بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

بوش في ألمنطقه هل يرى الضوء في نهاية النفق؟

 

 

 شبكة المنصور

 د فيصل الفهد

 

شكلت كتابات عديد من المسؤلين الامريكيين ومنهم مادلين أولبرايت انعطافه في رؤية السا سه الامركيين المخضرمين الى مستوى الانحطاط الذي بلغته الولايات المتحده الامريكيه في عهد الرئيس بوش واولبرايت ليست الوحيده التي تشعر بالاحباط والياس من سياسات الاداره الحاليه ومن هنا لم تجد بدا في رمي أوزارها على الرئيس الجديد القادم الى البيت الاسود فاولبرايت تعتقد أن أغلى هدية يمكن ان يقدمها رئيس امريكا القادم هي ان يضع حدا لسياسة الخوف ذلك لان للخوف مكانه،في عالم اليوم في حين لم يكن العالم قبل سبعين عاما من الآن يخاف النازيه مثلما اصبح الامريكيون يخافون من مصادر تهديد افتراضيه سببها السياسه الامريكيه الحاليه الطائشه ، حيث جعلت من العراق مخزن بارود، وفاقمت النزاعات في أفغانستان ،واظهرت إيران خطرا محتملا، وكوريا الشمالية لغزا لم يجدو له حل بعد.

ان كثير من الامريكيين يشعرون ان بلادهم انحدرت نحو الهاويه خلال سنوات حكم الرئيس بوش الذي حاول مع جوقة المحافظين الجدد ان يسيطروا على الاراده السياسيه لكي يفرضوا واقعا جديدا لصياغة عالم يدعون كذبا انه سيكون اكثر آمنا ومريحا لامريكا بصرف النظر عن مشاعر واحاسيس ومصالح الدول الاخرى ان الذي فعله هؤلاء انهم حولوا الولايات المتحده الامريكيه.إلى حضيض تاريخي في عيون الناس في مختلف أنحاء العالم.

لايشك احد ان اولبرايت (مثلها مثل عشرات الملايين من الأمريكيين ) تحب بلدها بعمق، وترى انه لا يزال الأفضل في العالم، ولكنها تعتقد أيضا أن الشعوب الامريكيه تعاني من نقص خطير في الوعي الذاتي فالمسؤلين الأمريكيين يظهرون مواقف متشددة ازاء انتشار الأسلحة النووية،في حين ان أمريكا تمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم؛ ويطالبون باحترام القانون والشرعية الدولية في حين لا يعيرون اهتماما لمواثيق جنيف ولا يرون في الأمم المتحدة الا وسيله بائسه لتحقيق أهدافهم ألعدوانيه على شعوب الارض لاسيما التي لاتتماشى مع رغبات؛ سادة البيت الأسود الذين رفعوا شعارهم السيئ( من ليس معنا فهو ضدنا)، وهم يتجاهلون أثر أعمالهم الطائشة على حلفائهم لاسيما تركيا وبقية دول الشرق الأوسط؛وتتوعد ادارة بوش ايران وغيرها من المساس بالعراق والقوات الامريكيه ألمحتله تجثم على صدور اهله .... وتحذر الاداره الامريكيه من خطورة تعاظم القدرات العسكريه الصينية بينما تنفق مئات المليارات على صناعاتها ألعسكريه بل ان ما تنفقه امريكا لوحدها على قواتها لمسلحه اكبر مما تنفقه دول العالم مجتمعة؛ هذا عدا ان بوش وإدارته اللعينة لايقيمون وزنا لكل الدعوات الهادفة لحماية المستقبل لاسيما مايتعلق منها بالاحتباس الحراري و التغير المناخي.

وبمعنى أدق فإن الديمقراطية الأميركية أخرجت عن مسارها عبر نظام بوش ـ تشيني. وكان الالتزام المهيمن للإدارة حربا دموية غير مشروعة وغير مبررة ضد العراق. وأدت تلك المغامرة غير المعقولة إلى مصرع الاف الأميركيين، وعشرات الآلاف من المعوقين ذهنيا وجسديا، وحصدت أرواح اكثر من مليوني عراقي وأدت إلى تخريب العراق فوق رؤوس ابنائه والكلفة المالية هي الآن 250 مليون دولار يوميا ومن المتوقع أن تتجاوز إجماليا يبلغ اكثر من تريليونين دولار، معظمها ديون من الصينيين وغيرهم، بحيث زاد الدين العام في الوقت الحالي على تسعة تريليونات دولار، وهي الأعلى في تاريخ امريكا.

