بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

إلى متى سيستمر جنون إدارة بوش ؟

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

لاتنفك حكومة الاحتلال الهزيلة في العراق عن الحديث بمناسبة وبدونها عما تسميه التحسن الأمني في العراق وتعزوه إلى أسباب في مقدمتها ازدياد كفاءة أداء قواتها في تنفيذ الخطة الأمنية في بغداد أضافه إلى زيادة القوات الأمريكية في التصدي لما تسميه الإرهاب (القاعدة) والخارجين على القانون؟!...

بينما تشير الحقائق على الأرض أن الخطة الأمنية المزعومة قامت بتدمير المناطق التي يعتقد أنها القاعدة الأساسية للمقاومة بل واتبعت أسلوب الأرض المحروقة و منع كل أسباب الحياة عن سكانها تمهيدا لإجبارهم على القبول بما تمليه عليهم قوات الاحتلال وعملائها من بدائل وفرض الفصل العنصري والحصار على جميع الأحياء والأزقة .

أن هذه السياسة ألاستعماريه والبطش ضد الشعب العراقي ترافق مع الإعلان عن الاتفاقات بين الاداره الامريكيه وتابعها المالكي والتي تؤسس لترتيب الأوضاع لإبقاء الاحتلال في العراق إلى أمد غير محدد وربما إلى الزمن الذي ينضب فيه نفط العراق حيث تشير التقارير ألغربيه إلى أن العراق يحوي اكبر خزين نفطي في العالم يمكن ان يزود الأسواق ألعالميه بأكثر من عشرة ملايين برميل يوميا ولمدة 170 سنه!!!

وانطلاقا من فهم ألطبقه السياسي الامريكيه لخطورة النفط للعقود القادمة كمصدر أساسي للطاقة ولنضوب المخزون الإستراتيجي الأمريكي والحاج المتزايد له أمريكيا وعالميا ولإحكام السيطرة على أوربا واليابان بل والعالم اتفق الحزبان الأمريكيان الرئيسيان الجمهوري والديمقراطي على إتباع ذات المنهج باستخدام كل الوسائل وفي مقدمتها القوه ألعسكريه لتحقيق الأهداف ألاقتصاديه الامريكيه ألكونيه والحفاظ عليها...

ومن هنا لم يعد هناك لبس في فهم كل المحاولات التي كثيرا ما جرى الحديث عنها سابقا ومنها ما كان ولازال يقوم بها ديك تشيني نائب رئيس الولايات المتحدة الامريكيه ففي عام 2003 أصدرت لجنة الطاقة التابعة لتشيني والتي لا يعرف جميع أعضاؤها تقريراً نصّ على أنّ منتجي النفط في الشرق الأوسط "سيبقون ذوي أهمية مركزية بالنسبة للأمن النفطي العالمي". وطالب التقرير منتجي النفط أن يبقوا حقولهم النفطية مفتوحة أمام الاستثمارات الأجنبية. وذكر جرين سبان المدير السابق للمصرف الاتحادي الأمريكي 1987 – 2006 مؤخراً في كتابه الجديد المعنون "عصر الاضطرابات": "أنا حزين أن لا أستطيع من الناحية السياسية الاعتراف بما يعرفه الجميع وهو أنّ حرب العراق كانت بالدرجة الأولى من أجل النفط".

ومن هنا فأننا أصبحنا ندرك حقيقة مواقف شركات النفط الأمريكية التي رأت ان حلمها في السيطرة على نفط العراق قد تحقّق كما لم يغب عن تصوراتها أهمية ربط علاقة الأمن الاستراتيجي"الدائم المقترح في العراق مع مصالح هذه الشركات وهذه العلاقة تعني بلغة الأرقام عقوداً بمئات البلايين من الدولارات لدعم أكثر من خمسين ألف جندي أمريكي تقرر إبقائهم في العراق أضافه الى 75 ألف من المتعاقدين كقوة إسناد لهم.

