة من اجل احتلال العراق ليتسنى الحصول على المكافئة المطلوبة بتحقيق ذلك الحلم المنشودة الذي كان يراود عقول القيادات الكردية قبل تأسيس الدولة العراقية.

وامست حقيقة بات يعرفها الجميع لو شعل العراقيون العشرة شمع كما يقول المثل العراقي لن ترضى القيادات الكردية بغير الانفصال عاجلا أم آجلا وقد تجلى ذلك واضحا من خلال الاجراءات العملية التي اتخذتها القيادات الكردية بشكل مفضوح بعد الاحتلال للاعداد للانفصال فضلا عن ألادبيات الفكرية والسياسية للحزبين الكرديين الرئيسيين التي كانت تروج حجج قانونية يتم تكييفها للربط بين مفهوم ملكية الارض وحق تقرير المصير لتبرير مشروع الانفصال بالاضافة الى تبني مفاهيم سياسية تتعلق بالاضطهاد العرقي لتسويق ذلك المشروع. ولا بد من تسليط الضوء على تلك الحجج والمفاهيم التي يستند عليها الحزبين الكرديين في تثقيف الجماهير الكردية لتبرير مشروعهم الانفصالي، وسنبدأ بتفنيد حجة الرابطة القانونية بين ملكية الارض وحق تقرير المصير بأعتبار انها الحجة الاقوى في اسانيد الحزبين المذكورين والتي تقوم على اساس ( ان الاكراد قد استوطنوا الشمال العراقي سنين طويلة بشكل يعطيهم أحقية الانفصال على اساس إن هؤلاء المستوطنين من قومية مضطهدة غير عربية ويشكلون ثقل سكاني في العراق لهم حق تقرير المصير). حيث نجد في هذة الحجة تبريرات تحتوي على مغالطات ترفضها كافة الأنظمة والقوانين المحلية والاجنبية لأنة ليس كل من يملك أرض وعاش عليها سنين طويلة يحق لة أن يعلن الانفصال عن الدولة التي منحتة حق ملكية الارض لأن القواعد القانونية الواردة في كافة القوانين المدنية والدستورية والدولية تؤكد أن من يملك الأرض لة حق الانتفاع بها وليس لة حق السيادة عليها لان السيادة حق من حقوق الدولة التي منحت حق الملكية وبخلافة يعتبر تعدي على الحقوق السيادية للدولة، وإلا كان يحق للعراقيين في ولاية ديترويت الأمريكية الذين يملكون أكثر من نصف أراضيها والتي تبلغ مساحتها اكبر من كردستان العراق أن يطالبوا بالانفصال من اجل إعلان الدولة العراقية في ديترويت استنادا إلى هذة الحجة وايضا لو صحت هذة الادعاءات لماذا لا يطالب الاكراد بمدينة مالمو السويدية وهامبورغ الالمانية لان كثافة استيطانهم في تلك المدن تفوق كثافة الاكراد في بقاع كثيرة من كردستان المفترضة، ومثلما لا تجيز القوانين في كافة دول العالم انفصال الأرض التي يقطنها مواطنيها عن الدولة ألام، فكذلك هو القانون العراقي أيضا لا يجيز المغالاة بحق الانتفاع بالأرض إلى حد الانفصال عن الدولة التي منحت هذا الحق بموجب سندات استملاك يتم صرفها على أساس الجنسية الصادرة من الدولة العراقية التي لا تجيز قوانينها حق الاستملاك لغير المواطن العراقي ، فأن تعايش الشرائح السكانية للعيش في هذا الوطن نابع من الانصهار تحت خيمة الدولة العراقية وفق مفهوم المواطنة الذي تنظمة قواعد الحقوق والواجبات المعروفة في قوانين دول العالم كافة وليس وفق مفهوم الملكية لانة ليس هناك علاقة بين ملكية الارض وحق تقرير المصير الذي يحللونة لانفسهم ويحرمونة على غيرهم لان هذا الحق تفرضة ظروف ووقائع سياسية معقدة تتعلق بارض محتلة وشعبها يطالب بتقريرالمصير كما هو الشعب الفلسطيني الذي اقرت الامم المتحدة لة هذا الحق وليس بترويج مغالطات قانونية لا علاقة لها بهذا الموضوع. ومثلما هي حقوق الاستملاك التي لا تجيز الانفصال تحت ذريعة حق الملكية وتقرير المصير كما مبين آنفا، كذلك هي المفاهيم السياسية التي تربط بين فكرة الاضطهاد العرقي وحق تقرير المصير هي الاخرى لا تجيز لهم الانفصال أو التهديد بة تحت هذة الذريعة، لان هذا المفهوم يتعلق بالعلاقة بين قوميتين قد وصل التنافر بينهما الى حد عدم القدرة على التعايش مع بعضهما البعض نتيجة بغي احداهما على الاخرى واضطهاد ابنائها والتعدي على حرماتها او القيام بممارسات عنصرية وتصفيات عرقية واثنية وطائفية ودينية وسياسية أدت الى انهيار اواصر العلاقات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية حتى اصبح التعايش بينهما أمر مستحيل وحق للقومية المضطهدة تقرير مصيرها بطريقة