بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

البرزاني وعقدة العلم العراقي

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

البرزاني زعيم من طرازغريب وعجيب فهو من النوع الذي يسكت دهرا وينطق كفرا, وبالرغم من المزايا الخيالية الذي حصل عليها في غفلة من التأريخ والتي كانت حلما ورديا لمن عاش مثله معظم عمره في كهوف الجبال كالحيوانات فأنه ما يزال يعاني من عقد نفسية متناقضة ومنها النرجسية ومركب النقص, حيث مازالت صرخاته المدوية الخرقاء تعصف برنين مضجر في آذاننا عندما قام بتحذير تركيا من مغبة التدخل في مسألة كركوك مهددا بأنه سيتدخل في شئون تركيا الداخلية ويدعم الأكراد وتمردهم ضد الحكومة المركزية, وكان الأمر أشبه بأفلام كارتون توم وجيري التي استقاها البرزاني في تصوره لكي يلاعب تركيا, ولكن البرزاني سها عن الفرق بين الحقيقة والخيال فالفأر فأر والقط قط وشتان بين الاثنين, ولا يمكن ن تبلغ الجسارة بالفأر أن يتحدى القط مهما كان نشاطه وألاعيبه ولا يمكن بالطبع الإشارة الى القوة فلا مجال للمقارنة, وعلى سبيل المثال أن البرزاني من خلال متابعته المركزة لأفلام توم وجيري تصور أن يستعين بالكلب الأمريكي والإسرائيلي لمواجهة القط التركي فأنه لم يحسب حساب أن الكلب والقط من فصيلة واحدة وهما ليس من فصيلة القوارض.

كان الجميع من مراقبين سياسيين وغير سياسيين وناس بسطاء وجهلة قد أدركوا أن تهديدات البرزاني ليست سوى جعجعة بلا طحين, ولكن مع هذا فأن تركيا تصرفت بما يتناسب مع مكانتها الدولية وعقيدتها الإسلامية وحسن علاقات الجوار وإدراك حقيقة الوضع في العراق فتقبلت الاعتذار الأمريكي والعراقي على مضض منطلقة من رأيها بان طنين الذباب يزعج حقا لكنه لا يقتل, ومع هذا فان المطلع على حقيقة الأمور يدرك بأن البرزاني قد فتح بتهديداته تلك نار جهنم على إقليمه الواهن, وأنه سلم من حيث لا يع ولا يدرك زمام الأمور إلى تركيا لتوقيت الرد المناسب في الوقت والمكان الذي تقرره, وباعتبار أنه سياسي كما يفترض كان من المفروض أن يتجنب اللغو الفارغ و أي عمل من شأنه أن يستفز تركيا ويحفزها على ردة فعل من شأنها أن تقلب الأمور رأسا على عقب, لكن كما يبدو أن البرزاني كالغريق الذي يحاول أن يشد منقذه معه إلى الأعماق وهذا يذكرنا بطريفة بأن البرزاني كان يربي في شبابه قرداً وفي أحد الأيام أعطى القرد قطعة من الخبز ليأكلها فرمى بها القرد بعيدا وقال ممتعضا أريد موز كفى خبزا! عندها ردُ البرزاني- يا لجحودك ماذا فعلت إن الله سيعاقبنا بشدة على فعلك هذا؟ فرد القرد- وبماذا سيعاقبنا أكثر من هذا فقد جعلني قردا وجعلك برزاني!

لم يسكن لسان البرزاني طيلة الفترة الماضية في فمه الذي يعاني من إسهال شديد وبدأ بخطوات حمقاء عندما فتح أبواب إقليمه على مصراعيه لإرهابي حزب العمل الكردي الذين اتخذوا من أربيل ودهوك قواعدا لانطلاق عملياتهم الإرهابية والتي كبدت تركيا الآلاف من الضحايا, ورغم الاتهامات التي وجهت له بهذا الصدد, فأنه أتخذ من الكذب وسيلة للرد عليها ناكرا وجود هذه القوات الإرهابية في إقليمه لغاية افتضاح الأمر من قبل قناة الجزيرة حيث التقى مراسلها احمد زيدان بقائد الجناح العسكري في حزب العمل الكردي في أربيل فتجلت الحقيقة كاملة هذه المرة فبلع البرزاني كذبه مع ريقه الجاف.

ولم يقف البرزاني عند هذا الحد فقد بدا بسيل من التصريحات حول عائديه كركوك إلى كردستان وهو يعلم أن هذه الفقرة بقدر ما هي تثير الشعب العراقي فأنها تثير الحكومة التركية بحكم وجود أكثرية تركمانية في هذه المدينة المنوعة وان حساسية تركيا متضاعفة بحكم تهديداته السابقة ودعمه للتنظيم الإرهابي الكردي في تركيا فكان كمن يزيد النار حطبا.

