بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 احمد نجادي عندنا .. لا مرحبا.. لا مرحبا

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

أكد ما يسمى بوزير خارجية العراق هوشيار زيباري بأن زيارة الرئيس الإيراني قد حسمت في اليوم الثاني من شهر آذار ولمدة يوم واحد فقط, ودون أن يسأله أحد أجاب بأن الرئيس الإيراني سوف لا يلتقي مع أي مسئول غير عراقي في تنويه واضح إلى القيادة الأمريكية في العراق,وفي مزحة زيبارية من النوع الثقيل تتناسب مع وزنه أضاف بأن تأمين حماية نجادي ستقتصر على القوات العراقية, وفي ذلك ثلاثة تفاسير أولهما : أن الزيباري أما يكون مستهينا بحياة الضيف الثقيل على قلوب العراقيين ليؤمن له حماية من قوات غير مؤمنة على نفسها, وثانيهما: انه نسى بأنه لا توجد منطقة محصنة ومحمية في بغداد سوى المنطقة الخضراء, وحتى منطقة الجبن والشؤم هذه لم تعد محصنة بما فيه الكفاية بفعل الصواعق المتلاحقة التي يرسلها رجال المقاومة الشجعان على أفاعي الاحتلال والفئران المتخندقة في أقبيتها ودهاليزها, فتحولت من خضراء إلى رمادية بفعل دخان الحرائق, وثالثهما: ربما انه صرح بذلك وهو في حالة انتشاء يرتع كؤوس الخمر في واحدة من ليالي شهريار الحمراء.

الزيارة الرئاسية مثيرة للاهتمام سيما إنها جاءت بدعوة من الرئيس الطالباني إلى نظيره الإيراني, ومن المعلوم أن سيادة الرئيس لا يجرؤ على اتخاذ مثل هذه الخطوة ليستضيف احد قادة محور الشر على ارض يحتلها الشيطان الأكبر وفي بلد يعاني من قوى الاستكبار العالمي حسب التسمية النجادية, بمعنى أن الطالباني قد نفذ إرادة أمريكية لدعوة نجادي وهذا ما تؤكد أجابه الزيباري على سؤال غير مطروق من قبل احد. وسبق أن نوه نجادي بان قرار الولايات المتحدة بقطع علاقاتها مع إيران أمر يخصها, لكن يبقى لإيران القرار النهائي بعودة هذه العلاقات. مهما يكن من سبب فأن الدعوة تعتبر بحد ذاتها نكتة سخيفة إذا لم تقترن بموافقة ورضا الأمريكان, ومن الملفت للنظر أن العراب الرئيسي لزواج المتعة بين أمريكا وإيران وهو السيد عبد العزيز الحكيم قد ابتعد عن مسرح هذا الحدث المهم بطريقة ملفتة للنظر, وربما وجدت إيران الحكيم تجاوز في علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية الخطوط التي رسمته لها فآثرت أن تعرفه حجمه الحقيقي, وان اللعب على الحبلين هي أفضل من يمارسه على الصعيد الدولي ولا يمكن أن يزاحمها عليه أحد, و(يبقى الأسطة أسطة والصانع صانع وشتان بين الاثنين), وفي نفس الوقت لأشعاره بأن قائمة البدائل مزدحمة ويمكن رفع رقبة من تريد وكبس رقبة من لا تريد بسهولة وهدوء.

