بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تاريخ الإرهاب والإبتزاز الأمريكي العالمي وإحتلال العراق متى سينتهي؟!!!

 

 

شبكة المنصور

دجلة وحيد

 

نبذة تاريخية مبسطة عن الإرهاب والتدخل الأمريكي في دول العالم 

تخطيط الولايات المتحدة للسيطرة على العالم وبسط نفوذها الإمبيريالي داخل أو خارج نطاق محيط نفوذها الأوربي والأمريكي اللاتيني تخطيط قديم يرجع تاريخه بصورة جدية الى بداية العقد الخامس من القرن الماضي بعد مدة ليست بالطويلة من بدأ الحرب الباردة بينها وبين حلفائها من جهة وبين الإتحاد السوفيتي السابق وحلفائه من جهة أخرى - بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية في أواسط العقد الرابع من القرن الماضي - بحجة منع إنتشار الشيوعية في العالم. الوسائل والأدوات التي إستخدمتها الولايات المتحدة لبسط نفوذها في العالم كانت وسائل مختلفة تمتد من تسليط الضغوط والإبتزازات السياسية والإقتصادية المباشرة والغير مباشرة والتخطيط لإنقلابات عسكرية في البلدان عن طريق عملائها وتدخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية المباشر في التخطيط لها أو تنفيذها الى التدخل العسكري المباشر وإحتلال البلدان الضعيفة والمستضعفة.

 

التدخل العسكري المباشر الأول الذي قامت به الولايات المتحدة بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية حصل في كوريا الجنوبية حينما ساعد الإتحاد السوفيتي السابق والصين الشعبية قوات كوريا الشمالية على غزو كوريا الجنوبية. قبل إندلاع الحرب بين الكوريتين كانت شبه الجزيرة الكورية مقسمة الى قسمين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي وكانت القوات الأمريكية متواجدة في أراضي كوريا الجنوبية على شكل قوات تابعة للأمم المتحدة بسبب النزاع بين حكومتي الشمال والجنوب المؤقتتين على فرض السيطرة على كامل شبه الجزيرة الكورية. الحرب دامت لمدة ثلاث سنوات 1950-1953 حيث أعلن وقف إطلاق النار وليس إنهاء الحرب بين الأطراف المتحاربة في 17 يوليو/تموز 1953 وبعد ذلك تم تعيين المنطقة العازلة بين الكوريتين والتي مازال ولحد يومنا هذا يتمركز حولها في الجانب الكوري الجنوبي حوالي 38 ألف جندي أمريكي. 

 

التدخل الأمريكي الأول الغير مباشر الذي خططت له وشاركت به وكالة المخابرات المركزية الأمريكية هو الإنقلاب الذي حصل في إيران عام 1953 ضد حكومة الدكتور محمد مصدق المنتخبة ديموقراطيا - التي إتخذت خطوات متقدمة لتأميم النفط الإيراني - وذلك لإرجاع الشاه العميل محمد رضا بهلوي الموالي للغرب الذي هرب الى خارج البلاد في وقتها الى  كرسي العرش والسيطرة المطلقة على رقاب الإيرانين. وكالة المخابرات المركزية الأمريكية - وبإيعاز من إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت إيزينهاور التي أرادت السيطرة على النفط الإيراني وبسط النفوذ الغربي هناك – دفعت الرشاوي للموظفين ورجال الدين والصحافة الإيرانية ولرعاع وشقاوات الزورخانة للتحريض على الإضرابات وإخلال الوضع الأمني التي أدت في النهاية الى إسقاط حكومة الدكتور مصدق وإعادة تنصيب الشاه الهارب.

 

التدخل الثاني لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية حصل عام 1954 في غواتيمالا الذي أدى الى إسقاط حكومة جاكوبو أربين المنتخبة ديموقراطيا على إثر إصدارها مرسوم بمصادرة أراضي واسعة كانت تمتلكها شركة الفواكه المتحدة الأمريكية المسمات "تشيكيتا بنانا" أو "موز تشيكيتا" وتوزيعها على الفلاحين. وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالتعاون مع مجموعة صغيرة من الغواتيماليين تألفت من ملاكي الأراضي، العسكريين القدماء والكنيسة الكاثوليكية خططت للإنقلاب العسكري الذي قضى على إحدى أكثر الثورات الديموقراطية الإجتماعية التي ظهرت في كافة أنحاء أمريكا اللاتينية آنذاك بعد الحرب العالمية الثانية.

 

العملية الإنقلابية التي حصلت في إيران كانت عملية سريعة ولم تستغرق أكثر من إسبوعين أو ثلاثة بينما العملية الإنقلابية التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في غواتيمالا كانت عملية شاملة وأكثر طموحا حيث كان هناك إختراقا للصحافة الغواتيمالية مقدما لتمهيد الطريق أمام الإنقلاب الذي أستعمل فيه كل سمة من سمات القوة الأمريكية ليس فقط القوة العسكرية والإقتصادية والسياسية بل أيضا منظومة واسعة وكاملة من حملات الزعزعة النفسية. نجاح تدخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في غواتيمالا ودقة تنفيذ الإنقلاب العسكري فيها أصبح نموذجا للقيام بعملية خليج الخنازير الفاشلة التي أوعوز لتنفيذها الرئيس الأمريكي الأسبق جون كندي في عام 1961 ضد حكومة الثورة الكوبية الفتية بقيادة فيديل كاسترو علما أن الموافقة على تدخل المخابرات المركزية في التخطيط للعملية وتمويلها حصلت في زمن الرئيس الأسبق دوايت إيزينهاور في عام 1960.

