بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

رعاية الكفاءات في مستنقع الدم العراقي !

رسالة مهنية من مقاتل في ميدان الشرف والعز

 

 

 

 

 شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

يوم السبت  8 آذار 2008 .. وفي برنامج (كلام آخر) من على فضائية البابلية ..أنهى مقدم البرنامج السيد جلال النداوي حديثه بقوله ( ترى من كان أكثر اقناعا أنا أم ضيفي الدكتور مصطفى الهيتي عضو مجلس النواب العراقي !) ..كان موضوع الحلقة يتناول واحدة من أعقد حلقات المشكلة العراقية وهي ( رعاية الكفاءات العراقية في الداخل والخارج والدعوة لاعادة من هم خارج العراق ). 

السيد جلال كان واضحا وصريحا (لحد ما) في توضيح أبعاد الدعوة لاعادة الكفاءات العراقية المهاجرة في وقت لازالت عمليات الخطف والاغتيال والقتل مستمرة على من في الداخل ..وقد كان أكثر اقناعا.. 

ويركز الدكتور مصطفى الهيتي على مبادرته الداعية الى ( رعاية الكفاءات العراقية أينما وجدت في الداخل والخارج وتخفيف الاعباء عنها ومن ثم العمل بتواصل حتى وان استغرق ذلك زمنا طويلا لاعادة الكفاءات المهاجرة )..وضرب مثلا عن الوضع العراقي في هذا المجال بقوله : 

 ( يوجد لدينا صف ولايوجد معلم والمعلم يخاف بسبب الظرف الامني فكيف نبني العراق؟)  

وقوله : ( اذا عرفنا ان العدو يريد ان ينهي هذه الكفاءات فعلينا ان نعمل لكي لانحقق ذلك !).. 

وتعليقنا على ما ورد في هذه الندوة (التي ارادوها مهنية ) يتركز على مايلي: 

1.     منذ بداية الندوة اراد مقدم الندوة والضيف ان تكون ندوة مهنية ولا يتم التطرق الى السياسة ..وبذلك لم يذكر اي منهما ان العراق بلد محتل من قبل الولايات المتحدة الامريكية ..وان هذه الدولة المعتدية والغاشمة والمحتلة هي أساس المشكلة بشكل رئيسي وبسببها حدث ما حدث للعراق من تدمير وتمزيق لوحدته وكيانه وتشتيت وتحطيم لقدراته وامكاناته ومنها قدراته وكفاءاته العلمية والفنية والادبية..ثم وانطلاقا من نفس التوجه لم يتطرق أحد الى الحكومات المتعاقبة التي نصبها الاحتلال وكيف ان هذه الحكومات نفذت أكثر مما اراد المحتل في الايغال بتدمير العراق واغتيال وقتل وتشريد وملاحقة الكفاءات التي صرف عليها الشعب من قوته وصبره ..وهذه هي اول أخطاء الندوة.. وكما في كل مساهمة جادة يجري السعي لتحريفها لكي لا تمس الاحتلال الامريكي ولا الحكيم او الجعفري والمالكي والعنزي وهادي العامري والصغير والجلبي الذين حللوا لأنفسهم ولميليشياتهم  ما حرمه الله من فوق سماواته وأهدروا انهارا من الدماء امتزج فيها دم العالم بدم الجاهل ودم العسكري والطيار بدم الطبيب والمعلم والمهندس وكانت المزابل وطرقات الطريق والانهار والمبازل مجمع (هذه الكفاءات او الأجزاء الباقية منها) ..وبذلك برأ الهيتي الاحتلال والدولة والميليشيات وايران من الجريمة ويسعى اليوم للبحث عن قرابين جديدة ليسوقهم لمذبح العصابات التي لم يجروء حتى على الاشارة اليها وهو الانسان العلمي والحريص على هذه الشريحة وعلى الشعب كله باعتباره عضو مجلس النواب.وهكذا أصبحت السياسة اليوم في عرف (مسايرة الواقع) هي ..عدم التطرق للاسباب.. والاكتفاء بمعالجة الظواهر ..والغريب ان هذا الاسلوب يتنافى كليا مع تخصص الدكتور مصطفى لانه صيدلي ويعرف جيدا ان المعالجة لا تكمن في تخفيف درجة حرارة المريض بل في معالجة سبب ارتفاع درجة الحرارة ..ولكن يعود السبب مرة اخرى للاتجاه العام اليوم في العراق للمشاركين بالعملية السياسية وهو عدم الخوض (بالاسباب) والاكتفاء فقط بترقيع الواقع..وبهذه البداية ضمن البرنامج والضيف عدم الحرج في الدخول بمواضيع تغضب المحتل وجواسيسه من جهة وتظهر الحضور على أنهم من الساعين والعاملين من أجل قضايا عامة تشغل العراقيين وانطلاقا من مبدأ الايمان بالأمر الواقع الذي يركز دائما على حقيقة وجود الاحتلال ووجود العملية السياسية وعلينا ان (نؤمن بذلك !) بل ونستسلم  ونتعامل بواقعية مع الاحداث ..اما حقيقة واجبنا الوطني الذي يعني بكيفية افهام الشعب بان الاحتلال وأدلائه وأذنابه هم أساس كل مشكلة في العراق اليوم وان حل مشاكل العراق لا يتم الا من خلال انهاء كل أشكال الاحتلال وما تلاه فله مكان للحديث آخر غير اجهزة الاعلام ..التي حيدها بل وجعلها الاحتلال وقنوات السلطة الطائفية تنحاز بشكل كامل للمشروع الامريكي والنهج الايراني.  

