بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

اتفاق المبادئ سقوط للمالكي ام سقوط للاسلام السياسي

 

شبكة المنصور

د . موسى الحسيني

 

لاشك ان الحديث عن ما سمي ب"أعلان المبادئ "لايمكن ان يكتمل دون الحديث عن المالكي ، نفسه .

والمالكي كدور لم يصل الى منصبه الذي هو فيه ، بقدرات مميزة او خاصة اهلته لمثل هذا المنصب .

هو يختلف كليا عن بقية رؤساء الوزراء الشيعة الذين وصلوا لهذا المنصب في ظل الاحتلال البريطاني بقدراتهم الخاصة ، كصالح جبر ، فاضل الجمالي ، محمد الصدر ، او عبد الوهاب مرجان .

فكل من هؤلاء ادرك اصول اللعبة واتقن قواعدها ، فاجاد اللعبة . ولم يصل اي منهم لانه شيعي ، بل كلاعب بخصائص معينة .

حتى السيد محمد الصدر ، رغم ان رجل العراق القوي – نوري السعيد – ، والسفارة البريطانية حاولا الاستفادة من عمته للقضاء على التيار القومي العربي قي العراق بعد ما عرف بثورة رشيد عالي الكيلاني ، الا ان تشيعه لم يكن الاعامل مساعد ، وليس هو الاصل في اختياره .

يختلف المالكي عنهم جميعا ، في ان وصوله لمركزه تم على اساس انه ممثل للشيعة والتشيع .

والسؤال الذي يطرح نفسه الى اي مدى كان المالكي مخلصا للتشيع ، وفيا في التزاماته للشيعة ، حريصاَ على مصالحهم ، اذا سلمنا فرضا ، ان للشيعة مصالح متباينة عن مصالح بقية ابناء بلدهم من العراقيين من طوائف اسلامية اخرى ، او من اديان اخرى .

نفس الامر يمكن ان يقال عن حزب الدعوة ، وهو حزب طائفي . لم يطرح نفسه - على الاقل في مرحلة ما بعد الاحتلال – كحزب وطني لكل العراقيين ، بل كممثل لشيعة العراق او بعض من الشيعة .

يفترض ان هذا الموقف الطائفي للحزب ، لايجرده من اسلامه بل بالعكس يضعه في موقف المتطرف اسلاميا. 

فغالبية المتطيفين يرددون ان التشيع هو جوهر الاسلام والامتداد السليم له باعتبار انه يعتمد في اساسياته الفقهية على تفسيرات الائمة من ال البيت للدين .

يعني انك ستكون بالضرورة مسلما اذا كنت شيعيا حقيقيا.

فالهروب للطائفية لايجرد الشيعي من اسلامه ، بل يضعه في موقف المتزمت في الدين كما تناقل تعاليمه الائمة عن جدهم رسول الله .

مالذي بقي من اسلام حزب الدعوة ونوري المالكي بعد تحولهم لغطاء محلي او اداة بيد المحتل المندفع لتحقيق اهداف اليمين المسيحي المتصهين.

دور الخادم ( او الناطوربلغة المصطلحات المستخدمة في ادبيات حزب الدعوة نفسه ) لمصالح الامبريالية العالمية على حساب الاسلام والمسلمين ،هذا الدور الذي تكلل بما يسمى بمعاهدة المبادئ ، اية مبادئ .

وقد سمعت ان هناك من يعتبرها نصرا او انتصارا للتشيع او الشيعة .

اي تشيع واي شيعة يقصدون ..!؟ علم ذلك عند الله .

