بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 

كيف يقتل علمائنا ومهندسينا وأطبائنا واساتذة جامعاتنا

 على يد الموساد وبعض الفرق الخاصة الاميركية !!

 

 

 شبكة المنصور

 ابو مهيمن الحديثي

 

اطلعنا على بعض التقارير المكتوبة لجهات اجنبية ومنها جريدة اللوس انجلس وبعض المنظمات المهتمة بالعلماء وكيف أعدت الخارجية الأميركية تقريراً وتم رفعه الى الرئيس جورج بوش ولكي يطلع على الاستهداف المقصود والتصفية الجسدية المنتظمة للعلماء والأطباء والمفكرين والمدرسين وأساتذة الجامعة في العراق.

التقرير أكد، على ان وحدات «الموساد» و«الكوماندوز» الاسرائيلية تعمل في الأراضي العراقية خصيصاً لقتل العلماء والمهندسين العراقيين خاصة علماء الطاقة الذرية العراقية وهيئة التصنيع العسكري وتصفيتهم جسدياً بعد ان فشلت الجهود الأميركية منذ بداية الغزو في استمالة عدد منهم للتعاون والعمل في الأراضي الأميركية، ويؤكد التقرير ان هناك فريقاً أميركياً خاصاً يساند القوات الاسرائيلية في أداء هذه المهمة الدموية، وان الفريق الأمني الأمريكي يختص بتقديم السيرة الذاتية الكاملة، وطرق الوصول الى هؤلاء العلماء العراقيين، وأنه ترتب على ذلك قتل 350 عالماً ومهندساً و200 أستاذ جامعي حتى الآن في الشوارع العراقية بعيداً عن منازلهم. وتستهدف هذه العمليات وفقاً للتقرير الأميركي أكثر من 1000 عالم عراقي. إلا ان العبارة الجديدة الهامة في التقرير هي ان «أحد أسباب انتشار الانفجارات في بعض شوارع المدن العراقية يكون المستهدف منه قتل العلماء». أي ان قتل العلماء العراقيين لم يحدث نتيجة عمليات ارهابية غامضة، بل ان عمليات الارهاب تحصد في كل مرة عشرات الناس خلال عملية تستهدف قتل عالم أو أستاذ جامعي، أي ان هؤلاء العلماء ليسوا ضحايا ارهاب عبثي يُلصق بـ «القاعدة» كالعادة، بل ضحايا عمليات قتل متعمد من قبل أجهزة مخابرات مدربة على الاغتيال ولديها قائمة تستهدف سلب العراق خيرة علمائه ومفكريه ومهندسيه وأطبائه وخاصة علماء الطاقة الذرية وعلماء هيئة التصنيع العسكري؟؟!! ‏

وقد كتبت جهات عدة عن هذا الموضوع منذ احتلال العراق الى حد اليوم، من ضمنها جريدة اللوس أنجلس تايمز (8 تشرين الثاني 2007) والتي تحدثت عن خطف وقتل أساتذة الجامعة، كما أشارت تقارير وكالات الأنباء الى مقتل أكثر من ثلاثمئة أستاذ جامعي، والى «هجرة» ثلاثة آلاف منهم بعد الاحتلال الأميركي الذي استهدف، كما يقول بوش وعلى ذمته، نشر الديمقراطية في العراق وليكون «نموذجاً» للبلدان الأخرى في الشرق الأوسط. يترافق ذلك مع حملة منظمة لخطف أشهر وأفضل الأطباء وقتلهم، وتهديد البعض الآخر ودفعهم الى الهجرة خارج العراق أو مواجهة الموت المحتم. كما أكدت الحركة الايرلندية المناهضة للحرب في تحقيق أجرته منذ شهر آذار 2006 ان قوات الاحتلال الأميركية، ولا ننسى أنها جاءت لنشر الديمقراطية تساعدها في ذلك فرق الموت التابعة للموساد الاسرائيلي، تقوم بإبادة «الثروة الفكرية والمهنية» في العراق، مطالبة اليونسكو بحماية من تبقى منهم. وقال التحقيق «رغم ان هناك مغدورين من ديانات وطوائف متعددة»، لكن التقرير شدد على ان «النموذج الوحيد السائد هو ان الغالبية المطلقة من الضحايا هم، إثنياً، من العرب حصراً، وان الاختصاصات الرئيسية المستهدفة هي العلوم والحقل الطبي وحملة الدراسات العليا من الماجستير والدكتوراه ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات والأكاديميين الناجحين والمعروفين». ‏

وتتزامن حملة الإبادة الجسدية هذه مع سرقة المتاحف، وحرق المكتبات، وتفجير الكنائس، والمساجد والجوامع، خاصة ذات القيمة الأثرية والفنية والمعمارية منها. فرغم كل ما مرّ على العراق من غزوات وحشية مدمرة في تاريخه لم يشهد وحشية مثل التي قامت بتفجير منارتي مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، وتفجير مئذنة مسجد «العشرة المبشرة» في حي الزهراء في البصرة. وقد بلغ عدد المساجد، ومراقد الصحابة، ودور العبادة ذات المكانة الواسعة التي تم تدميرها منذ احتلال العراق أكثر من عشرين. وفي السياق ذاته يأتي تفجير وحرق المكتبات في الجامعات والمدن، بما في ذلك تفجير شارع المتنبي في بغداد والذي هو الشارع الوحيد في العالم المتخصص كلياً بالكتاب والمكتبات وهو دليل حيّ على ألق فكر حضارة وأبناء ما بين النهرين. ‏