2.     حسب التوصيف الحالي الذي ابتدعته حكومة الاحتلال بتوجيه ودعم ومراقبة منه فان الكفاءات العراقية في مختلف المجالات داخل وخارج العراق تم تقسيمها الى المستويات التالية :

أ‌.        المستوى الاول ..وهو كل كفاءات العراق مهما كان اختصاصهم ودرجاتهم العلمية وشهاداتهم ومهاراتهم وامكاناتهم وقدراتم وتجربتهم من عضو قيادة فرقة في حزب البعث العربي الاشتراكي فما فوق والمدراء العامين في زمن النظام الوطني السابق والضباط القادة والامراء في مختلف الاختصاصات ومنتسبوا الاعلام بدرجات وظيفية معينة  ومنتسبي الاجهزة الامنية.. والذين لم تشملهم قرارات المحتل وحكومة الاحتلال بالعودة لوظائفهم ..تنظر الدولة العراقية الحالية لهذا المستوى كونه مستبعد بشكل كامل وغير مرغوب ببقاءه على قيد الحياة وليس  في العراق (اذا لم تتمكن أجهزة الدولة والاحتلال ) من اغتياله أو اعتقاله وتشريد عائلته وسرقة ممتلكاته ..وهذه الكفاءات الموجودة في الخارج غير مرغوب بعودتها الى العراق ..وحكومة الاحتلال ووزاراتها وميليشياتها غير معنية بها وبعائلاتها ورزقها واستحقاقاتها المعيشية والحياتية والانسانية ..وهذه السلطة ومن ورائها المحتل وايران لاتحتاج علم ومعرفة وتجربة وكفاءة  هذه الشريحة ولاخبرتها ولا تفهم معنى كلمة (رعايتهم) حيث انها لحد الآن تعتقل عشرات الالوف منهم..ويوما ما قال الجلبي والربيعي والحكيم والمالكي ( أننا أصحاب فضل عليهم لأننا أبقيناهم على قيد الحياة!!)..  وكيف يمكن التفكير بان هذه السلطة ترغب بتقديم تسهيلات ورعاية استثنائية لشريحة هي بالاساس  لم تعالج مشكلة استحقاق عوائلهم للراتب من عدمه بعد اكثر من خمس سنوات من الاحتلال وما رافقها من اغتيال وظلم وحقد وانتقام وتشريد ونهب وتزوير لتأريخهم وماضيهم المشرف .

