بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

معركة البعث مع المحتل والأولويات والخيارات

 

 

شبكة المنصور

ابـــو جعـفــر

 

اخيرا لابد للمحتل ان يتجاوب مع الشروط التي حددها حزب البعث العربي الاشتراكي ومقاومته الوطنية في مشروع الاستقلال والتحرير.

بعد ان عجز المحتل عن تحقيق الاستقرار وانعدام قدرته للسيطرة على الاراضي العراقية، رغم استخدامه ابشع الاساليب والوسائل الوحشية والقمعية واللا شرعية واللا قانونية واللا انسانية ضد الشعب العراقي المؤمن وخلافا للحقوق الدولية للسيادة الشرعية للدولة العراقية. فالمحتل الذي جاء بدباباته وطائراته وقواته لم يقاتل سوى البعث، ولم يستهدف سوى البعث ولم يدمر سوى دولة البعث. والمحتل يعلم أن أغلبية الشعب هم مع البعث.

ان صورة المحتل المضطرب والفاشل اصبحت واضحة، ومتزامنة مع استفزازات اقليمية توسعية على حساب وجوده في العراق، تقودها الاطماع الصفوية في المنطقة واخرها قضية المناوشات الحربية في مضيق هرمز.

هذا ما نقوله نحن ونعلمه ونراه على الأرض.

ولكن ماذا يقول المحتل؟ وبماذا يفكر؟ حتما يفكر بشيء اخر، فهل سيجرؤ المحتل على اعلان هذه الصورة او الاعتراف بخسارته او هزيمته في حربه ضد العراق، وتحمل كل النتائج المترتبة عليه؟!.

أم لديه أجندات وأوراق أخرى في ستراتيجيته الاحتلالية التي قد تصل إلى استخدام أسلحة التدمير الشامل ضد العراقيين في حالة حصول الهزيمة والخسارة المؤكدة في الحرب، علما انه قد استخدم أسلحة الدمار الشامل في عدوان 1991-2003 ولكن بصورة مجزأة وتكتيكية اذ ما تزال اثار اليورانيوم المنضب وتأثيراتها موجودة في الأراضي العراقية، وكانت سببا في التشوهات الخلقية والامراض السرطانية للعديد من العراقيين الابرياء وموت الكثير منهم.

وربما انه قد يفكر في تكرار مأساة هيروشيما ونكازاكي داخل العراق، وهذه هي خصائص الطاغوت والمجرم الذي يفقد صوابه في ظل انعدام نظام توازن القوى الدولية، وتصبح العربدة الأمريكية عدوانا سافرا على بلد وشعب امن.

معنى ذلك ان المحتل قد لا يستجيب لبعض شروط حزب البعث العربي الاشتراكي ومقاومته الوطنية, وقد ايقن جيدا ان الحرب الكبرى التي يشنها ضد العراق قد بدأت وستبقى مع حزب البعث العربي الاشتراكي، ومنذ البداية وحتى النهاية. ولم ينفعه في ذلك حلفاءه واعوانه في المنطقة ففي تقدير المراقبين السياسيين من الامريكان وغير الامريكان ومن العرب وغير العرب أن حزب البعث العربي الاشتراكي, يعتبر من الاحزاب العملاقة والكبيرة في المنطقة واستطاع أن يحتوي اصعب الازمات الكبرى التي مرت في مسيرته النضالية، وربما خسر فيها معركة أو معركتين ولكنه بالنتيجة ينتصر في الحرب النهائية سواء على الصعيد الفكري والجهادي والنضالي، أو السياسي والدبلوماسي، ولهذا فانه من الأحزاب القلائل التي تستطيع أن تواجه رياح المتغيرات الدولية وتأثيراتها على السيادة والكيانات الوطنية والقومية والتي تحركها وتهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية في ظل نظام الاحادية القطبية، وسر هذه القدرة يكمن في حالتين، الاولى: قوة الفكر العروبي المتمسك به البعث، والثانية: صلابة الارادة الحديدية لمناضليه وقوة عروبتهم، فقوة البعث في الموقف السياسي تولدت نتيجة نقاوة منهجه وعدالة مسؤوليته وحكمه وعدم الخضوع أو الرضوخ أو الارتباط بالقوى الاستعمارية العدوانية والتوسعية ولكنه مرتبط بعمق بالانسان والوطن والامة، وهدفه المركزي حماية حقوق ومصالح الامة والوطن واداته الوحيدة هي المناضل والمجاهد الصادق وليس غير.

هذه الخصائص جعلت حتى الولايات المتحدة الأمريكية (كدولة) وليس (قوات احتلال) تدرك جيدا مبدئية حزب البعث وتعترف به كخصم ضدها واقوى بكثير من حلفاءها الضعفاء كالذين كانوا سببا في تورطها ومأزقها وفشلها في العراق.

