بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

خبر عاجل

 

 

شبكة المنصور

سامي الأخرس

 

في زمن قريب ,اي قبل الإنتخابات التشريعية الفلسطينية كنا دوماً في منازلنا، أو في العمل ، أو ونحن بين الاصدقاء نبحث عن دقات موسيقية تعودت على سماعها الأذن الفلسطينية والعربية وعشاق المقاومة في أصقاع المعمورة,هذه الموسيقى الخاصة بالخبر العاجل,فما ان نسمعها حتى تتسارع دقات القلوب فرحاً,وتعلو الشفاه ابتسامة عزة وكرامة,وتبدأ التهامي تتبادل,ويبدأ المديح والتحليل للعملية البطولية او الإستشهادية,او الفدائية التي حملها لنا الأثير ليضفي أجواء احتفالية على أمة,او شعب, ليخرج رجاله,,ونسائه,شيبه وأطفاله,منهم من يوزع الحلوى,ومنهم من تطلق الوغاريد والأغاني التراثية ملهمة المشاعر,ومحفزة همم الأبطال,ولاتغمض عين ولاتتلاشى رائحة الشهادة حتى يزف خبر عاجل اخر.ليروا عرس احتفالي بحياة شعب حرم الأبتسامة وبنادق لم تعرف سوى الطهارة..

انه فعلاً الخبر العاجل الزائر الجميل الذي كان يسعدنا بقدومه,الضيف السعيد الذي كان حضوره عيد يحتفى به,وتتبادل به التهاني..

انه فعلاً الخبر العاجل الذي كانت تحتضن من خلاله فلسطين عريساً بثوبه الإستشهادي البطولي ليزف الى حور العين,وتودعه الأم بالغناء,وتقبل التبريكات..

اما بعد الإنتخابات التشريعية الأخيرة,ومانتج عنها من مأساة غمرت كل بيت فلسطيني, وسرقت البسمة من أطفالنا,وأبكت نسائنا,وأدمت جراحنا,لم نعد نطرب لهذه الموسيقى الجميلة التي كنا نبحث عنها بين الإذاعات والفضائيات,نعد الساعات والدقائق لتنقل إلينا خبر سعيد..

أصبحنا نهرب من سماع كلمة خبر عاجل,لانريد ان نراها او نسمع موسيقاها,لأنها أصبحت لاتنقل لنا سوى مآسي تضاف الى مآسينا,ومصائب تتكدس على رؤوسنا,وجرح يفتح جراحنا.

الخبر العاجل بصورته الجديدة,ولونه الجديد,وموسيقاه الجديدة,يحمل صورة مشوهة لا يتمنى مرئ رؤيتها لانها كابوس مزعج لصورة الدم الفلسطيني النازف من البندقية الفلسطينية, واللون الأحمر الذي كان يبعث الحياة بأرضنا أضبح لون قاتل يدمي القلوب,ويطفئ الأمل فينا,ويشعل الحسرة بأعماقنا..
وموسيقاه حزينة مضجرة لم نسمعها سوى بأقبية الموت,وخرائب الخفافيش..موسيقى نشاز تحمل بأنغامها سموم قاتلة تسري بأجسادنا..

إنقلاب الحقيقة:

أصبح الخبر العاجل,إنقلاب للصورة,وإنعكاس للحقيقة تنقل اليك روائح الموت التي ارعبت شعبنا,وسيطرت عليه فلم يعد يحلق في سمائنا سوى خفافيش الظلام,وغيوم سوداء لاتحمل قطرات الخير التي نصلي من أجلها صلاة الإستسقاء..

إنقلاب الحقيقة التي تحولت بها شوارع غزة لساحات موت,وقتل,ولكنها ليس من الإحتلال وليس صرخات هدة غالية التي أركعت العالم وهو يتجرع الذل أمامها,بل صرخات أطفال تحولوا لأيتام بآيادي فلسطينية,ونساء أصبحن أرامل برصاص فلسطيني,ورجال قتلوا في ساحات الفتنة..
مابك أيها الخبر العاجل نتسمر خوفاً وهلعاً عندما نقرأ عنوانك,ونهرب رعباً من سمائك..
لانريدك,ولانريد الإستماع اليك..

نقضي جل ساعات الليل,واحياناً حتى إشراقة نهار جديد نتتبع مايحدث في فلسطين,غزة الحزينة التعيسة شوارعها تشكو الظلم لله,وأهلها يهرولون من شوارعها للإحتماء من رصاص الموت المتناثر والمتراشق بين اخوة السلاح,والضفه تغرق بدماء الشهداء,فأصبح الألم بفعل المخدر لانشعر بشئ,ولاندرك أين نقف..

مابك أيها الخبر العاجل لاتنقل لنا سوى حصار الشجاعية,واشتباكات رفح,واقتحام منازل خان يونس,واختطافات الشمال,وغلاء الأسعار,وحملات إعلامية بين مؤسسات الإعلام المتحاربة,وحرب المساجد,الخ..
إنه الخبر العاجل,وماأدراك ماالخبر العاجل,فهل يتمنى أحد منا سماع خبر عاجل, في هذه الأيام؟؟

أتمنى ان أسمع خبر واحد,اجتماع فتح وحماس والخروج بإتفاق يعيد الهيبة للخبر العاجل,وينشر البسمة في كل بيت فلسطيني في غزة والضفة,ويحي الأمل بقلب كل لاجئ في الشتات.
أتمنى أن اسمع خبر واحد:وهو محاكمة كل من عاث فساداً وقتلاً ودماراً,في هذا الوطن الحزين...

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين /  11 شــــوال 1428 هـ  الموافق  22 / تشــريــن الاول / 2007 م