ب‌.    المستوى الثاني ..وهو الكفاءات العراقية من التوصيف الاول التي عادت الى الخدمة وهم اولائك الغير مشمولين بالملاحقة والمتابعة بسبب درجاتهم الحزبية من عضو فما دون في الحزب..والكفاءات المعتدلة والمهنية والمستقلة والتي لم تكن منتمية الى الحزب قبل الاحتلال ولم تنتمي بعده لحزب آخر ومعهم المجموعة ذات الاتجاه الوطني العام الذي يعمل من اجل العراق ..هذا المستوى يجري استهدافه يوميا بعد ان فرغ المجرمون من تصفية ومطاردة وتهجير وابعاد واعتقال وابعاد المستوى الاول.. ويعرف كل العراقيين ذلك بما فيهم مقدم البرنامج وضيفه..حيث بدأت هذه الشريحة بمغادرة العراق والقرار بعدم العودة اليه..وبدات هذه الشريحة تتقلص في العدد لتندمج مع المستوى الأول ..حيث انهما الآن  يتطابقان من حيث المفاهيم والاستهداف ..الا في موضوع واحد وهو قدرة جزء من هذه الشريحة على العودة للعراق عند تحسن الوضع الأمني..وذلك سيكون في حالة عدم قدرتها على الحصول على مصدر مناسب ووظيفة تؤهلها للبقاء في الخارج..

ت‌.    المستوى الثالث ..وهو الكفاءات التي يرضى عليها الاحتلال وتباركها الحكومة والاحزاب الدينية المتطرفة والحاقدة ويوضفها لاهدافه كما حدث في جمع مجموعة من اساتذة وضباط سابقين للعمل في برامج علمية خاصة بالاجندة الايرانية ..حيث يجري ( احتضانها) و( رعايتها) و(تكريمها)  اذا كانت في الداخل.. ويجري ارسال الوفود والشخصيات اليها في الخارج لحثها ( والتوسل اليها ) للعودة لتبوا المناصب وقيادة ( العراق الجديد)..وفي الوقت الذي تتمنى الشخصيات الوطنية العراقية من ذوي الكفاءات الموجودين خارج العراق العودة فورا للخدمة والعيش والموت في العراق يأبى هؤلاء الذين تجري ( رعايتهم ) من الدولة العودة وقبلوا بمناصب رفيعة وهم يقومون بعملهم وهم خارج العراق. 