لنبدأ بحزب الدعوة ، طرح مؤسسي الحزب، فكرته او بذوره الاولى عام 1961- 1962 كحزب اسلامي ، يهدف للوصول للسلطة او التاثير بالقرار السياسي لمواجهة المد الشيوعي الالحادي الذي هدد الدين ورجال الدين فتنادوا لانقاذ الموقف من خلال المساهمة او الاشتراك في اللعبة السياسية ، وظل الحزب حتى اواسط التسعينات يروج لفكرة انه حزب اسلامي غير طائفي ، وان هناك اثنين من اعضاء قيادته السرية هم من ابناء الطائفة السنية يتحرج الحزب في الاعلان عنهم ، خوفا عليهم ، لوجودهم في الداخل .فحزب الدعوة في ادبياته يعتبرنفسه طرف من الحركة الاسلامية وليس التنظيم الوحيد فيها ، ولو انه يعطي هذا الجزء دورا قياديا مميزا ، لكن ليس على المكونات الاخرى ، السنية منها خاصة ، كحزب التحرير والاخوان المسلمين والحزب الاسلامي الذي شكلته حركة الاخوان المسلمين ليضم الشيعة والسنة في بداية ستينات القرن الماضي ، هم جميعا الى جانب حزب الدعوة يشكلون مراحل متواصلة من الحركة الاسلامية ، تميز حزب الدعوة من بين هذه الاطراف المتعاقبة لمسيرة واحدة ، بانه استوعب الاخطاء التي عانت منها او تعرضت لها مكونات هذه الحركة الواحدة لينطلق كدور مميز ، او تجربة رائدة تمثل حصيلة هذه المسيرة الطويلة . حتى من تعرض للقتل من الاخوان المسلمين وضعت اسمهائهم الى جانب اسماء من قتلوا من اعضاء حزب الدعوة ، دون تميز عند تعداد اسماء شهداء الحركة الاسلامية ( سنوات الجمر ص : 186 )
فالتحرك اسلامي ، لاوجود للانقسامات الطائفية فيه .وهو بمجموع اطرافه او صفحاته كان موضوعا للمخاوف الاستعمارية والاحقاد الغربية . لم يخفي الحزب تصوراته هذه عن دوره او دور الاحزاب المتاسلمة الاخرى . ونكتشف في كتاب " سنوات الجمر" ، ان ضرب حزب الدعوة جاء استجابة مباشرة لمطلب بريطاني (179 ) وان مقتل السيد محمد باقر الصدر كان تحقيقا لرغبة ، بل وبمساهمة من" الاستعمار العالمي " (ص : 191 ).

ومن يقرأ ادبيات الحزب ما قبل الاحتلال سيكشتف ان للحزب موقفا متطرفا صد التدخلات والنفوذ الاجنبي في العراق خاصة ، والمنطقة العربية عامة .

وهو موقف منسجم كليا مع اساسيات التشيع .

وصل هذا الموقف الى حد اللاعقلانية او التعصب الاعمى في اتهام جميع الاحزاب والقوى السياسية في العراق على انها كانت مجرد مجموعات من النواطير للمصالح الغربية في العراق ، خاصة القوى القومية وجميع الانظمة التي تتالت على حكم العراق بعد 14 تموز 1958 .حيث ادرك الغرب الاستعماري او لاحظ نمو الحركة الاسلامية في العراق فراح يتامر عليها بأيصال مجموعات عميلة للحكم لاحباط نمو هذه الحركة ، كما يتحدث كتاب "نواطير الغرب "، وكتاب " سنوات الجمر " بوضوح عن هذه الفكرة او الصورة . واذا اعتبرنا ان هذين الكتابين غير ملزمين للحزب ، خاصة وانهما كتبا بأسماء وهمية .نذكر هنا بعض النصوص من كراس "بيان التفاهم "، الذي نشره الحزب بحدود عام 1982 .

"ويلعب ساسة الدول الكبرى ببلادنا ويقسموها ، ويستولون على خيراتنا، ويسلطون علينا من لايرحمنا من اليهود والعملاء ، وان عذاب الانسان في فلسطين والساواك ومخابرات الحكام في البلاد العربية اوضح شاهد على ما يقوم به المستعمرون في بلادنا على ايدي حلفائهم اليهود واتباعهم الحكام .

واصبح الكثير من ابناء امتنا ينساق ورا العملاء الفكريين والسياسيين ويقلد حياة المستعمرين تقليد القردة دون تفكير ." ص :3

" ان الصراع السياسي والفكري مع عملاء الاستعمار احد مهمات العاملين في سبيل الله بل هو من افضل العبادات : (ومن احسن فولا ممن دعا الى الله وعمل صالحاوقال انني من المسلمين )" ص : 11

"ان تفريق المسلمين وضرب الحركة الاسلامية ببعض علماء الدين باستعمال سلاح التفرقة المذهبية انما هو ضلال مبين ، ولايقوم بذلك الا عميل نذل ." ص :27

نكتفي بهذه النصوص الثلاث من كراس امتلأت صفحاته ال 58 بنصوص مشابهة ، ونوجه انتباه القارئ لبعض الكلمات القاسية التي وردت في هذه النصوص مثل "القردة " ، و "عميل نذل ".

