بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

خطة تحرير بغداد .. اليوم و غدا

 

 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

 

" تناقلت وكالات الانباء مؤخرا الحديث عن تفاصيل دقيقة وتقسيم للواجبات وعن صفحات معركة سميت خطةالاقفاص الامريكية  لتطهير بغداد "

جميلة هي الاحلام..وخاصة تلك التي نحلم بان تراودنا ..لقد علمنا زمننا القاسي في الخمسينات والستينات ان نتعقل في احلامنا وفي أمانينا..صحيح ان اباءنا وأجدادنا عاشوا زمنا أكثر مرارة من مما عشناه في تلك الحقبة ..الا ان العراق في تلك الايام لم يكن مثلما يوصفه البعض بالبلد الوردي..لم يكن خاليا من البؤس والفقر والحرمان..في تلك الايام ونحن شباب صغار كنا نعتبر انفسنا من الذين (يتحملون مسؤولية تحسين وتطوير واقع الشعب )  كانت أحلامنا كبيرة وطموحة ولاتعجب الكثير ممن سبقونا في هذا المضمار من ( الكبار) ..كان منا القومي والبعثي والشيوعي والاسلامي منا من كان امميا وآخرون من المؤمنين بالامة العربية وفينا من لايؤمن الا بالعراق فقط ..البعض يرى في الملكية حلا لمشاكلنا ..والآخر يؤمن بالجمهورية ..البعض يرى ان لادور للعسكر فينا ..وآخرون يرون ان الجيش أداة التغيير ..وهكذا ..وفي كل يوم نختلف في النهار ونلتقي نتسامر في الليل .. لم تكن لنا في قمة تألقنا الا احلام (شخصية ) بسيطة ..كان لنا حلم كبير اكبر من حاجاتنا ورغباتنا وامنياتنا ..كان حلمنا أكبر منا ومن حدود تفكيرنا ..كنا نحلم بوطن واحد يمتد من المحيط الاطلسي الى بلاد فارس وعثمان ..وطن ينشد للوحدة حيث قوتنا وعزتنا وشخصيتنا .. وديمقراطية حيث نعبر فيها عن ذاتنا بكل حرية .. وأخوة نتقاسم فيها الثروة والفرح والهم ..لغتنا واحدة ودمنا واحد ..لنا تاريخ واحد ومستقبل واحد..كنا في وسط هذا التأمل تتزاحم مع الذات من حين لآخر فكرة أو طيف شخصي  نتمنى ان يتحقق وسرعان مايتلاشى هذا الطيف المتواضع مع الهدف الكبير .

الى ان كبرنا وكبرت معنا وسائلنا لتحقيق اهدافنا العظيمة ..ووصل البعض منا  الى (الدولة)..وأمسك بعضنا الآخر بها بعد حين ..وكلما دخل البعض منا السجن ..زرناه كما زارنا ..وفي السلطة ..مسكنا بيدنا (الفرشاة ) التي تحيل الحلم في الذاكرة الى رسم على الورق ..ورسمنا أجمل (الصور) واروعها ..ووزعنا الاحلام والامنيات وأغدقنا على الاصدقاء ..وآثرنا على انفسنا ..وكلما كان يبزغ فجر جديد نرى لوحاتنا واقفة في سلم الاولويات الطويل ..تنتظر..تحت شمس بلادي الحارقة وسيل اعاصير ليالي شتاءه المحدودة  لاتتمكن من المحافظة على جمال كل الالوان في اللوحة..ومن حين لآخر نرممها ونطورها ونديم زهو ألوانها..وتنتظر وننتظر معها ..الى ان دخلنا ليل القادسية  الثانية الطويل.. وقاتلنا ثماني سنوات طويلة في كل مكان دفاعا عن عراقنا واحلامنا ولوحاتنا التي طال عليها الزمن ..وخرجنا من القادسية لندخل في ام المعارك بعد ان دخلنا  الكويت ..وعم على كل العراق ليل من نوع جديد ..ليل الحصار الجائر الذ طال كل شيء..ليل عتمته حالكة السواد وضبابه ثقيل كالجبال وبدأنا نأكل من جرفنا ..كلما حاولنا ان نجد مصدرا جديدا نجابه بجدران المنع وقيود المتحكمين ..ودخلت فرق التفتيش تعبث بكل شيء ..حتى وصلت الى أحلامنا ..الى لوحاتنا ..وتوقفت كثيرا عند هذه الامنيات ..بحثت عن تفاسير لكل الالوان.. ومن وضعها ..هم لايعرفون اننا مقاتلون وفنانون في النهار وفي الليل ..هم لايتذكرون ان أغلب من رسم هذه اللوحات استشهد في القادسية او في ام المعارك ..بعضهم الآن فلاحون تركوا السياسة منذ أن شعروا ان لا فائدة منها ..وحيث ان البعض منهم ادينوا بالانحراف والخيانة فان بعضهم الآخر وزراء وسفراء..وهكذا ضاعت الآمال وتداخلت الالوان ..الى ان تم احتلال العراق في نيسان 2003.

ايه يانسيان ..

وانت ياتموز ..

او تشرين..

 وياعام.. 2003..

و2004..

و2005..و2006..و2007..

هل أمسك الاحتلال وأعوانه  لوحاتنا ..وأحلامنا ..

هل هي اليوم اسيرة في بوكا اوفي سجن المطار..

أم في سجون الداخلية ..

بعد الاحتلال لم يبقى شيء بعيد عنهم ..

بالقوة او بالاكراه ..

الا أحلامنا وصورنا..

كلما أخلينا مواقع ..كانت تسبقنا الى اماكننا الجديدة ..وكلما دمر الاعداء حصنا لنا لم تصل قنابلهم اليها ..وعندما احتل العدو عاصمة الدنيا بغداد رزمناها معنا ..حملناها قبل العتاد والماء ..نقلناها معنا الى ديالى ..وصلاح الدين ..والموصل ..والانبار ..ثم رجعنا بها الى بغداد قبل ان ينتهي نصف نيسان ونزلنا بها الى الحلة والناصرية والبصرة ..والعشار..

 

نعم ..قتلتم منا الكثير وشردتم منا الكثير ولكنكم عجزتم ان تأسروا لوحة او تقتلوا حلم ..

 

أيها الغزاة..أيها الدخلاء .. 

رغما عن منهجكم في القوة والمكر والخديعة.. هاهي أحلامنا تزداد زهوا وحلاوة ..رغم مرارة العيش في وديان وسهول العراق ونحن نقتنص احلامكم اقتناصا الواحد تلو الآخر ..ونجعل الارض التي لم ترضعوا من حليبها جحيما تحت اقدامكم .. 

اننا نفترش الارض اينما حللنا ..نتغطى بلوحاتنا واحلامنا ..وانتم تنامون في المنطقة الخضراء تحت حماية الاجنبي.. وتقض مضاجعكم أحلامنا وألواننا ولوحاتنا .. 

هانحن قادمون ..سواء بهذه الخطة أو بغيرها ..سواء كتبوها ام لازالوا يؤلفونها ..حقيقة كانت ام لم تكن  ..فهذا هو قدركم مثلما هو قدرنا ..اننا اليوم كل العراقيين الشرفاء ..بغض النظر عن مذاهبنا ومعتقداتنا ونظرياتنا وقومياتنا ..نحن موحدين في حب العراق ومؤمنين بحتمية انتصاره . 

اننا نزحف اليكم اليوم وغدا..وكل يوم ..وحتى النصر..

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت /  16 شــــوال 1428 هـ  الموافق  27 / تشــريــن الاول / 2007 م