بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تخريب التعليم في العراق

الحلقة الاولى

 

 

شبكة المنصور

وليد الزبيدي / كاتب عراقي

 

مهما قيل عن حجم التخريب الممنهج، الذي حصل في قطاع التعليم في العراق، خلال سنوات الاحتلال الاميركي لهذا البلد، فان الصورة لن تكتمل، لان الكثيرين لا يؤمنون بمقولة، ان احد الاهداف المهمة لمشروع احتلال العراق، هو تحقيق ما يمكن تسميته بتصحير هذا البلد ثقافيا ومعرفيا، ولكن ثمة الكثير من الحقائق والوقائع والمؤشرات، تثبت بما لا يقبل الشك، ان عملية تخريب التعليم في العراق، قد جرت وفق خطة منهجية دقيقة، وتفاصيل ما حصل ويحصل يثبت ذلك، لهذا سابدأ من اخر السلسلة وصولا الى بداياتها.

ما سأرويه هنا، يتحدث به العراقيون على نطاق واسع، ويعرفون تفاصيله الخطيرة، فقد شهدت الامتحانات النهائية لمرحلة (البكالوريا) التي تؤهل الطلبة العراقيين الدخول الى الجامعة، ما لم يحصل في مدارس المعمورة من العالم، وقد حصل الآتي، ففي المئات من المراكز الامتحانية، التي تسيطر عليها الميليشيات وبعض المجاميع، التي تمتهن الجريمة من اختطاف وقتل وتعمل على اثارة الفتنة بين ابناء المجتمع العراقي، جرى في هذه المراكز الامتحانية تقديم الاجابات على الاسئلة المركزية الى الطلبة، ففي بعض المدارس امسك اشخاص بالميكروفون، وبدأوا بقراءة الاجوبة النموذجية، التي تجيب على الاسئلة، ولم يتردد هؤلاء الاشخاص المكلفين بهذه المهمة في اعادة القراءة عدة مرات، ليتمكن الجميع من اكمال الاجابة في الدفاتر الامتحانية.

في مناطق اخرى دخلت مجاميع من هذه العصابات، وهددوا الاساتذة والمراقبين ومدراء المراكز الامتحانات بالتصفية بعد تعذيبهم ورمي جثثهم في المزابل والطرقات، اذا لم يكتبوا حلول الاسئلة امام الطلبة، فما كان من هؤلاء الاساتذة الا الانصياع التام لأوامر الخارجين على القانون، وتقديم الاجابات كاملة الى الطلبة، الذين سارعوا لكتابة ذلك في الدفاتر الامتحانية، لانها جاءت من لسان الاستاذ المختص الى الورقة مباشرة، وهذا لا يحتاج الى أي جهد او تعب، فالوصول الى النتائج المطلوبة اصبح مضمونا، ليس بقوة المعرفة، وانما بقوة الخارجين على القانون.

اما في بعض المناطق، فقد تم توزيع اوراق الاجابات الى جانب اوراق الاسئلة، وهنا جرت عملية الغش بهدوء، وبدون حاجة الى استخدام الميكروفون، او التهديد المباشر للمدرسين ومدراء المراكز الامتحانية.

هذه الوقائع حصلت مطلع صيف هذا العام 2007، ويتناقل تفاصيلها العراقيون، ويتحدث الجميع عن هذا الخرق الفاضح لأسس التعليم، وجرى كل ذلك بعلم الاجهزة الامنية الحكومية، وبدراية القوات الاميركية، وتم التحذير من خطورة ذلك قبل بداية الامتحانات، لانها حصلت في سنوات الاحتلال الثلاث السابقة، لكن فضيحة الغش الجماعي في الامتحانات عام 2007، من اكبر واوسع عمليات الغش، وسنأتي على جوانب اخرى من عملية تخريب التعليم في العراق.

wzbidy@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد /  25 رمضان 1428 هـ  الموافق  07 / تشــريــن الاول / 2007 م