بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
ما يجري تنفيذه على الساحة العربية  بعد الاتفاقيات الأميركية – الإيرانية

صورة مُصغَّرة للشرق الأوسط الجديد

 

 

شبكة المنصور

حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي

 

في اجتماعها الدوري، توقفت قيادة طليعة لبنان العربي الاشتراكي أمام الواقع الخطير الذي يلف الوطن العربي من خلال قضاياه الأكثر سخونة في كل من لبنان والعراق وفلسطين وتوجهت إلى الرأي العام اللبناني والعربي بالبيان التالي:

نتوجه بالتهنئة للجيش اللبناني الباسل على النصر المبين الذي أحرزه في اقتلاع إحدى أخطر بؤر الإرهاب في لبنان من جذورها، والتحية لأرواح شهداء هذا الجيش، الذين رووا بدمائهم الطاهرة تراب هذا الوطن، وصانوا بتضحياتهم أمنه ووحدته وسيادته، وافتدوه بأرواحهم لكي يبقى عزيزاً، كريماً، منيعاً، عصياً على المتآمرين والمخربين، من أي صوب أتوا، ولأية جهة انتموا.

ويحق للبنانيين جميعاً الذين دعموا جيشهم واحتضنوه في هذه المعركة أن يفخروا ويرفعوا الرأس عالياً بهذا الإنجاز التاريخي للجيش اللبناني، آملين أن تكون وحدته وتماسكه وبسالته في مواجهة الأخطار درساً للجميع ليتوحدوا ويتنازلوا في سبيل الوطن، ضمن الأطر والمؤسسات الدستورية، بعيداً عن محاولات الفوضى الخلاقة، التي لا بد أن تصل بالوطن إلى حال اللاقرار.

وكما كان انتصار تموز 2006 في الجنوب، لبنة في وحدة النضال الوطني والقومي، فإن انتصار أيلول 2007 في الشمال، يبني قاعدة جديدة على طريق مواجهة المخططات المعادية التي تتعرض لها الأمة العربية.

 

يا جماهير شعبنا العربي

إن أمتنا العربية التي تواجه اليوم أشد حلقات المشروع الأميركي –الصهيوني خطورة، تسطر في نفس الوقت، اسمى مآثر العزة والبطولة والعطاء، بفعل ما تحققه مقاومة أبناء شعبنا في لبنان والعراق وفلسطين وهي تنقل حال الهزيمة إلى واقع التصدي والانتصار، فتجبر العدو الصهيوني على تجميد مشاريعه التوسعية التي بدأها في فلسطين المحتلة لنصف قرن من الزمن بعد أن تم إسقاط هيبته العسكرية على أرض لبنان. وبالترافق مع وصول الاحتلال الأميركي للعراق إلى شفير الهزيمة وهو يعد العدة لبدء انسحابه من العراق، وبالرغم من مكابرة جورج بوش وإدارته، وفي ظل كل ما يرسم من مخططات ما زالت مستمرة لإجهاض ما تم تحقيقه من انتصارات مشرفة للمقاومة بالتواطؤ مع الأنظمة العربية والإقليمية الغارقة في التآمر ضد مصالح الأمة والوطن.

ولعل من أكثر مظاهر سقوط مشروع الاحتلال الأميركي في العراق اليوم، هو هذا التوسع الشعبي والسياسي والمؤسساتي الأميركي الرافض للاحتلال بحيث تأكد أن إن أكثرية الشعب الأميركي لن تغفر لرئيسها ولن تعطيه أي فرصة أخرى لتجريب أسلوب الضغط العسكري الذي يطبقه الآن بكل وحشية. وهذه الأكثرية قد سبقت التقرير الذي ستقدمه إدارة جورج بوش للكونغرس أواسط شهر أيلول الحالي، وأعلنت أن ثلاثة أهداف من أصل ثمانية عشر قد تمَّ إنجازها، وهي الأهداف التي وضعتها الغالبية الديمقراطية كمعايير لتقييم الوضع في العراق والاستراتيجية الأميركية هناك على أساسها.

وعلى الرغم من أن المؤشرات تدل على أن التقرير الذي سيقدمه بوش للكونغرس لن يستند إلى النتائج التي توصلت إليها لجنة الكونغرس، إلاَّ أن حقائق المرحلة القادمة تؤكد أن الإدارة المذكورة سوف تكون أعجز من أن تنجز الأهداف الباقية لأنها لا تزال واقعة تحت مطارق المقاومة العراقية من جهة، وتحت عجز الحكومة العميلة من جهة أخرى، وضعف قوات الاحتلال الأميركي التي انتابها اليأس من جهة ثالثة.

