بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تراجع العنف والوجود الامريكي !

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 المقاتل الدكتور محمود عزام

 

نست الادارة الامريكية السياسية والعسكرية انها كانت قد اعلنت ان عام 2007 هو الأسوأ في حرب احتلال العراق وان هذا العام شهد ارتفاعا في كم ونوع عمليات المقاومة الوطنية العراقية لتتبنى هذه الادارة الكاذبة موقفا جديدا يروج الى ان ( هناك تقلص في عمليات العنف وتحسنا في الوضع الامني في العراق وان الادارة العسكرية الامريكية تدرس خططا لسحب عدد من الجنود الامريكان من العراق!) ..

وكعادتها ارادت الولايات المتحدة ان تخلط بين (الارهاب الذي يستهدف الناس ومساكنهم ومحلاتهم ودور العبادة والمدارس والجوامع ) وبين المقاومة الشعبية والثورة المسلحة التي تقاوم المحتل واذنابه لتقول ان (انخفاض معدلات التفجيرات الانتحارية التي تستهدف الناس والاعمال الطائفية والقتل على الهوية دليل على انحسار المقاومة وتراجعها!!)..وهذا موضوع من الجدير ان يتم التركيز على اهدافه ونواياه الخبيثة بحيث ان المحتل وأذنابه من عملاء السلطة في المنطقة الخضراء وزمر المتقولين والناطقين باسم خطة فرض القانون او غيرهم أرادوا جاهدين تحويل ( نهضة البعض ) من العشائر العربية الاصيلة للدفاع عن نفسها ضد تنظيمات القاعدة التي تجاوزت حدود مهماتها والحرس الوثني ومغاوير الداخلية وعصابات الميليشيات بانه انتصار ( للشعب على المقاومة والتي يسمونها ارهاب !) وتريد الاساءة عمدا الى أهداف وعمليات ودور المقاومة الوطنية العراقية التي أسهمت في فرز الاوراق وتحاشي خلطها عندما ساندت الشعب للتخلص من الزمر الارهابية التي تستهدف مصادرة ارادة الشعب العراقي ونضاله وجهاده..

 لقد ارادوا ان يفسروا الهدوء النسبي الذي شهده العراق في الاشهر الماضية والناتج من عدم تعرض جيش المهدي لعموم الناس وممتلكاتهم وفق توجيهات مقتدى الصدر وما حققته مجاميع الصحوة على الرغم من اختلاف نواياها في الحد من تمادي تنظيم القاعدة للقيام بالاعمال الانتحارية والتفجيرات والمفخخات التي تستهدف ارواح الابرياء من الناس وكانه انتصار للسلطة والحكومة ووزاراتها الامنية وخطة فرض القانون ومحاولاتهم توصيف هذه الاعمال بانها (عمليات المقاومة العراقية!) وهي منها براء..

وهكذا تستغل الحكومة الامريكية على لسان رئيسها بوش والحكومة العراقية على ألسنة ( كل الطاقم !) مرور اسبوع على توقف الانفجارات والمفخخات التي تستهدف الناس الابرياء ليقوموا بعقد المؤتمرات الصحفية للحديث عن ( التطور النوعي ) في اداء كل من الجيش الامريكي وقوات الجيش والشرطة العراقية والذي ( أفضى الى هذا التحسن الكبير !) وهذا ما حدث في سلسلة متعاقبة من تصريحاتهم ومؤتمراتهم وتعقيباتهم واشاراتهم وتلميحاتهم وندواتهم بياناتهم يوم 5 آذار 2008 ..وتتوالى التصريحات بسحب عدد مالالاف من جنود وفجأة يحدث انفجارين مروعين في الكرادة وفي ذروة ازدحام وقت المغرب من يوم 6 آذار 2008 ليوقع 56 قتيل وأكثر من 150 جريح وبعبوتين انفجرتا على التوالي في تجمع كبير من الناس الابرياء !..وتسكت الآلة الاعلامية الامريكية والعراقية لحد الآن بدون أن توضح للناس كيف يمكن وضع هذه العبوات وتفجيرها..وكيف نفسر هذه العملية (نجاحا لخطة فرض القانون!) وتطورا في اداء القوات الامريكية والعراقية في (استصال آخر البقية من هذا التنظيم!) الذي يثبت يوما بعد الآخر ان ساحته كل العراق!..في حين ان المقاومة العراقية قامت خلال هذين اليومين بالعشرات من العمليات البطولية التي استهدفت تدمير عدد من العجلات العسكرية الامريكية وقتل من فيها وتدمير كاسحات الغام ودوريات الجيش الامريكي موقعة به أفدح الخسائر..   

