بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

صدام حسين في ذكرى استشهاده :
نقول فيه بطلاً...

 

 

شبكة المنصور

المحامي حسن بيان/ بيروت

 

ـ مناسبة جديدة اتخذت موقعها الثابت في روزنامة التأريخ العربي.مناسبة تحول معها الاضحى المتحرك في دورته الزمنية الى محطة ثابتة في الـتأريخ السياسي.مناسبة سيبقى يعيش ظروفها ومعطياتها كل الذين عايشوا مرحلة احتلال العراق،ومن ثم انطلاق مقاومته اوستقرارها في لحظة مسيرتها ،امام حدث كبير في دلالاته ومعانيه السياسية والنضالية والانسانية.

ـ هذه المناسبة الجديدة التي اتخذت موقعها الثابت في التأريخ العربي،هو اليوم الذي وقف فيه قائد العراق ومطلق ثورته ومقاومته،وقفة العز القومية،وكان استشهاده في حجية يوم الاضحى استحضاراً لكل معاني التضحية التي لبى نذرها نبي الله ابراهيم مستجيباً لارادة الخالق بتقديم فلذة كبده اسماعيل فداء وضحية اختباراً لقوة الايمان عنده. وها هو صدام حسين ،تختبر قوة ايمانه بربه وشعبه وامته وقناعاته الفكرية وقيمة الانسانية في لحظة قلما استطاع واحد من بني البشر ان يجسدها حضوراً جسدياً ونفسياً وقيمياً.

ـ في لحظة يخشى الانسان بطبيعته الموت كان صدام حسين اقوى من جلاديه ،لأنهم في لحظة دفعه الى المنصة ،كانوا يشعرون في قرارة انفسهم انهم يندفعون الى الهاوية.فهو كان متماسكاً وهم كانوا يرتعدون خوفاً.هو كان مؤمناً بربه وبشعبه وامته، وهم كانوا يلبسون لبوس الكفر والالحاد والدونية الانسانية ، ولم تغير من طبيعة الامور تلفظهم بألفاظ ذات دلالات دينية.هو كان شجاعاً وهم كانوا جبناء .هو كان مقبل على ملاقاة ربه كشيح الوجه لا يخاف في قول الحق لومة لائم،وهم كانوا يغطون اوجههم لأنهم كانوا اضعف من ان يواجهوا وجهاً لوجه قائداً وبطلاً نقل العراق من مرحلة التخلف والاستكانة والتلقي ،الى مرحلة التقدم والحراك والفعل المبادر في كل مجالات الحياة.

ـ هذا هو صدام حسين،فمن لم يكن يدرك كنه شخصيته،قبيل صبيحة يوم الاضحى في فجر عام ميلادي جديد،ادركها عندما وقف على منازلة المرحلة الاخيرة من حياته مع اعداء الامة وصغائر القوم الذين ارتضوا العمالة على الشهامة والوطنية،ان صدام حسين هذا ،هو من طينة خاصة من الرجال الذين انجبتهم هذه الامة،وهؤلاء الذين انجبهم العراق العظيم على تواصل مراحله التاريخية.

ـ ففي شخصية صدام حسين الانسان والقائد،المناضل في كل موقع تطلبته ظروف المواجهة مع اعداء الامة المتعددي المواقع والمشارب ترى فيها الشخصية الجاذبة التي جعلت منه شخصياً محورياًفي حزبه،وشخصية حاملة المواصفات الوطنية لجمع الشمل الوطني على مستوى شعب العراق المتعدد في التلاوين الايمانية لأبنائه والمتنوع في تركيبه الوطني.

ـ وان يكون صدام حسين واحداً من كبار قادة العراق في عصره الحديث،فهذا لم يكن مستغرباً عن بلد كان شديد الغنى في عطاءاته وابداعاته قديماً وحديثاً،وبذلك تقاطعت المعطيات الشخصية لصدام حسين مع المعطيات الموضوعية لتاريخ العراق.

ـ وعندما يكون العراق بلد اول فلسفة للتكوين عبر نصوص ملحمة غلغامش واول موطن لمحاكاة الهية لبشر مع ابي الانبياء ابراهيم واول بلد لواضع شريعة عقدية مع حمورابي ليس غريباً عليه ان ينبعث مجدداً عندما تتوفر ظروف موضوعية ملائمة.

ـ وعندما يكون العراق حاضناً لحضارات عظيمة في التاريخ القديم كالاشورية والكلدانية والبابلية،ومعها برز قادة كبار كا شور بانيبال ونبوخذ نصر فليس غريباً ان يكون محطاً لأنظار الطامعين والساعيين لتدمير تراثه التاريخي لإثبات ذاتهم من خلال نفي وتدمير تاريخ غيرهم.

ـ وعندما يكون العراق مسرحاً لأولى انتصارات العرب على الفرس في ذي قار ومنه عبرت جيوش العرب والمسلمين الى العمق الاسيوي بعد اسقاط عرش كسرى في القادسية الاولى،فليس غريباً ان ينتفض مقاوماً لمحتليه الجدد.