3.     وعلى مايبدو فان ضيف البرنامج استبعد بشكل مطلق كفاءات المستوى الاول .. ولم يتطرق الى رعايتهم وترغيبهم بالعودة للوطن ( والدخول للصف الذي يعاني من قلة المدرسين!) أو للمصنع الذي توقف انتاجه وللجامعة التي تدنى مستواها يشكل ملحوظ أو لأي دائرة كانت مثال للالتزام والدقة والعطاء..ويبدو انه لايوجد مشروع (يتبناه أعضاء معتدلين من مجلس النواب لانصاف هذه الشريحة !) حيث أجمعت واهمة ومخطئة  كل الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية (بان الزمن كفيل بنسيانهم واحلال البديل عنهم!)..  والدليل على ذلك ان ضيف البرنامج ومقدمه لم يتطرقا الى (هذه الشريحة والدفاع عن حقوقهم الوظيفية المسلوبة بلا حق او وجه انساني ولم تجري الاشارة الى خبرتهم وتجاربهم وقدراتهم المهنية!).. فكيف ترعى شخصا لا يحصل على أبسط حق له وهو الراتب التقاعدي لعائلته على الاقل.. بل كيف تستطيع ترغيب كفاءة عراقية نادرة بالعودة للعراق وهو محكوم عليه بالموت في أربع مراحل حال دخوله العراق.. الاحتلال ثم الداخلية ثم الجيش الوثني ثم الميليشيات.. واذا نفذ من كل هذه المقاصل المهيئة له سلفا سينتظره القضاء المزيف وغير العادل وقبله أشهر وسنوات من الاعتقال !.. والظاهر ان الندوة مخصصة لمناقشة رعاية وترغيب الكفاءات العراقية في المستويين الثاني والثالث.. ويعرف الدكتور مصطفى أن المستوى الثالث تدعمه كل طاقات الحكومة والدولة والمراجع والاحتلال والسنن ولا يحتاجون الى مبادرة الدكتور مصطفى.. اذا المبادرة والحديث ينصب  فقط على المستوى الثاني!..وبشكل أدق على النسبة من هذه الشريحة والتي لم تندمج مع المستوى الاول والغير مستهدفة والتي يمكنها العودة عند تحسن الظرف الامني ..  والدليل على ذلك ما اورده الهيتي من امثلة على رعاية هذه الكفاءات ..فهو يعطي مثلا لهذه الرعاية من خلال  : ( منحهم اجازات من دوائرهم لخمس سنوات ) ومثال آخر : ( بأن نستمر بالاستقطاعات التقاعدية منهم لكي نجعلهم ملتصقين بالوطن!) ومثال آخر : ( نسهل لهم حصولهم على الجوازات من السفارات!) وغيرها من الأمثلة ..وهذه الامثلة كلها تستبعد ( كفاءات النظام السابق!) فهم مجتثين او مطرودين من الخدمة ( رغم كفاءاتهم النادرة والبعض منهم نادرة جدا!) ولايشملهم مقترحه بمنحهم اجازات من دوائرهم ..وهم بلا راتب وبذلك لا يمكن استقطاع نسب التقاعد منهم ..أما منحهم الجوازات فهل لايوجد أصدقاء ( قدماء!) من الكفاءات النادرة ومن خيرة رجالات العراق  للدكتور الهيتي يعانون لحد الآن من عدم منحهم جوازات من سفاراتنا في الخارج لأنهم مطلوبين زورا وبهتانا لا لشيء الا لكونهم من (النظام السابق!)..وبسكوت الهيتي ومقدم البرنامج عن هذه الحقائق بحجة ( عدم الخوض بالسياسة !) فقد فقدت المبادرة والمساهمة الجادة والرغبة الصادقة بتسليط الضوء على حلقة مهمة من سلسلة ما يعاني منه العراق بريقها ومعناها ..  وهنا يخرج الدكتور مصطفى من خانة تمثيله لكل الشعب باعتباره ممثلا لكل الطبقات والفئات والتيارات والاحزاب والاتجاهات.. والطالباني ليس بافضل وأذكى وأكثر وطنية من الهيتي حينما قال يوما ولو على سبيل المخادعة  : ( انا رئيس جمهورية وواجبي ان استمع واناقش حتى اعدائي!) فلماذا لا يدافع الهيتي عن شريحة المستوى الاول ..أليست هذه الشريحة هي صاحبة الفضل الاول على المستوى الثاني والثالث.. الم تكن هذه الشريحة مسؤولة عن بناء هذا الصرح الجبار من البناء والقدرة وارساء الاسس والركائز التي وقف عليها العراق عشرات السنين ..الا يكفيها هذه الشريحة فخرا انها قاومت المحتل وناصبها السراق والمزورين والهاربين من الخدمة العسكرية وقاتلي اطفال المدارس وطلاب المستنصرية ومسممي حليب الاطفال وقطاع الطرق والمتمردين والجواسيس والخونة العداء؟..ام ان الشعب ينتظر حلقة اخرى من مثل هذه البرامج  للحديث عن هذا الموضوع ؟ ام هو الخوف من الاحتلال والحكومة ومجلس النواب والميليشيات ؟ ورغما عن كل ما قيل فهذه الشريحة لا تحتاج لأوامر وقوانين ومبادرات السلطة العميلة للحصول على حقوقها وحقوق الشعب والتي يعرف كل العالم كيف يمكن الحصول عليها..

