بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ذكرى استشهاد القائد فرصة عظيمه للتقدم والنهوض

 

 

شبكة المنصور

ابو مصطفى العنزي

 

في ليلة شتائية من السنه الماضيه كنت اقف في احد مواقف السيارات العامه في العاصمه العربيه السوريه دمشق واذا برجل تجاوز عمره العقد السادس ومعه زوجته يجرجر كل منهم حقيبة كبيره وهم يرددون كلمات غير مفهومه تنم عن استياء وتعب وهم كبيروطبعا عرفت انهم قادمون من العراق لان هذا الحال لا ينطبق الا على العراقيين في هذا الزمن الظالم ... عكفوا الى زاوية من من ساحة الموقف ... ركنوا حقائبهم وجلسوا عليها ... اقتربت منهم وسلمت عليهم ... صعقوا من الفرحه لانني عراقي .. تبين انهم قدموا اليوم من العراق وهذه اول مرة يغادرون بها عراقهم الحبيب .. كانوا كالتائه في البيداء بليل مظلم ... وبدون نقاش او مقدمات جلبت سيارة اجره وحمّلت حقائبهم واخذتهم الى شقتي ... قضوا ليلتهم وفي الصباح ساعدتهم في ايجاد شقه استقروا بها وودعتهم .. لم اسال الرجل عن عشيرته ولا عن مكان سكنه في العراق ولا عن شغله او وظيفته لانني اعلم ان كل هذه الاسئله تثير الحساسيه لدى كل عراقي واشدها حساسية هو السؤال عن المذهب ولذلك فانني حرصت على الابتعاد تماما عن هذا الموضوع ... كل ما عرفته عن الرجل انه يدعى ابو عمار وانه كان لا ينفك عن شتم الامريكان والانكليز وعملائهم ويلعن الطائفيه ومن نادى بها ويبصق على الميليشيات بكل اشكالها ومن جاء بها ويعتب كثيرا على رجال العراق النشامى الذين غادروا وطنهم وتركوا الكلاب والذئاب تنهش به .

ربما يتسائل القاريء العزيز ومن حقه ذلك ... ما علاقة هذه الحكايه العاديه جدا بعنوان المقال .. خصوصا وان القصص والروايات والمصائب في العراق فاقت احداثها كل قصص وروايات واحداث التاريخ .

اي انسان اذا اراد ان ينسج من خياله قصة مأساويه ويضمنها اقذر الجرائم واكبر اعمال الظلم والاجرام فسوف لن يصل او يرقى الى ما وقع فعلا من جرائم في العراق ، ولو بسطنا صفحات تاريخ العراق منذ تاسيس الدوله العراقيه وحتى يوم 10 نيسان 2003 واستخرجنا كل ما وقع من جرائم وظلم وسرقات لوجدناها جميعا لا تعادل جرائم وظلم ونهب وسرقات يوم واحد من ايام الاحتلال ، وهذا ليس فيه اختلاف حتى مع العملاء انفسهم لان المعلن فقط من الجرائم والاحداث يشيب له الولدان وتهتز له اركان السماء ، ولم نسمع او نقرأعلى مدى ذلك التاريخ الطويل ان عثر على الاف الجثث المجهوله مقطوعة الراس ملقاة في الشوارع ، او اغتصاب فتيات في ربيع العمر او سرقة شاحنات من الدولارات او تعيين وزراء بشهادات مزوره او احتساب سنين العماله والتجسس خدمه عسكريه لمنح الرتب والانواط ، ولم نسمع ان علي وعمر قتلوا بسبب اسمائهم اوعائشة وزينب اغتصبن لنفس السبب ، او احرق كتاب الله في بيوت الله ، او من ساهم في قتل وتدمير العراق اصبح وزيرا او رئيسا للوزراء او رئيسا للجمهوريه في العراق ، اومن قضت حياتها في ملاهي ونوادي لندن ونيويورك عضوة في البرلمان العراقي ... الخ من جيف واقذار .

الحال واضح ومكشوف ولا يحتاج الى التكرار والاعاده ... والمبتلى بهذه الجرائم يتطلع الى ما اكبر من الكلام والتكرار ... المبتلى يتطلع الى نتيجة يصل بها الى حل يقيه شر هذه الجرائم وينقذه منها ويريد ان ينام ويستيقظ وراسه لا زال مرتبطا بجسده ... يريد يخرج من بيته ويعود ويجد زوجته وابنائه لم يتبخروا او تاكلهم الوحوش .... مع كل هذا وغيره من المآسي والاحزان نجد تجار الموت والدمار يعيشون سماء من الخيال المريض والمصيبه تحت مظلة الوطنيه والوطنيه منهم براء ، وليس في ضباب خيالهم إلا احلام الحصول على الممالك والامارات وقد تناسوا عاد وثمود وقارون ... لعنة الله على المفسدين .