ـ وعندما يكون العراق موطن مراقد الائمة والاولياء والاتقياء والصالحين،و موئل كل مدارس الفقه والاجتهاد وعلم الكلام و الاصول والادب والشعر والترجمة والعلوم،فليس غريباً،ان يعود ويكون بلداً للكفاءات العلمية والعلماء في كل مجالات الحياة.

ـ وعندما يكون العراق موطناً للمنصور والرشيد والامين والمأمون والمعتصم ومن بعدهم صلاح الدين،فليس غريباً،ان يكون شعبه شعباً ولاداً لقادة تاريخيين وصدام حسين واحد منهم.

ـ ان صدام حسين الذي قاد شعبه في ظروف شديدة التعقيد داخلياً وقومياً وعالمياً،جعل العراق يعيد انتاج نفسه بصيغ اكتر تطوراً وتقدماً وحضوراً في كل مجالات الحياة .وان العراق الذي يختمر فيه مخزون نضالي افصح عن نفسه في لحظة سنحت الفرصة له للافصاح عن هذا المخزون .

ولهذا كما استطاع في تاريخه القديم او الوسيط ان يتصدى ويهزم امبرطوريات كبرى فإنه اليوم يتصدى لاعتى امبراطورية مسكونة بالفكر الصهيوني ،تستخدم كل تقنيات التقدم العلمي وكل القدرات الاعلامية الهائلة علها تستطيع ان تقهر ارادته وتفرض نفسها عليه اما ثأراً لهزائم تاريخية منيت بها،واما لفرض سيطرة على مقدراته الطبيعية وقدراته البشرية،

ـ واذا كان البعض لا يعرف اهمية العراق موقعاً ودوراً واهمية قائده صدام حسين من خلال المعطى العراقي،فعليهم ان يدركوا ان تحالفاً عدوانياً كالذي استهدف وما زال العراق ما كان ليحشد هذه القوى لولا معرفته بحقيقة العراق ومكامن القوة فيه واي دور ينتظره.

ـ وان اهمية صدام حسين في تاريخ العراق الحديث،انه خلال مسيرته في قيادة الحزب والدولة،استلهم في تجربته واستحضر في سيرته كل المحطات المضيئة في تاريخ العراق التليد مثبتاً بأن حزباً يستشهد قادته قبل عناصره هو حزب تتجدد الحياة فيه وتتجدد عطاءاته النضالية ويقدم الدليل الحسي بأن حزباً انتج قائداً كصدام حسين لهو قادر على حمل راية الامة وقيادة مسيرتها نحو تحقيق اهدافها الكبرى.

ـ ان صدام حسين، القائد والرمز كان بطلاً بكل معاني البطولة الانسانية ،فهو كان مقداماً، شجاعاً، كريماً ،عزيزاً وصبوراً وبهذا كانت شخصيته تجسد حالة امتلاء نفسي لشعبه ومنه رأى هذا الشعب صور البطل الحقيقي ، وكل شعب يبحث عن بطل،وعندما لا يكون هذا البطل موجوداً كحقيقة انسانية يسعى لخلق البطل اسطوري والاساطير غنية بالامثلة.

ـ ان العراق ما كان بحاجة ليبحث عن بطل اسطوري،لأن لديه كان بطلاً حقيقياً ، ومن يستطيع ان يقول بأن صدام حسين لم يكن بطلاً؟

واذا كان صدام حسين قد اضفت على مسيرته النضالية كل المواصفات الانسانية للرجالات التاريخيين،فإنه في لحظة استشهاده كرس هذه الحقيقة ، وكان الشاهد الحي في اللحظات الاخيرة من حياته الانسانية.

ـ في الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد قائد العظيم ،قائد العراق الذي قاد ثورته في معركة الـتأميم والقادسية الثانية وام المعارك والحواسم،واطلق مقاومته التي تنزل الضربات القاسمة بالمحتل الاميركي والمتحالفين معه موضوعياً،نبقى ننشد دائماً الى مواقفه المبدأية وتمسكه بسلاح الموقف وكان آخرها وقفة العز في صبيحة الاضحى وفجر العام الميلادي .

ـ الى القائد الشهيد في ذكرى استشهاده كل التحية فهو كان شهيد الحق والعروبة،وان عراقاً بإرثه التاريخي النضالي وان عراقاً عظيماً بمقاومته التي تقض مضاجع المحتل ليس غريباً عليه ان يكون صدام حسين يحمل شرف الانتماء لهذا الشعب وليس كثيراً على العراق ان يبذل لأجله الغالي والرخيص وان يكون صدام حسين واحداً من الشهداء البررة الذين يقدمون انفسهم فداء لهذا الشعب ولهذه الامة . وان بلداً يكون صدام حسين شهيد ثورته،هو بلد جدير بالحياة،وجدير بالانبعاث مجدداً كطائر الفنيق.

ـ وان كان شهيد العراق والامة والبعث ينام قرير العين في مرقد ارض تضم بين ثراها مراقد ائمة واولياء واوتقياء وصحابة صالحين فلأنه كان يدرك بأن هذا الشعب الذي قاده وقدم التضحيات دفاعاً عن الارض والعرض وعروبة الارض والانسان لا بد ان يكون منتصراً وهو منتصر حتماً.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الإثنين / 08 ذو الحجة 1428 هـ  الموافق 17 / كانون الأول / 2007 م