مالذي تغير الان . هل تغيرت طبيعة ساسة الدول الكبرى ، او طبيعة الصراع مع عملاء الاستعمار ..!؟

بالعكس لقد كشفت هذه الطبيعة عن وجهها الاشرس والاعنف منذ تفكك الاتحاد السوفيتي ، وبروز اميركا كقوة عظمى منفردة ، تتلاعب بمصير العالم ، ثم وصول جماعات اليمين المسيحي المتطرف للبيت الابيض.

ولم يكن حجم وطبيعة الحرب التدميرية على العراق الا نموذج لهذا العنف والشراسة . لم يخفي الرئيس بوش اسباب استهدافه العالم العربي والاسلامي بهذا العنف المفرط ، عندما اعلن بعد احداث ايلول في انها حرب صليبية جديدة .

متى كان المالكي مسلما فعليا من شيعة ال البيت ومتى كان قردا (حسب مصطلحات البيان )، يوم كتابة البيان ، ام الآن .

أو يجوز ان يستخدم الحزب مفردات مثل القرد ، والنذل على غير اعضائه ، ويسكت عنهم وهم يمارسون أخس انواع جريمة الخيانة .

ان هذا الموقف لايمكن ان يوصف الا بالنفاق .

والله تعالى عرف المنافقين بانهم اخوة الشياطين .

واخو الشيطان هل يمكن ان يكون الا شيطان .

لنترك الحكم لاعضاء الحزب ، ولجماهير شعبنا من شيعة ال البيت .

يروج البعض الى ان اعلان اللامبادئ جاء انتصار للشيعة او التشيع .

ويحتار الانسان بمضامين هذا الانتصار، وعلى من انتصروا ..!؟

يفهم الانتصار او يربط بمقولة " مظلومية الشيعة " وهو المفهوم او الشعار الجديد الذي طرحه المجلس الاعلى بعد تخليه عن شعار تطبيق الشريعة الاسلامية واقامة الحكم الاسلامي على شاكلة ايران ، في اواسط التسعينات من القرن المنصرم : ان هذا التوجه الجديد يلغي المبررات التي تاسس عليها المجلس ، ويحوله الى مجرد تكتل يشبه العصابة التي تهدف لكسب المنافع لرئيسها واعضائها ، بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ، فكانت بدعة مظلومية الشيعة .

ومن يدقق في مسار وتوجهات الحكم في العراق، يكتشف ان هذه المظلومية التي تتمحور في جوهرها حول مقولة حرمان الشيعةفي عملية توزيع الوظائف ، والمراكز الحكومية الحساسة في الدولة العراقية . ولو اخذنا فرضا بصحة هذه المقولة ودققنا بها ، سيكتشف الانسان ان مجتهدي الشيعة الذين كانوا في الغالب من غير العراقيين ، هم من اراد عزل الشيعة العرب عن دولتهم ، خوفا من ان يعزلوا هم ويفقدوا امتيازاتهم ، حرموا الدخول في مدارس الدولة ، والعمل في مؤسساتها ، وعندما بدء الوعي يدب بين شباب الشيعة ، ويتمردوا على هذا التحريم غير المنطقي ، تمكن من ادرك منهم ادوات اللعبة السائدة ، في العهود المختلفة من ان يصل الى اعلى المراكز الحكومية ، كصالج حبر ، فاضل الجمالي ، محمد الصدر ، عبد الوهاب مرجان ، وناجي طالب وغيرهم .

حتى حزب البعث لم يكن حزبا طائفياَ ليمنع الشيعة من الصعود لمراتب قيادية ، كما يؤكد كتاب " سنوات الجمر " (ص :177 ، 180 )

وتكشف الوثائق البريطانية التي نشرها واحد من رموز المجلس الاعلى نفسه ، تحت عنوان" شيعة العراق بين الطائفية والشبهات " الى ان الحديث عن هذه المظلومية تصاعد في زمن الاخوين عارف ، بتنسيق بين شاه ايران ، كلب الحراسة للمصالح الغربية في المنطقة ، ومرجعية محسن الحكيم لمواجهة المد القومي العربي ، ولاحباط مشروع الوحدة العراقية المصرية التي كانت تخيف الشاه ، واسرائيل .مع ان في زمن الاخوين عارف كان رئيس مجلس الخدمة المؤسسة المسؤلة عن التوظيف في بقية مؤسسات الدولة ، شيعيا .