وعود على بدء, ما الذي يدعو نجادي إلى زيارة العراق في هذا الوقت بالذات, فأن كانت رسالة نجادية إلى بوش حول الوزن الإيراني في الساحة العراقية فلا حاجة لمثل هذه الرسالة فزيارة واحدة لوزارة عراقية يرأسها وزير من الائتلاف كافية لإعطاء صورة واضحة لبوش وغيره عن هذه الوزن, فقد تحولت جدران الوزارات إلى (متحف لوفر) جديد يضم مختلف الصور لقادة الثورة الإيرانية من الخميني وخامنئ ورفسنجاني ومن تبع دعواهم, وإذا كان الهدف من الزيارة مناقشة المصالح المشتركة بين العراق وإيران فانه في ظل الاحتلال لا يجرؤ أي مسئول عراقي مهما كان ولائه لإيران أن يناقش هذا الموضوع دون توجيهات أمريكية مسبقة ومحددة, وإذا كان الغرض من الزيارة أن يستمع نجادي إلى صدى الثورة الإيرانية في العراق وقوته فان هذا الصدى وصل إلى القطبين فكيف بدولة جارة, ولا نعتقد أن إيران تعاني من الصمم بان تدعي عدم سماعه, وليس برجالها والمتنفذين في كل مفاصل الوزارات والمؤسسات العراقية يعانون من الخرس بحيث أنهم لا يستطيعون نقل قوة الصدى إلى أولياء نعمتهم.

توقيت الزيارة غريب كذلك فهو جاء وفق معطيات عربية مضطربة و قبل انعقاد اجتماعات القمة للجامعة العربية التي تعاني من مخاض صعب قد يوأد انعقاده المقرر في دمشق, ويأتي في أعقاب تأزم العلاقة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أثر اغتيال عماد مغنية بعد تهديد السيد حسن نصر الله بحرب مفتوحة, ومغنية كما معروف من أعداد إيراني مصقول بدرجة عالية الجودة, وكذلك في ضوء فشل لبنان في إشغال منصب الرئيس الخاوي ومنذ شهور, وفي ضوء تصاعد العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين, وفي ظل اجتياح كردي لشمال العراق لملاحقة الإرهابيين من حزب العمال الكردي بموافقة أمريكية.

وعلى الصعيد العراقي تأتي الزيارة بعد مراسيم عاشوراء وتدفق آلاف الإيرانيين إلى العتبات لمقدسة تحت عباءة زيارة سيد الشهداء, وفي ضوء كشف مخابيء عديدة من الأسلحة الإيرانية المصدرة للعراق ونشر فضيحة سرقة النفط العراقي من قبل الإيرانيين في منطقة الطيب الأمر الذي أنكره السيد وزير النفط الشهرستاني مما جعل الوزير الزيباري يلعن ذالك اليوم الذي قرر فيه أن تقوم وزارته ببحث المشكلة مع الجانب الإيراني, فقد قدم الشهرستاني الحجة لإيران كي تلجم أي مسئول عراقي يتجرأ على طرح هذا الموضوع, سيما أن الحديث حور من (سرقة) على لسان مستشار الأمن القومي العراقي إلى( استغلال) لبئر نفطي مشترك! والحمد لله فأن لثرواتنا أصبح شركاء الكويت من جهة وإيران من جهة وربما تركيا ستصبح شريكة في نفط كركوك والله أعلم. لا أعرف لماذا آبار النفط العراقية عميلة لهذه الدرجة ولا تمتلك أي ذرة من الوطنية فهي تشارك دول الجوار بثرواتها لكنها ترفض التعامل مع العراقيين وتشاركهم همومهم النفطية؟ ربما استمدت هذه العمالة من زميلتها وزارة الكهرباء اللاوطنية, ولكن المخيف أن تنتشر هذه العدوى إلى بقية الوزارات العراقية, وتتحول تسمية العراق من العراق الفدرالي الموحد إلى العراق الفدرالي الشريك!

بلا شك إنها زيارة استفزازية لمشاعر العراقيين لاسيما أن الرئيس نجادي كان احد قادة الحرس الثوري خلال الحرب العراقية الإيرانية والتي دفع العراق ثمنا باهظا من دماء أبنائه بسبب إصرار القيادة الإيرانية على استمرارها لمدة ثمان سنوات ورفضها كل الوساطات الدولية والإسلامية, وان هذه الدماء لم تنشف منها بعد تربتنا الغالية كما أن دموع الأمهات لم تجف بعد, وان آثار التعذيب مازالت شاخصة على أجساد أسرانا الأبطال.

