بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ذكـرى الـثـورة مـن الـزعـيـم إلـى الـشـهـيد

 

 

شبكة المنصور

الوعي العربي

 

كانت ثورة 23تموز/يوليو 1952 بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ورفاقه من الضباط الأحرار هي نقطة التحول بالغة الأهمية ليس علي تاريخ مصر الحديث فحسب وإنما في تاريخ المنطقة العربية بأسرها أيضا ثم سرعان ما انتقلت أهدافها القوية والفعالة علي الصعيدين الدوليين الأسيوي والإفريقي خاصة بحكم أهدافها وسياساتها . إن ثورة يوليو ليست مجرد فكر نظري بل إنها وقبل كل شئ هي أهم حركة جماهيرية مناهضة لكل أشكال الاستعمار وأتباعه هذه الثورة استطاعت أن تطبع بصماتها علي الواقع المصري والواقع العربي كما كان لها تأثير واضح علي كل حركات التحرر في العالم الثالث لكونها حركة سياسية جماهيرية قام بها الجيش المصري بقيادة أبنائه الأبطال والأحرار والتحم فيها الشعب بالجيش ضد قوي الظلم والإظلام . إن حديثنا اليوم لن يقتصر علي ما قامت الثورة بإنجازه لان ذلك سوف يحتاج منا إلي ألاف المجلدات ولن نتكلم علي ما تبقي من الإنجازات لان هذا لن يكلفنا إلا سطور ولذا نتناول مفهوم وفلسفة الثورة دون حصرها في شخصية الزعيم عبد الناصر لذا نقول بان ثورة يوليو هي حصيلة تجارب وصراعات الشعب المصري ضد الاستعمار والإقطاع والرأسمالية المستغلة طيلة قرن من الزمان وكان علي الثورة لكي يكتب لها الحياة وان تشق طريقها إلي النجاح أن تواجه التحديات الاستعمارية والإمبريالية والرجعية العالمية التي عملت علي إفشال هذه الثورة بكافة السبل والمؤامرات والاعتداءات العدوانية علي مصر إلا أن إرادة أبناء الثورة في ذلك الوقت كانت مرهونة بإرادة أبناء شعب مصر بل وأبناء الشعب العربي الذي اعتبر هذه الثورة هي الملهم لكل حركات التحرر التي قامت عليها أسس الثورات ضد الطغيان الاستعماري الإمبريالي وبإصرار شعبنا وامتنا العربية وصدق الرؤية لمن يملكون الإرادة القوية والإيمان الصادق بالقضية والرعية هي التي أفشلت هذه العقبات التي وضعها الاستعمار وأعوانه في وقف عجلة الثورة أو إعادة عقارب الساعة إلي الوراء ولقد استطاعت هذه الثورة أو الحركة الشعبية التحررية بقيادة أبناء مصر الأوفياء من أبناء الطبقة الفقيرة في ذلك الوقت من تحقيق الشخصية المصرية باعتبارها عربية بعد أن حاول الاستعمار البريطاني بإحتلال دام أكثر من ثمانين عاماً عمد إلي طمس وعزل الهوية المصرية عن محيطها العربي والإسلامي والتاريخي ومع بشائر التحرر والمد الوطني والمد القومي في أنحاء الأرض العربية التي أشاعتها ثورة يوليو والتي تحطمت علي أثرها الأحلاف العسكرية كحلف بغداد الذي سعت الإمبراطورية البريطانية العظمي لتأسيسه والتي دعت فيه مجموعة من الدول العربية إلي دخولها مع عدد من الدول الإسلامية الكبري مثل إيران وتركيا وباكستان أما فيما عدا ذلك من الدول الرافضة فلا يبقي أمامها إلا الاحتراق في جحيم الغضب البريطاني ولكن قيادة الثورة ممثلة في عبد الناصر كان رفضها لهذا الحلف قويا رافضا الإنضواء تحت جناح أي قوة أجنبية لعلمه اليقيني بان الهدف من هذا الحلف هو تطويق إرادة التحرر الوطني التي كانت تنطلق من الأرض العربية التي تحتلها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا لإخماد نجاح إي مشروع ثوري وقومي علي غرار ثورة يوليو الذي احتضنته الجماهير إلا أن إصرار القيادة المصرية في ذلك الوقت أفشلت سياسة الأحلاف العسكرية وانفرط عقد هذا الحلف تماما عندما انتقل المد الثوري المصري إلي العراق الحبيبة والعزيزة إلي قلوبنا بثورة عبد الكريم