كما تم في عهد الاخوين عارف ، ولاول مرة تجاوز قاعدة وزيرين شيعين في كل وزارة ، ليصل عدد الوزاراء الشيعة في عهد طاهر يحيى الى تسعة وزراء ، وبنسبة تتجاوز 47% من مجموع الوزارة.

ورغم دعوة السيد محمد الصدر ابان توليه رئاسة الوزارة شيوخ العشائر الشيعية لارسال ابنائهم للكلية العسكرية ، لم يستجب له الا اربعة من الشيوخ ، ولم يستمر بالخدمة الا اثنين من المتطوعين وصلا لأعلى الرتب التي يسمح بها الجيش في حينها – السيد حميد الحصونة ومحمد حسين الحبيب -، وهرب الاخران بحجة انهم ابناء مشايخ يستنكفوا ان ياخذوا التحية ويقولوا سيدي لمن هو اعلى رتبة منهم ، من ابناء العامة . وفي الفترة من 1966 – 1968 ، التي روج اتباع شاه ايران بانها تمثل قمة المظلومية ، دخل خريجي ثانوية الناصرية الراغبين في الكلية العسكرية دون ان يكون هناك مانع من اسمائهم او هويتهم المذهبية ، منهم على ما اتذكر علي عبد الحسين ، وعبد الحسن شكاحي ، ورياض حميد محيدي ، وموسى عبد الزهرة الحسيني، وعناد جهاد ، وفوزي علوان مشعل، ورياض علي زمام .

ووزعوا على الصنوف والوحدات بالتساوي مع اخوانهم من ابناء الرمادي او الموصل وغيرها من المدن .

وعندما سألت الملازم( اللواء فيما بعد ) رياض حميد حميدي لماذا اختار صنف النقل ، قال : عيني موسى بعدنا شباب زغار بعد وقت على الموت ، انا موظف مدني بامتيازات ضابط ، عندي 30 سيارة و30 سائف ومتونس " ، واختار عبد الحسن شكاحي الصنف الاداري دون ان يجبره احدا على ذلك .

فالمظلومية كانت لعبة شاهنشاهية ، تبناها المرجع محسن الحكيم ارضاء للشاه .

ظهرت ثانية بقوة بعد اعلان مشروع شارون – ايتان عام 1982 الداعي لتقسيم العراق الى ثلاث دول على اساس طائفي وعرقي لضمان امن اسرائيل .

وجندت الموساد مجموعة من الكتاب العراقيين ، غالبيتهم من يهود العراق ، للترويج للفكرة .وعلى خطى ابيه تبناها باقر الحكيم ، فيما بعد .

عاش شيعة العراق متأخين مع اخوانهم من السنة وابناء الاديان الاخرى من مسيحيين وصابئة .

وفي الناصرية كان الصابئة يدعمون المواكب الحسينية ، ويبعثون الخرفان واكياس الرز دون ان يجبرهم احدا على ذلك .

ولم يحصل بتاريخ العراق ان قتل شيعيا او سنيا او يهوديا بسبب مذهبه او دينه .

وحتى في زمن صدام عاش الشيعي حياة طبيعية كغيره ، شرط ان لايتدخل بالسياسة .

واول رجل دين ممن تعرضوا للقتل في زمن النظام السابق ، كان سنيا وليس شيعيا هو الشيخ عبد العزيز البدري .

واول مرة تمنع فيها شعائر العزاء الحسيني ، كانت في زمن عبد الكريم قاسم وليس في زمن صدام حسين .

شكلت بغداد خاصة بوتقة للتعايش والتفاعل بين ابناء المذاهب المختلفة من خلال التزاوج والاشتراك بالعمل .

اين هو الانتصار ، ومن هو المنتصر، ودبابات الاحتلال الاميركي هشمت حتى عظام امواتنا في مقبرة السلام بالنجف ، وهدمت السياج الخارجي لحضرة الامام علي ، وتعرضت القبة والمنائر لصليات الرصاص ، وتناثرت جثث الشيعة من ابناء النجف في الشوارع .

ثم كشف لنا بريمر بانه كان يخضع للتحريض من دعاة المظلومية بضرورة الاستمرار بهذا القتل والتخلص من السيد مقتدى الصدر . ثم من الذي يتعرض الآن للقتل في الديوانية والسماوة على ايدي مرتزقة ما يعرف بقوات بدر ، اليس هم ابناء الطائفة الشيعة .