يعلم البرزاني أن الفقرة (140) هي فقرة مفخخة في الدستور العراقي ومن الممكن أن تعصف بالعملية السياسية الكسيحة وتعيد الأوضاع إلى البداية, وأن حصل ذلك فان البرزاني سيكون مهددا أكثر من غيره وستتساقط أحلامه الصفراء كما تتساقط الأوراق في الخريف.

من جانبها سكتت الحكومة العراقية عن العمليات الإرهابية التي مارسها الحزبان الكرديان ضد العرب والتركمان في كركوك وممارسة تكريد المنطقة من خلال إبعاد أكثر من (120) ألف عربي عن كركوك وجلب ما يقارب(400) ألف كردي من كردستان ودول الجوار ومنحهم وثائق مزورة وتوزعيهم على أنحاء كركوك لغرض الاستفادة منهم عند التصويت على انضمام كركوك إلى كردستان حسب ما جاء في الدستور العليل في نهاية العام الحالي.

أمام خزعبلات البرزاني وإصراره على مواقفه وجدت تركيا إن القائد الكردي لا يحتاج إلى قرصه إذن فقط , فهو بالإضافة إلى جهله أصول اللعب مع الكبار فإنه يتصرف اكبر من حجمه المتقزم ولذلك فالقرصة غير كافية لتأنيبه ولابد من صفعه تعيده إلى رشده وصوابه وتوازنه وفعلا تم توجيهها إليه وعندما سقط أرضا لم يجد أحدا يغيثه بما فيهم أصدقائه الأمريكان أنفسهم الذين تخلوا عنه وتركوه في مصيبته ليأخذ درسا قاسيا.

والعصافير تدور حول رأسه المثقل نهض البرزاني ولم يجد من الكلمات ما يسعفه ليبرر ضعفه وانهزامه المهين مع تركيا, وانقضاض العام الحالي دون توفر إمكانية إجراء التصويت على كركوك فأستند على عكاز العلم العراقي مفاتحا الرئاسات الثلاث لتغيير العلم العراقي, الغريب أن هذه الدعوة تزامنت مع الضربات التركية المتلاحقة, والبرزاني يدرك قبل غيره بأن الوقت غير مناسب من كل الأوجه لطرح هذا الموضوع السيادي وإن إثارته فقط تدخل في مجال المنطق العبثي واللامبالاة تجاه ما يحدق بالشعب الكردي المفجع بهذه القيادة التافهة سليلة العمالة.

ويبدو إن الأمريكان سئموا سياسة البرزاني البليدة والتي أوقعتهم في مشاكل تضاف إلى مشاكلهم الحالية وهذا يفسر عزوف وزيرة الخارجية الأمريكية عن اللقاء به خلال زيارتها القصيرة قبل أسبوعين إلى محافظة كركوك, يضاف إلى ذلك قيام قوات الغزو بتوزيع الآلاف من الأعلام العراقية بمختلف القياسات على العراقيين في خطوة كيدية تجاه البرزاني وزمرة العمالة. ويبدو أن البرزاني لم يستفيد من الدروس الأمريكية السابقة وعبرها فأن لعملائها اكسباير محدد سرعان ما ينتهي ويرمون في حاويات القمامة وفي مصير الشاه والسادات أسوة سيئة. كما أن تهديد النائب محمود عثمان بالانسحاب من الحكومة الحالية بعد الفشل الثلاثي المتعلق بكركوك والنفط وميزانية الإقليم لا يقدم ولا يؤخر وسيكون مصيره أيضا في حاوية القمامة.

العلم العراقي بعرف العراقيين النجباء سيبقى شامخا كالنخل العراقي وأن اللغو بإثارة تغييره ستولد ردة عنف قوية تجاه التمسك به, وأن أفضل طريقة لإفشال هذا المخطط هو أن نجعل من عام 2008 عام الالتفاف حول راية الله اكبر فتلك الراية غير قابلة للتنكيس والابتزاز, إنها صامدة بصمود الشعب فقد تلاحمت بعناق حار مع سماء العراق أكثر من أربعين عاما فلا غني لأي منهما عن الآخر. انه هوية العراق الأصيلة وهل يمكن الاستغناء عن الهوية؟ ويمكن لكل مواطن غيور أن يساهم من موقعه في إعلاء هذا الرمز بالطريقة التي يرتئيها, وأهيب بأخواتي الماجدات أن يعلقن راية العراق المجيدة دروعاً على صدورهن بشكل قلائد وباجات.. إنها معركة المصير ومعركة السيادة والاستقلال فلنتحضر لها من الآن.

Dhuha_azawe@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الإثنين  / 22  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  31 / كانون الأول / 2007 م