 

قبل بدا عملية خليج الخنازير الفاشلة عام 1961 تدخلت الولايات المتحدة عسكريا على مراحل في حرب شعواء عام 1959 في فيتنام والتي دامت لمدة 15 سنة وإنتهت عام 1975 بعد هزيمة ساحقة ومخزية للقوات الأمريكية على يد قوات الفيتكونغ وقوات جمهورية فيتنام الديموقراطية  وتم بعد ذلك توحيد الشطرين الجنوبي والشمالي. القوات الأمريكية كانت متواجدة بأعداد قليلة في جنوب فيتنام بعد إنتهاء حرب الهند الصينية الأولى عام 1954 التي ختمت بهزيمة القوات الإستعمارية الفرنسية هناك في معركة ديان بيان فو ولكن تعدادها إزداد بشكل كبير بمرور سنين الحرب حتى بلغ أكثر من نصف مليون جندي أمركي. خلال تلك الفترة وخصوصا في فترة بداية العقد السابع من القرن الماضي قامت القوات العسكرية الأمريكية وسلاحها الجوي والمخابرات المركزية الأمريكية بحملات عسكرية وإستخباراتية واسعة النطاق في لاوس وكمبوديا إعتقادا منها أنها سوف تضيق الخناق على الثوار الفيتناميين لكن تلك العمليات الإجرامية الفاشلة سببت خرابا ودمارا كبيرا في تلك الدولتين الجارتين لفيتنام.

 

عملية خليج الخنازير وكما نوهنا أعلاه كانت عملية فاشلة وكارثية بشكل كبير على وكالة المخابرات المركزية وعملاء الولايات المتحدة من الكوبيين وأيضا أدت الى تأثير راديكالي كبير على حركات التحرر اليسارية التي عصفت رياحها في كافة أنحاء الأمريكيتين.   

 

إختراقات الصحافة وتدخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية المباشر والغير مباشر في الشؤون الداخلية للدول المستهدفة أصبحت نموذجا لزعزعة منظمات المجتمع المدني والتي ساعدت على قيام الإنقلابات العسكرية التي حثت على قيامها الولايات المتحدة خصوصا في دول أمريكا اللاتينية مثل الإنقلاب الدموي الذي حصل في تشيلي في 11/9/1973 الذي قام به الديكتاتور الجنرال أوغستو بينوشية ضد الرئيس المنتخب ديمقراطيا الدكتور سلفادور أيندي. الإنقلاب الأخير خطط له وزير الخارجية الأمريكية الأسبق المجرم الصهيوني هنري كيسنجر.

 

بعد خسارتها وهزيمتها المخزية في فيتنام وإستقالة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون عام 1974  ومجيئ نائبه جيرالد فورد كرئيس للولايات المتحدة على إثر فضيحة ووتر جيت وإنتهاء مفعول عميلها في الشرق الأوسط الشاه محمد رضا بهلوي شاهنشاه إيران - الذي تطاول على أسياده في واشنطن حينما أبدى نوع من الإستقلالية عن تأثير السياسة الأمريكية المباشر عندما وقع معاهدة الجزائر مع العراق عام 1975 وعندما حاول أن يسيطر على منطقة الخليج والبحر العربي وبناء إسطول بحري حربي تصل نشاطات فعالياته العسكرية الى السواحل الأسترالية - أبدلته وكالة المخابرات المركزية في زمن الرئيس الأمريكي الأسبق الديموقرطي جيمي كارتر بعميلها الدجال المعمم الحاخام المقبور خميني عام 1979  الذي وكما سنرى أدناه أشعل الحرب في العقد الثامن من القرن الماضي ضد العراق الذي أخذ نجمه يتلألأ في السماء بعد تأميم النفط وبدأ ثورته الإقتصادية والصناعية والعلمية.  

 

بعد هزيمة الرئيس الديموقراطي جيمي كارتر في الإنتخابات الرأسية عام 1980 على إثر فشله في إستعادة الأمريكان المحجوزين في السفارة الأمريكية في طهران وغزو أفغانستان من قبل الإتحاد السوفيتي السابق ومجيئ الرئيس الأسبق الجمهوري رونالد ريغان الى البيت الأبيض بمساعدة نظام الدجال الحاخامي خميني غزت الولايات المتحدة وبتخطيط من قبل وكالة المخابرات المركزية جزيرة غرينادا الصغيرة الواقعة في البحر الكاريبي عام 1983 - بعد حدوث إنقلاب غامض فيها أدى الى إغتيال رئيسها اليساري موريس بيشوب - بحجة إنقاذ الطلاب الأمريكان الذين كانوا يدرسون الطب في تلك الجزيرة وبحجة أن تلك الجزيرة الصغيرة أصبحت خطرا يهدد الولايات المتحدة لأن حكومتها كانت تبني مطارا بمساعدة كوبا!!! حلفاء الولايات المتحدة الذين شاركوا في غزو وإحتلال غرينادا هم جمايكا، باربيدوس وبعض الدول الصغيرة الأعضاء في منظمة الدول الكاريبية الشرقية.

 

الغزو الأخر الذي قامت به الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية كان غزو وإحتلال جمهورية بنما في عام 1989 في عهد المجرم جورج بوش الأب حيث تم القضاء على حكم الرئيس مانويل نورييغا وإلقاء القبض عليه وسجنه لمدة 40 سنة في الولايات المتحدة بحجة أن نورييغا كان متواطئا مع عصابات غسل الأموال ومهربي المخدرات الى الولايات المتحدة عن طريق كوبا وإبطال الإنتخابات الوطنية في بنما في نفس العام. الأسباب الواهية التي أعلنها المجرم جورج بوش الأب التي دعته لغزو وإحتلال بنما كانت أولا، حماية حياة المواطنين الأمريكان في بنما. ثانيا، الدفاع عن الديموقراطية وحقوق الإنسان في بنما. ثالثا، مكافحة تهريب المخدرات. رابعا، حماية سلامة معاهدات الرئيس الأسبق عمر توريخوس مع الرئيس جيمي كارتر. الحقيقة هي أن الرئيس مانويل نورييغا كان عميلا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية سابقا لكنه إنقلب عليها وتقرب الى كوبا واليسار في أمريكا اللاتينية وحاول أن يستعيد السيطرة البنمية الكاملة على قناة بنما الإستراتيجية التي تربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ التي وحسب الإتفاق الموقع عام 1977 بين الرئيس البنمي السابق عمر توريخوس والرئيس الأسبق للولايات المتحدة جيمي كارتر تسترجع بنما كامل سيطرتها على القناة بعد عام 1999 وبهذا سينتهي العقد والسيطرة الأمريكية على القناة التي بدأت عام 1903، وهذا ما لا تريده أمريكا طبعا خصوصا بعد ضعف نفوذ الإتحاد السوفيتي في العالم على إثر هزيمته في أفغانستان، مشاكل سياساته الداخلية والإقتصادية والإضرابات الداخلية التي حصلت في بولندا والمانيا الشرقية التي أدت في النهاية الى هدم جدار برلين عام 1989.