لا يمكن لمن وصفناهم بتجار الموت والدمار ان يكونوا انبياء وصديقين لان تكوينهم مرتبط بمتطلبات حياتهم وتجارتهم التى جبلوا عليها ندعوا الله ان يقينا شرهم ويخلصنا من بلائهم لانهم اشد فتكا من السرطان والكوليرا التي اختفت من العراق منذ عشرات السنين وعادت لتظهر اليوم بحلة جديده في ظل الرعايه الامريكيه والبركات الصفويه .

عرض علي احد الاصدقاء ان اتصفح موقع ( المهيب ) وقال بانه خاص ب ( بجناح محمد يونس الاحمد ) نعم هكذا قال (جناح) وتلبية لرغبة صاحبي اطلعت على الموقع وليتني لم اطلع .

لقد ذهلت واصابني الدوار والاعياء وتسائلت مع نفسي ... هل من المعقول ان يتحدث من كان مناضلا في ( البعث ) عن ( البعث ) بهذه الصيغ والاساليب ، وهل وصل الامر بالبعض الى هذه الدرجه من العبثيه المتلونه ولمن وعلى حساب من ؟؟؟ ولماذا هذه اللامبالات واللامسؤليه واين هي من محنة العراق .. اين هي من القضية الكبرى ... قضية التحرير والتحرر ، لقد اختزل هذا الجناح البعث لنفسه ورمى بعبثيته على البعث الحقيقي صانعا لنفسه بعثا جديدا ....... استغربت كثيرا كيف يرضى ويجرؤ من ابتكر هذا (الجناح) ان يصف رفاقه الذي ارتبط مصيره معهم عقود من الزمن بالخيانة والتآمر ، فإذا كانوا هم كما يقول فكيف هو حاله وقد انسلخ منهم وراح يدعي النضال والجهاد من اجل التحرير مع علمه وهو خير من يعلم ان البعثيين الاصلاء لا تنطلي عليهم اية ادعاءات مهما كانت دقة ورصانة فبركتها لانه كان منهم وسوف يعود اليهم عندما يقتنع ان القضيه ليست قضية اجنحه بل انها قضية العراق بارضه وشعبه وسمائه التي هي اساسا قضية الامه بكاملها .

ارحمونا يرحمكم الله ... العراق يتآكل ارضا وشعبا وخيرات وحضاره ودماء ابنائه تسيل انهارا وعيون لتصب في بحر الكرامة والشرف ونحن نتحدث بمنطق سياسي متخلف مقيت يستند على مزاجات وخلافات شخصيه لا تتلائم مع دقة وخطورة المرحله .

السنه السادسه للاحتلال على الابواب وتمضي السنين والاعداء يتفاخرون بزيفهم وبهتانهم ... والحقيقه الناصعه والساطعه هي انتصار العراق في كل الميادين وانكسار قوى الشر والطغيان وهذه الحقيقه يعرفها جيدا كل من لديه اطلاع على تاريخ نضال وكفاح الشعوب والفخر والمجد يعود لابطال المقاومه بكل اشكالها وفصائلها التي اذاقت العدو الامرين واثبتت للعالم اجمع وفي المقدمه امريكا ان العراق بلد التاريخ والحضاره عصي على كل قوى الشر والالحاد وانه ليس كما صور العملاء لاسيادهم ، ولولا هذه المقاومة وابطالها لكان العالم يتحدث الان عن بلد عربي آخر دارت عليه الدوائر ووصله الدور للتدمير والاحتلال .

اذا كان (الجناح ) الجديد لديه دلالات وبراهين ومعطيات عن صحة وصدق جناحه المفروض انه قد عرضها فورا وبالفعل وليس الكلام اضافة الى فرضية انه قد بدا بتنفيذها فعلا وفورا لكي توجه اليه الانظار والقلوب من قبل ابناء العراق الذين يتحرقون للنصر والتحرير والفداء ... لكن (الجناح ) لم ياتي بجديد وشعاره لا يختلف عن من فسر الماء بعد الجهد بالماء وكان الاسلم ان يعمق تاريخه النضالي الشريف بالتلاحم مع رفاقه في الحزب الام لكي تكون الضربات الموجهه للاعداء اشد قوة ولكي تبقى وحدة الحزب مصانه كما هي دائما .