ان ما تعنيه العلاقة الأمنية الإستراتيجية الدائمة في العراق لشركات النفطية الأمريكية العملاقة هو وجود قوات أمريكية يتم تمويلها من قبل الحكومة الامريكيه لحماية وجود هذه الشركات النفطية لتحميها من هجمات ألمقاومه العراقيه التي رفضت الاحتلال وكل ما ترتب عليه ومنها الاتفاق الذي فرضه بوش على مملوكه المالكي اخيرا وهذا يعني استمرار وجود القوات العسكرية الأمريكية والخدمة لفترات طويلة ومتكرّرة في العراق. وتعني أيضاً أنّ البحرية الأمريكية ستبقي أعداداً كبيرة من سفنها في منطقتي الخليج العربي والمحيط الهندي، والقوة الجوية ستستمر بالقيام بعشرات الآلاف من رحلات النقل من وإلى العراق.

وبالنسبة لدافع الضرائب الأمريكي فانّ العلاقة الإستراتيجية الدائمة تعني آلاف البلايين من الدولارات تنفق في بلد لم يكن له أية علاقة بأحداث 11 أيلول وبعد خمس سنوات من الحرب المستمرة عليه أصبح أمام العالم رمزاً للحرب ولسارقي النفط الامريكيين.

أن التكلفة المالية للحرب المستمرة في العراق بلغت ارقام فلكية كما يشير إليها جوزيف ستيغليتس(الحائز على جائزة نوبل العام الفائت في الإقتصاد) بدون حساب ويقدرها ستيغليتس بتريليونين دولار.

وهذا ما حذر منه تقرير أعدته الأغلبية الديمقراطية في اللجنة الاقتصادية المشتركة بين مجلسي النواب والشيوخ، واكدت فيه من أنه بدون إحداث تغييرات حقيقية في العراق، فإن التكلفة قد تصل إلى قرابة 3.5 تريليون دولار في حين تشير تقارير جهات عديدة ان أمريكا، لا تجد المال للتأمين الصحي لأطفالها ولم تتمكن من توفير الاعتماد لإعادة بناء مدينة نيوأورلينز او لإنشاء نظام مدارس عامة من الدرجة الأولى في حين تهدر إدارة بوش أموال هذا الجيل والأجيال القادمة في حرب عبثية وفاشلة لا تنتهي.

ان الاوضاع الامنيه تزداد سوءا والقاده العسكريون الأمريكيون ومنهم الجنرال بترايوس لازالوا يرون في تنظيم القاعدة عدوا خطيرا في العراق وليس بعيدا عن ذلك تلك التفجيرات التي تتعرض لها المدن العراقيه ومنها التي وقعت اثناء اجتماع وزير الدفاع الامريكي غيتس مع مسئولين عراقيين وادت الى مقتل عشرات الاشخاص واصابة 35 لتصبح أكثر الهجمات فتكا في العاصمة بغداد منذ ايلول الماضي وعلق بترايوس على هذه الهجمات قائلا (نرى في هذا (الهجوم) ما يدعو الى مواصلة العمل بجد كبير. نرى القاعدة على انها عدو بالغ الخطورة مازال قادرا على شن هجمات وعدو يجب ان نواصل ملاحقته وقال "لقد أظهروا بالتأكيد قدرتهم المستمرة على شن هجمات سيارات ملغومة وهجمات انتحارية بأحزمة ناسفة وهكذا).

ان الاداره الامريكيه مستمره لاتخفي مشاعر الاستياء بشأن ما تعتبره إيقاعا بطيئا للجهود السياسية من جانب حكومة المالكي لسن سلسلة قوانين تهدف الى تحقيق ما يسمى بالمصالحة ولم يفت نيغروبونتي نائب وزيرة الخارجية الأميركية الذي زار العراق في الاونه الاخيره ان يوجه انتقاده لحلفاء إدارته في الحكومة ألعميله لأنهم يتباطئون في تحقيق النتائج ألسياسيه قائلا في برنامج إخباري للإذاعة العامة "إنهم يفعلون ذلك كما أعتقد في بعض الأحيان أبطأ قليلا مما نريد. ونحن نفد صبرنا وهذا وضع صعب"وأضاف ان الزعماء العراقيين "يدركون ان التأييد الدولي ليس بلا نهاية في مدته وان الأشخاص الذين يتمنون لهم الخير والذين يريدون تقديم الدعم لهم يمكنهم ان يطلبوا منهم العمل بشأن هذه الأمور بأسرع ما يمكنهم