ان القادة الامريكان ( ويتبعهم في التعريف الحكومة التي تردد ما يقوله الامريكان بدون ان تعي القصد!) يعرفون جيدا ان مفهوم ( العنف ) الذي يتحدثون عنه هو توصيف واسع يمتد حسب مفاهيمهم من ( المقاومة التي تستهدفهم وتستهدف من يدعمهم ويروج لمشروعهم ) مرورا بتفجيرات تنظيم القاعدة الانتحارية والقتل والاغتيالات ومسلسل الجثث التي تلقى على قارعة الطريق وهجوم الميليشيات الطائفية على دور الناس الآمنين وقتلهم ونهب ثرواتهم والاعتقالات العشوائية التي تسبب هيجان شعبي ورد فعل غير محسوب وانتهاءا بالتناحر والاقتتال واشاعة الفوضى بين ( الميليشيات نفسها!) ..

لذلك فان مفهوم (تراجع العنف ) الذي يستخدمه الأمريكان والسلطة قابل بحكم مرونة التعريف أن ينطبق على فعالية واحدة وليس على الفعاليات وفق تعريفهم ..ويمكن ان ينتهي الاقتتال بين الميليشيات المتصارعة على المكاسب والمغانم ..ويوقف جيش المهدي هجماته على المدنيين وقتل الابرياء وقيام فيلق بدر وفيلق القدس بتجميد نشاطاتهم في اغتيال النخب الوطنية العراقية الى حين.. ليظهر تحليل الامريكان والحكومة بأن ( تحسن الوضع الامني ناتج من قدرة أجهزة الدولة وتعاون المواطنين للقضاء على الارهاب !)..

 ويزيدون أيضا ان ( التراجع في العنف ) ناتج عن انحسار ( قوى الردة والظلام من رجال النظام السابق والقاعدة وفشلهم في اعاقة عجلة الديمقراطية!!) ..وبدون ان ينتبهوا الى تصاعد وتيرة هجمات المقاومة الوطنية العراقية على القواعد والمعسكرات الامريكية والبريطانية والبولندية واستهداف عجلات ودبابات الامريكان وتدميرها وعدد القتلى الامريكان والتغير النوعي بعملياتها!..

ومع ذلك ( وحتى في حالة تراجع مستويات العنف الطائفي وانحسار عمليات القاعدة ) فان ذلك مرتبط بتواجد القوات الامريكية ومرهون ببقائها الذي يعني المزيد من الخسائر البشرية والمادية وزيادة العبء على كاهل المواطن الامريكي الذي يضطر لدفع فواتير ( هذا الانحسار النسبي الذي لا علاقة له بالتهديد الحقيقي للقوة الامريكية وارادتها السياسية في العراق وهي المقاومة الوطنية العراقية)..خاصة ان الادارة الامريكية اعتمدت منذ بداية اثارة الازمة الخاصة بالعراق على مبدا( الكذب المتواصل والمتسلسل ) والذي وصل الى حد ان الشعب الامريكي بدا يدرك كنتيجة وبشكل مطلق ان لاعلاقة للحرب التي شنتها حكومتهم على العراق بالامن القومي الامريكي لا من قريب ولا من بعيد وان الساحة العراقية ليست الساحة الملائمة لشن (حرب مختلقة على الارهاب ).

