بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

  وأخيرا أنتهى أرق وقلق وسهاد بعض الزعماء

 

 

 

 

  شبكة المنصور

  العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

 

وبصدور تقرير لجنة فينو جراد أنتهى أرق وقلق وسهاد بعض الزعماء من العرب وقوى الأكثرية في لبنان.

فما أن صدر تقرير لجنة فينوغراد, حتى سارع  بعض زعماء قوى الأكثرية في لبنان إلى أسلوب التصعيد.

وراحوا يصلبون من مواقفهم , ويرفعون من وتيرة صوتهم و تصريحاتهم الرنانة , وخطابهم التصعيدي والتحريضي والطائفي والمذهبي, مهددين ومتوعدين, ويضفون عليها أزيز النار والمفرقات وقعقعة السلاح. مدعومين من إسرائيل والادارة الأمريكية وبعض الأنظمة والزعماء العرب. وكأنهم بصدور تقرير اللجنة تنفسوا الصعداء, وتحطم القيد المكبلين فيه بتواطئهم في العدوان الأمريكي الإسرائيلي على لبنان صيف 2006م, وتخلصوا من الحرج والإحراج , وحتى من عقدتي العمالة و الذنب والتآمر على العرب والمسلمين. وشعروا براحة وفرحة عامرة, وانتابهم طيف غامر بأن  أعناقهم تحررت ولو  لبعض الوقت من غضب المسلمون و العرب واللبنانيين على دورهم, والذي كان أشبه بحبل غليظ يكاد يزهق أرواحهم من كثرة الشد والجذب والضغط.

ولا تفسير لهذا التغيير في مواقفهم, والتعنت بإصرارهم على خطفهم السلطة والقرار, والعداء لقوى المعارضة, وارتفاع لهجة عدائهم لسوريا ولرئيسها حفظه الله ورعاه, سوى أنهم كانوا يعيشون هواجس كوابيس  مرعبة من أن تذكر أسمائهم في التقرير على دورهم المرذول في العدوان على لبنان. أو أن يحملهم التقرير  بعض المسئولية في فشل العدوان, بسبب تقاعسهم من تنفيذ كل ما أوكلته الإدارة الأمريكية من أعمال لضمان تحقيق نجاح العدوان, والتخلص من المقاومة اللبنانية وقوى المعارضة اللبنانية  والشيخ حسن نصر الله وأمل وحزب الله. وأضاعتهم لفرصة سيطرتهم على حكم لبنان. ليحكموه ويتحكموا فيه, ويسرقوه ويدمروه, كما يفعل الحكام العملاء حاليا في العراق. حين نصبهم المحتل كهياكل فارغة المضمون, ورؤساء ووزراء ومسئولين دمى بيد الأميركيين.

ثم تطوير الهجوم بعدوان على سوريا لتكون الدولة المحتلة والمستعمرة الرابعة بعد أفغانستان والعراق ولبنان. وعلى ما يبدوا فأنهم باتوا سعداء , وأحسوا بالأمن والأمان و الراحة, وأنهم في أوج قمم الفرح والسعادة والسرور, حين لم ترد أسمائهم في التقرير.فراحوا يتبجحون بتصريحات خبط عشواء تناقض كثيرا ما قالوه سابقا. يروجون أنفسهم على أنهم شرفاء حصلوا على شهادة حسن سلوك من القاضي الإسرائيلي فينوغراد. ويجهدون في رد الجميل لأسيادهم الإسرائيليين والأمريكيين, بإظهار مزيد من الوقاحة والسفاهة والحماقة, في اتخاذهم لمواقف أكثر حدية وهمجية وجنونية وعدوانية.وكأنهم شربوا حليب الذئاب والنمور والسباع. وأف على مثل هذه النماذج التي رقابها دوما تحت رحمة أو مقصلة أو إرادة ورغبة كل من  إسرائيل و الإدارة الأمريكية.