من المفارقة أنه بينما جعل بوش وتشيني محاربة الإرهاب المعركة الأساسية للإدارة الأميركية فإن سياساتهما ـ خصوصا في العراق ـ زادت من تهديد الإرهاب وقلصت من أمن الولايات المتحدة. واذا ما قارنا سياسة بوش الابن بسياسة بوش الاب حينما دخل الجيش العراقي الكويت في أب 1990 سخرالرئيس بوش الأب الدعم من كل العالم بما فيها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومعظم دول الجامعة العربية، ضد القوات العراقية كذلك دفع السعوديون واليابانيون تكاليف الجزء الأكبر من الحرب. وبدلا من الوقوع في مطب احتلال مكلف وضعت إدارة بوش الأب سياسة اخرى باستخدام مفتشي الأسلحة الدوليين وفرض مناطق محظورة على الطيران العراقي مع فرض العقوبات الدولية. وهكذا ترك العراق دولة مستقرة لكنه مكبل بسيل من العقوبات .

الا ان بوش الابن وبعد خمس سنوات من سياسات طائشة ومغلوطة لاحتلاله العسكري للعراق أصبح فيه أرضا خصبة للإرهاب والاقتتال بين من باعوا انفسهم للاحتلال وبين ابناء شعبه الرافضين للاحتلال وكشفت المصادر الامريكيه أن بوش الأب ووزير خارجيته جيمس بيكر ومستشاره للأمن القومي الجنرال برنت سكاوكروفت كانوا من أكثر المعارضين لاحتلال العراق عام 2003 .

ان اخطر ما يواجه العالم الان وفي المستقبل هو ألطريقه التي ينظر فيها الساسة الأمريكان للآخرين، فالمسؤلين في واشنطن ايا كانوا جمهوريين او ديمقراطيين يعظمون المخاوف لدي الشعوب الامريكيه من احتمالات نشوب هجمات إرهابيه ووجود الدول المارقة وازدياد ظاهرة المهاجرين غير الشرعيين والمنافسة الاقتصادية برغم كل ما تملكه امريكا من قوة وثروة.وكل ذلك غطاء لتبرير استمرار السياسات العدوانيه والانفاق الهائل على الماكنه العسكريه الامريكيه والمغامرات غير المحسوبه هنا وهناك ...في ظل هذه الاجواء المشحونة تاتي زيارة بوش الى المنطقة حيث لايزال التوتر قائم مع النظام في ايران لاسيما بعد المسرحيه التي دارت في مياه الخليج العربيبل اسبوع عندما اقتربت خمسة زوارق ايرانية لمسافة تقل عن 500 متر من ثلاث سفن حربية تابعة للبحرية الاميركية تبحر في المياه الدولية في مضيق هرمز الذي يستخدم لتصدير نفط الخليج.

لقد جاءت زيارة بوش محاوله اخيره لانقاذ مايمكن انقاذه من الاوضاع المتهاويه للولايات المتحده الامريكيه في المنطقه ( فلسطين ولبنان والخليج اضافه الى العراق حيث يحتمل ان يزوره خلسة كعادته) وهي تدخل ايضا في اطار محاولات الاداره الامريكيه لاستغلال ما تبقى من ولاية بوش لتحقيق اكبر قدر ممكن من مصالح شركات انتاج السلاح والإطباق على المخزون النفطي الستراتيجي سواء كان في الخليج العربي او في افريقيا السوداء واذا ما اردنا ان نعرج على الجعجعة الاعلاميه المستمرة بين الأمريكين والإيرانيين فاننا سنتوقف عند دلالات تصب في مصلحة الطرفين وبما يعني أنهما متفقان في الباطن مختلفان في الظاهر...فسياسة الهلع والتخويف التي تمارس ضد دول الخليج والتلويح بالخطر النووي الإيراني وما قامت به بعض الزوارق الايرانيه باعتراضها البوارج الامريكيه في مضيق هرمز لاتعدو ان تكون جزء من السيناريو المعد سلفا بينهما ذلك لان القدرات التكنلوجيه المتطورة جدا للقوات الامريكيه ألمسلحه قادره على حسم امور اخطر بكثير من مجرد حركات قامت بها زوارق بسيطة سهله المنال حتى قبل وصولها الى منطقة تشكيل الخطر على البوارج الامريكيه التي لاتتحرك الا عبر منظومه امن وحماية شديدة....