في ظل تلك الظروف تأتي الاتفاقيات التي وقعتها قوات الاحتلال الأميركي مع النظام الإيراني مكشوفة الأهداف، ولا يمكن التعمية عليها أو تغليفها بغلافات ادِّعاء النظام المذكور الحرص على مصالح العراق والأمة العربية. كما أنها في حدها الأدنى لا تؤشر على أي حالة عداء بينه وبين الاحتلال الأميركي.

لقد كنا نتطلع، حتى ولو من زاوية حسن النية، أن يعمل النظام الإيراني على تعميق مأزق الاحتلال الأميركي للعراق وهو في ذروة الضعف، ولكنه ما زال يصرُّ على استمرار اندماجه بمشروع المحتل، وإنقاذه من الغرق.

 

يا جماهير شعبنا العربي

لقد توقَّفت قيادة حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي أمام الاتفاق الذي عُقد بين قوات الاحتلال الأميركي في العراق ووفد إيراني رفيع المستوى توصّل فيه الجانبان لوضع خطة احتواء الأمن المنفلت في العراق، وفيه أشرك الطرفان حكومة المالكي العميلة كطرف ثالث. ووجدت القيادة أيضاً أنه لا يجوز أن تمر نتائجه مرور الكرام من دون كشفها أمام الرأي العام العربي، لأنها تحمل الكثير من الدلالات الخطيرة على مستقبل العراق، وتالياً على مصالح الأمة العربية، وتفصح عن حقيقة ما يخططان له. لذا ترى القيادة أن من أهم تلك الدلالات يمكن إيجازه بما يلي:

1-إن من أهم أهداف الاتفاق هو تقاسم الحصص بينهما في العراق المحتل، وأكثرها خطورة تقسيمه على قاعدة ما نص عليه الدستور العراقي المزعوم إلى ثلاث فيديراليات.

2-إن أهداف تقسيم العراق تُعتبر الأنموذج الذي سترسو عليه الأوضاع على كل مساحة الوطن العربي، بحيث يستند الاحتلال الأميركي إلى مساعدة من يسميهم (الأنظمة المعتدلة)، وتستند فيه إيران إلى مراكز القوى التي تعمل على ترسيخ قواعدها في معظم الأقطار العربية على متن الطائفية واستغلال العباءة الإسلامية. ولمن يعترض على هذا الجانب، نسأل:

كيف يمكن تفسير تعاون النظام الإيراني مع الإدارة الأميركية قبل العدوان على العراق؟
وما هو تفسير دفعه بكل عملائه الذين قام بتدريبهم وتسليحهم، للعودة إلى العراق تحت مظلة الاحتلال الأميركي؟
وأخيراً وليس آخراً، مشاركتهم بكل فاعلية في إنجاح عملية سياسية تغطي الاحتلال الأميركي وتعطيه شرعية في البقاء في العراق؟

استناداً إلى كل ذلك فقد جاء الاتفاق الأخير ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك تلك النوايا. وهل يُعتبر الاتفاق المذكور من قبيل حسن النوايا تجاه العراق؟

3-ثم إن هذا الاتفاق، وإن جاء تحت أسباب غياب النظام الرسمي العربي، فذلك لا يبرِّر لنظام أعلن العداء لأميركا تحديداً وبشكل مطلق، أن يتعاون معها وأن يعقد اتفاقات يعرف نتائجها قبل غيره أنها تصب في مصلحة الاحتلال من جهة، كما أنها معادية للعراق وللأمة العربية.

4-إن إعلان رئيس النظام الإيراني عن نواياه بملء الفراغ الأمني في العراق بعد الانسحاب الأميركي، لهو شبيه بملئه للفراغ السياسي العربي الذي كان من أهم أسبابه حالة الإلحاق الرسمي العربي بعجلة المخطط الأميركي، واسترخاء معظم تيارات حركة التحرر العربي أمام حالات التضليل والتشويه التي حاولت النيل من موقع النظام الوطني في العراق قبل الاحتلال الأميركي وبعده. وحيث إن النظام الإيراني لم يثبت أي بوادر حسن النية تجاه تعرض العراق للاحتلال، وحتى بوادر حسن النية تجاه المقاومة الوطنية العراقية، بل إن العكس كان الصحيح: أي التنسيق مع العدوان وعقد صفقات مع الاحتلال، وملاحقة كل من تبدر منه نية للمقاومة لاعتقاله أو قتله أو تهجيره، ليصبح كل ذلك دلالة واضحة على ضمان مصالح إيران على حساب مصالح العراق والأمة العربية.

