بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تسهيلات (الثوار!) ..أم تنازلات العملاء

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 المقاتل الدكتور محمود عزام

 

كما هو معروف ..العملاء لا مباديء لهم..هم بلا قيم.. وبلا منهج .. 

 قبل أكثر من ثلاثين سنة ..وفي كتابه "كردستان والحركة القومية الكردية" يقول جلال الطالباني (رئيس جمهورية العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي الموحد الجديد ) (كما يحلوا له) وتحديدا في الصفحة  370 منه:
(
ان المناضلين الاكراد الوطنيين يعلمون جيدا ان الشعب الكردي لن ينال حقوقه القومية بمساعدات من الشاه واسياد الشاه من الامبرياليين الامريكان وحلفائه الصهيونيين لان هؤلاء هم الاعداء الالداء للشعب الكردي وهم الذين يبيتون له الدسائس لادامة استعباده وادامة تقسيم وطنه كردستان).  

بعد سنوات قليلة من اصدار كتابه المذكور والذي لم يتسنى للكثير من الباحثين والسياسيين قراءة مضامينه (الثورية!) بتمعن .. وبدون سابق اشارة غير الطالباني مبادءه وقام بدفع كل مايملك من (تأريخ !) و(كتابات!) و(نضال!) و( ثورية) و( معاداة للامبريالية) ليضعها في مراهنة خاسرة له وللشعب الكردي في خانة صداقة الولايات المتحدة واسرائيل ونسيان الماضي وماكتبه وثقف عليه ..وفجأة أصبحت أمريكا صديقة للاكراد و(لا تسعى) لحياكة الدسائس ضده لتديم استعباده وتقسيم وطنهم ( كردستان) ..أما اسرائيل فلازال حديث القادة الاكراد لحد الآن يتركز على أنه ( لاتوجد هنالك علاقات مع اسرائيل ) الا انه لم يذكر أي مسؤول كردي من كلا الحزبين عن ان (اسرائيل ) هي عدوة للاكراد!.. 

وهكذا تحولت الولايات المتحدة بين ليلة وضحاها من دولة امبريالية عدوة لدود للاكراد الى صديقة ستراتيجية لهم وهذا يتحمل التفسير لسببين :اما ان تكون الولايات المتحدة قد غيرت من نهجها ةتحةلت في التفكير والتنفيذ من أقصى اليمين الى أقصى اليسار او ان الطالباني هو الذي غير منهجه .. 

ولان امريكا وكما يعرفها كل العالم لها منهج ثابت وواضح ومعلن في معاداة الشعوب التحررية وتقف بالضد من كل نضال وطني حقيقي ..وعلى العكس من الطالباني الذي يغير منهجه وعقيدته وحتى كلامه كل يوم ..فالمرجح هو الاحتمال الثاني!.. 

وفي عام 1991 (وقفت!) أمريكا مع الاكراد مثلما وقفت مع الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة والمجلس الاعلى اللذان يرتبطان مباشرة مع ايران لا لسواد عيونهم وانما لتشكيل تحالف لمواجهة النظام الوطني العراقي الذي اعطى للاكراد مالم يستطيعوا تحقيقه لحد الآن.. واستمر التدخل الامريكي والاسرائيلي في شؤون كردستان لحين الغزو الامريكي والاحتلال في آذار 2003 .  

يعرف الطالباني والبرزاني أن موقف الولايات المتحدة (بدعم واسناد واحتضان!) الاكراد منذ عام 1991 ولحين غزو العراق عام 2003 وما تلاه كان كرها لوحدة العراق وليس حبا باستقلال كردستان ..وان حمايتهم للمنطقة كان لتضييق الخناق على الامن الوطني العراقي والنظام الوطني وليس لرعاية (التجربة الفتية النوذجية !) للاقليم ..وان دعمها للاكراد كل هذه الفترة كان وسيبقى لبث روح الفتنة والفرقة بين العراقيين وزرع اسفين التفرقة العنصرية والنعرات الشوفينية التي (طرب !) لها القادة الاكراد كثيرا وبداوا يزيدون من (احتساء هذا المسكر لحدود تجاوزت الثمالة!) حتى أصبحت تصرفاتهم أكثر طيشا وتصريحاتهم أعمق تأثيرا على المصالح العامة للولايات المتحدة فقام الامريكان بتوجيه (تأنيب شديد اللهجة وعملي !) لهم والذي توضح (بقرصة الاذن !) التركية لهم في الاجتياح العسكري للاقليم .. 

