بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تخريب التعليم في العراق

الحلقة الثامنة

 

 

شبكة المنصور

وليد الزبيدي  / كاتب عراقي

 

عندما نتحدث عن التعليم في العراق خلال سنوات الاحتلال الاميركي، التي امتدت منذ ربيع عام2003، وحتى الآن، لابد من الحديث عن ميدان التنمية الذي شمل هذا القطاع، وهنا لابد من الاشارة الى ان اول خطة تنموية واسعة حصلت في وقت مبكر تحت ولاية الاميركي بول بريمر صيف وخريف عام2003، أي خلال السنة الاولى من الاحتلال، وجرت أحاديث كثيرة حينذاك، عن رصد مبالغ هائلة، لبناء المدارس والجامعات وتشييد الملاعب الرياضية والمسابح والارتقاء بالاوضاع التعليمية الى أعلى درجاتها، واستبشر الكثير من العراقيين بتلك الاخبار، التي تداولها الناس على اوسع نطاق.

فجاء الانجاز الاول، الذي بدأه بول بريمر في قطاع الرياضة والشباب، بحملة توزيع (الكرات الخاصة بلعبة كرة القدم في المناطق الشعبية وبعض القرى)، وأصدر بول بريمر بيانا أعلن فيه عن خطة تتضمن توزيع ستين الف(60الف) كرة قدم ، ولم يشاهد الكثيرون تلك الكرات، وليس ذلك هو المهم، لأن شيئا لم يحصل على صعيد الرياضة وفي قطاع الشباب، وسمع الناس تفاصيل البيان الاميركي، الذي صدر من مكتب بريمر وتحدث عن توزيع ذلك العدد من الكرات، والتي لم يراها الكثير من الشباب.

اما الفضيحة الكبرى فكانت في قطاع التربية والتعليم، فقد اكتشف العراقيون ان الخطة التنموية الانفجارية في التعليم التي ساد الحديث عنها، قد انحصرت في حملة واسعة لطلاء جدران المدارس الخارجية والداخلية بألوان فاقعة، ليس ذلك وحده، بل ان عملية الطلاء كانت بمواد من الدرجة العاشرة، ما نتج عنه تشويه واضح للجدران السابقة، وبعد أسابيع انتشرت اولى واكبر فضائح الفساد المالي في العراق، اذ تبين ان الاميركيين قد صرفوا مبالغ هائلة على عملية طلاء جدران المدارس، ولان الفضيحة زكمت الانوف، وشكلت الصدمة الاولى في المجتمع العراقي عن الفساد المالي والسرقات عند الاميركيين وبالتعاون مع اعضاء مجلس الحكم، الذي عينه بول بريمر والوزراء الذين يتبعون لذلك المجلس، فقد اضطرت بعض وسائل الاعلام الاميركية لتناول هذا الانجاز التنموي الخطير،ونشرت مجلة(نيوزويك) في طبعتها العربية تحقيقا واسعا، توصلت فيه ومن خلال اللقاء مع خبراء، الى ان طلاء مدرسة واحدة يساوي بناء مدرسة حديثة جدا مجهزة بالمختبرات والحواسيب وجميع التجهيزات.

ولمعرفة حجم البناء في قطاع التعليم، بإمكاننا قياس ذلك، من خلال واحد من الإعلانات مدفوعة الثمن من قبل السفارة الاميركية نشرته الصحف العراقية اواخر عام2005، ويتحدث عن افتتاح مدرسة تم تشييدها شمال غرب العاصمة، وهذا كل ما تفاخر به الاميركيون من بناء في قطاع التعليم، وبالمقابل علينا ان لا ننسى مئات المدارس والقاعات، التي دمرتها قوات الاحتلال الاميركي بدباباتها وصواريخها.

اننا نتحدث عن خمس سنوات، وبمقاييس ضرورات ومتطلباتها التنموية فإنها تعني الشيء الكثير، وانه لأمر خطير ان يحصل هذا الايقاف المعتمد في مسيرة التربية والتعليم، وهو تخريب متعمد دون أدنى شك.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس /  07 شــــوال 1428 هـ  الموافق  18 / تشــريــن الاول / 2007 م