قاسم 1958 ضد النظام الملكي الذي حل محله نظام معاد للتوجهات البريطانية وموال لمشروع القومية العربية فأعلن انسحابه من هذا الحلف ولم تجد بريطانيا العظمي لها موضع قدم ولا حليف فولت أدبارها مدحورة ويبقي الفضل في إسقاط هذا الحلف وإفشاله بقيادة والهام مصر الثورة ورجالها التي شجعت بقية الدول العربية علي إتباع خطاها . كما كان لثورة يوليو 1952الفضل في إحداث التغيرات الجذرية للواقع العربي وتأسيس مشروع عربي وحدوي نهضوي اشتراكي كان لها الفضل في صنع حركات التحرر في إفريقيا بإعتراف الأفارقة أنفسهم وهي صانعة حركات عدم الإنحياز التي طالما واجهت صلف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي المنحل . لقد حققت ثورة يوليو طموحات وتطلعات الشعب العربي للوحدة العربية والعدالة الاجتماعية فاتجهت الثورة إلي تبني سياسة اتفاقيات دفاعية عربية مشتركة مع المملكة السعودية وسوريا واليمن والأردن فضلا عن رعاية الثورة للقضية الفلسطينية التي يستحيل فصل أمنها القومي العربي عن أمن مصرا وصولا إلي قضية السودان ورغبة الاستعمار في فصلها عن أمن مصر . وعلي أبناء الأمة العربية ممن عايش الثورة أو يعيشون الثورة بكل فلسفتها الثورية أن يعوا أن مستقبل الأمة والوطن وأمنه لن يكون قادرا القضاء علي الاستعمار الجديد الذي بدا يزحف علينا من جديد ويطبق بأيادية القوية علي رقاب امتنا وشعوبنا العربية والإسلامية لإعادتنا مرة أخري إلي مناطق نفوذه إلا بإستمرار مبادئ الثورة كما قال عبد الناصر ليست فورانا عاطفيا وإنما الثورة في أصالتها وعلي الأمة العربية أن لا تدع ذكري مرور الثورة يمر عليها مرور الكرام كما لو كانت ذكري للتأبين وليست للإستبيان وإستلهام العبر والعبرات وخاصة ونحن نعيش اليوم في ظل مراحل ومنعطفات تاريخية هامة تمر علي الأمة العربية وهي عودة الاستعمار الأمريكي الصهيوني الجديد الوريث للإستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي ليكرر نفس الخطة ولنفس الأسباب تحت ستار شعارات محاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية وخلق نموذج مثالي لدولة فلسطين ومحاربة قوي التطرف الإسلامي ( قوي المقاومة الوطنية والإسلامية) الصاعدة في كل إرجاء الوطن العربي و الإسلامي من باكستان شرقا إلي المغرب غربا وبمساعدة هذه الدول بعد أن عجزت آلتها الحربية عن إيقاف قوي المقاومة . وفي ظل اليوم ونحن نستلهم مآثر وعبر ثورة تموز/ يوليو 1952وفي خضم هذه الإحداث المريرة والتي تمر علي امتنا العربية التي تكاد تعصف بإنجازات الثورة أو إذا افترضنا بقاء شئ من هذه الإنجازات إلا أن أهم ما في هذه الإنجازات هو بقاء الشعوب التي تعرف التاريخ وتعلمه للأجيال المتعاقبة ومن هذه الإنجازات كان لزاما علينا نحن أبناء الوعي العربي أن نستلهم وان نتذكر روح قائد ثورة17تموز/ يوليو 1968وهذه ليست من قبيل الصدفة أن تتزامن كل من ثورة يوليو 1952 بزعامة الزعيم عبد الناصر وثورة تموز العراقية بقيادة القائد الشهيد صدام حسين المجيد 1968ولكن من قبيل القدر الذي أراده الله سبحانه وتعالي لكي تعلم الأمة أن هناك اتفاقا وإلهاما لكل من الزعيم والشهيد في حمل راية المشروع العربي القومي النهضوي فكل منهما حارب وقف في وجه الاستعمار بكل صوره وكما كان عبد الناصر مؤمنا بالقومية العربية كان قائد ثورة تموز 1968 أبو الشهداء صدام حسين مؤمنا بالقومية العربية إيمانا راسخا بان آمن كل بلد عربي هو من امن الأمة العربية لقد كان من أهم إنجازات ثورة تموز تأميم البترول العراقي من قبضة الاستعمار والشركات الأجنبية التي عملت علي حرمان الشعب العراقي من