 

التدخلات العسكرية والمخابراتية الأمريكية المباشرة والغير مباشرة ومنذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية حصلت في جميع قارات المعمورة. بالإضافة الى تلك الدول التي ذكرت أعلاه فإن الولايات المتحدة وأجهزة مخابراتها تدخلت أيضا في جميع الإنقلابات العسكرية التي حصلت في دول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي ومنها الأرجنتين، نيكاراغوا، هايتي ..الخ  في قارة أفريقيا، في الصومال والسودان، في موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس ومصر وضربت ليبيا عام 1986 ..الخ في قارة أسيا ومنها الباكستان، أفغانستان، بورما، تايلاند، إندونيسيا، دول أواسط أسيا التي كانت واقعة ضمن إتحاد الجمهوريات السوفيتية السابق، سوريا، الأردن، السعودية ودول الخليح العربي، ألإنزال في لبنان عام 1958 على إثر ثورة 14 تموز في العراق وكذلك في عام 1982 أثناء الحرب الأهلية اللبنانية وغزو لبنان من قبل الكيان الصهيوني، الحرب مع العراق عام 1990-1991  ومن ثم أحتلاله عام 2003  (أنظر أدناه)، أيضا التدخل في شؤون دول أوربا الشرقية قبل وبعد سقوط الإتحاد السوفيتي السابق ولحد يومنا هذا حيث شارك الولايات المتحدة مع دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" في إحتلال وتمزيق إتحاد الجمهوريات اليوغسلافية السابق عام 1995-1996.  

 

كما ذكرنا في عدة مقالات سابقة أن الولايات المتحدة تلجأ للتأثير على البلدان الأجنبية وبسط نفوذها الإقتصادية والسياسية وبناء القواعد العسكرية فيها ونهب خيراتها ومواردها الطبيعية ليس فقط عن طريق التدخل العسكري المباشر بل أيضا عن طريق الضغوط السياسية والإقتصادية السرية من خلال السفاك الإقتصادي الذي تحدثنا عنه وعن أساليبه المخادعة في مقالات سابقة (الإمبيراطورية الإقتصادية الأمريكية العالمية، السفاك الحربي والسفاك الإقتصادي وجهين لعملة واحدة، دولار النفط العربي في خدمة الخطط الصهيو-أمريكية لتدمير العروبة والإسلام). عملت الولايات المتحدة في العقد الخامس والسادس من القرن الماضي أيضا وكما تحدثنا عنه في مقال سابق (نعومي كلاين وصعود رأسمالية الكارثة: عقيدة الصدمة) على تجنيد وتدريب الإقتصاديين من دول أمريكا اللاتينية "شيكاغو بويز" كي يتخذوا مواقعهم ويلعبوا أدوارهم المسندة إليهم بعد حدوث إنقلاب في أي من تلك الدول وكما حدث أثناء الإنقلاب العسكري الدموي في تشيلي في 11/9/1973 الذي قام به الجنرال أوغستو بينوشية ضد الرئيس المنتخب ديموقراطيا الدكتور سلفادور أيندي. 

 

دور السفاك الإقتصادي الأمريكي في التمهيد للسيطرة الإقتصادية على البلدان المستهدفة ونهب خيراتها ومواردها الطبيعة لم يقتصر على دول أمريكا اللاتينية مثل بنما والإكوادور وفينزويلا .....الخ وأسيا مثل إندونيسيا وتايلاند ....الخ بل أيضا تضمن منطقتنا العربية وخصوصا المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي الأخرى حيث تمكن - بعد حرب عام 1973 مع العدو الصهيوني وإستعمال الدول العربية آنذاك لأول وأخر مرة في التاريخ سلاح النفط ضد الدول الغربية المؤيدة للكيان المسخ في فلسطين المحتلة – من الإلتفاف وخداع الحكام العرب في تلك الدول وربطهم بعقود مجحفة طويلة الأمد مهدت للولايات المتحدة السيطرة شبه الكاملة على نفط الخليج وربط وتوظيف حوالي 90% من السيولة النقدية للعائدات النفطية للإستثمار في الولايات المتحدة وأوربا الغربية واليابان من خلال شراء العقارات وأسهم الشركات والسندات الحكومية ... الخ وبذلك حرمت المواطن العربي والدول العربية من الإستفادة من هذه العائدات الضخمة التي لو إستغلت وأستثمرت بشكلها الصحيح لأحدثت طفرات نوعية في وطننا العربي الممزق. السفاك الإقتصادي لم يتمكن من خداع الشهيد صدام حسين حينما زار العراق في العقد السابع من القرن الماضي (الإمبيراطورية الإقتصادية الأمريكية العالمية) وظل العراق عصيا على أمريكا وشركاتها النفطية الإحتكارية رغم المؤامرات الكبيرة ضده حتى جاء الإحتلال عام 2003.

 

تاريخ المخطط الإرهابي الأمريكي لإحتلال وتقسيم العراق

 