والشعب الامريكي اليوم يدرك جيدا وبعد كل هذه السنوات والحلقات المتتالية من الكذب الذي تمارسه الادارة الامريكية..انه من الغباء لأي ادارة امريكية سوءا كانت جمهورية او ديمقراطية أن تربط ( بقاء القوات الامريكية في العراق الى الابد ) بموضوع (استقرار العراق) ..

ومادامت القوات الامريكية موجودة في العراق فعليها ان تستمر بتسليح وتجهيز وامداد وتطوير قطعاتها وحمايتها من هجمات المقاومة الوطنية المشروعة والعمل على تنسيق عمليات هجومية ضدها وتكييف صيغ الاشتباك معها بضوء اسلوب المقاومة بالتعرض الذي لا يعتمد على شن الهجمات النظامية والالتحام الكثيف المباشر معها وهذا مايربك القادة والقطعات الامريكية التي لاتعرف توقيت ومكان ونوعية الهجمات التي تتعرض لها ..

وكأسلوب احترازي ومعروف في المباديء العسكرية الامريكية اعتمدت  القيادة العسكرية على الطائرات المسيرة للمراقبة والاستطلاع من جهة ولضرب الاهداف المحددة بصواريخ موجهة وعن بعد ..و على الرغم من اتباع هذا الاسلوب في استخدام هذه المعدات المتطوره يمثل استنزافا ماديا كبيرا فقد كان استهدافها من قبل المقاومة واسقاط العديد منها عامل تحد كبير لهذه التكنولوجيا المتطورة والمكلفة ..واصبح من المألوف جدا أن يسمع الجميع من ان المقاومة العراقية اسقطت طائرة مسيرة هنا واخرى هناك..

واذا بقي الجيش الامريكي للسنة السادسة وهو في حالة استنفار دائم وخوف متزايد من المجهول الذي يحيط به وبوجود هذا الكم الهائل من المعدات التي تحتاج الى تجديد وتطوير واستبدال..والاستمرار المتصاعد في الاستنزاف المادي الذي وصل الى أكثر من تريليون ونصف دولار وآلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى والمعوقين الذي دخل رقم مئات الالوف لغرض بناء ( القاعدة الاساسية للديمقراطية في العراق !) ولم يقطف ثمار هذه الخسائر الا المزيد من الخيبة والخذلان السياسي وفقدان الهيبة على المستوى الدولي بعد ان دمر العراق وزور تاريخه ونهب ثرواته وشتت أهله ومزق وحدته الوطنية وأدخل الارهاب اليه عنوة وقام بتنصيب شلة من السراق والمزورين والدجالين زمام السلطة في بلد محطم ومدمر وتمكين ايران من الهيمنة على مقدرات وخيرات وارادة الشعب العراقي ذو التأريخ الحضاري الحافل بالقيم والمباديء..

ونسأل الامريكييين ..

أية ديمقراطية وأي امن وأي استقرار في العراق ذاك الذي سيجعلكم  في كل الولايات المتحدة والعالم تنامون بطمانينة وهناء ؟..

واذا كانت ادارتكم مستمرة بالكذب ومصرة على استغفالكم  فالى متى ستستمرون بالتصديق خاصة وان واجبكم هو ان تدفعوا لتستمعوا وعليكم ان تصدقوا فقط!!.

فبعد ان ذرت الرياح اهدافهم الماضية ..فعن أية أهداف حالية يتحدثون ؟ ولأية أهداف مستقبلية يهيئون؟

واذا بقي أبناءكم وبناتكم في الجيش الامريكي لسنة أخرى في العراق..

فهل يعقل ان يبقى الى الأبد؟ 

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت  /  01  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  08 / أذار / 2008 م