يعرف المالكي كما يعرف جميع قيادات الشيعة ، لو كتب غدا لعزيز الحكيم ان ينفرد بحرية اتخاذ القرار، فان المالكي نفسه وجميع اعضاء حزب الدعوة ، وجميع مناصري التيار الصدري سيكونوا اول ضحاياه ، وسيبدو الحجاج رحيما بالشيعة ، مقارنة بعزيز الحكيم .


تقول اخر احصائية عن عدد الضحايا في العراق ، انه بلغ مليون قتيل ، مليونا معوق ، واربعة ملايين مشرد .واذا سلمنا بالاحصائيات التقريبية التي تقول ان الشيعة يشكلون الاغلبية في العراق .

الا يعني هذا ان اغلبية هؤلاء الضحايا ، هم من الشيعة .

سيقول القائل ان المتسبب بهذا هو تنظيم القاعدة .

ولانريد ان نطيل على القارئ ونكرر ما قلناه سابقا في كتاب " المقاومة العراقية والارهاب الاميركي المضاد " ومقالات اخرى منشورة .

من ان القاعدة ليست الا لعبة اميركية استخدمها الاحتلال لاحباط ومحاصرة المقاومة العراقية .

والا اين كانت القاعدة في زمن النظام السابق ومن ادخل ادواتها الى العراق ، وقد انهكت السي . اي . ايه نفسها بحثا عن خيط ولو رفيع جدا عن علاقة النظام مع القاعدة ، فلم تجد ( مذكرات جورج تنت ، في قلب العاصفة ص : 319 ) .

يفهم من المظلومية ، وكانها فقط مظلومية ال الحكيم ، الذين ابتدعوا بدعة جديدة في تراث المرجعية والتشيع ، بتوارث امتيازات المرجعية ، اما الشيعة ليسوا الاخرافا عليهم ان يستعدوا للذبح ، قرباناَ، من اجل تحقيق هذه الامتيازات ، وارضاء للتوجهات المرضية لابناء الله من ال الحكيم ، والا فهم متهمين بالردة ، والتخلي عن حب الامام الحسين وال البيت .

يتميز الشيعة عن غيرهم من المسلمين في انهم لاياخذون بالنص الماخوذ عن النبي (ص )، الا الوارد من خلال الائمة الاطهار من ال البيت ، باعتبار ان الاخرين بشر غير معصومين من الزلل والخطأ ، في حين عصم الله الائمة من الخطأ .

فالامامة هي المبدأ الاساس الذي يميزهم عن بقية المسلمين .

فتأتي احاديث الائمة وسيرتهم كجزء متمم او مكمل ، او تفسيرا للسنة النبوية .

فهل في تحالف القوى المتاسلمة الشيعية مع الاحتلال ما ينسجم ويتساوق مع سيرة واحاديث ائمة ال البيت الاطهار .

ذلك ما سنناقشه في الجزء التالي من هذه المقالة .

-2 –

ان مراجعة سيرة ال البيت ، وخطبهم وادعيتهم تؤشر الى ردة ال الحكيم وحزب الدعوة عن التشيع ، والاسلام ، ماداموا يقولون ان التشيع هو روح الاسلام .يفترض ان سيرة الائمة الاطهار وخطبهم وادعيتهم تكمل بعضها البعض لتشكل الاطار الفقهي العام للمذهب الجعفري او التشيع ، او الفهم الشيعي للاسلام .وتجاوز هذه السيرة يمثل من وجهة النظر الشيعية خللا في فهم الاسلام .

ان موقف الائمة التسعة الذين تتالوا على موقع الامامة بعد ثورة الحسين ، تتميز بالرفض او المعارضة السلمية للحكم في العهدين الاموي والعباسي .

والمعارضة السلمية لاتعكس موقف خوف او تخاذل من الائمة الاطهار ، بل هو نهج الغاية منه الحفاظ على وحدة المسلمين ، والا فان الشجاعة تمثل شرطاَ اساسياَ من شروط الامامة ، والمرجعية ايضاَ ، ولا ينقص الائمة القدرة على التأمر مع دول الاعداء في الخارج وهي تحيط بالدولتين على امتداد تاريخهما .