خططت الولايات المتحدة بصورة جدية لإحتلال وتقسيم العراق بعد تأميم النفط العراقي عام 1972 لكن محاولات التدخل المباشر والغير المباشر في الشؤون الداخلية للعراق كانت أقدم من ذلك وخير دليل على ذلك كانت محاولة إنزال مرينز الإسطول السادس – الذي كان متمركزا في البحر الأبيض المتوسط آنذاك - في لبنان لمواجهة الثورة في العراق في 14 تموز عام 1958. التآمر الصهيو-أمريكي الإيراني المزدوج إستمر في شمال العراق بعد نجاح ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 من خلال إسناد حركة التمرد الكردي العميلة التي حصلت عام 1961 بقيادة المقبور العميل الخائن ملا مصطفى البرزاني الذي سمح له المرحوم عبدالكريم قاسم الرجوع من منفاه الى العراق بعد نجاح ثورة تموز، وكذلك عن طريق كوادر تنظيم الحركة الماسونية في العراق وبناء شبكات التجسس العاملة لصالح الولايات المتحدة والكيان اللقيط في فلسطين المحتلة وإيران. إستغلت الشركات الإحتكارية النفطية الأمريكية والبريطانية والهولندية حركة تمرد العميل مصطفى البرزاني وعملائها في الحركة الماسونية في العراق وشبكات تجسسها لإستنزاف وتدمير الإقتصاد العراقي ولإعاقة تنفيذ قانون النفط رقم 80 الذي أصدرته حكومة المرحوم عبدالكريم قاسم عام 1960. بعد نجاح ثورة 17-30 تموز المجيدة عام 1968 التي فجرها البعث كرد فعل على الأوضاع المزرية التي كان يمر بها العراق والأمة العربية بعد هزيمة حزيران عام 1967، ومن ثم القضاء على شبكات التجسس في العراق ونجاح تأميم النفط العراقي عام 1972 عمل وزير الخارجية الأمريكي الأسبق اليهودي الصهيوني المجرم هنري كيسنجر كل جهده على رسم الخطوط العريضة لإحتلال وتقسيم العراق تماشيا مع المشروع الصهيوني القديم الذي كان يبغي تقسيم العراق والوطن العربي وتحقيق الحلم الصهيوني لبناء دولة "إسرئيل" الكبرى من النيل الى الفرات.

 

بعد نجاح عملية تأميم النفط عام 1972 وإنتهاء التمرد الكردي في شمال العراق على إثر توقيع إتفاقية الجزائر مع شاه إيران وبدأ الخطة الإنفجارية لتطوير العراق زار السفاك الإقتصادي الأمريكي بغداد في أواسط العقد السابع من القرن الماضي وحاول خداع حكومة البعث أخذ قروض مالية من البنك الدولي لتمويل ثورة الخطة الإنفجارية ومن ثم ربطها بعقود مجحفة مشابهة لتلك التي عقدت مع أنظمة دول الخليج العربي إلا أن يقضة وفطنة الشهيد صدام والقيادة العراقية رفضت تلك المغريات.

 

فشل مهمة السفاك الإقتصادي لم ينهي حياكة المؤامرات الأمريكية الصهيونية على العراق حيث أن الولايات المتحدة إستبدلت عام 1979 عميلها المستضعف شاه إيران محمد رضا بهلوي بعميلها المطمور الحاخام المعمم الدجال خميني الذي ما لبث أن جلس على عرش الحكم في طهران حتى بدأ بحياكة المؤامرات الدنيئة على العراق من أجل القضاء على حكم البعث بإسم الدين. أثناء حرب الثمان سنوات التي أشعلها نظام الدجال خميني في سيبتمبر/أيلول 1980 ضد العراق زودت كل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إيران بالسلاح والعتاد والمعلومات الإستخباراتية المهمة رغم العداء الظاهري بين أمريكا والكيان الصهيوني من جهة ونظام الدجال خميني من جهة أخرى. التعاون التسليحي والمخابراتي الإستراتيجي بين هذه الدول الثلاث ضد العراق الذي عرف فيما بعد بفضيحة كونترا جيت كشف عام 1986 بعد مضي عدة سنوات من أسقاط الطائرة الأرجنتينية الناقلة للأسلحة المصدرة من الكيان الصهيوني الى نظام خميني من قبل وسائل الدفاع الجوي السوفيتية عام 1981. في هذا السياق واثناء الحرب مع إيران إستغل الكيان الصهيوني وبمباركة من الإدارة الأمريكية الفرصة لقصف وتدمير المفاعل النووي العراقي أوساريك عام 1981. كذلك أثناء هذه الحرب وفي بداية العقد الثامن من القرن الماضي أعيد التفكير بخطة تقسيم العراق في الكيان الصهيوني هذه المرة من قبل المحلل العسكري الصهيوني زئيف شيف والكاتب الصهيوني عوديد ينون حيث نشرا تقريرين منفصلين بهذا الخصوص عام 1982 والذي أعيد النظر فيه وتحويره من قبل رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق بنيامين نتانياهو في عام 1996 والذي قدمه الى أدارة المجرم بيل كلينتون قبل إصدار قانون ما يسمى "قانون تحرير العراق" عام 1998 من قبل الكونجرس الأمريكي المتصهين.

 

بعد إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988 وتجرع الدجال خميني سم الهزيمة في قادسية صدام المجيدة خرج العراق منها كقوة عسكرية ضاربة ومتمرسة في الشرق الأوسط إلا أنه كان غارقا في الديون بسبب تكاليف الحرب الطويلة. إعتبر الكيان الصهيوني إنتصار العراق في قادسية صدام تهديد له ولهذا بدأ بحياكة المؤامرات الجديد مع الولايات المتحدة وحكام الخليج وخصوصا رعاع حكام كاظمة الذين أخذوا وبتحريض من أسيادهم في واشنطن يطالبون بالمساعدات المالية التي قدموها الى العراق أثناء الحرب التي إعتبروها ديون بعد إنتصار العراق وفي نفس الوقت عملوا على إغراق السوق النفطية بالنفط الخام وتخفيض سعر البرميل النفطي في السواق العالمية كي يضروا بالإقتصاد العراقي وعملية إعادة البناء بعد الحرب. لم يكتفوا رعاع حكام كاظمة من آل النباح بهذا العمل المشين بل أخذوا يتطاولون ويهددون العراق ببيع أصول الديون في السوق العالمية لتدمير العراق تدميرا كاملا وكذلك أخذوا يشتمون ويمسون بشرف الماجدات العراقيات. هذه الأفعال المشينة لآل النباح وتأمرهم مع نظام السعودية بتحريض سري من الولايات المتحدة والصهيونية العالمية على تدمير قوة العراق لم يبق لقيادة العراق من خيار سوى الدفاع عن العراق وإستعادة قصبة كاظمة العراقية الى الوطن الأم وإخراس نباح كلاب قصبة كاظمة السائبة والمربوطة منها بأطواق صهيو- أمريكية.

