بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

أمريكا وإيران تحالف أم تضاد ؟

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

تتوالى سيناريوهات التضليل التي تحاك في كواليس البيت الأسود وكلها تقف وراء عنوان واحد هو إنقاذ إدارة بوش المتهاوية من الأزمات التي زجوا دولتهم فيها املآ في تحقيق مكاسب امبرياليه صهيونيه حتى وان كانت الشعوب الامريكيه تدفع ثمنها باهظا من أرواح أبنائها وأموال دافعي الضرائب .

إن كثرة الحديث عن تحسن امني في العراق وإبرام اتفاقيه تفاهم بين بوش وصنيعته المالكي وكل العمليات التجميليه لم تكن سوى محاولات بائسة للعلاقات ألعامه موجهة لتطمين الرأي العام الأمريكي والكونكرس الضاغط على أدارة بوش، وقدمت الاتفاقية لهم على إنها بديل عن الاحتلال ومرادف للانسحاب وستؤدي الى تغيير مهمة القوات الأمريكية في العراق بشكل اقرب الى ألصيغه التي طبقت في كوريا ألجنوبيه وهي في حقيقتها لن تحمل للعراقيين الأ مزيد من المعاناة والدمار والخراب وتعطيل لحياتهم الطبيعية ....وكذا الحال مع الفلسطينيين حيث حاولت الاداره الامريكيه المتصهينه تمرير مؤتمر الاستسلام في انابولس وقدمته دعائيا على انه الحل الشافي لكل ماهو مستعصي في الصراع العربي الصهيوني إلا أن هذا المؤتمر وكل المحاولات ألسابقه و(اللاحقة) لم ولن تلامس جوهر هذا الصراع الأبدي طالما ان هناك شئ جاثم على صدور العرب والمنطقة اسمه الكيان الصهيوني.

الا ان الذي يحصل عادة بعد هذه المحاولات الفاشلة هو خروج نتائج هنا وهناك تدلل على هذا الفشل وعقم الحلول التي تحاول ادارة بوش فرضها على العرب فاتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين بوش والمالكي شبيهة بمؤتمر انابوليس، كلاهما مناسبه لالتقاط الصور واستعراض المشاركين ، من دون التمكن من تحقيق اية نتائج فعلية على الأرض حتى بالنسب (لإسرائيل) لتي تريد ان تجني كل شئ دون ان تعطي أي شئ بل ان هذه ألدوله ألغاصبه لحقوق الشعب الفلسطيني لم تتوقف على استهداف المواطنين الفلسطينيين العزل اضافه الى حصارهم ومنعهم من الحصول على ابسط مقومات الحياة الانسانيه وخلال اقل من اسبوع قتل اكثر من ثلاثين فلسطيني في قطاع غزه وحده وكانت الغارات الصهيونيه تتوالى على الفلسطينيين والاخوه الاعداء يلتقطون الصور في مؤتمر انابولس وفي العراق كانت الطائرات الحربه الامريكيه تقصف الاحياء السكنيه في ذات الوقت الذي يتبادل فيه بوش وذيله المالكي صفقة بيع العراق ومستقبله اما الأوضاع الامنيه فهي مترديه جدا فلا تزال ظاهرة الجثث المجهولة الهويه منتشره في اغلب المدن العراقيه وأصبح حديث المسؤلين الأمريكيين عن الاستقرار بمثابة مزحه او ضحك على الذقون ورهانهم على ما يسمى بظاهرة الصحوة رهان خاسر والصحوه اشبه بحبة اسبرين قد تخفض الحراره الا انها لم تنهي المرض العضال.

في هذه الظروف المتشابكة حاول الرئيس الأميركي جورج بوش تسويق مشروعه الاستعماري الاستيطاني بعد مؤتمر (أنا بوليس) لانجاح ما يسمى بعملية السلام بإدخالها نفق المساومة مع قادة بعض دول المنطقة الحليفة لواشنطن بذريعة وقف النفوذ والتمدد الايراني شريطة توسيع رقعة التطبيع العربي والإسلامي مع (إسرائيل) التي التقى قادتها من خلف كواليس مؤتمر- أنا بوليس- بكبير العملاء المزدوجين(عبد العزيز الحكيم) رئيس المجلس الأعلى الذي حضر إلى واشنطن تنفيذا لاوامر اسياده في واشنظن وطهران.