 

يا جماهير شعبنا العربي

من تلك الوقائع والدلالات، حددت القيادة موقف حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي في العناوين التالية:

1-إذا كان من تحصيل الحاصل أن توظِّف الإدارة الأميركية كل جهودها من أجل ضمان مصالحها وضمان أمن العدو الصهيوني، فإن كل مظاهر الأمور وبواطنها أيضاً تشير بشكل واضح إلى أن الأمن العربي السياسي والعسكري يجري توظيفهما من أجل ضمان الأمن الإيراني السياسي والعسكري، السبب الذي يدفع حزبنا إلى مناشدة كل القوى القومية والوطنية والإسلامية، من أجل وعي أهداف النظام الإيراني وبالتالي دفعه إلى وقف التدخل انطلاقاً من البوابة العراقية، وبغير ذلك لا يمكننا غير رفع علامات الشك فيما تهدف إليه حركة التأثير الإيراني في كل من فلسطين ولبنان.

2-إن قيادة حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، ترى كل الإيجابية في وقائع مقاومة العدو الصهيوني ونتائجها الباهرة، سواءٌ أكانت في فلسطين أم في لبنان، كما ترى الإيجابية ذاتها في كل عوامل إسنادها ومصادره. لكنها في المقابل ترى كل الخطورة من توظيف أي مساعدة أو دعم للمقاومة لمصالح استراتيجية تصب في غير مصالح الأمة وقضاياها العادلة، ما لم تثبت حسن النية تجاه المقاومة الوطنية العراقية، لأن العدو واحد في فلسطين ولبنان والعراق. لذا يصبح من غير المفهوم أن نساند المقاومة هنا ونحاربها ونعمل على إنهائها هناك.

3-إنه ما لم تثبت لدينا النوايا الصادقة، ومن أخطرها إصرار النظام الإيراني على الضلوع في تمهيد الطريق أمام الاحتلال الأميركي وانتشاله من مآزقه، في آخر ابتكاراته في العراق، فإنه ينتابنا القلق من نواياه في كل من فلسطين ولبنان.

ولهذا السبب لا يمكننا إلاَّ مناشدة اللبنانيين كما الفلسطينيين لأن يتخذوا مساراً ثالثاً بعيداً عن إملاءات القوى الخارجية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من قرار وطني وقومي مستقل، وذلك بالعمل من أجل منع التقسيم في الهياكل الرأسية للمؤسسات السياسية والأمنية الوطنية، والعمل على إعادة ما جرى تفتيته على الساحتين على حد سواء.
ففي لبنان، تناشد القيادة كل القوى السياسية الفاعلة، وتدعوها إلى التقاط كل جهد من أجل تمرير الاستحقاق الرئاسي بصورة دستورية حتى ولو كانت على قاعدة التوافق الطائفي السياسي، الذي لن يأتي بنتائج حقيقة تحل أزمات لبنان المستعصية، وإنما تعمل على إيقاف حالة الانهيار التي ستقود لبنان إلى متاهات من الانقسام والتقسيم والفتن التي لن تترك للبنان أملاً بالخلاص في المدى المنظور.

وفي فلسطين، تناشد القيادة القوى الفاعلة على الساحة الفلسطينية إلى لجم حالة الانهيار الخطيرة التي لحقت بالمؤسسات الدستورية السياسية والأمنية، بحيث سيقود التقسيم الجغرافي الحاصل بين غزة والضفة الغربية إلى تقسيم نفسي سيكون أشد خطراً وسيضيف إلى حالة الضعف في السلطة التي أنتجتها اتفاقية أوسلو مزيداً من الضعف والانهيار. وترى القيادة أن الطريق الأسلم لوقف سرعة الانهيار والحد منها هو في تعزيز موقع منظمة التحرير الفلسطينية كموقع سياسي معنوي يمثل وحدة الشعب الفلسطيني، على قاعدة إعادة تركيبها بشكل يوفر التمثيل الأفقي لكل القوى الفلسطينية المؤثرة. على أن تتعهد القوى الرئيسية بالتنازل لها عن دور الحكم الفاصل في القضايا المصيرية.

 

أيها الرفاق

إن القيادة تدعو كل القوى الحريصة على مصالح الأمة العربية، إلى تحديد مواقفها تجاه كل ما يجري في معظم أقطار وطننا العربي، في السودان والصومال، وبشكل خاص في لبنان وفلسطين والعراق، للقيام بأوسع تعبئة وتوعية للجماهير العربية.

إن خطورة المرحلة تنبعث روائحها من خلال الصفقات التي تُعقد هنا أو هناك، وخاصة على أرض العراق، وأن ما يجري ترتيبه من صفقات الآن، هو محاولة جديدة من أجل إحياء مشروع الاحتلال الأميركي بعد أن وضعته المقاومة العراقية على حافة الإفلاس، وأن إعادة إحيائه، في كل المقاييس مسألة في غاية الخطورة، لأن نجاح الصفقات حول العراق وعليه، إنما هو تقسيم للحصص بين القوى الدولية والإقليمية، وستُطبَّق نتائجه إذا نجحت، وهي لن تنجح، على مساحة الوطن العربي كله.

 

 

حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
في 05 / 09 / 2007

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 07 / أيلول / 2007