4.     وأخيرا..وليس آخرا ..أن من يريد أن يحافظ على ذخر الامة ومستودعها من ذوي العلم والمعرفة والحكمة والتجربة ..من كفاءات العراق التي بنيت بدموع العيون ..عليه اولا ان يحب العراق ..وان يرعى شبابه وشيوخه ونساءه ..وان يكون حريصا على اسم العراق ..محافظا على ماضيه المجيد وتأريخه الحافل بالامجاد والبطولات ..وان السلطة الحالية التي توصف شهيد العراق الذي كان يدافع عن ترابه في القادسية وأم المعارك بانه معتدي وقاتل ويمنع حقوقه التقاعدية عن عائلته وتلاحق بتهم ( الارهاب ) من قاوم ويقاوم المحتل الغاشم وتتابع وتلاحق وتشرد عوائل الطيارين الاستشهاديين الذين قدموا أرواحهم فداءا لسماء وتربة وماء العراق والشهداء الذين ضحوا بانفسهم فوق الدبابات الامريكية التي غزت العراق لا يمكن ان يركن اليها الشعب لترعى كفاءاته وتبحث عن صيغ حمايتهم ودعمهم واحتضانهم ..وهذه السلطة الذليلة والمعينة من المحتل بكل آلياتها ( الدستورية !) والتنفيذية ومن ورائها الاحتلال الامريكي الغير شرعي وايران بكل حقدها وحسدها والميليشيات وفرق الموت المتنفذة في كل مفاصلها والاحزاب الدينية المتطرفة التي تشيع الحقد والتفرقة ..هذه السلطة الجاهلة والخائنة والذليلة التي توصف الشهيد : (بانه من سقط شهيدا في مقارعة النظام الديكتاتوري السابق فقط!)..حتى وصلت المهزلة الى درجة ان ( شرطي من مغاوير الداخلية والذي قتل أثناء مهاجمته أحدى الدور السكنية للمواطنين(بحثا عن الارهابيين!) لم يعتبر شهيدا لعدم تطابقه مع هذا الوصف!) ..السلطة ( اضافة لما قام ويقوم به المحتل)  التي نفذت من خلال أجهزتها الرسمية وميليشياتها الطائفية أبشع عمليات الاغتيال لمئات الالوف من خيرة الكفاءات والوطنيين من عسكريين ومدنيين وتعتقل مئات الالوف منهم في ظلمات سجونها المقيتة تنفيذا لاجندة ايران وبموجب وثائق مؤكدة تحوي على قوائم هؤلاء الشهداء ومن ينتظرون.. حتى غدا العراق مستنقع كبير للدم العراقي الزكي والطاهر ..هذه السلطة التي لاهم لها الا الانتقام وسرقة ثروة الشعب والاستئثار بكل مفاصل السلطة ( والهيتي يعلم تفاصيل ذلك جيدا) ..هذه السلطة التي يسكت عنها مجلس النواب ويؤيدها ويؤازرها ويبعث بروحا الحياة كلما هبت رياح الرغبة بالمسائلة والتغيير ..هذه السلطة ومن ورائها الاحتلال ومجلس النواب لاتريد الخير للعراق ولاتبحث عن وسائل لحماية ابناءه ورعايتهم ..وهي تعمل وفق برنامج مدروس لاستئصال ما تبقى من كفاءات ولا يعنيها مثل هذه المبادرات وهي غير مسؤولة عن الشعب فكيف نريد منها خيرا لمن كان جزءا من منظومة الاعداد التي هيأها (النظام السابق) حسب وصفهم الحاقد ..وهم يتوقعون انه سياتي يوم يستغنون فيه عن كل من عمل مع (النظام السابق ) وتنفس هواء العراق وشرب من ماءه (عندما كان البعث وكان صدام!)..  

