بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

المواجهة التأريخية بين العراق والولايات المتحدة ...(2)
المحطة الثانية : العدوان الثلاثيني وتجلي النصر العراقي

 

 

 شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

انطلقت في الولايات المتحدة الامريكية الآن عملية اختيار المرشحين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الى رئاسة البيت الابيض خلفا للمجرم العالمي والارهابي الاول في العالم  جورج بوش الصغير.

وبغض النظر عمن سيخلف هذا المجرم في قيادة سياسة الكره المتأصل للعرب والاسلام سنقوم ببعض الاسهامات التحليلية والتأريخية السريعة للرابطة القوية بين صفحات المجابهة التأريخية بين العراق والولايات المتحدة  ودور الحزب والشعب والمقاومة الوطنية العراقية في رسم مستقبل العراق.

كان عنوان المحطة الاولى هو خيوط المؤامرة التي بدات منذ العهد الاستعماري البريطاني القديم للعراق وما نتج عن تلك الفترة الاستعمارية منذ اتفاقية سايكس-بيكو في العام 1917 وكيف تطورت بعد بعد  حرب حزيران عام 1967 وكيف مثل العراق أحد الأهداف الأكثر تميزا للولايات المتحدة في التعامل كوحدة جيو- سياسية واقتصادية للمنطقة الممتدة من شمال إفريقيا وحتى أواسط أسيا والتي تمثل(مناطق منابع وممرات النفط)..خاصة بعد ثورة 17 تموز 1968 وتطور شكل التآمر وتنوع أساليبه التي امتدت لتصل الى العدوان الثلاثيني وغزو واحتلال العراق الغير شرعي والغير قانوني في آذار 2003..

ولأن اليوم يصادف الذكرى السابعة عشر للعدوان الثلاثيني الغادر على العراق في 17/1/1991 سنكرس هذه المحطة للحديث عن هذه الذكرى التي حولها الشعب بحزبه وجيشه الى نصر حاسم له وهزيمة منكرة لأعدائه.

لنتغنى بانتصاراتنا في هذه الذكرى

في فجر يوم 17 كانون الثاني 1991 قامت الولايات المتحدة الامريكية تساندها أنظمة أكثر من ثلاثين دولة عربية واقليمية ودولية ببدء عملياتها العسكرية لعدوان غاشم على العراق استغرق الاعداد والتخطيط له أكثر من (22) عاما من عمر الثورة التي قادها حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة شباب مؤمن بقدرات الشعب وبقدر المواجهة الحتمية والتاريخية مع اعداء الأمة وبحتمية الاستعداد لهذه المواجهة عسكريا وجماهيريا واقتصاديا وعلميا ونفسيا..وهذا مايفسر هذه السلسلة المتعاقبة من المؤامرات والمخططات والمواجهات الغير مباشرة التي تعرض لها النظام الوطني في العراق منذ اليوم الأول للثورة والتي كانت بصمود العراقيين وتلاحمهم مع قيادتهم..تنتهي دوما بانتصار الارادة العراقية الوطنية المؤمنة والمجاهدة رغم طبيعة التآمر وأشكاله المتعددة من تهديد وترغيب وتآمر.

وفور انتهاء حرب القادسية وخروج العراق منها منتصرا وقويا وبقدرات عسكرية مجربة وامكانات تصنيعية متطورة وتلاحم جماهيري عراقي وعربي مما جعل العراق بقيادته التأريخية رمزا لكل حركات التحرر ومناضلي العالم الذين يقفون مع شعوبهم بالضد من المخططات الامريكية الرامية لجعلهم مستعمرات ذليلة تابعة للفلك الامبريالي ولتنفيذ سياساته التآمرية وقيادة العالم وفق النهج الاملائي والاستعلائي.. بدأت صفحة تآمر جديد أخذ هذه المرة صفة الاستعداد للمواجهة العسكرية المباشرة مع الولايات المتحدة الامريكية التي جمعت وحشدت بالتهديد المباشر للدول ورشوة قادتها ومارست ثقلها بكل امكاناته للاستحواذ على ارادة مجلس الامن الدولي ونفذت في فجر هذا اليوم من عام 1991 أكبرعملية قصف جوي وصاروخي ومدفعي لم يشهدها العالم لحين ذلك التأريخ ..واستهدف القصف التمهيدي قطعاتنا العسكرية المنسحبة من الكويت وكافة القواعد الجوية ومراكز القيادة والمعسكرات ونظم الاتصالات والمصانع والمعامل والجسور والوزارات والمستشفيات والملاجيء ودور العبادة وكل الابنية والدور السكنية لتبدأ بعدها الجيوش المعتدية بهجومها البري الواسع النطاق للتوجه الى بغداد لاسقاط النظام الوطني العراقي ..