فها هو دولة فؤاد السنيورة بفرحته الغامرة, يستفيض بالحديث عن العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان, والمجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في لبنان, ويلمح إلى وجود نية مبيتة بعدوان جديد. ويختم كلامه مشيدا بصلابة مقاومة اللبنانيين وتصديهم لإسرائيل ومنعها من تحقيق أهدافها. وحتى أن فرحته بصدور التقرير أنسته انه هو من سعى لتأخير صدور القرار 1701  لحوالي أسبوع حسب تصريحات المندوب الأمريكي جون بولتون. وأنه وزعماء قوى ما يسمى بالأكثرية  أصبحوا أكثر تمترسا وراء التجييش المذهبي والطائفي, وأكثر ارتهانا للمشروع الأمريكي.وأصبح  خطابهم عالي السقف بأكثر من السابق, وغدا حديثهم أكثر صلفا ووقاحة, بحيث تفوق على كل أدبيات الهجاء منذ عصر الجاهلية وحتى الآن, وراحوا يقلدون صناديد الكفر والجاهلية والنفاق في كل ما فعلوه بالمسلمين, أو يقلدون أعداء الله حين أجمعوا أمرهم على صلب السيد المسيح , وقطع رأس  يوحنا المعمدان ( النبي يحيى عليه الصلاة والسلام). وراحوا يدفعون لبنان إلى حافة الهاوية بتصرفاتهم العدوانية. فها هو سعد الحريري يعلن أنه سيجر بمشيئته ورغبته ومزاجه وإرادته كل من يريد جره ومن رقبته إلى المحكمة الدولية. وأنه بات على أتم الجهورية  والاستعداد للحرب والقتال. ويوزع المال هبات ورشاوي وعمولات ورواتب للخونة والعملاء وأطقم الحراسات والمرتزقة. ولفرط غبائه وجهله لا يدري أن شعوب العالم  بكافة القارات والجزر في المحيطات ,باتوا يعرفون الدول النفطية العربية التي تقدم له هذا المال رغم أنفوهم تنفيذا لإرادة وأوامر وتعليمات  إسرائيل والادارة الأميركية, فيسرق معظمها لنفسه, ويوزع منها القليل  على المحاسيب والأزلام والخونة والعملاء, ويشتري بجزء منها ضمائر ذوي النفوس الضعيفة , وإعدادهم ليكونوا خونة وجواسيس وعملاء, وتأهيلهم وتدريبهم على أحسن طراز. ويشوه صورة العرب والمسلمين على أنهم جهلة وحمقى وأغبياء وعشاق للمال والأصفر الرنان , يبيعون لأجلهما كل شيء بما فيه الشرف والضمير والوجدان. وأنهم قطيع  من الرعاع لا يميزون بين الناقة والجمل, فكيف باستطاعتهم أن يميزوا بين القاتل والبريء في جريمة مقتل رفيق الحريري , وغيرها من الجرائم الكثيرة من بعده. فهم مجرد فرقعة صوتية, وصدى لصوت  تطلقه إسرائيل والادارة الأمريكية أو أي عدو من الأعداء, لا أكثر ولا أقل وفي كل الأحوال.

ويرد على الأمير سعد البيك وليد جنبلاط ككورس, بأنه هو الآخر لن يهاب السلاح والصواريخ, وأنه مستعد للحرب والطعن والطعان, وأنه مستعد للرد بالسلاح,وحرق اليابس والأخضر بالصواريخ وبالسلاح وبالنار, ,إضافة لكلام بذيء يخجل المرء من أن يردده, ويهدد ويتوعد سوريا وحزب الله والشيخ المقاوم حسن نصر الله.

 ويندفع باقي الكورس في تصعيد خطابهم التحريضي, من أمين الجميل إلى مروان حمادة وبطرس حرب والعريضي(من صغيرهم إلى كبيرهم وحتى المأمط منهم بحفاضه وسريره) ليعلنوا أنهم سيستمرون بإنفرادهم في الحكم , وأنهم  سيفرضون إرادتهم على الجميع ,وسينتخبون الرئيس الذي يريدونه في أي مكان,وأنهم لن يعيروا المعارضة أي اهتمام بعد الآن, وعلى المعارضة أن لا تحلم بتاتا بحصولها على شيء بما فيه الثلث الضامن. ويهيمون  في كل أرجاء لبنان كمتسولين وشحاذين, لتسول الحشود بالعاطفة والبكاء وبالتبرعات المالية وبوعود سخية بإقامة مشاريع خلبية, وحتى بشراء ذوي النفوس بالدولار واليوروا والريال, لحثهم على المشاركة والتجمهر في الساحات ورفع اليافطات  والصور وإقامة الاستعراضات  والمهرجانات في الذكرى الثالثة لجريمة اغتيال رفيق الحريري. ويختارون موعدا يسبق الذكرى بعدة أيام .وكأنهم يقولون بأنهم سيجعلون من الذكرى الثالثة لاغتيال الحريري الحدث الثاني لحادث بوستة(باص) عين الرمانة الإجرامي. ليحرروا لبنان من ربقة الحلف السوري الايراني, كما حرر جعجع والجميل وشركائهم بحادث عين الرمانة لبنان من رجس أتفاق القاهرة.  