ولا يختلف نيغروبونتي عن جوقة الاحتلال وعملائه في ربط ما يسمونه(كذبا ) بالتحسن ألامني وتراجع العنف في العراق الى زيادة 30 ألف جندي أمريكي الى عديد القوات الأميركية والتي نشرت منذ/حزيران الماضي و الى اتفاقات بين الأميركيين وبعض شيوخ العشائر الذين انقلبوا على القاعدة ,وايا كانت تبريرات الأمريكان او ذيولهم في العراق المحتل فأن الحديث عن وجود تحسن او تقدم امني هو حديث عن حمل خارج الرحم وحديث عن أوهام ستبقى تلازم العقول الامريكيه ألمريضه طالما تصر على عدم تغيير سياستها ألقاتله في العراق والأمن المفقود يمكن ان يحل ضيفا عزيزا على كل العراقيين والمنطقة بخروج الاحتلالين الأمريكي والإيراني.

لقد أصبح احتلال العراق والخسائر التي تتعرض لها أمريكا بشريا وماديا هاجسا كبيرا يدق مضاجع غالبية الشعوب الامريكيه ومن هنا بات لزاما على العقلاء منهم ان يطالبوا بإلحاح حكومتهم لإنهاء الوجود الأمريكي في العراق كونه يتسبب بإزهاق أرواح الأمريكيين بدون التمكن بتحقيق أي من الأهداف التي أعلنها بوش بنفسه وضرورة استثمار أموال الشعوب الامريكيه لتحسين حياة الأمريكيين بدل إنفاقها في حرب لاطائله منها هذا عدا ان الخسائر ألماديه والبشرية التي تذكرها الجهات ألرسميه الامريكيه هي اقل بكثير من الأرقام الحقيقية والتي أطلقوا عليها "التكاليف الخفية" للحرب لاسيما التكاليف البعيدة الأجل لمعالجة الجرحى والمعاقين، والفوائد والتكاليف الأخرى المرتبطة بالاستدانة لتمويل الحرب، والأموال المطلوبة لإصلاح أو استبدال الآليات العسكرية، والتكاليف المضافة للتجنيد والاحتفاظ بالمجندين، والتكاليف المترتبة على غياب الإنتاجية التي كان يسهم بها هؤلاء الذين لقوا حتفهم أو أصيبوا بجروح..

في مقابل هذه الصوره الضبابيه للموقف الامريكي تزداد الصور المأساويه والمعانات اليوميه للشعب العراقي ومنها على سبيل المثال لا الحصر التقرير الذي صدر عن الأمم المتحدة قبل فتره وجيزه حذر من مخاطر تفشي الكوليرا الوبائية في بغداد، مشيرة إلى اكتشاف ما يزيد على 30.000 عراقي ظهرت عليهم أعراض الإصابة بالكوليرا الناتجة عن البكتريا التي تسبب الإسهال في بغداد واغلب شمال العراق في أغسطس الماضي، وأنها باتت تتفشى الآن لتجتاح نصف المحافظات العراقية الثمانية عشرة على الأقل، مبيناً أن هناك أكثر من 2.500 حالة في كركوك وحدها. ويحذر التقريرمن سرعة انتشار الكوليرا في الأماكن المكتظة بالسكان، مثل بغداد ومخيمات اللاجئين، حيث ينتشر فيروس الكوليرا بسرعة بالغة عبر المياه غير المعالجة والصرف الصحي، علاوة على أن المراحيض في تلك الأماكن غالباً ما تكون ملاصقة لأماكن المعيشة والنوم، مما يجعل انتشار الجراثيم شبه مؤكد.

أن المناطق العراقية التي لا تحصل سوى على أقذر الإمدادات المائية والتي تعمها مياه المجاري والصرف الصحي هي التي توفر التربة الخصبة لوباء الكوليرا والأمراض الأخرى على حد السواء. أن الكوليرا تمثل تهديداً خطيراً على مستقبل الشعب العراقي فهي رديف للاحتلالين الأمريكي الإيراني عليه ولذلك فأن على العراقيين ان يكافحوا الإمراض التي تعصف بهم مثلما يكافحوا الاحتلالين لان العراقيين الأصحاء هم وحدهم القادرون على اتخاذ القرارات الصحيحة القادرة على تمهيد الطريق لقيام مجتمع خال من الاحتلال والاوبئه الصحية.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الأحد / 07 ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  16 / كانون الأول / 2007 م