بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

عراق مابعد صدام والبعث

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

بعد مضي اكثر من أربع سنوات ونصف على الاحتلال الامريكي للعراق بذرائع ديناميكية متغيرة كثيرة انتهت بهدف انشاء ( عراق مابعد صدام والبعث ) ..عراق وردي وشفاف ..عصري.. ومبهر بنظامه وديمقراطيته ..بتعايش افراده ..السلام وصل الى التعايش بين الحملان والذئاب ..لا متابعة ولامراقبة ولامسائلة ولا استثناءات ..فيه يسود القانون على الجميع ولا مكان فيه للمحسوبية والمنسوبية والطائفية والعنصرية ..الكفاءة اساس الاختيار ..وغيرها من أوصاف الجنة..جنة العراق الجديد..ولكن..ماهي صورة العراق اليوم؟

- ان العراق يرزح اليوم تحت احتلال همجي فاقد للشرعية الدولية والانسانية والاخلاقية .. وان هذا الاحتلال هو السبب الرئيسي وراء كل مشاكل العراق الامنية والاقتصادية والانسانية والحضارية .
- وان هذا الاحتلال جاء لأقصاء واستبعاد ومحاربة ومحاكمة النظام الشرعي وقيادته التأريخية والحزب الذي قاد الجماهير العربية في احلك الايام.. حزب البعث العربي الاشتراكي ..نعم بلا مزايدات ولاحجج ان الشرعية هي للنظام المستهدف من قبل الاحتلال.
- وان الاحتلال نصب سلطة عميلة له في التعيين أو بالانتخابات المزورة التي اشرف عليها وخطط لها.. ونصب مجموعة من الجواسيس والخونة والمتآمرين على مقدرات وثروة الشعب وتأريخه واوكلت الى هؤلاء الحكام مسؤولية تدمير العراق دولة ومؤسسات ومباديء وقيم.. واشاعت هذه الزمرة روح الانتقام والفرقة والعبث والفساد وزرعت ونمت النزعة الطائفية المقيتة والحس الشوفيني المتعصب..وكان اول قرار اتخذته سلطة الاحتلال بالتنسيق والتأييد من هذه الزمرة هو حل المؤسسة العسكرية والامنية والاعلامية واجتثاث البعث.

- واضح الآن ان الاحتلال وأذنابه استهدفوا منذ اليوم الاول لتدنيسهم ارض العراق ..السلطة الشرعية واولائك المنتمين للمؤسسات العسكرية والامنية والاعلامية والحزب.

- وبالتزامن مع حملات التصفية الجسدية والاعتقالات..انطلقت حملة اعلامية مكثفة فاقت بتقنياتها وحجم التحشيد المعد لها والامكانات التي وظفت لانجاحها من اموال واعلاميين وقنوات فضائية وما صرف وحشد وجمع من تأييد ووثائق لكل دول العالم وللفترة مابعد الحرب العالمية الاولى ولحد الآن ..في حملة ظالمة وانتقامية ومقيتة وكاذبة ضد البعث والجيش العراقي والاجهزة الامنية والاعلامية ..وفي منازلة من طرف واحد بغية تزييف حقائق التاريخ وترسيخ مفاهيم خاطئة في ذهن المتلقي العراقي والعربي والاجنبي. وطبل من طبل.. وزمر من زمر..في عاصفة غريبة التكوين هجينية التجانس ..التقى فيها الشيوعيون الماركسيون اللينينيون مع آيات الله العظمى ! وانظم اليهم الاخوان المسلمين بثوب جديد وبعض القوميون ومن حمل الجنسية الايرانية وفيلق بدر والدعوة والحرس الثوري وعناصر فيلق القدس والبرزانيون والطالبانيون وكل طائفي حاقد وفاسد ومزور وسارق ..ووضع الجميع يده بيد الامريكان من أجل هدف واحد هو ( اسقاط الشرعية في العراق والقضاء قضاءا نهائيا على رموزه ومناصريه ومؤازريه ومهما كان الثمن وبغض النظر عن اي نتيجة ).

