بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

استشهاد الحسين راية المجاهدين وطريقهم الى النصر المبين

 

 

 شبكة المنصور

 ابو مصطفى العنزي

 

في كل يوم يهان العرب وتهان ارضهم ومقدساتهم وفي كل حين تفرض عليهم شروط مقابل الاستمرار بالحياة ، ولم تعد هناك كلمة طيبة تجاههم من باب المجامله لان المقابل اصبح لا يحتاج الى مجاملتهم كونهم لم يعودوا بحاجة لها لانهم رفعوا راية الاستسلام امام منغصات حياتهم ودرأوا الاخطار بالتنازلات والانهزامات والانقسامات وضيقوا دائرة الاطمتنان الى اصغر قدر ممكن واصبح من يعيش بداخلها يشعر بأمان مزيف هو اول القانعين بزيفه أما من يعيش خارجها فليس امامه إلا تحمل الظلم والذل والهوان والقهر مسلما امره الى الله بعد ان اصبح مضرج بمساويء الانظمه التي ابتلاه الله بها والتي تهرأت الى درجة لم تعد تصلح للترقيع .

لو اردنا ان نختزل مصيبة الامه العربيه بأية قضية من قضاياها القائمه الآن فسنجدها امة وهنت وضعفت امام التحديات ، ثم نعود فنقول ان هذا الوهن وذاك الضعف ليس من مميزات هذه الامه لكنه وهن مفروض عليها من داخلها وضعف مصطنع من قبل ابنائها ، ولذلك فأنها ان بقيت راضية بهذا الحال فأنها ستقع حتما بدائرة الهلاك التي تعتبر نهاية لها واندثار لقيمها ومجدها وكرامتها وحتى لتاريخها لان امجاد التاريخ الماضيه ستندثر اهميتها اذا ما توج الحاضر والمستقبل بسقوط وفشل ونحن نتسائل بأستغراب وذهول ،ما الذي يدفع بهذه الامه الى الخوف من الاخرين والانصياع لرغباتهم ؟؟؟

وهي امة لا تقل قوة عنهم ولا مكانة عن مستواهم ولم يحفل التاريخ بمثل ما حفلت به من مكارم الاخلاق وقوة وحضارة وعلم وثقافه ودور كبير في تقدم ونهوض الحضاره الانسانيه .

المرحله الراهنه اسوأ مراحل الامه في تاريخها الحديث وهي الامتحان الفاصل الذي سيحدد مصيرها ومستقبلها ويسلط الضؤ على بقائها او فنائها . فظروف الاحتلال والتدخل السافر والامتهان للكرامه وطمس الحضاره ونهب الثروات ووصول الامر الى التدخل المناهج الدراسيه والآيات القرآنيه هو واقع الحال وينبيء الى الاسوأ الذي ربما سيشمل تحديد درجات المستوى العلمي وتحديد الاراضي التي يجب زراعتها ونوع المحاصيل الزراعيه وتحديد ساعات النوم واليقظه والنسل وعدد النفوس الخ بحيث لا يسمح لهذه الامه ان تكتفي ذاتيا وتسد حاجاتها بما لديها من موارد طبيعيه وبشريه .

كنّا دائما نظن ونقول ان قضية العرب المركزيه هي فلسطين ومأساتها وكان المفروض ان يكون واضحا منذ البدايه انفي كل بقعة من الارض العربيه ستكون فلسطين جديده لان من صنع المأسات الاولى لم تكن غايته فلسطين فقط ولانه يعلم ان الموقف العربي من المآسي الجديده سوف لن يرقى الى الموقف من فلسطين لانه يعلم ان الشعور القومي الذي كان متوقدا لم يعد كما كان وان الرجال الذين كانت تشدهم الغيره والحميه قد تضائلوا .. اما اليوم فالواقع يتحدث بوضوح الى ان السبيل الى التحرر والانعتاق تلفه لوثة وتطغي عليه حالة من التمرد على شريعة الله وقيم الانسانيه ، وكل الامه انظمة وشعب ينظرون الى بلدان تدمر وشعب يذبح فلا يتحرك لها ساكن .. الانظمه شاهدت علنا علم من اعلامها ورجل من رجالها الافذاذ يلف رقبته حبل المشنقه فأختنقت من الخوف من حيث تدري ولا تدري ولانها لا تحب الشهاده ولا تعترف بالكرامة راحت تركع اكثر تحت اقدام الاعداء وتخضع اكثر وحتى من يمتلك شيئا من الغيره او ضباب من الكرامه اضطر الى التخلي عنها ووضعها في قاصة حديديه متينه ورمى بمفتاحها في البحر لكي لا يفكر يوما بفتحها ، اما الشعب فقد همد تحت مفعول افيون بجرعات اضافيه افقدته مزاياه وجعلته يهرول طول نهاره بحثا عن لقمة العيش ويقضي الليل يفكر كيف سيحصل على هذه اللقمه في نهاره .