 

رد الفعل العراقي ضد حكام كاظمة من آل النباح كشف حجم التأمر العربي والعالمي الكبير على العراق ونظامه التقدمي وخساسة ونتانة تفكير الحكام العرب العفن الذين كانوا دائما يتشدقون بالعروبة وحماية المصالح العربية والدفاع عن حقوق وسلامة اقطار الوطن العربي الممزق وشعوبها المغلوب على أمرها حيث وافقت جميع الأقطار العربية وجامعة الدعارة العربية عدا الأردن واليمن ومنظمة التحرير الفلسطينية على تدويل المشكلة وحسب ما ارادت له الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ومنظمة الأمم المتحدة أن يكون رغم إعلان العراق عن موافقته على سحب قواته من قصبة كاظمة وحل المشاكل مع حكام القصبة عن طريق جامعة الدعارة العربية مباشرة بعد ايام من دخوله الى هناك. القرارات المستعجلة التي صدرت من مجلس الأمن الدولي وبأمر من الولايات المتحدة ضد العراق بعد دخول القوات العراقية الى قصبة كاظمة تراوحت من العقوبات الإقتصادية الى شن الحرب على العراق وإخراج قواته من قصبته المخلوعة، ووافقت على تلك القرارات جامعة الدعارة العربية ومعظم الدول الإسلامية وحتى الإتحاد السوفيتي السابق الذي كانت تربطه معاهدات الدفاع المشترك مع العراق. لقد خذل العراق من جميع الأطراف حتى من أولئك الذين حماهم من المد الأصفر الخميني أبان حرب الثمان سنوات مع إيران.

 

مؤامرة تدمير العراق وقواته المنتصرة في حرب الثمان سنوات على إيران الخمينية في قادسية صدام كان معد ومخطط لها مسبقا ونفذت عن طريق حكام قصبة كاظمة بالإشتراك مع السعودية وباقي حكام المحميات الخليجية التي سمحت للقوات الأمريكية البرية والبحرية والجوية والقوات المتحالفة معها التجحفل والتمركز والتدريب والإستعداد لشن الحرب على العراق من اراضيها. بسبب إصرار الولايات المتحدة على شن الحرب على العراق وفشل المباحثات لحل المشكلة عن طريق الأمم المتحدة هوجم العراق في 17 يناير عام 1991 من قبل طيران الولايات المتحدة وبريطانيا وبهذا بدأت عملية ما يسمى بـ "عاصفة الصحراء" التي إشتركت فيها 36 دولة وأكثر من نصف مليون جندي ومن ضمنها قوات من المملكة العربية السعودية، جندرمة قصبة كاظمة المهزومة، جمهورية مصر العربية، سوريا، قطر، البحرين، عمان والإمارات العربية المتحدة.

 

خسر العراق المعركة التي أستعملت فيها شتى الأسلحة الأمريكية المحرمة دوليا وخرج من قصبة كاظمة بعد موافقته على التوسط السوفيتي لأنهاء الحرب لكنه لم يخسر الحرب رغم الغدر والخيانة ومهاجمة جيشه المنسحب من قصبة كاظمة من الخلف وقتل الألاف منه دون قتال. أمريكا وافقت على وقف أطلاق النار ومن ثم الإنسحاب من الأراضي العراقية المحتلة في جنوب العراق لم يكن إعتباطا وحبا للعراق ونظامه والسبب يرجع الى محاصرة قواتها في جنوب العراق من قبل الجيش الجمهوري العراقي البطل الذي كان بإمكانه القضاء التام عليها. لهذا بعد مباحثات صفوان حثت أمريكا وعلى لسان المجرم جورج بوش الأب عملائها من الأحزاب الشيعية العميلة والأحزاب الكردية العميلة وبالتعاون مع إيران الى بدا عملية الغوغاء في جنوب وشمال العراق التي إشترك فيها الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية إطلاعات. لقد سبب الغوغاء أضرار مادية كبيرة أكبر مما سببته الحرب نفسها.

 

بعد القضاء على الغوغاء أعاد العراق بناء البنى التحتية التي هدمتها الحرب وعملية الغوغاء في زمن قياسي قصير وبمشاركة الأيادي والتقنية العراقية الخاصة لأن العراق كان محاصرا حصارا كاملا. الحصار الجائر الذي فرضته الأمم المتحدة كان حصارا شاملا وتضمن حتى منع إستيراد أقلام الرصاص والأدوية المهمة لعلاج الأمراض المستعصية مثل السرطان. عانى العراق وشعبه كثيرا وراح ضحية الحصار الجائر أكثر من مليون ونصف عراقي بريئ ومن ضمنهم حوالي نصف مليون طفل دون الخامسة من العمر هذا عدا عودة إنتشار الأمراض المعدية التي قضي عليها سابقا وكذلك إنتشار أمراض الأورام السرطانية والتشوهات الوراثية نتيجة التعرض للإشعاعات التي خلفتها قنابل اليورانيوم المنضب التي لوثت الأرض والمياه والبيئة العراقية.

 

لم يسلم العراق وشعبه من الحقد والتآمر الصهيو- أمريكي والفارسي الصفوي عليه حتى بعد وقف إطلاق النار وإستبدال الإدارة الجمهورية الأمريكية بإدارة ديموقراطية ومجيئ الرئيس الصهيوني ذو الفضائح الجنسية المجرم بيل كلينتون الى البيت الأبيض ومجيئ الكلب الأرعن توني بلير الى داوننغ ستريت رقم 10 في لندن حيث إستمر القصف الجوي الأمريكي - البريطاني اليومي على القرى والقصبات العراقية وكل البنى التحتية ومنها محطات تصفية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية. هذه الفترة تميزت أيضا بالتحضير لتأمر جديد واسع النطاق لتمهيد الأرضية لإحتلال شامل للعراق والقضاء على نظامه الشرعي وتقسيمه ونهب خيراته حيث أعيدت صياغة مشروع إحتلال وتقسيم العراق - عام 1996 من قبل رئيس حزب الليكود الصهيوني اليميني الفاشستي المجرم بنيامين نتانياهو - الذي نشره وكما ذكرنا أعلاه كل من عوديد ينون وزئيف شيف عام 1982 في زمن المقبور الصهيوني المجرم مناحيم بيجن. كذلك أصدر القانون سيئ الصيت المسمات "قانون تحرير العراق" عام 1998 من قبل الكونجرس الأمريكي المتصهين، هذا إضافة الى تشكيل التجمعات الجديدة للأحزاب العراقية العميلة القديمة منها والجديدة التي شكلت بأوامر من المخابرات المركزية الأمريكية والموساد وإم5 وإم6 البريطانية وإطلاعات الإيرانية. هذه الأحزاب والتجمعات العميلة التي كانت مقراتها متوزعة في شمال العراق، في طهران، في دمشق، في أمريكا، في لندن وباقي عواصم أوربا الغربية والشرقية الواقعة تحت التأثر الصهيو-أمريكي ومنها في أستراليا. فتحت هذه الأحزاب والتجمعات العميلة إتصالات واسعة النطاق مع إدارة المجرم بيل كلينتون، إدارة المجرم توني بلير، اللوبي الصهيوني في أمريكا، مع الكيان الصهيوني ومع إيران الصفوية للتعاون على تغيير النظام الوطني في العراق وتقسيمه ونهب خيراته. كذلك مولت هذه التجمعات "العراقية" العميلة من بعض دول الخليج العربي النفطية.