وتوقف الهجوم الغادر بقرار أمريكي من جانب واحد بعد تعرض فرق مدرعة أمريكية كاملة لأكبر عملية استدراج وتطويق ومحاصرة من قبل الفرق المدرعة للحرس الجمهوري البطل وقوات الجيش العراقي الباسل والقوات الخاصة وافواج مقاتلة الدروع تمهيدا لتدميرها بالكامل بعد فشل التفوق الجوي الامريكي بفك التطويق عن هذه القطعات بفعل طبيعة المنطقة وتداخل القطعات..

ويذكر القادة العسكريون الابطال الذين قادوا هذه المعركة كيف تم السماح لهذه القطعات المدرعة الامريكية الخائبة بالانسحاب بعد وقف اطلاق النار في نفس الوقت الذي استمرت فيه الطائرات الامريكية والكويتية والعربية الذليلة الاخرى جنبا الى جنب مع الطائرات الاسرائيلية التي حملت علامات الطائرات الامريكية  بتدمير ناقلات الاشخاص المحملة بالجنود المنسحبين من الكويت او المتوجهين الى مناطق اخلاءها ..

لقد أظهرت الحقائق التي نشرت في حينها وما بدأ ينشر الآن من معلومات وتقارير  تغافل عنها المتألفون مع أسيادهم كيف أمعنت الطائرات الامريكية وحلفائها بعد قرار وقف اطلاق النار في تدمير بقايا القطعات العراقية التي سبق تدميرها وملاحقة الجنود والآليات في الصحراء وأظهرت صور الاقمار الصناعية وبعض الافلام المصورة من شبكات الاعلام تفاصيل يندى لها جبين العسكرية والانسانية عندما قامت القوات المعتدية بدفن آلاف الجنود العراقيين وهم أحياء في خنادق معدة لهم في الصحراء وعلى جوانب الطرق وكيف قامت طائراتهم السمتية بالقاء شبكات الصيد على التجمعات المنسحبة او تلك التي ظلت عن الطريق وغيرها من الممارسات التي شاركهم فيها من يعضون أصابعهم اليوم ندما على خياناتهم وتآمرهم على العراق الذي حماهم وأعز شأنهم.

ورغم هذا الأيغال في الحقد والأذى ..ورغم مشاهد التدمير..

ليتذكر العراقيون..

عليهم ان لا ينسوا صمودهم وانتصاراتهم في هذه المواجهة التاريخية..

وان يفخروا ..وليذكروا..

كيف تصدت مقاتلاتنا وصقور الجو الابطال للموجات الكبيرة من الطائرات الامريكية المتطورة وكيف دارت معارك الاشتباكات الجوية على حدود وسماء العراق..وكيف اسقط الصقور العراقيون المئات من هذه الطائرات قبل وصولها الى اهدافها ..

وكيف نفذت القاذفات العراقية وصقورها الافذاذ ضربات جوية مدمرة لمناطق التحشد ومراكز القيادة الامريكية ..وكيف أبدع رجال طيران الجيش باسناد قطعاتنا المهاجمة وتوجيه ضرباتها القاتلة للعدو..

وكيف نفذ سلاح الصواريخ ارض-أرض  ضربات الحق والدمار على قطعات وتجمعات ومراكز قيادة ومعسكرات العدو الامريكي في عمق الاراضي الكويتية والسعودية وكيف كانت هذه الصواريخ عامل الفزع الدائم لهم ليلا ونهارا..

ولنتذكر الحدث التأريخي الذي هز العالم من أقصاه الى أقصاه..عندما ضربت الصواريخ العراقية تل أبيب مركز الشر والرذيلة والتآمر ..وكيف كانت هذه الصواريخ تتفادى صواريخ الباتريوت الامريكية لتصل الى اهدافها مصحوبة بهتافات وتصفيق  العرب الاصلاء وهي تمر كالشهب من سماء  الاردن متجهة لدك اسرائيل  وهم يهتفون ( بالروح.. بالدم.. نفديك ياصدام )..وكيف كانوا لا ينامون الليل ينتظرون صواريخ الحق التي تاخذ بثاراتهم..