نبقى نتسائل الى ان تنقطع انفاسنا ما معنى ان يظهر قائد ومناضل من البعث ويعلن انه اسس حزب بعث جديد في حين كان بامكانه ان يؤسس اي حزب وتحت اية تسميه دون ان يعترض عليه كائن من يكون ، وكان الاسلم والاجدى ان يضاعف نضاله تحت خيمة البعث الاصيل بدلا من وضع العوائق في طريق التحريرلاسباب نحن لا نعرفها ، مع علمه ان المقاومه الوطنيه الشريفه التي هزت العالم باسره كان البعث ولا يزال جزءا مهما منها وفيها قد ادخلت المحتل واعوانه في دائرة الياس والى اتخاذه قرار الانهزام ... وبالرغم مما سخر المحتل من اموال وعملاء وفضائيات ومؤامرات فقد بقيت المقاومه هي القدح المعلى التي انارت سماء العراق وجعلته شعلة لكل شعوب الارض التي تقارع الظلم والطغيان واسقطت المخطط الامريكي ليس في العراق فحسب بل في كل ارجاء العالم وانهت اسطورة القطب الواحد التي انطلت على العالم سنين طويله .

قبل الاحتلال المجرم وعندما كنا في ظل الحكم الوطني القومي لم يكن الجميع معصومين واولياء فقد كانت هناك هفوات واخطاء ارتكبت من قبل الحزب والدوله ولكنها اذا قيست بجرائم الاحتلال والعملاء لا تعادل قشة في بحر ولكنها اخطاء نعرفها نحن كما يعرفها العملاء وبالنسبه للعملاء فانهم يخشون ذكرها لانها ليست بذي بال قياسا بجرائمهم ولكن بالنسبة لنا لا زلنا نعتبرها اخطاء كان المفروض ان لا تحدث وكان لها تاثيرها السلبي ونحن في اوج قوتنا .. فكيف سيكون تاثيرها عندما تتكرر الان ونحن نخوض حربا هي من اعنف حروب التاريخ اضافة الى حاجتنا الملحه الى كل القدرات مهما صغر او كبر حجمها .

صدام حسين القائد والمجاهد استشهد .... وهذا قمة الفخر والاعتزاز لرفاق دربه وهو دافعهم للعزم والتصميم على الجهاد وهم مؤمنون ان الرسوخ على المباديء هو اولى شروط الاقتداء بالقائد اما اذا اهتزت المباديء وكثرت الاجنحه فسوف لن يحلق النسر ابدا في سماء النصر وسوف لن يهتدي الكثير الى طريق الكرامة والتحرير .

ارحمونا يرحمكم الله وارحموا الارامل والشهداء واليتامى واحترموا الدماء الزكيه التي اريقت دفاعا عن الشرف ودعوا الذات جانبا واحملوا مشعل الحريه وثوروا على الاستعباد والظلم واذا ما شعرنا جميعا بمرارة الاستعباد فليس لنا سوى خياري النصر او الشهاده
واذا راق لنا الظلم والاستعباد فسوف لا يليق بنا الا قول الشاعر

اني لافتح عيني حين افتحها على كثير ولكن لا ارى احدا


ميادين الشرف كثيره وواضحه وليس امام الجمع المؤمن الا طريق الجهاد وهم بقلب واحد ويد واحده واذا لم نراجع انفسنا سنجتث انفسنا بانفسنا ولا حاجة ان يجتثنا الاعداء ولكن لا بد ان نعلم ان بمجرد اطلاق كلمة اجتثاث على البعث فهذ معناه اجتثاث الامه وركوعها تحت نير الكفار.

ذكرى استشهاد القائد على الابواب ولا بد من استثمارها وجعلها فرصه ثمينه لنبذ كل ما هو شخصي ونصلح امرنا ونجعلها ساعة انتفاضة وثوره على النفس وعلى الاعداء ، وفرصة للنهوض المجرد من كل اشكال وعوالق الذات والقفز لجعل هذا البلد العظيم هو الهدف الاسمى وترك وتاجيل الاهداف الاخرى .

لنجعلها فرصة للنهوض لكي يعود المسكين المهجر ابو عمار الى بيته ومحلته ويعود كل العراقيون الى احضان وطنهم المحرر الكريم ... ويعود العراق الى عظمته وشموخه وموقعه التاريخي المجيد .

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت / 06  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  15 / كانون الأول / 2007 م