والمضحك أن الإدارة الأمريكية وإسرائيل باتتا لا تعولا بتاتا على هذا الفريق في تحقيق شيء يخدم مصلحتيهما سوى كسب الوقت ونشر الأكاذيب والخداع والتضليل, ورفع وتيرة التحريض, وحتى وإن لم تعد تجدي أو تفيد. فهما على قناعة أن فريق الأكثرية يقوده  زعماء  يفتك بهم الوهن والجرب, ولا هم في العير ولا هم في النفير. ولكن يبقى ضجيجيهم وصخبهم وفسادهم, وتخريبهم للضمائر والنفوس, وشقهم للصفوف وإيقادهم لنيران الفتنة,  عامل تخريب على قوى الصمود والممانعة, وعلى فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق ,ويرفع على الأقل درجة الفتنة والحرب الأهلية إلى أعلى درجات الجاهزية, لاستغلالها وتوظيفها من قبل الإدارة الأمريكية وإسرائيل إن أمكن في الزمان والمكان المحدد. كما أنه يخدم حاليا حكومة أولمرت وحملة الجمهوريين الانتخابية. كما أنه يسهم في رفع أسعار النفط العالمية بحيث تغطي الإدارة الأمريكية الكثير من خسائرها المالية على حروبها, و يغطي عجز صندوقها الوطني, ويعطي المبرر لبعض الدول النفطية لتقديم الدعم المالي لإدارة الرئيس جورج بوش , ولكن بأسلوب جديد هو  توقيع عقود لشراء الأسلحة, والتي باتت عقودها وصفقاتها مستهجنة. ومن ثم توزيع هذه الأسلحة على المليشيات والعصابات وقوى الأكثرية في لبنان, ليشتد عودهم ويصلب في كل مكان. لعل وعسى يكون لهم  من دور  مستقبلي  في دعم ونجاح المشروعين الاستعماريين الأمريكي والإسرائيلي. إضافة  إلى أن الفائدة المالية الكبيرة التي ستجنيها الولايات المتحدة الأمريكية من صفقات النفط والسلاح سترفع  من نسب المساعدات  والمعونات إلى  إسرائيل التي تحصل عليها من الإدارة الأمريكية أضعاف مضاعفة.

فيهود أولمرت يحتفظ  بأسرار اتصالات هاتفية عديدة جرت معه, وزيارات عدة لمسئولين عرب وأوروبيين لتل أبيب, كان كل فحواها كما يشاع, مناشدته التدخل لعدم ذكر بعض أسماء فريق الأكثرية بتقرير لجنة فينوغراد, ولكنه لم يعد بشيء ,فجوابه كان هو أن إسرائيل دولة ديمقراطية, ودولة يحكمها القانون والنظم والمؤسسات, وأنه هو شخصيا لا يضمن نفسه, ومستقبله ومصيره رهن التقرير,فكيف بهم يريدونه أن يضمن الآخرين.

والرئيس جورج بوش ومعاونيه أيضا ضاقوا ذرعا من كثرة زيارات واتصالات بعض الزعماء العرب, وزعماء الأكثرية في لبنان, والتي جميعها ترجوهم وتناشدهم التدخل لدى إسرائيل, لطي الأسماء العربية من صفحات التقرير. وحتى أنه يشاع , أن من أسباب زيارة بوش لإسرائيل إنما كانت لهذا الغرض , وأنه أجتمع مع اللجنة , وناشدها وأقنعها بعدم ذكر الأسماء لأن هذا سيضر بمصالح بلاده وإسرائيل , وسيؤذي وربما يدمر أمن ومستقبل حلفاء بلاده وإسرائيل. و أنه سيحمل اللجنة ربقة وآثام ومسئولية تداعيات النتائج الكارثية على كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائهما المخلصين ,إن ذكرت فيه أسماء بعض الزعماء والشخصيات العربية واللبنانية التي شاركت او تواطأت بالعدوان الأمريكي الإسرائيلي على لبنان. أو ذكرت حتى بعض المهام والأدوار لمن هم من العرب أو اللبنانيين في هذا العدوان. وأنه أفهم قادة إسرائيل ووزرائها ونواب الكنيست وأعضاء اللجنة أن مصالح بلاده وسياساتها وخططها ومستقبل إسرائيل وحتى وجودها سيكونون على كف عفريت إن لم يستمعوا لنصيحته. وعندها أقتنع الجمع و ومعهم فينوغراد وباقي أعضاء لجنته, بل أن أوصالهم باتت تصطك من الرعب والخوف. فأبقيت الأسماء في ملحق خاص طي الكتمان يمنع نشره أو تداوله حتى حين.

ولن يمضي سوى عام على الأكثر, حتى يبدأ البازار من جديد, و يكون فحواه هذه المرة, أدفعوا لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بمال أكثر, وتنازلوا عن حقوقكم أكثر فأكثر, والتزموا بعمالتكم وتواطئكم على العرب والمسلمين أكثر حتى لا نفضح ستر الأسماء. فطمع الإدارة الأمريكية وإسرائيل ليس له من شبع.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة  /  08  صفر 1429 هـ الموافق  15 / شبـــاط / 2008 م