- هم يتغنون بشعار (سلطة العراق الديمقراطي والتعددي والفدرالي الموحد ).. العراق اليوم بعيد عن الديمقراطية ..المعارضة مصيرها يبدأ من الاقصاء والتهميش الى الاتهام بالتضليل والكذب ثم بالانحراف والخروج عن مسار العراق الجديد ليصل لحد التشهير والتخوين والقتل.

- نعم العراق اليوم تعددي ولكن بفوضوية وبلامنهجية ولابرامجية ومبدأالاقصاء والاستفراد بالسلطة هو أحد مميزات تعددية بؤر الاستفراد المناطقية والطائفية والقومية ..انها ليست تعددية لمصلحة المجموع بل هي تعددية انغلاقية ذاتية.

- العراق الفيدرالي يفهمه قادة العراق( ومخططوا الغزو والتحالف معه بالامس) اليوم انه العراق المقسم والمجزء ..العراق الفيدرالي هو العراق الضعيف.

- أما ان العراق موحد فهو اليوم بعيد كل البعد عن الوحدة ..الاكراد في الشمال تسيرهم القومية وهم يشيعون مفهوم الولاء لكردستان فقط..والعرب في الوسط والجنوب قسموا الى عرب سنة وشيعة ..والشيعة نقسمهم الى الشيعة العرب والشيعة الاجانب ..الجنوب العراقي تحكمه ايران كمقاول ثانوي والقادة الشيعة فيه يتقاتلون بينهم لأي سبب ..والدولة المركزية مسلوبة الارادة في الشمال ..والصحوات تسيطر على عدد من شوارع الوسط والغرب والقاعدة تصول وتجول.

- حكام العراق اليوم يتفيؤون بضلال الدستور الذي يدعون ان اكثر من ثلثي الشعب صوت عليه بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وهم اليوم أبعد من أي دهر مر على العراق في موضوع النزاهة..والحرية والشفافية ..والكل يعرف ان مايميز الحكام اليوم ومؤسساتهم هي التزوير والسرقة والفساد والديكتاتورية والتسلطية والظلامية.

- فقد العراقيون اليوم معنى السعادة ونسوا مفردات النعيم العراقي والرفاهية والقانون والحقوق والامن والامان والحق بالحياة.انها الدولة الغارقة بالظلام الروحي قبل ظلام الكهرباء .

- ألوان العراق اليوم هي الموت والتعذيب والسجن والفوضى والتهجير والفاقة والعوز والمطاردة ومصادرة الحرية والممتلكات والخوف وسريان قوانين الغاب والاكراه والاقصاء والرشوة والنهب والسلب وتحليل المحرمات.

- الأمن والأمان في عراق اليوم معدومان.. في البيت والمدرسة والجامعة والمصنع والزقاق والحي والمدينة والقرية ..الموت والعوق والاختطاف لايفرق بين امراة ورجل ..بين طفل وشيخ طاعن في السن..واصبح القتل هواية وحرفة وما من احد مستثنى منه.

- كانوا يقولون ان المواطنين في السابق يعيشون تحت رحمة المسائلة والمراقبة والاعتقال..واليوم في العراق الجديد استبدل الحكام هذه المفردات باصدار القرار الفوري بالموت اما مسميات المراقبة والمتابعة فهي لاولائك المشاركين في العملية السياسية والذين يختلفون معهم على توقيت الحدث او نسبة القسمة.

- صفة حكام العراق اليوم هي العنصرية الطائفية الدينية والسياسية.