ان الذي يريد ان يرعى كفاءات العراق عليه ان يؤمن بأن العراق بلد محتل ..وان الاحتلال له اهدافه العديدة ومنها أنه يسعى بكل قوة لمنع نهوض العراق من جديد.. 

ولهذا نصب المحتل هذه الزمرة السارقة والفاسدة والجاهلة للتحكم بالسلطة ..وسوف لن تسمح الدولة لمثل هكذا مشاريع رغما عن انها ناقصة وغير مدروسة وبدون الغوص في دوافعها لا لشيء بل لانها ليست جزءا من منهجها وخطتها ونهجها لتدمير العراق ..ولان هذه الزمرة منصبة من المحتل فهي تأتمر باوامره وتنفذ مشروعه ..واذا التقت أهداف المحتل مع اهداف ايران (الحاضنة التأريخية لهذه الزمر) فستقوم هذه السلطة الخائنة بالتفنن بالقيام بهذه المهمات بمنتهى يفوق حد الاتقان.. 

وعليه لا حل لمشكلة كفاءات العراق ولكل مشكلات العراق الا بطرد الاحتلال وعملاءه واعادة الحق لأصحابه ومنهم أبطالنا ومثلنا الشامخة اولائك البناة المضحين الصابرين الصامدين من حملة الشهادات العليا والكفاءات الوطنية العراقية في مختلف نواحي الحياة..هؤلاء الرموز المضيئة لدولة العراق التي كانت تقض مضاجع الاعداء وتمنع النوم عن اعين الجبناء المتقرحة من الخبث واللؤم والضغينة..هؤلاء المخلصين لتربة العراق الذي سوف لن ينساهم وستتصدر اسماؤهم قاعات المحاضرات والمختبرات وغرف العمليات في المستشفيات والمصانع والشوارع والازقة والساحات..  

هذه الشريحة التي ضحت عندما فرض الحصار الظالم على العراق وكيف انهم برغم شهاداتهم وكفاءاتهم ومناصبهم فقد باعوا كل مقتنياتهم لكي يصمد العراق .. 

ولأن المؤامرة كبيرة فقد كانوا أول من استهدف واول من أبعد.. 

واليوم هم يضحون بأغلى مما ضحوا به سابقا..فهم اليوم بلا راتب او معونة ولا مقتنيات ..ولم يبقى لهم مايبيعوه بعد أن سرق (صانعي مجد العراق الديمقراطي الجديد!) كل ما يملكوه..وظلوا محتفظين بشدة بما هو اغلى من البيت والراتب والمقتنيات وهي كرامتهم وجبينهم العالي وشموخهم وعزة نفسهم ..فهم ليسوا بحاجة لرعاية الطغاة والمحتلين وسوف لن يحتاجوا لمكارم السفاحين والقتلة والمجرمين سالبي الحقوق ومزوري التأريخ ..  

ونقول للدكتور مصطفى الهيتي .. 

ان من يريد ان يبني جيلا جديدا محبا للعراق فلن تكون المدرسة والصف والمعلم هي كل ما نحتاجه ..نريد ترابا محررا..ومعلما حرا يتغنى بامجاد العراق ومقاومته الوطنية وكيف انها اجبرت المحتل الغاشم وأذنابه العملاء على الهرب بدون ان ياخذوا امتعتهم معهم.. ومن يجلس حولك في مجلس النواب وفي سلطة الاحتلال تقطر عيونهم حقدا وغلا وانتقاما من العراق ..  

ولأن الذي يزرع الكراهية لن يحصد سوى الشر .. 

فلن ينفع مع هؤلاء أنصاف الحلول.. 

ولا خير في مستقبل يبنى في مدرسة ترفرف فوقها أفكار ومناهج وتربية وأعلام الآخرين.

 

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

شبكة المنصور

                                            الاثنين /  03  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  10 / أذار / 2008 م