ولكن هل هي محض صدفة ان تلقى مكتبة الشيخ عفيف النابلسي في مجمع الزهراء في صيدا اللبنانية ذات المصير، من قوات الدمار الاسرائيلية، الذي لقيه شارع المتنبي في بغداد؟ فقد دمرت الطائرات الاسرائيلية، الأميركية الصنع، مكتبة السيدة الزهراء في صيدا خلال حرب تموز عام 2006 وهي المكتبة التي كانت تضم آلاف الكتب والمخطوطات والمدونات، كما دمرت أيضاً مكتبة العلامة السيد محمد حسين فضل الله، والتي كانت تعتبر من أغنى المكتبات في المنطقة. كما دمرت اسرائيل البنية التحتية للمدارس والجامعات والمراكز التربوية والاجتماعية والإنمائية. والشيء ذاته تمارسه اسرائيل منذ عقود في فلسطين، والذي ظهر جلياً خلال اجتياحها للبنان عام 1982، حين دمرت بشكل منظم مراكز الأبحاث والتراث والمكتبات الفلسطينية في بيروت والجنوب، كما اغتالت المئات من الكتاب والمثقفين والفنانين الفلسطينيين، وتقوم حالياً بحرمان الشعب الفلسطيني من ادخال أي كتاب الى الضفة والقطاع ضمن سياسة فرض حصار ثقافي وفكري على الشعب العربي الذي شكل طوال تاريخه الممتد لآلاف السنين منارة للفكر والثقافة والعلوم والفنون والفلسفة والآداب في التاريخ الانساني. ‏

من الواضح من كل ما لدي من وثائق، والتي أشرت الى النزر اليسير منها في هذا المقال، ان الاستراتيجية الصهيونية في فلسطين والعراق ولبنان، وفي أي بلد عربي، تقوم على جذب أو تهجير أو قتل العلماء العرب، ونهب الآثار، وحرق المكتبات، ومن جهة أخرى اتهام العرب والمسلمين أنفسهم بالارهاب، ويترافق ذلك مع منع أبنائهم من دخول فروع الطب والعلوم في الجامعات الغربية والأميركية. ومن الواضح أيضاً انهم بهذا يحاولون اعادة تجربة إبادة السكان الأصليين في الولايات المتحدة واستراليا وإقامة دولتهم الاستعمارية الاستيطانية مكان الدول العربية، إذ يحلمون ان تكون هذه منطقتهم بعد مئة عام، ولكنهم أخطؤوا العنوان هذه المرة، فهذه الأمة لن تموت ولن يتمكنوا من إبادتها، فقد قتلوا غسان كنفاني، كما اعترفوا مؤخراً، في بيروت فانبعثت مؤسسة غسان كنفاني لتخرّج عشرات الكتاب والمؤلفين، وقتلوا ناجي العلي، فتم تأسيس مؤسسة ناجي العلي لتخرّج عشرات الفنانين، وفي غمرة احراقهم للكتب في العراق نالت الرواية العراقية المرتبة الأولى بين الروايات العربية المترجمة الى الانكليزية ونشطت حركة الشعر والكتابة والفنون والموسيقا لدى العراقيين في المهجر. ‏

هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها العرب لمثل هذه الغزوات الوحشية، فالغزاة من جيوش الأجانب المتوحشين والمتحضرين، القدماء والمعاصرين، على حد سواء يستهدفون علماءنا أولاً بقدر استهدافهم ثرواتنا وقلاعنا. فهم الذين أحرقوا مكتباتنا عندما كانت كتبنا رُقماً طينية، وأحرقوها في بغداد والاسكندرية وطرابلس والأندلس عندما تحولت الى الورق الذي نشره العرب ليكون أداة لحمل المعارف والحضارة لكل البشر. والغزاة الرومان، والتتريون، والعثمانيون، كالأميركيين والاسرائيليين أفرغوا عواصم الحضارة الانسانية: بغداد، ودمشق، والقاهرة، وقرطبة وكل المدن العربية التي غزوها، وفي كل مرة، من مئات الألوف من الفلكيين، والكيميائيين، والبنائين، والحدادين، والأطباء، والمعماريين، والسيّافين وغيرهم من شاغلي آلاف الحرف التي طورها الابداع العربي، وحمولهم الى مواطن الغزو الوحشية لينشروا فيها منتجات الحضارة العربية، وليحرموا أمتنا من فرص التطور والتنمية. هذا ما عمله هولاكو ببغداد، وتيمور بحلب ودمشق وحمص، وهذا ما كرره السلطان سليم العثماني بالقاهرة ودمشق وغيرها من مدن الشام، حين أقام أشهراً فيها وهو يرسل قوافل طويلة يومياً من العلماء والحرفيين وأدواتهم وكتبهم براً وبحراً الى بلاده لتعميرها. وهذا ما يفعله بوش وحلفاؤه من طغاة كيان الاستيطان الغربي في فلسطين، من جديد، بعلمائنا وأطبائنا ومهندسينا ومثقفينا. ولكن عبثاً يحاولون! فالطغاة هم الذين ينتهون وأمتنا تجدد نفسها كل مرة رغم ظلام التجهيل، وظلم الغزاة. ‏ أما اَن لليلهم ان ينجلي عنا؟؟

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء / 21 محـــــرم 1429 هـ الموافق  29 / كانون الثاني / 2008 م