- في السابق كانوا يتسائلون عن عوائد النفط ..أين هي الآن هذه العوائد ومن يتقاسمها وما هو دور المالكي والجعفري وعلاوي والحكيم وبريمر في آلية تقسيم الغنائم البعيدة عن يد لجان النزاهة التي لاتتكلم الا عندما يطالها الاتهام؟

- وماذا عن تخصيصات المشاريع ومخصصات الحمايات ومبالغ وزارة المالية والامن الوطني التي تحولت الى جيوب صولاغ والربيعي والعبادي والجميع يعرف بقصة القصور والمطاعم والفنادق التي اشتروها في لندن؟

- كانت الدولة في السابق يسمونها دولة المخابرات والامن الخاص ..نعم كانت دولة المخابرات العراقية والامن الخاص العراقي .. واليوم العراق الجديد هو عراق مخابرات العالم وجيوشها وأمنها الوطني..وتجارتها وحروبها ومافياتها..وهم يتفاخرون بعدد المخابرات التي يعملون معها ..ويزيدهم فخرا ان السفير الايراني في العراق عضو في اللجنة الرئاسية الامنية!

- الاعتقالات التي كانت تطول الخونة تطال اليوم شرفاء العراق وحماته وحرائره.

- الملاحقات التي كانت تتابع الجواسيس تبحث اليوم عن كل صوت شريف محب للعراق..في الداخل والخارج.

- الجواز العراقي المهان اليوم في كل مكان ومطار ونقطة حدودية كان مفخرة واعتزاز للعراقي الذي كان في السلطة او في المعارضة..لقد كان السفير العراقي ومسؤولي السفارة في السابق يبحثون عن المعارضة ليزيلوا ويصححوا مواقفهم الغير قانونية ويمنحون الجوازات وتحول الدراسات على النفقة الخاصة للدراسة على نفقة الدولة على الرغم من ان نفس هؤلاء الاشخاص كانوا يتظاهرون ضد البعث والسلطة ..كان المشاع ان الاختلاف والمعارضة شيء وحق المواطنة شيء آخر عدا الخونة والجواسيس.

- انهم يقولون ان الحال في العراق كان مأساوي..جاءت هذه السلطات اليوم مع الاحتلال مع مآسي وآلام جديدة وحرمان وجوع وتشريد وتصدعات عميقة في هيكل العراق والتي اصابت كل العراقيين الشرفاء.

- استبدلوا الديكتاتورية التي يدعون انها وليدة الانقلاب بالديكتاتوريات المتعددة التي هي وليدة الانتخابات التي يدعون انها حرة ونزيهة.

- استبدلوا انتخابات المجلس الوطني السابق بانتخابات مجلس نوابهم الحالي ..ونسبة من لايحمل الجنسية العراقية أو جنسية اخرى اكثر من الثلثين ولايزيد عن خمسة بالمائة منهم من يحتفظون بعوائلهم في العراق واثنان بالمئة من هذه النسبة فقط يسكنون خارج المنطقة الخضراء.

- كان عضو المجلس الوطني في السابق ممنوع من العمل والتجارة والمقاولات والاستثمار ..اما مجلسنا النيابي اليوم فهم أول من يستفيد من كل شيء بدأا من النفط والكهرباء وانتهاءا بفضائح الاحالات للعقود والمقاولات ..وصولاتهم وجولاتهم ولقاءاتهم مع السماسرة في فنادق العالم معروفة للعيان.. اجازاتهم محدودة عندما يريد الامريكان شيء منهم وعند كل تنازل تراهم يعودون الى اصول النشأة والولاء في بريطانيا وامريكا والسويد وايران.

- خلقوا تيارات طائفية مقيتة تمثل الشيعة واخرى تمثل السنة ..ووزعوا المناصب والدرجات بينهم بدون أي اعتبار لخبرة وكفاءة فغدت وزارة الخارجية كردية اللغة ودبلوماسييها الذين كانوا في السابق مثار اعجاب وفخر لافقه شيء من عملها وفي اغلب البلدان الديبلوماسيين العراقيين لا يتكلمون العربية ولا الانكليزية .. أما الدفاع المالية والصحة والنقل والمواصلات والنفط والداخلية والاجهزة الامنية فهي مسؤولة عن كل شيء عدا الامن والخدمات ..فهي مغلقة لفيلق بدر وحزب الدعوة وعصابات القتل والاجرام ..التعليم اليوم في اسواء حالاته ..لازراعة ولاصناعة ولاتخطيط ..وهكذا لبقية المؤسسات والدوائر.