 

بعد فوز المجرم جورج بوش الصغير في إلإنتخابات المزورة عام 2000 ومجيئه الى البيت الأبيض وسيطرة الحزب الجمهوري المتصهين على مجلس النواب والكونجرس المريكي وصعود اليهود الصهاينة الى المراكز الحساسة في إتخاذ القرار الأمريكي قرر المجرم بوش وقبل أحداث الحادي عشر من سيبتمبر/ايلول عام 2001 غزو وإحتلال العراق خصوصا بعد تقديم الخطة له من قبل الكيان الصهيوني. عقدت الإجتماعات والمؤتمرات التأمرية للأحزاب والتجمعات العراقية العميلة للتحضير لغزو وإحتلال العراق في أماكن مختلفة من العالم ومنها مصيف صلاح الدين واربيل ولندن وتحت إدارة المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات الخاصة الصهيونية البنتاجونية التي شكلها وزير الدفاع الأمريكي السابق المجرم الصهيوني دونالد رامسفيلد ونائبه المجرم الصهيوني بول ولفوفتز في وزارة الدفاع الأمريكية التي اصبحت مرتع للتجمع اليهودي الصهيوني المحرض على إحتلال العراق.

 

إتخذت إدارة المجرم بوش أحداث 11 سيبتمبر/أيلول 2001 التي يشك بأن أدارته من قامت بها كحجة لبدأ حرب عالمية واسعة النطاق بحجة القضاء على الإرهاب العالمي وذلك للسيطرة على العالم وبناء الإمبيراطورية الإقتصادية الأمريكية العالمية إبتداءاَ من إحتلال أفغانستان والعراق. الحجج الواهية المعلنة التي إستعملتها إدارة المجرم بوش لغزو وإحتلال العراق كانت أسلحة الدمار الشامل العراقية الغير موجودة أصلا وعلاقة النظام الوطني الشرعي السابق بتنظيم القاعدة المتهم بالقيام بالهجوم على البرجين التوأمين لمركز التجارة العالمي في نيويورك وبناية البنتاجون في واشنطن في 11 سيبتمبر/أيلول 2001. أثبت بطلان كلتا التهمتين بعد غزو وإحتلال العراق.

 

سبق غزو وإحتلال العراق الغير قانوني والغير شرعي - الذي ساعدت على تحقيقه إيران الصفوية ودول أو محميات عربية خليجية التي سمحت للقوات الأمريكية والبريطانية التجمع في أراضيها وشن العدوان على العراق -  حملات نفسية وإعلامية شعواء واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم ملئها الأكاذيب الملفقة قامت بها جميع وسائل الإعلام الغربية والعربية المختلفة المخترقة من قبل أجهزة المخابرات الغربية والموساد وإطلاعات الإيرانية بالتعاون مع عملاء وخونة العراق من عراقيين ومستعرقين وذلك لتشوية سمعة النظام الوطني الشرعي السابق في العراق ولتبرير شن الحرب على العراق وإحتلاله. بعد الإحتلال تبين أن المجتمع العراقي كان مخترقا بشكل واسع وذلك من خلال وجود أعداد كبيرة من الجيوش الجرارة من العملاء والخونة لإيران الصفوية والغرب التي تمثل جميع أطياف المجتمع العراقي التي عملت على تسليم وبيع المجاهدين العرب الذين جاءوا قبل الغزو للدفاع عن العراق، العمل كأدلاء لقوات الإحتلال وعملائها المختبئين خلف الدبابات الأمريكية وقتل أو تسليم البعثيين وقيادات الجيش والأمن الى عناصر الأحزاب الشيعية الصفوية والكردية العميلة، نهب المؤن والأدوية وأجهزة المستشفيات وحرق وتدمير الوزارات والدوائر والمعامل والمختبرات الحكومية وسرقة البنوك والمصارف والمتاحف والمكتبة الوطنية والمكتبات العامة الأخرى، هذا إضافة الى الإستيلاء على بيوت المواطنين والإختطاف والقتل المبرمج على الهوية للعراقيين الأبرياء والشرفاء الرافضين للإحتلال. ظاهرة الخيانة والعمالة الجماعية التي شوهدت في العراق بعد إحتلاله ظاهرة غريبة جديدة محليا وعربيا وعالميا تستحق الدراسة العلمية المطولة والعميقة للتمحص في اسباب ظهورها ومنعها مستقبلا. مقابل تلك الأعداد الكبيرة من جيوش الخونة والعملاء الذين شاركوا في تدمير العراق ظهرت ظاهرة أخرى أكبر وأعمق وأشرف من ظاهرة العمالة والخيانة والبيع الرخيص ألا وهي ظاهرة المقاومة المسلحة الباسلة التي أعدها مسبقا الشهيد صدام حسين والتي برزت بعد يوم أو يومين من دخول قوات الإحتلال الى بغداد العاصية ومستمرة في جهادها القتالي لحد يومنا هذا وهي تمثل إمتداد شرعي ووطني لدفاع جيشنا الباسل الذي نزل تحت الأرض لبدأ خطة باء البديلة التي رسمتها له القيادة الشرعية السابقة لجمهورية العراق بقيادة شهيد الحج الأكبر الرئيس القائد الأسير صدام حسين المجيد. هذه الظاهرة أيضا جديرة بالدراسة المطولة والعميقة والتي ستكون مثالا رائعا يحتذى بها في التخطيط للدفاع عن نهضة الشعوب الحرة الرافضة للإحتلالات والتدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية.