عائداته منذ 1927 إلي أن تم تأميمه في 1972 وبذلك أعاد قائد ثورة تموز ورفاقه الأبطال والشعب العراقي البطل بناء دولة العراق الحديث والتي لها باع في كل المجالات ويشار لها بالبنان وساهمت هذه الدولة الحديثة في استيعاب أعداد كبيرة من أبناء الأمة العربية وفتح فرص عمل لهم في كل المجالات الإنسانية والخدمية دون تفرقة بين ما هو عربي وعراقي وأصبح فيها المواطن العربي كما المواطن العراقي من حيث الحقوق والواجبات بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلي تميز المواطن المصري أو السوري أو الفلسطيني أو السوداني عن أبناء الشعب العراقي وذلك من منطلق فكرة القومية العربية لقد حاول قائد ثورة تموز لم شمل الأمة العربية ولكن تكالب المشاريع الاستعمارية من كل ناحية وبشتى الوسائل حاولت وما زالت تحاول لإيقاف هذا المشروع لقدا حب قائد هذه الثورة فلسطين وفلسطين أحبته وأحب الأمة العربية كما لم يحب في حياته سواها كان أخر ما نطق به قلبه ولسانه عاشت فلسطين عاشت الأمة العربية عاش العراق هكذا كانت فلسفة الثورة لكل من الزعيمين كلاهما أحب أمته وشعبه الذي مازال ينهل من هذا الفكر حتى اليوم بل وحتى قيام الساعة وان ما نشاهده اليوم من أبطال العراق في مقاومتهم لهذا الاستعمار الصهيوأمريكي والبريطاني والفارسي ومن ملاحم هذه المقاومة بكل أشكالها وأطيافها التي أربكت بل ومرغت انف اعتي الجيوش العسكرية في العصر الحديث وأغرقتهم في وحل ومستنقع العراق ما هو إلا نتاج وثقافة فكر الثورة التي غرسها الشهيد الرئيس صدام حسين في فكر ووعي الشعب العراقي البطل حتى بين من كانوا أعدائه في الأمس القريب نجدهم اليوم ممن يفتخرون بإنجازات ملهم ومفجر هذه الثورة التي حاول أعدائه وعملائهم طمس هذه الإنجازات التاريخية الحديثة والمتفحص والمتابع لفكر وفلسفة قائد ثورة تموز يلاحظ أن هذا الزعيم وقائد الثورة ورفاقه الأبطال حافظوا علي هذه المكاسب الثورية وهذه الإنجازات حتى في اقسي المواقف وأصعبها وآخرها في حفاظه علي إنجازات ومكاسب الثورة أثناء الغزو الأمريكي البريطاني الإسرائيلي علي العراق وكان بإمكانه بان يعطي الأوامر العسكرية لقادة الجيش بإشعال أبار النفط ومصافي البترول وتدمير الجسور والكباري لكي يقطع الطريق علي قوات الغزو الهولاكي التتاري والمغولي الغاشم الا انه رفض ذلك حرصاً منه علي هذه المكاسب التي حققها الشعب العراقي البطل بفضل سواعد أبنائه النشامي و نحن اليوم نشاهد هؤلاء الغزاة والمعتدين وعملائهم من الأذناب المستعرقين ينسفون ويدمرون الجسور والكباري والمنشات والمؤسسات التي حافظ الشعب العراقي عليها وينفثون بنار حقدهم علي هذه المكاسب . ولذا نقول إلي إخواننا وأحبائنا أهل العراق من المخلصين والشرفاء من كل الأطياف والمذاهب والأديان حافظوا علي مكاسب ثورتكم لا تعطوا للأعداء الفرصة لإلتقاط أنفاسهم اضربوهم بشدة وبلا رحمة حافظوا علي وحدتكم ورص صفوفكم ولا تتعجلوا قطف ثمار جهادكم ودمائكم لقد أممتم نفطكم وأصبح ملكا لكم واليوم يعادون الكرة يحاولون السيطرة عليه من جديد بقوانين هم من وضعوها لاتغرنكم شعاراتهم عن تقاسم الثروات وبفضل حفاظكم علي مكاسب هذه الثورة ستتحطم علي صخرة مقاومتكم كل أشكال الاستعمار وستكون هذه المقاومة هي الملهم لكل الشعوب المقهورة تحت وطأة الاستعمار الحديث. وعاشت فلسطين من البحر إلي النهر وعاشت الأمة العربية وعاشت العراق والله واكبر وليخسأ الخاسئون ويبقي الزعيم والشهيد في قلوب الملايين ورحم الله كل من الزعيم والشهيد.

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت / 28 / تمــوز / 2007