- استبدلوا التوجس من تقارير الرفاق في الحزب الواحد بالخوف من تقارير وسلاح مليشيات الاحزاب المتعددة ومغاوير وجيش السلطة متعددة الولاءات والانتماءات ..ويتندر البعض من الحاقدين أو الناكرين للجميل بان فلان قتل وفلان اعدم أو سجن أو نفي من جراء تقرير الرفيق الفلاني والجميع يعرف ان مؤسسات الحزب التنظيمية كانت أجهزة رقابية وغير تنفيذية.. وكنا نعاني الكثير من عدم اعتبار ملاحظاتنا عن تحركات بعض المشبوهين وكانت اجابات القيادة دائما ان المواطن لا يجرم الابالادلة الثبوتية ..وهاهم نفس المشبوهين بالامس يتندرون اليوم انهم كانوا وراء التفجير الفلاني وانهم تعاونوا مع الشيطان من اجل اسقاط نظام البعث.

- نادوا بدولة المحرومين على مر القرون.. فزادوا المحرومين حرمانا وموتا ونكبات..وبهذا النمط من العزف على هذه الاوتار أصدروا الفتاوى والقوانين بالتكفير والحرمان..وحللوا ماحرم الله ..وشقوا صف العراقيين وهدموا كيانهم الاجتماعي الذي كانوا يفخرون به على مر العصور.

هذه هي الجنة الامريكية الموعودة للمظلومين في العراق (جنة النعيم العراقية الجديدة ) والتي تظللها أشجار( الديمقراطية التي حرم منها الشعب والتعددية التي حلم بها والفدرالية التي ستنهي معاناته ) ..كان للعراق نهران هما دجلة والفرات أما اليوم ففي جنة العراق الجديد انهار عظيمة لم يألفه العراقيون كأنهار: (الشفافية ) و(النزاهة) و(الدستور) و(العفو) و( التسامح ) و( الايثار ) و ( التضحية ) وغيرها.. حيث فيه (جميع ) العراقيين (بدون استثناء أو تمييز بغض النظر عن مذاهبهم وقومياتهم وانتماءاتهم ورؤاهم السياسية ومعتقداتهم!) يعيشون بسعادة ورفاهية ..(آمنين مع عوائلهم في بيوتهم ومدارسهم وكلياتهم وأعمالهم )..(بعيدين عن المسائلة والمراقبة ! )..( يسيرهم ويحكم بينهم القانون !)..( تصلهم حصصهم من عوائد النفط الى بيوتهم مقسمة بالتساوي لا فرق بين طائفة وأخرى أو بين دين وآخر أو قومية وأخرى! )..( تستقبلهم دول العالم بكل تقدير واحترام لمجرد انهم عراقيون أو يحملون جواز سفر عراقي! )..بعد أن عانوا ما عانو في ( زمن النظام السابق ) من ويلات ومآسي وجوع وحرمان !!


ايه .. ايها العراق..
انينك ..لن يطول أذاه..
وليلك الحالك .. يذكرنا بشعر ليلى الصغيرة..
والذئب ..الذي جاء من خلف الحدود..
وانت يابغداد..
نامي ..ولاتبالي ..
فديتك ..انت باقية..
رغم الرحيل ..
فوالله ..لن نغمض الجفون ..
الا بفجر..فيه ننتصر..


وللحديث ..بقية ...
Mail: mah.azam@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  19 شــــوال 1428 هـ  الموافق  30 / تشــريــن الاول / 2007 م