أن وظيفة حكام أيران المتواطئين مع ادارة بوش هي دفع بعض الانظمة الى بيت الطاعة الامريكي من غير شروط... لأن أيران شريكة امريكا حتى الان في أحتلال العراق والاداره الامريكيه هي من أطلق لحكام ايران العنان ودفعت عملائها (الحكيم والمالكي والبارزاني والطالباني) للسيطرة على حكومات الاحتلال..

فهناك ربط بين تحركات العملاء... فالمالكي اتفق مع سيده بوش على تمديد وجود قوات الاحتلال حتى تموز 2009 على أن تتمركز القوات الأمريكية بعدها في قواعد محددة ولا تعود مبعثرة في أنحاء العراق علما ان هذا الوضع لن يغير شيء، فالقوات الأمريكية تتواجد في مناطق عراقية محددة الآن أيضا.

ومن الواضح أن الهدف من إعادة انتشار القوات الأمريكية في العراق هو تغيير وصفها من قوات احتلال الى قوات صديقه وهو ما يخدم أهداف الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه الرئيس الأمريكي بوش في المعركه الانتخابية،العام القادم اضافه الى توطين الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق.

ويلاحظ منذ فتره وعملاء الاحتلالين الأمريكي والإيراني بدأو الحديث فجأه عن خضوع العراق للبند السابع من قرارات مجلس الامن ولكي يخلصوا العراق من هذه ألمشكله دفعتهم عبقريتهم الفائقه الى توقيع الاتفاق سئ الصيت بين بوش والمالكي أي ان نمن الخلاص من البند السابع هو تكبيل العراق باتفاقيات اسوء من تلك التي فرضها الاستعمار البريطاني على الشعب العراقي قبل ثورة 14 تموز1958 .

وتزامن مع هذه المؤامره اطلاق عبدالعزيز اللاحكيم لدعواته ألمدافعه عن ايران لتبرئتها من التدخل في الشأن العراقي بل انه لم يكتفي بتصريحاته من ألمنطقه الخضراء داخل العراق وانما ذهب للدفاع عن ايران داخل البيت الاسود ومن هنا يمكن الربط بين زيارة الحكيم الى واشنطن ودفاعه عن النظام الايراني بهذه العلانيه ومن داخل الاروقه الرسميه الامريكيه وبين صدور تقرير الاستخبارات الامريكيه المثير للجدل والذي قلب موازين اللعبه السياسيه التي طالما تمشدق بها ساسة البيت الاسود طيلة السنوات الاخيره في محاولة لابعاد الانظار عن حقيقة التفاهمات الامريكيه الايرانيه في المنطقه عموما والعراق على وجه الخصوص.

قد جاء هذا التقرير في وقت محسوب بدقه ليعبر عن حقيقة النوايا الامركيه المبيته ضد العرب لمصلحة اعدائها وليؤكد لبعض الانظمه العربيه ان الولايات المتحده الامريكيه ايا كان من يقودها جمهوريين ام ديمقراطيين تنظر الى العرب نظرة استصغار ونظرة السيد لتابعه الضعيف الذي لايمتلك الا ان يطيع سيده حتى وان جار عليه واستمر بظلمه لحساب الآخرين.

لقد حمل الحكيم في زيارته رسالة ايرانية الصياغة والمحتوى تضمنت موافقة الحلف الخماسي السياسي الذي يضم اضافه الى المجلس الاعلى حزب الدعوه والحزب الاسلامي وحزبي الطالباني والبارزاني على الشروط الاميركية-الصهيونيه الموقعة من قبل أقطاب المعارضة العراقية- الأحزاب الشيعية الكردية الحالية- في 2002 خلال مؤتمر ما سمي حينها بالمعارضة الذي تم الاتفاق فيه على عملية التقسيم والفدرالية وغيرها من الأمور الاستعمارية التي بدأت تظهر على السطح بعد احتلال العراق في التاسع من نيسان 2003 .