وبقدر ما نجد من احاديثهم ما ينهى عن التعامل او العمل في نظام حكم ظالم او لايلتزم بأساسيات الدين، نجد انهم يمثلون بمواقفهم حالة من الحرص الشديد على دولة الاسلام ، أي انهم كانوا يفرزون بين مفهوم الدولة ونظام الحكم ، ويدعون للدفاع عن الدولة باعتبارها ملكا لجميع المسلمين ، حتى وان كانت محكومة بنظام جائر او من قبل حاكم جائر .

تتجسد هذه المفاهيم واضحة من خلال نصين للامام زين العابدين .

الاول : يستنكر فيه العمل او التوظف في خدمة نظام حكم جائر،ويؤنب عمل احد اتباعه في خدمة الدولة الاموية ، يقول النص :

" أوليس بدعائهم اياك حين دعوك جعلوك قطبا اداروا بك رحى مظالمهم ، وجسرا يعبرون عليك الى بلاياهم ، وسلما الى ظلالتهم ، داعيا الى غيهم ، سالكا سبيلهم . يدخلون بك الشك على العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهال اليهم . فلم يبلغ اخص وزرائهم ولااقوى اعوانهم الا دون ما بلغت من اصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة اليهم ، فما اقل ما اعطوك في قدر ما اخذوا منك ، وما ايسر ماعمروا لك في جنب ما خربوا عليك . فانظر لنفسك فانه لاينظر لها غيرك ، وحاسبها حساب رجل مسؤول ..."( عقائد الامامية للشيخ محمد رضا المظفر ، ص : 112-113 )

ولااعتقد ان المالكي يستطيع ان يقول بعدل وشرعية حكومة الاحتلال التي تستخدمه كواجهة لتحقيق الاهداف التي جاءت من اجلها ، وجيشت الجيوش عبر الاف الكليو مترات لتأتي لاحتلال العراق ، وتدمير كل بناه التحتيه وقتل اهله بالملايين . ونعتقد ان المالكي او غيره ممن يحملون القاب رنانة لايستطيع القول انه حاكم حقيقي مستقل ، وانه ليس الا موظفا يعمل تحت امرة السفير الاميركي وبتوجيه منه ، محكوم بالعمل وفقا للمنهج الذي تحدده له السفارة . وتصريح المالكي حول هذا الدور وبأنه لايمتلك السلطة لتحريك جندي واحد ، معروف ، تناقلته وكالات الانباء ، وسمعه الملايين .. فهو موظف واجهة بلا صلاحيات الا في القضايا البسيط والجزئية التي لاتؤثر على سياسة الدول المحتلة وتوجهاتها .

هل يمتلك المالكي او عزيز الحكيم أي مبرر شرعي او فقهي حتى يخرجا على مفهوم الامام زين العابدين عن العمل في خدمة الاحتلال .

ولانعتقد ان احدا يستطيع القول ان هناك ظلما ما وقع على الشعب العراقي اكثر مما يقع الان في ظل الاحتلال ، لم يميز هذا الظلم بين شيعي او سني ، فرصاص المحتل لم يكن طائفيا ، حصد من ارواح الشيعة اكثر مما حصد من ارواح غيرهم من العراقيين ، بل بدأ حصده هذا بابناء النجف قبل او تزامنا مع ابناء الفلوجة .

ان المالكي وامثاله يدركون المعاني والمفاهيم الاساسية في مقولة الامام علي زين العابدين .

ففي مقدمة البرنامج الذي طرحه المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في بداية تاسيسه ، والذي شارك فيه حزب الدعوة قبل ان يتحول الى حزب خاص بال الحكيم ، يحذر البيان من التعاون مع الاستكبار العالمي لانه سيستخدم من يتعاون معه من المسلمين كمخلب قط ضد اهله وشعبه .

النص الثاني : دعاء الثغور للامام زين العابدين ايضا ، وهو دعاء طويل يدعو فيه الامام للدفاع عن اراضي الدولة الاسلامية ، نشرة في فترة حكم عبد الملك بن مروان ، فهو دعوة لمناصرة الجيش الاموي ، نفس الجيش ، الذي قتل اباه واعمامه واخوته ، واسره وبقية عياله .

فهل اراد الامام ان يجامل بني امية او يبرئهم من قتل ابيه، او هل طرح دعائه هذا جاء بضغط او اكراه سلط عليه .

الكل يعرف انها مبادرة شخصية من الامام ، ولغة الدعاء لاتخلوا من التطرف والغلو في اظهار الحقد والكره لجيوش الاعداء ، والحب المطلق لجنود الدولة الاسلامية .

