بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

لمن لا يعرف صدام حسين..؟؟

 

 

شبكة المنصور

دكتور/ جمال علي حسن – مصر العربية

 

إنك حقا أسطورة أيها الفتي العربي الأبي.. الصلب العزيمة الشامخ الكرامة...

.................................................

لا أدري لماذا.. كلما تذكرتك .. لا أراك إلا هذا الشاب المقدام الذي قطع صمت بغداد برصاصات مسدسه الواثق..؟ فهل ملكت هذه اللحظة عليك وعيك فتسمرت عندها.. وتوقف معها جريان نهر حياتك..؟ وانتهي إليها زمانك...

ولم يكن عمرك الحافل المديد بعدها إلا حلم ليلة صيف.. وأنت بأحضان شاطئ دجلة الحنون وبين ثنايا مجرى فراته الدافئ أثناء هروبك الأول.. أو وأنت ممد لا تبالي.. على فرشك داخل سجنك.. أو في منفاك.. تنتظرهم ليسلموك حيث حكم الإعدام...

ومشنقة الشرفاء كما حلمت بها.. معلقة على بعد خطوات منك...

.................................................

وعندما حلت اللحظات الموثوقة، المؤكدة، المنتظرة والأخيرة... وفتحت جنازير حديد سجنك.. وكست أشعة شمس الأمل طرقاته كما كست بصرك وبصيرتك.. وشقت قلبك ووجدانك مع ما شقت من ظلام السجن وظلمات عصر التردي والضعف الخانع.. الذي تحياه أمتك...

معها تسربت لأعماقك أنوار الشهادة تأخذ لبابك تهفو إليها كما العاشق المتيم.. مثلما رأيتها تتسرب لجنبات أمتك.. تضيؤها بأنوار النهوض والانعتاق الماجد النهائي...

عندها.. أطلقت لطائر أحلامك العنان.. يحلق بعيدا بعيدا.. فرأيتها تتحق الواحدة تلو الأخرى.. بناء وطرق .. معامل ومصانع.. مدارس ومشافي.. معارك وانتصارات.. تحت رايات تاريخنا العربي.. المنتصر المتحدي المجيد.. وبامتداد الوطن من محيطه إلى خليجه.. وبين شعبك ومواطنيك...

.................................................

ولما أخذك جلادوك...

بثبات تقدمت....

بثبات تقدمت....

بثبات تقدمت.... وتقدمت... وتقدمت...

وخيالك معلق هناك على ضفاف دجلة وبين شوارع بغداد وفي عواصم وطنك العربي الواحد الكبير الممتد عبر السهول والجبال ومجاري الأنهار وأمواج البحار.. بالقاهرة والخرطوم ودمشق.. بالجزائر وتونس وطرابلس.. بالرباط والصحراء ونواكشوط.. بمسقط وصنعاء ودبي.. بالرياض وعمان ودبي.. بالقدس وغزة وراملة.. بحيفا ويافا وعكا...

بين ربعك وقومك وأهلك...

تخط تفاصيل حلمك الناهض الكبير المشتعل عبر فوهة مسدسك.. الذي لم يفارقك وما ترك يدك للحظة واحدة...

وبينما كان ذهنك متقد يرسم علامات النصر النهائي وشموخه.. كان الجميع من حولك أقزام فاقدي الوعي.. يريحون مقاديرهم على عتبات أقرب حانة ويسلمونها على شفاه أحقر كاس...

.................................................

وتعتلي أقدامك الثابته القوية المتحدية الدرجات إلى النهاية حيث المقصلة معلقة.. ومعها تتكامل خطوات حلمك وتتصاعد.. ترتقي هذه درجة وتصعد تلك خطوة.. وجماهير شعبك تصيح من حولك بالورود والهتاف.. بعدما أراحها وهم أسطورة البطل التاريخي المنقذ من عناء الصعود وكلفته.. وأنت دونها.. ارتضيت أن تحمل الكلفة والعناء وحدك.. مشهرا مسدسك تصوب طلقاته إلى عوائق الحلم ومكائده...

ويسقط الجسد على عود المشنقة.. وما سقطت.. وما سقط الحلم....

.................................................

فنم قريرا أيها الفتى...

نم قريرا...

أيها الفتى.. الذي على شاكلتنا صنعناه...

الذي أورثناه كل خطاياه...

ولم نرث منه أي من سجاياه...

نم قريرا...

فلقد آن للجسد الذي أتعبته أن يستريح...

ولقد آن لكل الأوهام في حياتنا أن تجلوا...

وآن لكل الأضداد من تاريخنا أن ترحل...

.................................................

وكلمة أخيرة...

يستطيع الكثير الغالب أن يكيل سيل الانتقادات أو الاتهامات لفتانا الشهيد.. ولكن القليل النادر.. بهذا الزمان العمي.. من يستطع.. أن يعطي عمره سخاء لحلم شعبه.. وأن يقف وقفته المتحدية الشامخة.. أمام أعداءه وجلاديه...

فرحمة الله على صدام حسين.. وكل أبطال أمتنا وشهداءها...

.................................................

هذه الكلمات كتبتها صباح رحيله.. وأنشرها الآن.. تحية لروحه في ذكراه الأولى...

.................................................

gamalahh@hotmail.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الأحد / 07 ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  16 / كانون الأول / 2007 م