بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تخريب التعليم في العراق

الحلقة الثانية

 

 

شبكة المنصور

وليد الزبيدي / كاتب عراقي

 

قد يتفاجأ الكثيرون بقصص ووقائع الغش الجماعي ، التي تجري في العديد من المناطق والأحياء في العاصمة العراقية ومدن آخرى وبالأخص في الامتحانات النهائية التي تؤهل الطلبة لدخول الجامعات، وقد يتصور البعض أن هذا الكلام فيه مبالغة، بل قد لا يمكن تصور حصول مثل هكذا أمر في أخطر مفاصل بناء المجتمع والدولة وهو التعليم، لكن أقول إن هذا يحصل على أرض الواقع، وبكل أسف شهد العام الدراسي الحالي 2007 ما هو فظيع ومرعب على هذا الصعيد.

مهما حاول المراقبون والمتخصصون إيجاد تفسير لما يحصل لا يمكن الخروج عن الإطار العام ، الذي يقول إن الأمر يهدف إلى تخريب التعليم في العراق، ومثل هكذا وقائع تعني الآتي:

أولا: تهيئة مجاميع كبيرة من الطلبة الفاشلين دراسيا، ورفع درجات التقييم في الامتحانات النهائية، ليدخل هؤلاء الكليات العليا وأهمها كلية الطب والهندسة والصيدلة والحقوق والإدارة والاقتصاد والعلوم السياسية وبقية التخصصات، التي تهيمن على مفاصل الدولة، وفي الواقع يجب أن لا ننسى أن غالبية هؤلاء إن لم يكونوا جميعا من الفاشلين دراسيا واجتماعيا، ولو كانوا قادرين على تحقيق درجات نجاح معقولة، لما أقدمت الجهات والأحزاب التي تقف خلف مثل هكذا ، إلى هذه الطريقة وفرض نجاح هؤلاء في الامتحانات النهائية عن طريق الغش الجماعي، وعلى مرآى ومسمع الأجهزة الأمنية الحكومية.

ثانيا: لقد حصل ذلك بمعرفة الوزارات المعنية بالتعليم في العراق، وهما وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وبعد أن انتشرت أخبار الفضيحة في الأوساط التربوية والعلمية والاجتماعية، نشرت وزارة التربية خبرا مقتضبا عن إلغاء نتائج الامتحانات في عدد من المراكز الامتحانية، ولم تتم تسمية تلك المراكز، ما جعل القضية عبارة عن عملية ذر للرماد في العيون، ومحاولة تغطية واحدة من أخطر عمليات استهداف التعليم في العراق وتخريبه بطريقة منهجية، والاستمرار في هذا المشروع، الذي ستكون له تداعياته الخطيرة على مستقبل العراق والعراقيين.

ثالثا: إن عملية الغش الجماعي، التي جرت في مناطق عديدة في العراق خلال العام الدراسي الحالي2007، تعني زرع الاحباط والياس في قلوب الطلبة الجادين والحريصين والمثابرين على التعلم، لانهم وجدوا ان الفاشلين قد تقدموا عليهم، وان مقاعد الفاشلين الجامعية اصبحت في المقدمة، ما يؤكد أن المثابرة في المستقبل لا تعني شيئا، وهذا الأمر، يرمي في نفوس طلبة العلم الحقيقيين حالة من اليأس والأحباط، ما يدفع بالكثير من الطلبة إلى عدم الاهتمام بالدراسة، والنظر إليها على أن المثابر فيها سرعان ما يتساوى مع الفاشل، بل أن الثاني قد يتقدم عليه في الدرجات الجامعية بعد تكريس ظاهرة الغش العلني الجماعي.

هل هناك عملية تخريب أوسع وأكبر من الذي حصل الآن في مدارس العراق.


wzbidy@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين /  26 رمضان 1428 هـ  الموافق  08 / تشــريــن الاول / 2007 م