ومن هنا نأتي الى المفيد وهو ان الاداره الامريكيه تريد تكبيل دول الخليج بصفقات لشراء أسلحه امريكيه باهضة الثمن وبارقام خرافيه وهذه الصفقات لايمكن تبريرها الا من خلال وجود ما يهدد الامن الخليجي. وهذا ما دعا وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الى انشاء "مظلة جوية وصاروخية" فوق منطقة الخليج لحمايتها من صواريخ ايران واتت تصريحاته بالتزامن مع اعلان وزارة الدفاع الاميركي (البنتاغون) الشهر الماضي عن عروض لبيع الامارات والكويت صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ وانظمة للانذار المبكر بقيمة عشرة مليارات دولار.كما ابلغ الكونغرس عن امكانية بيع السعودية نظام "اواكس" محدثا للانذار المبكر بقيمة 400 مليون دولار.

ان المسؤلين. الأمريكيون وكذلك في دول الخليج و النظام الايراني يعلمون علم اليقين ان هذه الاسلحه التي ستشكل أثمانها اعباءا على اقتصاديات هذه الدول لن تستخدم لا ضد ايران ولا غيرها لاسيما وان كل دول الخليج ترتبط بمعاهدات امنيه عسكريه مع الولايات المتحده الامريكيه أي انها تحت الحمايه الامريكيه ومن هنا فان السلاح وتحديدا الصواريخ الاعتراضيه ( الباتريوت) انما هي صفقه لانعاش مبيعات السلاح الامريكي للسنوات القادمه (بمليارات الدولارات)... ولربما كانت هذه واحده من تكتيكات التجاذبات الامريكيه الايرانيه في المنطقه او ان الولايات المتحدة تريد ان تنشئ في الخليج خطا ثانيا من الصواريخ يكون امتدادا للخط الاول المزمع إنشاؤه في شرق أوروبا من اجل "تطويق روسيا" وذلك بحجة ان ايران "تشكل خطرا" على دول المنطقة في وقت اصبح فيه الجميع يدرك عدم جدية الادارة الامريكيه في تنفيذ تهديداتها لشن عملية عسكرية ضد ايران في حين يتوقع البعض ان تبادر "اسرائيل في توجيه ضربة الى ايران وتجرمعها الولايات المتحدة" الى حلبة النزاع.

ومن هنا لانتوقع ان تكون من بين مطالب بوش الحصول على الدعم لحل عسكري مع ايران بقدر ما سياتي للتحاور مع دول الخليج حول السبل غير العسكرية للضغط على طهران عبر تضييق عمليات التبادل الاقتصادي لدول الخليج العربي مع ايران وقد تقبل بتطبيق بعض الاجراءات مثل تشديد الضوابط على المعاملات المصرفية المتعلقة بايران الا انها لا تصل الى حد المقاطعة الاقتصادية الكاملة لان ذلك سيضر بالاقتصاد الوطني للدول الخليجيه لاسيما للامارات.

كما يتوقع ان يطلب بوش من دول الخليج الانفتاح على الكيان الصهيوني من اجل دعم المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية الا انه لن يحصل على اكثر من وعود طالما انه ليس هناك حل للقضايا العالقة في عملية السلام.

ان هذه الزياره لن تأتي بجديد وسيعود بوش الى واشنطن بخفي حنين فالذي فشل فيه هذا الرئيس في سبع سنوات عجاف لن تنجح به زياره عاثره ولدت ميته والكل في المنطقه والعالم يتطلع الى القادم الجديد في البيت الاسود عسى ان يكون عاقلا متزنا يحمل ضميرا حيا يخدم بلاده ولكن ليس على حساب الاخرين ... فهل يمكن ان يرى العالم مثل هذا الرئيس؟

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين / 06 محـــــرم 1429 هـ الموافق 14 / كانون الثاني / 2008 م