او بطرق يضمن لها القانون الدولي الامن والسلام ، بينما نجد اواصر تلك العلاقات وخصوصا الاقتصادية والاجتماعية والدينية بين القوميتين العربية والكردية في العراق قائمة على المحبة والالفة والتزاوج والتعايش منذ سنين ولم تظهر اي خلافات تعكر اواصر تلك العلاقات الا من بعد ظهور الحزبين الكردين الرئيسيين على الساحة السياسية في العراق وقيامهما بنشر افكار عنصرية شيفونية واتباع سياسة القفزعلى التناقضات وتحين الفرص فضلا عن تنفيذ اجندات خارجية من اجل مصالح شخصية وعشائرية لا يمكن تحقيقها الا من خلال الهمس في اذهان البسطاء من الناس وتحريض المغرر بهم على التمرد واكراههم على العصيان الذي استمر سنين طويلة في الجبال والكهوف والوديان وراح ضحيتة الالاف من العراقيين العرب والاكراد وكل ذلك تم تحت غطاء تلك الذرائع والافكار التي كانت ولا زالت تروجها قيادات تلك الاحزاب بعد تضخيمها وتوظيفها لمآرب واغراض شخصية اوصلت مافيا الحروب الى ما وصلوا الية اليوم من مناصب وثروات وشركات وارصدة في مختلف بنوك العالم وفلل وقصور وجوازات سفر
وجنسيات متعددة حتى بات الحيف والظلم والابتزاز الذي أصاب الشعب الكردي من قبل قيادات تلك الأحزاب لا يقل عن الحيف الذي قامت بة الحكومات العراقية السابقة كما يزعمون وكذلك لا يقل عن الحيف والابتزاز والانتقام الذي تمارسة تلك القيادات اليوم على العرب والطوائف الأخرى بعد ان تمكنوا من احكام قبضتهم على العراق بسبب الاحتلال وضعف الدولة العراقية الجديدة ، والا كيف يمكن تفسير ما يجري من ابتزاز وتهجير قسري في كركوك وتزوير هويات واضطهاد عنصري في المحافضات الاخرى وممارسات قتل وتصفيات لقادة الجيش العراقي والاطباء والمهندسين والعلماء ورجال التصنيع العسكري بالتعاون مع الموساد واجهزة المخابرات الامريكية والايرانية في الوقت الذي لا زالت تلك القيادات تردد اسطوانة الاضطهاد الذي حصل على الأكراد وخصوصا في عقد الثمانينات ، وإذا كان التمسك بقضية حلبجة المشهورة بتعرضها لمأساة كبرى فأنها حجة مقبولة لغرض نيل القصاص العادل بالطرق القانونية وليس اعتبارها مبرر للأنفصال وأنها بالتأكيد جريمة لا يمكن السكوت عنها وليس للأكراد فقط حق الاقتصاص من الفاعل الحقيقي وإنما حق للعراقيين جميعا باعتبار ان الضحايا هم عراقيون بغض النظر عن انتماآتهم القومية شرط أن يتم كشف كل الحقائق عن الفاعل الأصلي من خلال تحقيق دولي يثبت إدانة الجهة الفاعلة لتلك المأساة لا من خلال محاكمات هزيلة الغرض منها الانتقام من قادة الجيش العراقي لاشفاء غليل حقد تحالف الاحزاب الكردية الانفصالية ومسؤولوا التنظيمات والميليشيات الصفوية، وإذا كانت القوى الكردية تجسد ظروف مأساة حلبجة بأعتبار انها تمثل ذروة لاعتى حالات الاضطهاد العرقي لغرض توظيفها واستثمارها سياسيا لعزل المنطقة الشمالية عن العراق فقد تمكنت من ذلك فعلا بعد التنسيق مع المخابرات الامريكية لاصدار قرارات اممية بانشاء خطوط وهمية نتج عنها استقلال اداري بحماية امريكية دام سنين طويلة قبل الاحتلال وبعدة وكان الاكراد ينعمون في تلك المنطقة من غير حصار ولا دمار وعاشوا في عزلة بعيدة عن الارتباط الإداري بالوطن ألام كخطوة اولى في طريق تحقيق الحلم المنشود خصوصا بعد أن ذاقت القيادات الكردية حلاوة الحكم طيلة تلك المدة فقد حلى بعينهم الانفصال الذي اصبح اقرب للحقيقة من الحلم بعد الاحتلال، في الوقت الذي مرت على العراقيين بكل طوائفهم وقومياتهم ظروف عاتية لا يعلم بها الا اللة سبحانة وتعالى ولا تقل معاناتها عن ظروف ومعانات الاكراد وخصوصا خلال سنين الحصار ولم يفكر احد منهم بالانفصال او العصيان بينما نجد القيادات الكردية تختلق الذرائع وتضخمها ثم توظفها لاغراض ومآرب سياسية معروفة حتى باتت تتعامل من خلالها مع الدولة العراقية بحجة عدم الثقة من تراكمات الماضي التي لا تعدو أن تكون كجبال من الأحقاد في صدور تلك القيادات وان بقاء غلها في قلوبهم بهذا الشكل يستحيل صنع وطنا ديمقراطيا موحدا تتعايش في ظلة جميع أطياف الشعب.

 

للحديث بقية

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 31 / أب / 2007