فالمحتل الذي اتخذ إجراءات ارهابية ومؤذية ضد البعث مثل قرار اجتثاث البعث وحل الجيش العراقي البطل، وحل الوزارات الأمنية المهنية الأصيلة تفاجئ ببروز دلالات تاريخية وتطبيقية ناصعة في مكانة وأمانة وإخلاص البعث ومناضليه ووضوح الحرص الشديد على مصالح الشعب العراقي خلال فترة مسؤوليته للسيادة الوطنية العراقية، ولاكثر من 35عام.

وان نتائج المقارنة بين الوضع العراقي قبل الاحتلال وبعده، اصبحت مؤشرا ذا معنى تام في ذهن العراقيين والعرب والعالم، وقد أثبتت الأحداث صحة هذه الصفات التي يتمتع بها البعث.

الامر الذي جعل هذه القرارات والإجراءات العدوانية تنعكس سلبيا على المحتل، إذ أثارت سخطا شعبيا وردود أفعال سياسية وطنية واسعة في الساحة العراقية والعربية والدولية.

وقد ازداد الرفض أكثر حين حاول المحتل أن يستخدم الخونة والعملاء في البرلمان المشبوه في تحويل (قرار الاجتثاث) إلى (قانون المسائلة والعدالة) متصورا انه سيستطيع أن يسحب نفسه من الحرب مع حزب البعث ويحصره فقط بين البعث وشلة الخونة والعملاء الذين أتى بهم كي يعالج جانبا من التهم الموجهة له عربيا ودوليا وامريكيا، والتملص من الخطأ الفادح الذي ارتكبه بحق حزب البعث العربي الاشتراكي والمؤسسات السيادية والوطنية العراقية, لكنه سيبقى المجرم التاريخي الذي لا بد أن يحاسب ويدان انسانيا وعربيا وتاريخيا.

ومع صمود البعث وقدرته على ادارة هذه الحرب مع المحتل استطاع البعث أن يضيف متغيرا جديدا في معادلة هذه الحرب وهي خلق روح التضامن والاندماج الجهادي والمشاركة في تشكيل جبهة عريضة من الحلفاء الوطنيين الشرفاء الصادقين، في الخط الجهادي المقاوم والخط السياسي المناهض وتبلورت في وئام وتفاهم تام باطار الجبهة الوطنية القومية الاسلامية، وفي تشكيلات جهادية مشتركة أخرى لها من الفعل والعمل المضاد للمحتل ما يشار له بالبنان، ويثير قلق المحتل.

وبهذا النشاط الحركي بدا (نظام مؤسسة المقاومة) ياخذ بعدا واطارا شرعيا وقانونيا وانسانيا في مفهوم (عدالة المقاومة) ضد الظلم والشر والعدوان والاحتلال وتوسعت مناطق المواجهة واساليب التحدي لقوات الاحتلال فلم يعد المحتل يتمكن من ادارة معاركه بطريقة مسيطر عليها، رغم كل قدراته المادية والفنية والتقنية، فتربعت مشاعر الهزيمة في نفوس وذهن قادة قوات الاحتلال ولم يبق إلا أن تصل إلى عقول وقناعة صناع السياسة والقرار الأمريكي.

ازاء هذا التوصيف لم يحسم النصر لكلا الطرفين من الحرب ولحد الان، فما زال البعث موجودا شامخا ومازالت المقاومة المجاهدة مستمرة وما زال المحتل موجودا.

الشيء المهم المراد ذكره هو أن حزب البعث العربي الاشتراكي الان امامه صورة مأساوية وكارثية لاوضاع الشعب العراقي داخل الوطن جراء الاحتلال والقتل والاعتقالات والتشريد والنهب والفساد وانعدام متطلبات الحياة في مختلف جوانبها، واستمرارية السرقة اليومية لاموال الشعب والدولة ولثروات الوطن من قبل المشاركين في العملية السياسية ومن المرتبطين بالصفوية والمسؤولين في المؤسسات الرسمية الذين تكيفوا مع هذا الواقع واصبحوا يمررون جرائمهم وسرقاتهم من خلال المشاركات الشخصية المخفية تحت قبة البرلمان المشبوه واروقة الحكومة العميلة حتى تحولا إلى (مركز تجاري لتبادل الصفقات والعقود والعمولات) ودليلنا في هذا ما اشرته اخيرا المضامين المقروءة ما بين السطور في الميزانية المالية لسنة 2008، اضافة إلى ما يمكن ايجاده من ارصدة وحسابات شخصية لهؤلاء اللصوص في المصارف والبنوك العربية والدولية وضخامة مبالغها المودعة.