ولنذكر معركة الخفجي وكيف صال جند القائد ودخلوا الى عمق العدو بعملية عسكرية غاية في الدقة والأتقان حيث تداخلت فيها العبقرية العسكرية العراقية وابداع وخبرة الاستخبارات وقوة وايمان المقاتلين عندما تحركت الارتال المدرعة العراقية بعملية تمويه بطولية لتصل أهدافها فوق رأس العدو الامريكي المذهول وتستولي على اهدافها رغم تفوقه العسكري وفي تكنولوجيا الأتصالات وسيادته الجوية..

ولنذكر ابداع وبطولة رجال الدفاع الجوي الابطال ..وكيف اسقطت بطاريات الدفاع الجوي المختلفة مئات الصواريخ الجوالة والطائرات المغيرة وحطموا بذلك اسطورة التفوق الامريكي وأرغموا طائرات العدو على الهرب من المواجهة ليتحولوا الى اسلوبهم الانهزامي بالاستهداف من بعد او من ارتفاعات شاهقة جدا..

وعلينا ان لا ننسى بطولات قواتنا المدرعة والمشاة والقوات الخاصة والمدفعية في الجيش العراقي والحرس الجمهوري والحرس الخاص وقواتنا البحرية الشجاعة والمضحية ومناضلي الحزب في كل المدن والقرى والقصبات الذين لقنوا الامريكان وحلفائهم دروسا غاية في القسوة بدات ملامحها تنشر الآن لتتحدث عن معارك اسطورية تكبد فيها العدو أفدح الخسائر..

وكيف ان صنوفنا الساندة كانت في قمة أدائها وهي ترفد الجبهات بمختلف حاجاتها ليل نهار..

وعلينا ان لا ننسى كيف التحم الشعب مع القيادة وساندها ودعمها في هذا الظرف الصعب وخاصة بعد ان دخلت قوات بدر مع القوات الايرانية الى المحافظات الجنوبية في أحداث الغوغاء التي استهدفت ارواح آلاف الجنود الابطال المتعبين من القتال والمنسحبين وفقا لأمر القيادة حيث استقبلتهم فرق الموت وقامت باعدامهم بشكل جماعي حيث قامت قواتنا المسلحة التي وصلت لاحقا بدفنهم ..هذه المقابر التي يقول عنها نفس الاشخاص الذين اقترفوا جرائمها والذين يحكمون العراق اليوم انها مقابر النظام الجماعية ..

نعم نحن دفناهم ..ولكنكم انتم قاتليهم .. 

وانتصرنا على الفتنة ..

وبعد يوم 28/2/1991 وتوقف القتال ..توجهنا للبناء ..

وأعدنا الكهرباء والماء والمستشفيات والجسور والطرق ..واعدنا بناء ما دمروه..وأعدنا مصانعنا ومعاملنا وجامعاتنا وكلياتنا ومدارسنا ومستشفياتنا ودور عبادتنا ومعسكراتنا ومحطات الكهرباء والماء والاتصالات ..بحال افضل مما كان..

واعدنا بناء العراق..     

اللهم ارحم شهدائنا الذين سقطوا فداءا للعراق ..وفي مقدمة مسيرة الشهداء شهيد الحج الأكبر الشهيد الخالد صدام حسين الذي قاد العراق في معركة 17/1 /1991 وخرج منها فارسا ولا كل الفرسان ورمزا ولا كل الرموز..وقائدا ولا كل القادة ..منتصرا رغم كيد الأعداء..

تحية حب وتقدير لمن صمد وساهم وشارك في صنع النصر التأريخي للعراق وشعبه في هذه المنازلة التأريخية العظيمة التي رفعت رأس العراق والعرب ..

ولنجعل من صمودنا البطولي وانتصارنا في تلك المنازلة محطة فرحة وزهو واغنية لمناضلي الحزب ومقاتليه وابطال الجيش العراقي الباسل والحرس الجمهوري البطل والمقاومة الوطنية الشجاعة الذين يواصلون الليل بالنهار في جهادهم وقتالهم للعدو الأمريكي وأدلائه..ليزداد ويتعمق يقيننا الراسخ بقدراتنا وامكاناتنا وقوتنا وعزمنا واصرارنا وصبرنا ونضالنا  ولتكون وقفة فخر تعيننا على مواصلة صمودنا الاسطوري الحالي في قتالنا وجهادنا لتحرير العراق.

الله اكبر ..

عاش العراق ..

عاش الشعب ..

عاش البعث ..

عاش الجيش ..

عاشت المقاومة العراقية ..

والى المحطة الثالثة...تطور المواجهة

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاربعاء / 08 محـــــرم 1429 هـ الموافق  16 / كانون الثاني / 2008 م