بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ابتلاء الشعب الكردي

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

أعلن جلال طالباني أن الحزبين الكرديين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، اتفقا من الناحية المبدئية في اجتماعهما المنعقد ظهر يوم 5/1/2008، على إبقاء نيجيرفان بارزاني المرشح عن الحزب الديمقراطي في موقعه الحالي كرئيس لحكومة اقليم كردستان "طبقا لمقتضيات المصلحة العليا لشعب كردستان".

لقد شكل وجود  الأكراد في الحياة العراقية على مر العصور واحدة من ابرز مكونات الابداع والتواصل الحضاري والتطور ومثلت مواقفهم وكتاباتهم واسهاماتهم في مجال الفكر والثقافة والعلوم ما قدم للمجتمع العراقي اضافات مميزة لطبيعته المتعددة الالوان والاتجاهات . وفي الجانب السياسي لم يخلو حزب اشتراكي كان ام ديمقراطي ..قومي او قطري ديني او ليبرالي.. من وجود عناصر كردية مؤثرة فيه ..وهذه هي سمة التعايش الحقيقي بين مكونات الشعب العراقي وواحدة من عناصر قوته . 

وحتى عندما كانت حركة التمرد والعصيان الكردية التي قادها المرحوم مصطفى البرزاني ( ويسمونها هم الان الثورة الكردية او الكفاح المسلح الكردي على الرغم من معارضتهم للثورة الشعبية  العراقية الحالية المشروعة عرفا وقانونا  ضد الاحتلال الامريكي وتسميتها بالأعمال الارهابية! ) فقد بقيت الرابطة القوية التي تجمع الكردي بالعربي قائمة لأنها كانت تستند الى حب مشترك وهو حب العراق والانتماء اليه ..وكانت العناصر الوحيدة التي تقف بالضد من العراق وشعبه وجيشه الذي ينتمي اليه  العربي والكردي هم اولائك الذين يتعاملون مع المشكلة في حينها بعنصرية وشوفينية ويتذكر الكثيرون كيف كانت بعض عناصر البيشمركة تقتل الجنود العراقيين العزل من السلاح بعد اسرهم من الربايا بدون ذنب يذكر الا لكونهم ينفذون الاوامر العسكرية الصادرة لهم بحماية مواقعهم..

على كل حال.. نتمنى ان لا يكون من بين احد المسؤولين القيادين الاكراد الان في الحكومة المركزية او حكومة اقليم كردستان او احد سفراء العراق او موظفي الخارجية او الوزارات التي يرأسها أحد الأكراد من كان من مناضلي البشمركة المتخصصين بخطف الجنود العزل ..والذي قام بأعدام جندي عراقي بسيط  ذهب دمه هدرا في زمن النضال من أجل الأقليم ! 

 واستمر ذلك الى عام 1990 عندما تغيرت ظروف المعادلة العراقية ودخل اللاعبون الكبار مباشرة الى الحلبة وهذه المرة دخلت الولايات المتحدة مدججة بكل ما يمكن ولايمكن استخدامه من اسلحة بغية اسقاط النظام الوطني في العراق ..وكانت واحدة من هذه الاسلحة الحاضرة المؤجلة هي موضوع المشكلة الكردية . 

وقد برعت بحق الولايات المتحدة في استثمار عاملي الزمن والمكان لتأجيج النعرة العنصرية لدى شرائح مهمة من الشعب الكردي وتعميق كذبة قيام كل من بوش وبلير بعمل انساني تأريخي بتحرير العراق وكردستان من ظلم صدام حسين وحزب البعث ..وقد ساعدهم في ذلك صفة الطيبة والبساطة التي  يتمتع بها شعبنا الكردي ..ومن جانب آخر استغلت الولايات المتحدة الصفة الثالثة لهذا الشعب الكريم وهي العناد لتركز وتضغط وتديم الزخم على تكريس ذلك حتى وصل الأمر الى درجة من الغرابة بمكان بحيث ان جيل كامل من خريجي الجامعات  من الشباب الاكراد لا يتكلمون اللغة العربية ويعرفون شيئين هما:  ان صدام حسين يكره الاكراد وان بوش يحبهم! 

وفي هذا الخضم تشكل أقليم كردستان.. وبعد ذلك سقطت الدولة العراقية  بفعل تآمري وخياني  وبغزو اجنبي غير أخلاقي وغير شرعي  وحاقد ..لعبت فيه القيادة الكردية الحالية دورا اساسيا  فيه عندما تنكرت لتراب العراق وساعدت المحتل على تدمير دولة العراق ونهبها ..ووصل الأمر بهم الى درجة سرقة كل مايمكن حمله من محافظات العراق من مواد وسيارات ومعدات واثاث وخردة وركام ونقله الى السليمانية واربيل وأصبح الطالباني رئيس للجمهمورية العراقية والبرزاني رئيس اقليم كردستان ونيجيرفان بارزاني رئيس وزراء الأقليم وأصبح للقادة الأكراد في الحزبين الحاكمين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني موقف مؤثر في رسم سياسة العراق..وفي نفس الوقت بدأ التفكير العملي لأنشاء معالم الدولة الكردية المستقلة .. 