ان ألاتفاقيه ألسريه بين بوش وعملائه ً سترت عورات فشل مؤتمر أنا بوليس ، والتي تضمنت على بنود خطيره منها ماتم الكشف عنه مثل إعلان مبادئ علاقة التعاون والصداقة طويلة الأمد بين جمهورية العراق؟؟!! والولايات المتحدة الأميركية وهذا يعني تغيير إسم وصورة الاحتلال الى انتداب ووصاية مفتوحة مشرعنة أُممياً ورهنت الاتفاقية صدورها بالطلب الرسمي المقدم من قبل القادة العراقيين- الاكراد والشيعة والحزب الاسلامي- في 26 آب أغسطس الماضي الذي أيده الرئيس بوش، معلناً في 28 تشرين الثاني أن الحكومتين العراقية!! والأميركية ملتزمتان بتطوير علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد بين بلدين كاملي السيادة!! والاستقلال ولهما مصالح مشتركة، وهذه العلاقة بين البلدين سوف تكون لصالح الأجيال المقبلة وقد بنيت على التضحيات البطولية التي قدمها الشعبان العراقي والأميركي من أجل عراق حر ديمقراطي تعددي فيدرالي موحد.

إن العلاقة التي تتطلع اليها جمهورية العراق والولايات المتحدة الاميركية تشمل آفاق متعددة يأتي في مقدمتها التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية ويلاحظ ان القرار شرعن تجزئة العراق، و جمع بين عدة نقائض الوحدة- السيادة الكاملة-، والتقسيم- الفدرالية والتعددية والديمقراطية.

ان مباحثات ادارة بوش مع النظام الايراني حول مستقبل المنطقه والعراق لاشك انها تمثلل سابقه دوليه خطيرة تؤكد بما لايقبل الشك ان امريكا وايران شريكتان باحتلال العراق حسب و بكل الكوارث التي تحل به .. وانهما يتفقان على تحديد ملامحه القادمه غير ابهين بعملائهما وصنائعهما الذين نصبوهما على العراقيين وغير مكترثين حتى بالانظمه العربيه التي ترتبط بأمريكا بعلاقات جيده ...الا ان ادارة بوش لاتعطي اذانا صاغيه الا الى مصالحها... ويبدو ان الامريكيين يعتقدون ان هذه المصالح السترايجيه تحققها العلاقه المباشره مع نظام الملالي اكثر مما يمكن ان تحققها الانظمه العربيه التي ثبت بالواقع الملموس انها لايمكن ان تلعب الا ما يطلب منها من ادوار( الكومبارس) وحسب الرؤيه الامريكيه او الضغوط الايرانيه.

وليس بعيدا عن هذه الصوره التي توضحت الان اكثر من أي وقت مضى حضور الرئيس الايراني احمدي نجاد اجتماعات مجلس التعاون الخليجي الاخير والقائه كلمه مثيره لم يتطرق بها الى ما تريده ايران بل وتعمد ان يشير الى الخليج الفارسي ويبقى لسؤال كيف حضر الرئيس الايراني هذا الاجتماع؟ ولماذا تجاهل ما كان القادة الخليجيين وشعوبهم يريدون سماعه في خطابه علنا؟ ولماذا لم يدعى المالكي مثلا؟

ان ما يجري في المنطقه الان ما هي الا مقدمات لاحداث جلل قد تغيير كثير من المعادلات وتعيد ترتيب الاوراق بشكل خطير وقد ترفع منصوبا وتنصب مرفوعا واللاعبان الامريكي والايراني يريدان ان يستآثرا بحصة الاسد مما سترتبه التداعيات القادمه في المنطقه ولن يكون الكيان الصهيوني بعيدا عن الغنائم والنتائج التي ستصب حتما في مصلحته.... الا ان هذا السيناريو مرهون بقضية مهمة جدا وهي نجاح المخطط الامريكي الاخير في العراق وبقدرة المقاومه العراقيه على اجهاضه في الوقت المناسب ورغم خطورة المخطط الامريكي الا ان للمقاومه العراقيه خططها الفاعله ايضا وطبقا لقاعدة اهل مكه أدرى بشعابها..فأن اوضاع العراق وما ستفرزه طبيعة الصراع بين الاحتلالين الامريكي والايراني من جهه والعراقيين ومقاومتهم من جهة اخرى هما الفيصل في تحديد ملامح المرحله القريبه والبعيده القادمتين؟!

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس / 04  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  13 / كانون الأول / 2007 م