يا لبؤس هذه الامه ولكم الله يا ابنائها .. تمشون فوق انهر من ذهب وفضه ويقتلكم الجوع والحرمان
كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول

تمتلكون السواعد السمر المفتوله ويعبث بكم صعاليك وثعالب ... تعطون للعالم علم وثقافه وتعيشون في ظلام الجهل القاتل ترددون دوما :

فلا نزلت علي ولا بأرضي سحائب ليس تنتظم البلادا
ولا تسمعون إلا : اذا بت ظمآنا فلا نزل القطر

في ميدان الاصاله العربيه عندا يقع كبير القوم او شيخ العشيره او يصيبه مكروه يهب الجميع لنجدته وإعادة عافيته لانهم يدركون جيدا ان فقدانه سيؤدي الى ضعفهم وهزالهم وخسارته معناها خسارتهم ولكن للاسف كسرت القاعده وتحولت الى قيام البعض بتعميق الحفره لمن يسقط فيها هدفهم من ذلك التقرب من الاعداء زلفى مع علمهم بأن الاعداء لا يكنون لهم اي حب واي احترام عندما يروهم بهذه الدناءه ... وهكذا كانت مواقف الكثير من الاخوه والاشقاء من القضايا المصيريه التي اكلت من رصيف الامه الشيء الكثير وبدى الامر طبيعي بنظر الحكام والسلاطين والملوك والامراء لان كرسي الحكم بنظرهم اغنى واهم من كل شيء حتى الشرف والعرض .

توجه الحسين عليه السلام من مكة الى الكوفه بعد الحاح وطلب من ابنائها وبعد ان لبى النداء ووصل اليهم انفض عنه من بايعه ولم يكتفوا بذلك بل وقفوا ضده مع اعدائه وقاتلوه مثلما قاتله الاعداء ثم قتلوه ومثلوا بجسده الشريف وقطعوا راسه وارسلوه الى عدوه ، وفي ساعة القتل والذبح والسبي نسي القتله بأنه (ع) السلام حفيد المصطفى سيد الرسل وخاتم الانبياء وان كل اصحابه الذين استشهدوا معه هم من آل البيت وصحابة الرسول .. ولم يفطنوا الى ذلك إلا بعد ان نخر الضعف اعداء الحسين ووصل حكمهم الى الحضيض عندها ظهر المطالبون بدم الحسين وجلهم من المشاركين بقتله ولم يكن موقفهم بالمطالبه منطلق من مباديء القضيه التي استشهد الحسين من اجلها بل انطلقوا من خلال نوايا بعيده كل البعد عنها وعنه (ع) .
لقد كان استشهاد الحسين بنظر خالقه قمة الشهادة وعنوان الايمان لأن الصمود امام الموت لا يقدر عليه إلا المقربون من الله ومن يطلب الموت جهارا في سبيل الله فقد فاز فوزا عظيما ولقي الله وهو ملاك كريم .. فالسلام على الحسين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا فقد سطر للتاريخ حدث يمثل حالتين اولاهما مفخرة الصمود والشهاده وثانيتهما الظلم والعدوان الذي تمثل في اعدائه والخونه الذين تخلوا عنه ساعة الحسم والحهاد ، وراح البعض يشق الجيوب ويلطم الصدور والخدود ويضرب الجباه بالقامات والسيوف حزنا على تلك الشهادة الساميه العالية المقام والتاريخ يعيد نفسه فقد استشهد الحسين دفاعا عن قضية شريفه واليم يذبح شعب بأكمله ويستشهد وطن بكل ما فيه من مقومات انسانيه وحضاريه ويساهم البعض ممن يدعون بانهم من ابناء هذا الوطن مساهمه فعاله في هذه العمليه كما ساهم من سبقهم في قتل الحسين والامه تنظر دون اي اكتراث او اهتزاز لضمير او نخوه .

واذا ما اكتملت عملية قتل هذا الشعب وهذا الوطن فسوف لن يجد العابثون مكانا يلطمون به ولا جباها يضربوها بالسيوف .

الواقع المرير وصل الى الخط الاحمر ومعه استقبل الحكام مجرم العصر وراس الافعى بوش وقلدوه القلادات والاوسمه ورقصوا معه بالسيوف وهيأوا له نسائهم تقبله على الطريقه الامريكيه وفرشوا تحت اقدامه السجاد والزهور ولسانهن حالهم يقول ( اضرب يا بوش ونحن من وراءك ) وهم جميعا يعلمون علم اليقين ان مصلحة هذا المجرم عندما تتقاطع معهم سيبصق عليهم ويدوس رؤوسهم بأقذر احذيته وعندها سوف لن يجدوا من يأخذ الثأر لهم كما فعلت المقاومه الوطنيه في العراق وسوف لن يتمكنوا من الموت بشرف ولن يؤدوا الشهاده بصمود وشموخ لانهم بعيدون عن الله وصدام قريب من الله ولانهم اذلاء ومخانيث والحسين (ع) سيد شهداء اهل الجنه استشهد فارسا مغوارا وصدام استشهد شامخا مؤمنا .

ليس امام الكريم عندما يتعرض الى الظلم إلا الجهاد اما اذا بات ينتظر عطفا ممن ظلمه فليقرأ على نفسه السلام لان الظالم المتجبر لا يمحو ظلمه إلا الجهاد ولا يكسر جبروته إلا الصمود والقوة والسلاح ، ويجب على كل مظلوم ان ينسى طروحات الاعداء التي تتحدث عن مصالحات وجبهات ولقاءات ومباحثات لانه كلها هدفها تخدير المجاهدين والتقليل من مكانتهم الشعبيه والقتاليه ، ليكن استشهاد الحسين (ع) طريق لكل من طلب العلا بشهامة وصبر وشجاعه ، ولتكن تلك الشهاده راية مقدسه يحملها ليصل بها الى طريق النصر والتحرير .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس / 09 محـــــرم 1429 هـ الموافق  17 / كانون الثاني / 2008 م