وهي كذلك استفزازية لأن الحكومة الإيرانية كانت جزء من مؤامرة الغزو على العراق كما اعترفت قيادتها بذلك على لسان عدد من المسئولين, بمعنى أنها تتحمل جزءا كبيرا من الوضع الحالي في العراق وما فرز عنه من قتل وتخريب وسلب.

كما إنها استفزازية لأن الميليشيات المدعومة من إيران كان لها دور كبير في إشعال الفتنة الطائفية التي خفت بجهود العقلاء من الطرفين والحمد لله.

وهي استفزازية لأن في كل يوم يكشف المزيد عن حجم التآمر الإيراني في العراق من خلال العثور على أسلحة إيرانية الصنع وبكميات كبيرة في المنطقة الجنوبية بشكل خاص.

وهي استفزازية لأن القيادة الإيرانية جعلت من العراق ساحة لتصفية حساباتها العسكرية مع الغير على حساب نزيف الدم العراقي.

وهي استفزازية لأن القيادة الإيرانية لم تكف بعد عن الضلوع أو السماح بتصدير السموم إلى العراق فقد أمست المخدرات لا تباع وتشترى في العراق فحسب بل تزرع وتصنع فيه, إضافة إلى المعلبات التالفة والأدوية الفاسدة !

أما إذا كانت هدف الزيارة التشفي بالعراق والاطلاع ميدانيا عن حجم الخراب الذي تعرض له على يد قوات الاحتلال وعملاء إيران وقواتها المنظورة(فيلق القدس) وغير المنظورة( معروفة للقاصي والداني) في العراق, فليس التشفي من قيم الدين أو الأخلاق أو علاقات حسن الجوار والنوايا الطيبة, مما لا يليق بجمهورية تحمل كلمة الإسلام في اسمها بان تنهج هذا الأسلوب الرخيص.

ثم نجد من الضروري أن نعيد على مسامع القراء جزء من الرسالة التي كتبها نجادي إلى الرئيس بوش في يناير عام 2006 وهي طريقة استعارها من الرئيس صدام حسين في مخاطبته للشعوب الأمريكية والإيرانية, جاء فيها " على أي أساس تتمم السيطرة على بلد ما تحت احتمال امتلاكه لأسلحة التدمير الشامل, ويقتل حوالي(100) ألف من أبنائه وتدمر مصادره المائية والزراعية والصناعية,؟ وعلى أي أساس تنشر فيه قوة قوامها(180) ألف جندي وتنتهك حرمة البيوت وأموال المواطنين ويعاد البلد إلى أكثر من خمسين عاما إلى الوراء ؟" ولا ينسى أن ينهي عبارته ب" والسلام على من اتبع الهدى"! طبعا نتحفظ بدورنا عن الأرقام الواردة في الرسالة وخاصة عدد القتلى الذي وصل إلى مليون حسب الإحصائيات الدولية وليس مائة ألف كما زعم نجادي لأسباب معروفة!

نقولها بصراحة إنها زيارة مفخخة لا يراد منها مصلحة العراق ولا يمكن أن تفكر القيادة الإيرانية بمصلحة الشعب العراقي لأنها ببساطة تقف كعامل أساسي بعد قوات الاحتلال في خرابه, ونقول بصراحة اكبر للضيف الثقيل الظل بأن وقف تدخلكم في شئوننا الداخلية وإنهاء تصفية حساباتكم مع الآخرين على أرضنا وحساب شعبنا, ووقف تصدير الأسلحة والسموم لشعبنا الجريح, والتوقف عن نهب ثرواتنا واحترام علاقات الجوار هي من صميم مطالبنا وهي مطالب واضحة لا تحتاج إلى زيارة للتعرف عليها.

دعوة إلى شعبنا الأبي بالتظاهر ورفع اللافتات والشعارات المناهضة لهذه الزيارة ودعوة مماثلة لوسائل الأعلام الوطنية والحرة بعدم تغطية الزيارة والعزوف عن الإشارة إليها كعلامة استخفاف بها.

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت /  23  صفر 1429 هـ   ***   الموافق  01 / أذار / 2008 م