 

فشل الإحتلال الذي طال أمد وجوده في أرضنا الطاهرة فشلا ذريعا في السيطرة الكاملة على مقدارات الشعب العراقي الصابر وثني عزيمة رفضه له رغم قساوة ممارسات وبطش القوات الغازية الدنيئة ضده التي تمتد من توقيف كيفي جماعي لرجالنا ونساءنا وأطفالنا، وتعذيب وإغتصاب السجناء في سجون الإحتلال والقتل الجماعي للمواطنين في القرى والأرياف الى الإندفاع العسكري الأخير وزيادة عدد قواته النظامية ومرتزقته المتقمصة بثيابها المدنية وأوصاف نشاطاتها الإرهابية المختلفة. فشل الإحتلال يرجع الى صمود المقاومة الوطنية المسلحة الباسلة وتطورها وعمق الإسناد الشعبي لها الذي لولاه لما إستمرت الى يومنا هذا لتمرغ أنف أقوى قوة عسكرية طاغوتية ظهرت في التاريخ البشري. الإحتلال فشل لأنه إحتلال غير شرعي وغير قانوني ولأنه جاء ليس كما يدعي الأن ليحرر شعبا كان حرا ويعيش حياة كريمة قبل مجيئه بل أنه جاء ليقتل وليسرق خيرات وطننا النفطية ولأنه جاء ليحقق طموحاته الإمبيراطورية الغير مشروعة على حساب شعبنا المجاهد. إحتلال العراق وتدميره كان من أجل النفط هذا ما إعترف به مؤخرا ألان جرينسبان الرئيس السابق للإحتياطي الفيدرالي أو البنك المركزي الأمريكي وجاء أيضا على لسان الجنرال المجرم جون أبي زيد الذي كان قائدا للقوات المحتلة في العراق قبل تقاعده.

 

فشل الإحتلال إيضا جاء على لسان الساسة الأمريكان وأعضاء الكونجرس الأمريكي من كلا الحزبين من الذين عارضوا أو أيدوا خطة غزو وإحتلال العراق عام 2003 وأخيرا جاء الإعتراف على لسان القائد العسكري الذي إشترك في إحتلال وتدمير العراق الجنرال المجرم ريكادو سانتشيز الذي قال وبالحرف الواحد حينما إنتقد إدارة المجرم بوش الصغير المخادعة والخادعة للشعب الأمريكي فيما يخص إدارة الحرب في العراق مايلي:

 

"بعد أكثر من أربع سنوات من القتال، تواصل أمريكا كفاحها المستميت في العراق بدون أي جهد مشترك لإبتكار إستراتيجية التي سيمكن أن تحقق النصر في تلك البلاد التي مزقتها الحرب أو في النزاع الأعظم ضد التطرف. من خطة حرب متفائلة غير واقعية وخرق فاجع الى إستراتيجية الإندفاع العسكري للإدارة، أن هذه الإدارة أخفقت في إستخدام وتزامن قوتها العسكرية والإقتصادية والسياسية"

 

وقال أيضا مايلي:

 

"التلاعب والتعديلات المستمرة للإستراتيجية العسكرية سوف لن يحقق النصر. أفضل شيئ يمكننا أن نفعله بهذا المنهج الخاطئ هو تفادي الهزيمة. لقد كان هناك عرض ساطع مؤسف لقيادات إستراتيجية عاجزة ضمن زعمائنا الوطنيين. كما يقول المثل الياباني فعل بدون رؤية هو كابوس. ليس هناك شك أن أمريكا تعيش كابوسا بدون نهاية قريبة".

 

كذلك قال مايلي:

 

"بينما السياسيون يزاوجون خطابا صمم للسلطة السياسة، جنودنا يموتون. الإدارة، الكونجرس وكامل الوكالات المتداخلة، خصوصا وزارة الخارجية يجب أن يتحملوا المسؤولية لهذا الفشل الهائل".

 

فشل الإحتلال في الوصول الى غاياته والتشبث في البقاء في العراق بأي ثمن أدى الى تخبط جديد في البحث عن طريقة جديدة للخروج من محنته المزمنة في وطننا المغتصب مع ما تبقى من ماء قذر في وجه أمريكا القبيح. التخبط الجديد الذي أوقعت إدارة المجرم بوش الصغير نفسها فيه وحاولت أن تسوق نجاحه الوهمي على الشعب الأمريكي والعالم هو التحالف مع قطاع الطرق أو مايسمى "رؤساء" العشائر الفاطسة في الأنبار من أمثال الحرامي العميل ستار أبو ريشة الذي نالته يد المقاومة قبل أن يعلن المجرم بوش بساعات قليلة خبر "نجاح" خطته الفاشلة في الأنبار على الشعب الأمريكي في خطابه الى الأمة على إثر زيارته السرية المتخفية في جنح الظلام الى الأنبار والإجتماع بخرفان مرعى المنطقة الخضراء ومن ضمنهم العميل المقبور قاطع الطريق الحرامي ستار أبو ريشة. المجلس الذي شكل مع مجموعة أبو ريشة العميلة سمي بمجلس "صحوة" الأنبار وكان واجبه حسب ما أذيع هو محاربة تنظيم القاعدة ويعنى به هنا "المقاومة الوطنية المسلحة الباسلة" وطرده من محافظة الأنبار ومحاولة إستتباب الأمن فيها بالتعاون مع قوات الإحتلال والجيش العميل الذي ألفة الإحتلال. إستعمال كلمة "صحوة" هو إفساد سايكولوجي نفسي متعمد لهذه الكلمة الطيبة التي تعني الإنتباه واليقظة والصفاء والرشد، التي حولوها الى رديف لمعنى العمالة والخيانة والبيع الرخيص. حتى الكلمات واللغة العربية لم تسلم من شر الخونة والعملاء والقتلة والمجرمين، عزيزي القارئ. يقال أيضا أن شكل مجلس آخر في محافظة ديالى سمي بمجلس "صحوة" ديالى وأنيطت له نفس الواجبات. من المعروف عزيزي القارئ أن هؤلاء الخونة والمجرمين لم يتمكنوا من المقاومة الوطنية المسلحة الباسلة وأن كل الذي يعملونه هو الوشاية على الأبرياء من مواطنينا في القرى والقصبات الأمنة وذلك لتوقيفهم أو لقتلهم المتعمد بواسطة القصف الجوي الأمريكي والهجوم الإرهابي الليلي عليهم الذي تقوم به القوات الأمريكية والقوات العراقية العميلة.

