بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

في الذكرى السنوية الاولى
لاستشهاد القائد

 

 

شبكة المنصور

المحامي حسن بيان

 

ـ في تاريخ الشعوب محطات نضالية،يتوقف فيها قطار المسار الانساني وان للحظات،للتزود بوقود للتشغيل، تمكيناً للوصول الى محطات تالية.وان تاريخ الشعوب على اختلاف مكوناتهاغني بهذه المحطات التي تبقى تشكل على تعاقب المراحل التاريخية مواقع مفصلية لا يمكن لأحد ان يتجاوزها او ان يقف فوقها او ان يتجاهلها وهو يؤرخ لمرحلة معينة او لحقبة معينة من تاريخ شعب وامة.

واذا كان تاريخ العرب قديمه ووسيطه ووحديثه يزخر بالمحطات النضالية ذات الدلالات والابعاد المميزة،فإن واحدة منها سجلت في قريب الزمن،وهي ستبقى مؤرخة في روزنامة التأريخ العربي المعاصر،مستمدة مقومات ثباتها من معانيها والظروف المحيطة بها،وهي ان لزمت زمنياً بتوقيت حجية الاضحى، الا انها لا تتحرك على قاعدة الدورة الزمنية للاضحى،لأنها اكستبت ثباتها الزمني من مكوناتها التي تقاطعت فيها العناصر الذاتية مع العناصر الموضوعية،فأصبحت بذلك محطة قائمة بذاتها باكتمال مواصفاتها التي تجعل منها حدثاً هاماً في حقبة تاريخية هامة.

ـ ان هذا الحدث،الذي انشدت اليه الانظار ،وانحبست في مواكبته الانفاس،وقع في يوم محدد من التأريخ الزمني،وفي لحظة من التأريخ السياسي واهميته انه شكل بداية تأريخ لمرحلة جديدة لأنه كان يوماً فاصلاً ما بين مرحلتين:

ـ مرحلة عراق مع صدام حسين،مرحلة عراق ما بعد صدام حسين.

ـ فالعراق مع صدام حسين،كان عراق النهوض الوطني في كل مجالات الحياة،عراق التقدم والتحديث،عراق الامن الاجتماعي والاقتصادي،عراق الحصانة الوطنية من أعداء الخارج وقوى تخريب الداخل والعراق مع صدام حسين،كان عراق العرب،عراق فلسطين وعراق كل قضية وطنية تمليه عليه واجبات الانتماء القومي،ان يكون رافعة لقضايا النضال الوطني في أي ساحة تتطلبها ظروف ومعطيات النضال العربي.

ـ والعراق مع صدام حسين،كان عراق النهج الاستقلالي بعيداً عن الالتحاق بمحاور الاستقطاب الدولي وبعيداً عن تطويع سياسة العراق الوطنية في غير الاتجاهات التي تخدم مصلحة شعب العراق وامة العرب من محيطها الىخليجها.

ـ ولأن العراق مع صدام حسين كان هكذا،كثر أعداؤه،ووصل الامر بهم ان ائتلفوا في حلف غير مقدس لإسقاطه موقعاً ودوراً ورسالة.

ـ لقد ائتلفوا لإسقاط موقع العراق كحصن منيع على البوابة الشرقية للوطن العربي،وائتلفوا ضده لإسقاط دوره في عملية الاستنهاض الوطني الشامل والحضور الفاعل في قضايا النضال العربي والاخص قضية العرب المركزية قضية فلسطين بما هي قضية شعب وامة.

ـ وائتلفوا للحؤول دون تمكين العراق مع صدام حسين ،للحؤول دون تمكينه من وضع شعار الامة العربية في تحقيق وحدتها ونشر رسالتها الخالدةموضع التطبيق العملاني بعدما أصبح بما يملك من مقدرات وامكانات الموقع المهيأ ذاتياً وموضوعياً لحمل هذه الرسالة.

ـ وان تتلاقى القوى المتعددة المشارب والمواقع،التي تظهر تباينات ظاهرية في مواقفها على الانخراط في حلف سياسي وعسكري لضرب العراق واجهاض كل التحولات الايجابية التي بدأها مع ثورة 14 تموز/1958،واعاد تصويب مسارها عبر مضامين ثورية في ثورة 17 تموز 1968،فهذا يعني ان العراق كان يشكل حالة مميزة ومتميزة وهذا التميز والتمايز كان بفضل القيادة السياسية التي كان صدام حسين يتبوأ الموقع المؤثر ومن ثم المحدد لاتجاهاتها العامة بعدما أصبح الاول في قيادة الحزب والدولة.

ـ هذا العراق مع صدام حسين،شكل حالة نوعية، ان بتصديه لمشاكل وتحديات الداخل في البناءالوطني والسيطرة الوطنية على مقدرات البلاد وان بتصديه لمشاكل وتحديات الخارج بدءاً من مواجهة النزوع العداء الايراني والذي انفجر حرباً على العراق قي 4ايلول 1980،واستمر لثماني سنوات خرج العراق من هذه الحرب اكثر قدرة واقتداراً،فكان ان طورت القوى المعادية من ادواتها وقوى تحشدها بما يوازي حجم العراق الخارج من الحرب مع ايران.