اما صورة العراقيين خارج الوطن والتي يتجاهلها الخونة والعملاء من البرلمان المشبوه والحكومة العميلة واللذان عملا على تحريض ومطالبة السلطات في الدول العربية والاجنبية واتفقت معهم وساومتهم لاتباع اساليب عنيفة وقسرية للتعامل مع العراقيين ونخص بالذكر سوريا التي تنظر للحكومة العميلة الحالية بانها حليفة ايران والاردن الذي استعاد الامدادات النفطية مقابل الضغط على مرور وتواجد العراقيين في الأراضي الاردنية، ونضيف أن المصارف الاردنية قد امتلئت بالارصدة الضخمة التي يسرقها المالكي وصولاغ والعبادي والسامرائي الخ من اللصوص حتى اصبحت الاردن مستودع الاموال المسروقة من الشعب العراقي.

فانها في نظر البعث مؤسفة ومحزنة لما يتعرض له الانسان العراقي الشهم في بعض الدول العربية أو الاجنبية من استفزازات واهانات واحراجات وعجرفة امنية وخيارات اللجوء القاسي في الدول الغربية الذي يقصد به الاستئصال الجسدي للشعب العراقي, وتراجع واضح وملموس في مسؤولية الجامعة العربية والامم المتحدة في اتخاذ الاجراءات العادلة والكفيلة بحماية حقوق الشعب العراقي الكريم، وتوظيف سلبي لمعظم الجمعيات الانسانية, وبالاخص هيئة الهلال الاحمر التي اصبحت تستخدم وظيفتها كاداة سياسية من ادوات الخونة والعملاء في العملية السياسية ومجالا لنهب وسرقة المساعدات الخارجية, وبمراجعة سريعة لادارة هيئة الهلال الاحمر ولأسلوب المسؤلين فيها وانتماءاتهم وارتباطاتهم مع الخونة العملاء في الحكومة نجد أن الفساد قد تخطى الجمعية بالكامل، وفقدان الجمعية لاي عمل انساني حقيقي, اما منظمة الصليب الاحمر الدولي التي اتجهت إلى مساندة المحتل في جانب من خططه واساليبه القذرة فانها اصبحت اداة مخابراتية أكثر من كونها انسانية (ولنا في هذا الجانب حديث خاص).

اذن امام حزب البعث العربي الاشتراكي اولويات انسانية واجتماعية واقتصادية في حربه مع المحتل والخونة والعملاء، ويترتب اتخاذ الاعتبارات المهمة في حالة تراجع المحتل نحو مواقع خلفية في هذه الحرب، وان يضع طريقة خاصة لانسحاب قواته الغازية من العراق مقابل حماية حقوق ومصالح العراقيين ومعالجة الاثار التي سببها الاحتلال.

ففي هذه الاحوال هل سيؤجل البعث ومقاومته الوطنية (فقرة) أو (فقرتين) من شروطه وثوابته التي حددها في مشروع الاستقلال والتحرير تحت تاثير وضغوط المعاناة القاسية والصعبة التي يتعرض لها الشعب العراقي المجاهد ؟؟... أم سيعمل في استخدام المفاجئات المعدة, ومواصلة الحرب مع المحتل والخونة والعملاء؟

وفي كل الاحوال استطاع حزب البعث العربي الاشتراكي خلال فترة الاحتلال أن يحظى بثقة الجماهير والمجاهدين وتاييدهم لمسؤوليته الوطنية والنزيهة واثبت براعته في هذه الحرب، وانه المؤهل لاعادة الاستقرار وان يحقق النصر والسلام وبناء علاقات دولية مبنية على احترام المصالح المشتركة بين الدول والشعوب.

نعتقد أن حزب البعث الان امام عدد من الخيارات واجراءات في ترتيب الاولويات، وتتطلب منه قرارات صعبة وجريئة في الموقف القادم وتندرج ضمن اطار الاجراءات التكتيكية التي تخدم الستراتيجية.

خصوصا وان الانتخابات الأمريكية اصبحت قاب قوسين وان السياسة الأمريكية لابد لها أن تستخدم فوز (الحزب) الذي سيصل (البيت الابيض) وتغيير الرئيس الأمريكي، وربما الدلائل تشير إلى أن المأزق الأمريكي يحتاج إلى وجه (نسوي) أو(انثوي)، وكشف واحدة من احدى اساليب الستراتيجية الأمريكية في اعتماد منهج الادوار النسوية في السلطة وصناعة القرار بعد أن دجنت العمل السياسي بادوار مجموعة (من النساء) في وزارات الخارجية وغيرها لهم ولشركائهم من اجل تحسين صورتها البشعة التي صنعتها السياسة الأمريكية ونفذها المجرمون امثال المجرم بوش في عدوانه واحتلاله للعراق وافغانستان وبقية المناطق الساخنة في العالم.

والجميع يعلم أن السياسة الأمريكية شيء ونتائج الانتخابات شيء اخر فالسياسة ثابتة وواحدة ومحددة ولكن الرئيس الأمريكي حالة وصورة متغيرة.


عاش العراق حرا عربيا كريما
المجد والخلود لشهداء المقاومة العراقية البطلة.
الله اكبر .. الله اكبر

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس / 02 محـــــرم 1429 هـ الموافق 10 / كانون الثاني / 2008 م