والدولة الاسلامية عند الامام ، تستمد هويتها من سكانها ،واكثريتهم في الغالب مسلمين من غير الشيعة ، بغض النظر عن طبيعة الحكم ، والحاكم .

يرفض الامام رفضا قاطعا السماح لقوات اجنبية ان تنتهك اراضي المسلمين ، او تقوض دولتهم ، رغم انها محكومة بنظام جائر ، قتل اباه واهله .

وعندما يطرح الشيعي الامام زين العابدين ، جانباَ من سلسلة الائمة ، هل يستقيم المذهب الجعفري الاثنى عشري ، ام يصبح شيئأَ اخر لا اثر للتشيع فيه .

التقدير هنا متروك لاعضاء حزب الدعوة ، والشيعة عموما .

ترجم مجتهدي الشيعة على اختلاف توجهاتهم وجنسياتهم هذه المبادئ التي وردت في دعاء الثغور ، وجسدوها كقواعد فقهية عند الحديث عن الجهاد . فقسموا الجهاد الى قسمين ، جهاد بدائي : ويعني قيام المسلمين بغزو ارض غير اسلامية بهدف نشر الاسلام ، واشتروطوا لتحقيق ذلك ان يتم تحت قيادة امام معصوم فقط .

وجهاد دفاعي ، للدفاع عن بلاد المسلمين ضد غزو اجنبي من قبل قوات غير مسلمة ، واعتبروه واجب على كل مسلم .

لذلك افتى مجتهدي الشيعة للجهاد ضد الغزو الايطالي لليبيا عام 1911 ، ولمقاومة الغزو البريطاني للعراق عام 1914والثورة ضد الاحتلال البريطاني للعراق عام 1920 .

هل يحق للمالكي ان يدعي انه شيعيا او ما زال فعلا ملتزما بخط ال البيت ، وهو لم يكتفي ان يكون جسرا يعبر عليه الاحتلال لترسيخ وجوده في العراق ، وسلما لارتقاء الاحتلال الى حد تحقيق اهداف الصهيونية العالمية الرامية لاخراج العراق من دائرة الصراع العربي – الصهيوني .

فهل تقبل فكرة ان يكون بوش وبريمر من حماة المذهب الشيعي ، والغيارى على ان يحصل الشيعة في العراق على حقوقهم ، يؤكد احد نصوص " بيان التفاهم "على ان : "وسيلجأ الاستعماريون واذنابهم الى لباس الاسلام ليمتص النقمة الشعبية الاسلامية ، ويبعد بعضنا عن بعض .فلا ينخدع أحد بألاعيب الاستعمار الكافر " ص :12 .


ماهو موقع المالكي الان ، وفقا لهذا النص . اليس هوفي موقع الذنب - بلغة البيان - .!؟

كيف يرتضي لنفسه ان ينخدع بألاعيب الاستعمار ، وبمحض ارادته .

انها لمفارقة غريبة ، تلك التي تجري في العراق . عمائم ومسابح ولحى تتكلم بأسم الاسلام ، وتستظل بظل دستور كتبه الصهيوني نوح فالدمان .

وتركض وراء عدو يقوده اليمين المسيحي المتصهين ، لتتفق معه على ضرورة ان يبقي قواته في العراق لحماية هذا الدستور ، وتدعي ان كل ذلك انتصار للاسلام ، بأعتبار ان التشيع يمثل جوهر الاسلام ..!؟

ماذا بقي ، او ماذا ابقت عمائمهم من الاسلام والتشيع .

اليست هذه هي المظلومية بعينها للتشيع والشيعة عندما يريدون ان يحولوا التشيع الى مرتكزا وقاعدة يبني عليها اليمين المسيحي المتصهين قواعده ، لينطلق لتحقيق اهدافه في المنطقة .

لاول مرة ارى ان الحسين مات مظلوما ، وانا ارى ان دمائه تستثمر للترويج لاعداء الاسلام ، وتغيب تلك المعاني السامية بثورته .

موقف المرجعية :

لايستطيع الانسان وهو يناقش ردة حزب الدعوة وانقلابه على التشيع والاسلام ، ان يتجاوز دور المرجعية.

وقد ذكرنا في مقالة سابقة ، كيف ان المرجعية ومبدأ الاجتهاد ما هو الا صناعة بشرية تبناها علماء الشيعة في وقت متاخر بأكثر من 500 سنة على غيبة الامام المهدي .