وكما يعلم المختصون ..المشكلة لا تكمن في اطلاق الكذبة ولا في حجم تصديق الناس لها ولكن تكمن في تصديق من أطلقها!..ويزداد الموقف تازما عندما يترك الناس هذا التصديق ويظل هذا الذي الفها واطلقها متمسكا بتصديقها!

وتجلى ذلك واضحا ..عندما اجتاحت القوات التركية قبل أيام الاراضي العراقية في (الاقليم!) حيث وجه مسعود البرزاني رئيس الاقليم رسالة الى السفارة الامريكية في بغداد طالبا من السفير الامريكي ارسالها الى الرئيس بوش حول العمليات العسكرية التركية في شمال العراق وهو يقول فيها:

( سيدي الرئيس ان المعارك تجري على ارض لم تشهد سقوط جندي امريكي واحد عكس باقي الاراضي العراقية والمحمية من القوات الامريكية )

وقال فيها أيضا:

( سيدي الرئيس نحن في قلق حقيقي من ان الجيش التركي يهدف الى انهاء تجربة ماكانت لتكون لولا دعم واسناد صديق الشعب الكردي الرئيس جورج دبليو بوش )

وذكر : ( انه يتمنى من الرئيس بوش التدخل شخصيا لايقاف المعارك خوفا على الوضع الداخلي في شمال العراق الامن المستقر بفضل دعمكم ).

وتعهد مسعود في رسالته: ( انه مستعد لقبول اي حل تطلبه منه الولايات المتحدة ).

وبدورنا لا نسأل البرزاني ولا الطالباني ولكننا نسأل الشعب الكردي العريق:

-       لماذا لم يسقط جندي امريكي واحد في الاقليم لحد الآن ؟..هل يعود ذلك لحالة الالتحام الشعبي الكردي بالجيش الامريكي وقناعته بان وجود الامريكان هو لخدمة الشعب الكردي وقضيته؟ وهم بذلك ليسوا قوات غاشمة ومحتلة؟ وهل أن السبب يعود لأن اهل الفلوجة وديالى والموصل وبابل والبصرة وصلاح الدين وبغداد أكثر وطنية وشجاعة وايمان بالجهاد منكم ؟ وماذا يقول تأريخكم ونضالكم ومساهماتكم منذ فجر الرسالة في حماية الارض التي وثتموها ضد غزو المعتدي الغاشم؟ ..هل فيه اشارة الى حتمية قتالكم للنظام الوطني وجيش بلادكم ومساندة الاجنبي الغازي والمحتل لبلادكم ؟..هل يعود السبب الى حالة القمع الشديد الذي ترزحون تحت وطأته ؟..وهل يزيدكم فخرا انكم لم تتعرضوا لجندي محتل لارضكم وارض اجدادكم ؟ وهل سيرضيكم ان يكتب التأريخ غدا انكم توسلتم بهذا الاجنبي ليحميكم بعد ان حميتموه وآويتموه ونزلتم معه لاحتلال بغداد؟.

-       ولماذا تقوم القوات الامريكية بحماية بقية مدن العراق ولا تحمي كردستان حسب تعبير البرزاني؟ ..هل ان السبب يعود الى اهتمامهم بطائفة دون اخرى؟ أم انها هناك لتطويع الشعب وكسر شوكته وقمعه وقتله ؟..وهل دمرت القوات الامريكية خلال وجودها (لحماية مدن العراق حسب تعبير البرزاني) كل من النجف والفلوجة وقرى ونواحي في بغداد وصلاح الدين وبابل ( لحمايتهم وتعميم تجربة الديمقراطية كما في كردستان والتي ماكانت لتكون لولا دعم بوش!!)؟ ..وهل تعرضت مدن كردستان لحملة مشابهة من قبل الامريكان لكي ( يبقوا لحمايتها! ) ..ام ان قيادتكم كانت ترى في قتال الجيش العراقي والنظام الوطني جهادا وفي مهادنة الامريكان والصهاينة والتذلل لهم حكمة وتعقل؟؟

-        وهل ان وجود القوات الامريكية  في الانبار كان لحماية اهل الانبار أم لقتلهم وتشريد عوائلهم وسرقة ثرواتهم وتفتيت تماسكهم ووحدتهم وتدمير مدنهم؟.. لماذا لا تسالوا مسعود : أين أنفقت مئات الملايين من الدولارات خلال السنوات من عام 1991 ولحد الآن وكردستان وخيراتها ومساعدات (الاصدقاء!) وهبات الحكومة المركزية التي كنتم تقاتلونها! تحت تصرفكم..وبعد عام 2003  كانت كل مدن العراق تئن تحت نير احتلال بغيض وسرقة ونهب للموارد وقتل وتشريد واعتقالات بمئات الالوف في وقت كنتم تعيشون (التجربة النموذجية للاستقرار في كردستان!) وتنتهز قياداتكم الفرص ( الغير شرعية ) للحصول على المزيد من المكاسب على حساب العراق.