ـ هذا العراق مع صدام حسين،كان شاغل العرب كما كان شاغل دول العالم من قريب دول الجوار الى بعيدهم،وانه طيلة ار بعة عقود كان صدام حسين دائم الحضور في صياغة القرارا ت الكبرى ان من موقع المبادر وان من موقع التصدي.ولهذا فإن من خطط ونفذ ضرب العراق،كان يسعى دائماً للنيل من صدام حسين الشخص نظراً لموقعه ولدوره في قيادة الحزب والدولة وللمعطيات التي تجعله نقطة الارتكاز في المركز الوطني الجاذب الذي شكل الضمانة الفعلية لوحدة العراق الوطنية على مستوى الارض والشعب والمؤسسات.

ـ من هنا فإن من كان يريد النيل من العراق ومن يريد الثأر من العراق ومن يريد اضعاف العراق ان لم يكن تدميره،كان لا يفصل العمل لتحقيق هذه الاهداف وبين النيل من صدام حسين،ولهذا فإن النيل من شخص صدام حسين،كحالة رمزية وطنية،لا يمكن فصلها عن النيل من العراق كموقع وطني،والنيل من صدام حسين كحالة قيادية،لا يمكن فصلها عن النيل من العراق كموقع تقدم ليتبوأ موقع القيادة لحركة النضال العربي،في زمن ضرب فيها الموقع العربي الاول بعدما تم احتواءه لمصحلة المشروع الاميركي،وجرت محاصرة العديد من المواقع العربية النضالية وهي خارج ادارةالسلطة.

ـ انطلاقاً من ذلك،فإن النيل من صدام حسين الشخص،جاء في سياق الحرب الشاملة على العراق اولاً،وعلى الامة العربية ثانياً،وهنا،فإنه اللحظة التي استشهد بها كان في جولة منازلة مع اعداء العراق والامة،وان استشهاده اكتسب دلالات ومعاني نضالية ،لأنه اكد على حقيقة ثابتة كانت معروفة للبعض ومشوشة عند البعض الاخر،وهو ان العراق قبل استشهاده كان عراقاً مع صدام حسين شخصاً وقيادة سياسية،وبعد استشهاده اصبح العراق عراقاً بدون صدام حسين شخصاً لكن الحاضر استلهاماً وروحية نضالية.

ـ ان العراق اليوم بدون صدام حسين الشخص،هو العراق المستمر في اداء الدور النضالي الذي استشهد لاجله قائد العراق،هو عراق المقاومة التي خطط لها واطلقها وقاد مسيرتها في سنتها الاولى،وهي اذ تستمر،فلأن مناضليهايستلهمون معاني الفداء والتضحية التي جبلت بها شخصية صدام حسين،والتي عبر عنها في وقفة العز التي اعتاد وقوفها وهو يواجه التحديات بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين،ومؤكداً في أقسى اللحظات حراجة بأن الثابت عنده هو المبادىء والاهداف الكبرى وثقته بشعبه و بأمته،ولهذا ،كان في اللحظة التي سبقت استشهاداً شديد الثقة بنفسه وبالتركة النضالية الي اورثها لجيل تربى على حب الوطن والوطنية ورفض ان يساوم على اهداف آمن بها مهما بلغت التضحيات.

ـ هذا هو صدام حسين،الذي اخاف الاعداء في حياته،كما يخيفهم بعد اسشتهاده،وهذا ان دل على شيء،فإنما يدل على ان صدام حسين،لم يكن في الدلالات السياسية شخصاً منفصلاً عن قضايا شعبه،بل كان شديد الاندماج بها،الى حد صعب التفريق بين صدام حسين الشخص وصدام حسين الموقع السياسي.

ـ وعلى هذا الاساس،فإن قضية العراق الوطنية بما هي قضية تحرير ارض وانسان وتوحيد ارض وشعب،هي القضية التي كان صدام حسين يحل فيها حلولاً صوفياً وبالتالي من الاستحالة الفصل بينهما،ولهذا فهو يستمر حلولاً صوفياً في هذه القضية،ومعه كحالة رمزية تستمر قضية العراق قضية حية الى ان تتحقق الاهداف التي استشهد لأجلها وهي رؤية العراق في حالة انبعاث جديد بعد ان يكون قد طرد المحتل واسقط كل المتعاونين معه،وعاد العراق حراً عربياً موحداً.

ـ واذا كانت تختلط في هذه الذكرى الاحاسيس الشخصية بالاحاسيس الوطنية،فهذا ليس مستغرباً عندما يتناول الكلام شخصاً كصدام حسين شكل في حياته حالة امتلاء نفسي وسياسي لشعبه،وبعد استشهاده حالة امتلاء نضالي لقوى تناضل على هدي المبادىء التي آمن بها وكرس حياته لأجلها،وهو كما كان حياته دائم الحضور في كل تفاصيل حياة شعبه سيبقى دائم الحضور في الوجدان الشعبي لشعبه ولامته،وهذه سمة من يكون بطلاً حقيقياً كصدام حسين.

ـ تحية للشهيد وعبره لشهداء الامة في العراق وفلسطين ولبنان وعلى مساحة الوطن العربي وهو كما كل القادة الكبار سيبقى خالداً ما بقيت هذه الامة صاحبة رسالة خالدة.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد  / 21  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  30 / كانون الأول / 2007 م