وان القدسية التي اراد اعوان الاحتلال من المتشيعين اضفائها على المرجع – السستاني - كانت تهدف لتضليل جماهير الشيعة والسيطرة عليهم من خلال اضفاء قدسية وهمية لاسند شرعي يدعمها على المرجع الذي قالوا انه حرم على الانسان زوجته ان لم ينتخب قائمة الائتلاف .

مع ان الحقيقة ان لا المجلس الاعلى الاسلامي ، ولا حزب الدعوة يؤمنون بمرجعية السستاني .

أي يعتبرونها مرجعية ناقصة او لاتمتلك مؤهلات الاعلمية ( لاحظ دراسة للكاتب بعنوان : المرجعية الشيعية والسياسة في العراق ) .

المجلس كان يقلد الخميني ومن بعده خامئني .

وعليه اعتمد باقر الحكيم عندما اراد تبرير تعاونه مع الاحتلال . فاعلن في اواخر عام 2002 ، انه اخذ الاجازة من ولي امر المسلمين بالتعامل مع الوضع الدولي الجديد وطبيعة التغيرات الجارية في العراق .

 ولايؤمن حزب الدعوة بدور المرجعية في تقرير سياساته ، ويضع المرجع بموضع المستشار ، للعودة له عند الضرورة للتعرف على الحكم الشرعي في القضايا الغامضة .

وحتى الساعات الاولى من احتلال بغداد ، كان الحزب يحدد مرجعيته بين اثنين هما الحائري والسيد محمد حسين فضل الله . والارجحية كانت للثاني .

وموقف السيد فضل الله من الاحتلال معلن ومعروف .

اما السستاني فتعوزه الاعلمية لكي يكون مرجعا جامعا للشرائط بالنسبة للطرفين .

والتركيز عليه كان بهدف استثمار مكانته عند شيعة العراق لتخديرهم والسيطرة عليهم وكسب تعاطفهم .

اي تكتيكا سياسيا ، انتهازيا .

تلاشى ذاك التطبيل لقدسية المرجع بعد ان انجز العملاء ما ارادوا من خلال هذه القدسية المصطنعة.

فنجدهم يوقعون مثل هذا الاتفاق الخطر على تاريخ العراق ، والتشيع ، والاسلام عموما ، دون العودة للمرجع ، او دون ان يقولوا لنا ما هو موقف المرجعية منه .

انه موقف اخر من مواقف النفاق . فالمرجع الذي ظل رموز الائتلاف يتقاطرون عليه كل يوم قبل ما يسمى بلعبة الانتخابات ، متظاهرين بالرغبة للاستماع لتعليماته.

يًركن الان على جنب ويلفه النسيان كما هو الامام زين العابدين .

وفي مقابلة مع عبد العزيز الحكيم على تلفزيون العراقية قبل حوالي الثلاثة اشهر ، كرر عشرات المرات كلمة المرجعية ، وضرورة العودة لها ويقصد بمرجعيته الجديدة الدستور الذي وضعة فيلدمان ، ولم يأتي ولا مرة واحدة على ذكر مرجعية السستاني يقول علماء الشيعة ان وظيفة المرجع هي تبصير الناس بالحكم الشرعي الصحيح في قضايا دينهم ودنياهم ، ولانعتقد ان هناك من حاجة للمرجع اكثر منها الآن ليقول رأيه الشرعي بما يجري من ظلم ، واستهتار باموال المسلمين وارضهم ووجودهم .

وليس هناك من حق اكثر من رفض هذه المظالم التي يمارسها الاحتلال على ارض العراق .

ليس الكاتب ، ولا اي من البشر العاديين من قال : الساكت عن الحق شيطان اخرس .

فهل تحولت مؤسسات الشيعة من احزاب ومرجعيات الى ادوات بايدي الشيطان الاكبر ط و " الاستكبار العالمي " تبحث عن اشباع نزعاتها الشيطانية في الدنيا على حساب الاخرة ...!؟

وهل بقي شيئ من مبادئ التشيع لم ينتهك بأعلان المبادئ ، بل هل بقي شئ من الهوية الاسلامية للاحزاب المتشيعة – المتاسلمة .

انها لقرمطية جديدة ..!؟

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء / 09 ذو الحجة 1428 هـ  الموافق 18 / كانون الأول / 2007 م