-       واذا كان الرئيس بوش (الصديق الحقيقي للشعب الكردي) هو صاحب الفضل الاول في بناء ( تجربتكم ) وما كان لهذه التجربة ان تقوم لولا (دعمه!) حسب قول رئيس الأقليم  والذي يريد ان يعطي لبوش الصغير صفة ( صديق الشعوب المكافحة المتطلعة لبناء تجربتها!) ..فاذا كان هذا صحيحا ( وبلا مصلحة !) فلماذا اختار هذا الفاشي صداقتكم وتنكر لرغبة  حزب العمال الكردستاني المكافح (لبناء تجربته !) ..هل السبب يعود لان حزب العمال استخدم السلاح ضد الحكومة التركية وبدا يهاجم الجيش والشرطة التركية بعملياته ( الارهابية!) واذا كان الجواب نعم ..فماذا كنتم تعملون أيام ( النضال السابق!) ألم ترفعوا السلاح بوجه الجيش العراقي والحكومة العراقية ؟؟..ولماذا لم يوصف قتالكم ذاك (بالعمل الارهابي) ؟.. ولماذا يلغي بوش (حق الشعب الكردي في تركيا لتطلعه لبناء نموذجه !) ويسمح للاتراك بكل اسلحتهم الامريكية المتطورة وطائراتهم وبدعم مباشر منه ومن اسرائيل ومن حلف الاطلسي بقتل ومطاردة مقاتلي هذا الحزب وعوائلهم واطفالهم وهم يدافعون عن انفسهم ببنادق قديمة ومستهلكة ؟..أليس هذا تنكرا وتجاهلا لهذا الرئيس( الحريص على التجربة الكردية وتجارب الشعوب المناهضة للديكتاتورية والمتطلعة للديمقراطية!) لحق شعب كردي آخر تعداده عشرات الملايين ويعيش بظروف بالغة السوء ومحروم من أبسط حقوقه ؟..ام ان الذي كان يصح بظل نظام العراق الوطني الذي كان معاديا  للامريكان لايصح في ظل النظام الحليف لهم في تركيا حاليا؟..وهل ان صداقة أمريكا مع الشعوب تعتمد على صداقتها مع حكامها؟

-       وماهو تفسير ان رئيس الأقليم مسعود البرزاني يوافق على أي حل (تطلبه منه الولايات المتحدة!) ..هل هذه تسهيلات (الثوار!) أم تنازلات ( العملاء!) ..وهل يعني ذلك قبولكم كشعب كردي بأي حل لا يتناسب مع مصالحكم ولايلبي طموحاتكم ؟ وهل ان رئيس الاقليم مفوض من قبلكم لأي تنازل تقدمه حكومة الأقليم ؟..ولأي حل لايوافق عليه حزب العمال الكردستاني ؟.. هي اذا عملية تواطؤ بين الامريكان والاتراك بموافقتكم ..

-        ومتى يختار الرئيس بوش صداقة الفلسطينيين الذي احتلت اسرائيل حليفته الستراتيجية مدنهم ومزارعهم وشردتهم وطاردتهم في كل مكان ؟.. واختار الرئيس الامريكي بوش ومن قبله الرؤساء الامريكان الاخرون صداقة اسرائيل بغض النظر عن جهة الحق والباطل ؟  

وأخيرا .. وليس آخرا.. 

ماهو الفخر الذي تتغنون به والوسام الذي يزين صدوركم اليوم وصدور اطفالكم غدا في صورة الصداقة الحقيقية حسب قول البرزاني والتي تجمعكم كشعب على يسار بوش الصغير وعلى يمينه الشعب الاسرائيلي؟..وتتباهون بانكم لم تتصدوا ابدا للجيش الامريكي وهو يصادر ارادتكم وحريتكم وسيادتكم .. 

عليكم ان نتبهوا خلفكم في الصورة ..انهم ملايين الشهداء والمشردين من الفلسطينيين والعراقيين ومدنهم المدمرة واخوتكم في القومية اكراد تركيا الذين تخلى عنهم اليوم مسعود.. 

وتمعنوا جيدا ..ولاتنسوا الهدير الذي يملأ الافق ..انهم الثوار الحقيقيين والطالبين الثأر لشعبهم ووطنهم.. والذين يظهرون في الصورة من بعيد !!

 

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة /  22  صفر 1429 هـ   ***   الموافق  29 / شبـــاط / 2008 م