 

الفشل والتخبط والإجرام الأمريكي في العراق أدى مؤخرا الى عرض خطة السيناتور الديموقراطي الصهيوني جوزيف بايدن لتقسيم العراق الى ثلاث مكونات "فيدرالية" أو بالأحرى كونفيدرالية للتصويت عليها في مجلس الشيوخ الأمريكي التي رفضت سابقا من قبل لجنة بيكر - هاميلتون لمجموعة دراسة العراق لأنها خطة غير واقعية وغير عملية قد تؤدي الى مأسي أنسانية داخل المجتمع العراقي، لكن مع هذا أقرها مجلس الشيوخ ذو الأغلبية الديمقراطية بأغلبية 75 صوتا مقابل 23 صوتا في 26/9/2007. على الرغم من أن إقرارها كان غير ملزم لإدارة الشر الأمريكية - وأنتقدت من قبل إدارة المجرم بوش وكذلك من عملائهم في مرعى المنطقة الخضراء عدا الأحزاب الكردية العميلة التي تتطلع بفارغ الصبر الى إعلان دولتها الكردية المستقلة لأول مرة في التاريخ البشري حينما تسنح الظروف لذلك - فهذا لا يعني أنها سوف لن تطبق مستقبلا وعلى مراحل. هذا أيضا يعني أن هناك توافق بين الحزبين الأمريكين على تقسيم العراق مستقبلا وحسب الخطة الصهيونية القديمة لتفتيت الدول العربية إبتداءا بالعراق وذلك لخلق الظروف المناسبة لهيمنة الكيان الصهيوني على مجمل منطقة الشرق الأسط ونهب خيراتها. في هذا السياق يجب الذكر أن السيناتور الصهيوني جوزيف بايدن رئيس مجلس العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي هو أحد المرشحين الديموقراطيين المتنافسين على الحصول على فرصة الترشيح للدخول في المعركة الإنتخابية الرأسية عام 2008. على الرغم من أنه ليس يهودي بل مسيحي الديانة لكنه يتفاخر علنا بكونه معتنق للفكر الصهيوني.

 

إذن ما العمل ومتى سينتهي الإحتلال وتختفي مآسيه من العراق؟!!!

 

حذرنا في مقال سابق (إنتصار الحزب الديموقراطي في الإنتخابات لا يعني الأنسحاب من العراق) من أن فوز الحزب الديمقراطي في الإنتخابات لا يعني بالضرورة إنسحاب القوات الأمريكية من العراق وهذا ما بينته الأحداث والمناقشات داخل الكونجرس وعلى منابر التنافس بين الديموقرطيين للفوز بفرصة الترشيح لدخول معركة الرأسة حيث أن البعض من السياسيين الأمريكان وأعضاء الكونجرس من الجمهوريين والديمقراطيين يذكرون التجربة الكورية الجنوبية في مقبلاتهم الصحفية حينما يتكلمون عن مدة بقاء القوات الأمريكية في العراق وهذا يعني أن هناك بعض التلاميح لبقاء القوات الأمريكية في العراق لمدة 50 عاما أو أكثر كما هي الحالة في كوريا الجنوبية. إضافة الى ذلك أن كل المتنافسين الديمقراطيين الرئيسيين على الترشيح لخوض معركة الإنتخابات الرأسية عام 2008 ومنهم هيلاري كلينتون وبراك أوباما وجون أدواردز عدا المنافس السيناتور دينيس كوسينتش لا يدعون الى سحب القوات الأمريكية من العراق حتى بعد فوزهم معركة رأسة الولايات المتحدة بل يتكلمون على تخفيض عدد القوات وبقاء حوالي 50 – 100 الف جندي مقاتل في قواعد دائمية داخل  العراق الى سنة 2013 لحماية الموظفين والمنشأت الأمريكية ومنها الشركات ومبنى السفارة الأمريكية في بغداد وبعد ذلك سينظرون إذا سنحت الظروف سيخفظون عدد تلك القوات الى أرقام لم يذكرونها.

 

نستنتج من كل ماجاء أعلاه أن الأمريكان رغم فشل إحتلالهم المجرم الغير شرعي والغير قانوني للعراق وكبر حجم خسائرهم المادية والبشرية وبغض النظر عن من يسكن في البيت البيض إن كان ديمقراطيا أو جمهوريا لا ينوون تركه بل يبتغون البقاء فيه عنوة ورغم إرادة الشعب العراقي لحين تحقيق مأربهم في منطقة الشرق الأوسط ألا وهي تقسيم المنطقة الى دويلات أو محميات صغيرة متصارعة وحسب الخطة الصهيونية ونهب خيراتها النفطية كخطوة أولى لبناء الإمبيراطورية الإقتصادية الأمريكية العالمية المسيرة من قبل رأس المال والشركات الإحتكارية الصهيو - أمريكية.

 

الإحتلال ألصهيو – أمريكي الفارسي الصفوي المزدوج لا يخرج من العراق إلا بطرده وهزمه عسكريا. لذا فإن الذي يجب أن نعمله كعراقيين لهزم هذا الطاغوت المجرم وإنهاء كابوسه في وطننا المستباح المغتصب هو أن نوحد صفوفنا وكلمتنا ونرفض تقسيم وطننا مهما كانت التضحيات ومهما طال الزمن أم قصر، ونوحد فصائل مقاومتنا المسلحة الباسلة وندعمها ونساندها ونحميها، ونفضح أساليبه الخبيثة ونرصد تحركاته وتحركات عملائه، ونعمل كمطلب وطني صادق وشرعي على تصفية كل العملاء والخونة وتطهير أرضنا من هذه القاذورات والحشرات المضرة مهما كانت ومهما هي أن تكون ومن أي النسيب أو الفصيل، وعاش العراق حرا عربيا واحدا موحدا بكل أطيافه الجميلة.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة /  08 شــــوال 1428 هـ  الموافق  19 / تشــريــن الاول / 2007 م