وبعد كل هذه السنوات من التحرير وشبه الاستقلال نسال نفس المواطن الكردي المبدع والفنان والطبيب والمهندس الذي أسهم في بناء الحضارة والدولة  العراقية طيلة عهود طويلة : 

اذا..مصلحة كردستان العليا كانت تتطلب هذا التآمر على وحدة وتراب وسيادة وارادة العراق ..اليس هذا ما يقولونه باستمرار؟ 

ومصلحة كردستان العليا تتطلب سرقة كل مواد الدولة والوزارات والمؤسسات والاشخاص ونقلها الى السلسمانية واربيل ودهوك؟ 

ومصلحة كردستان العليا تكمن في الاستيلاء على كل بيوت المسؤولين العراقيين السابقين مهما كانت صفتهم واستخدام اثاثهم وحاجياتهم ؟

ومن مصلحة كردستان العليا ان يبقى نيجيرفان رئيس وزراء الأقليم ..وان يبقى مسعود رئيسا للاقليم ..ويتم يهيئة برهم صالح ليكون المنظر الستراتيجي ليس فقط للقضية الكردية وانما للمشكلة العراقية ..وفلان وفلان وفلان الذين تعرفهم أيضا بقاءهم مرهون بالمصلحة العليا لكردستان ..ووجود هوشيار زيباري في الخارجية العراقية له علاقة بالمصلحة العليا لكردستان وبابكر زيباري في رئاسة اركان الجيش ..والقائمة تطول ..والسؤال ..أين هي مصلحة العراق ؟..أم انهم يحسبون ان منع رفع علم العراق في كردستان يعني ان لاحق للعراق على الأقليم ؟ وأين هي مصلحة الشعب الكردي ؟ وهل يمكن فصل مصلحة الشعب الكردي عن مصلحة الشعب العربي ؟ وبقرارات من طالباني ومسعود ؟ وهل ان مناصب الأقليم الاساسية حكر على مجموعة دون اخرى وأنتم تعرفون جيدا مالذي جناه هؤلاء لمصالحهم الخاصة ومصالح من التزمهم ..وهل ان النظام السياسي الذي يتبعه الأقليم هو نظام الخلافة أو نسخة معدلة من النظام الملكي وأين هي ارادة الشعب وارادة المثقفين والمناضلين. وهل خلت العشائر الكردية ومناطق كردستان من قادة يؤهلون لاستلام مناصب في وزارات حكومة الأقليم ؟ ومعروف ان نظام التعيين هو نظام محاصصي كما في نظام السلطة في بغداد ..ولكن المحاصصة لديكم هي تريد ارنب أخذ ارنب ..تريد غزال أخذ ارنب فقط! 

ونسال لمن يريد الاجابة .. 

ماهي اسهامات نيجيرفان برزاني للعراق ..وهل هو يعمل لكردستان ام للعراق؟  

اذا كان الجواب انه يعمل لكردستان فقط فهذا غير وارد في نظام الحكم الجديد في العراق حسب توصيف الطالباني الدائم : ( نظام ديمقراطي فيدرالي تعددي موحد) وتعريف هذه السلسلة المترابطة من المفاهيم ان كل حكام الاقاليم والفيدراليات تعمل لمصالح العراق من خلال عملها لمصالح اقاليمها والمصلحة العليا تبقى للعراق..وهذا غير موجود في السياسة الفيدرالية لأقليم كردستان كما هو معروف ..فهم لا يعترفون بأي شيء لا يريدونه. 

واذا كان يعمل من اجل العراق ..فليعطينا توضيح بما عمله من اجل العراق..وأعتقد انه سيركز على اسقاط النظام السابق كواحد من اهم الانجازات التي حققها للعراق!!. 

لا بأس وعليه ان يذكر ايضا ان النظام الذي ساهم باسقاطه كواحدة من الانجازات التي يتغنى بها ..هو نفسه النظام الذي طلب منه هو شخصيا انقاذ اربيل من الايرانيين والطالبانيين عام 1996 عندما تناخى لها العرب والاكراد في جحافل جند القائد صدام حسين شهيد الانسانية والامة العربية والاسلامية ..رجال الحرس الجمهوري الابطال الذين قاموا بطرد المعتدين وأعادوا اربيل الى العائلة البرزانية ! ورجعوا الى معسكراتهم تحت تأثير الحصار الامريكي وسمحوا لكم بالمزيد من التآمر!. 

اذا اراد ان يتحدث عن انجازاته للعراق عليه ان يتذكر تهديده لوزير النفط في الحكومة المركزية بانه سيضطر الى توقيع ثلاث عقود اضافية لاستكشاف النفط  مع شركات امريكية اخرى اذا اعترض الشهرستاني على عقد نفطي واحد!..ناهيك عن عدم رغبته حتى رد السلام باللغة العربية! وتصريحاته الخاصة بتطبيق المادة 140 بقوله (نطمئن سكان اقليم كردستان بأننا لن نسمح بعدم تطبيق هذه المادة الدستورية!)  

الظاهر ان حكومة الأقليم في كردستان لازالت تتصور ان الحكومة المركزية الآن في بغداد هي حكومة صدام حسين لحد الان !! ونست ان الحكومة الحالية هي حكومة حليفة لها وكل الأطراف راضعة من ثدي واحد!  

وكأن هذه الحكومة هي ليست الحكومة التي نصبها الأمريكان أنفسهم ..الذين حموهم وثبتوا مواقعهم!! 

وسيضل شعبنا الكردي المسكين مبتلى بهؤلاء القادة الاكراد وشعارهم : 

 (كردستان أولا ..وأخيرا..مع احتفاظنا بأكثر من حقوقنا فيما يسمى بالعراق!)

 

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت / 04 محـــــرم 1429 هـ الموافق 12 / كانون الثاني / 2008 م